قتلت غارات جوية نحو 25 عضواً في تنظيم القاعدة أمس الأحد باستهداف مواقع يختبئ فيها المتشددون في نطاق جغرافي من السلاسل الجبلية الوعرة بين محافظتي أبينوشبوة في أقوى ضربة يتلقاها التنظيم المتشدد بعد يوم واحد من مقتل 10 من نشطائه في غارة استهدفتهم بمحافظة البيضاء. وهذا أكبر عدد يسقط من مسلحي القاعدة في هجوم واحد منذ انخراط اليمن في الحرب على الإرهاب في أعقاب الهجوم الانتحاري على المدمرة الأمريكية يو. إس. إس. كول في خليج عدن عام 2000.
ونسبت وزارة الدفاع الغارات الجوية إلى سلاح الجو اليمني، غير أن ذلك يظل محل شكوك متزايدة في ظل النشاط المكثف للطائرات الأمريكية الموجهة بدون طيار في السماء اليمنية منذ 2001 واستهدافها لمئات من العناصر المتشددة في تنظيم القاعدة.
وقالت وزارة الداخلية إن الأجهزة الأمنية ألقت القبض على 10 من أعضاء تنظيم القاعدة في محافظة شبوة حين كانوا متوجهين إلى موقع الهجوم في منطقة المحفد.
وأضافت ان الشرطة في شبوة ضبط المشتبه بهم العشرة في اليومين الماضيين في نقطة «جلفور» الأمنية وجميعهم من أبناء مديرية البريقة بمدينة عدن، مشيرة إلى أنها تواصلت بأمن محافظة عدن والذي أكد انتماء عدد منهم لتنظيم القاعدة وبينهم أحد العناصر الخطرة مطلوب لأمن عدن ولقبه «الوج».
ويعتقد أن مئات من نشطاء القاعدة وقادتها الكبار في شبه الجزيرة العربية يختبئون في سلسلة جبال وعرة تمتد بين محافظتي أبينوشبوة، ولهم معسكرات تدريب كما يحتجزون فيها رهائن أجانب.
وتقع تلك المناطق التي استهدفتها الغارات في مديرية المحفد بأبين ومناطق قريبة من بلدة عزان بشبوة، و«عزان» هي بلدة سيطر عليها مسلحو القاعدة ضمن مساحات أخرى في أبين ما بين عامي 2011 و2012، وأعلن فيها «إمارات إسلامية» في أول تجربة «حكم» للتنظيم، مستغلاً الانفلات الأمني الذي صاحب الانتفاضة الشعبية، قبل أن تتمكن قوات الجيش من طرد المسلحين بحملة عسكرية كبيرة.
وتضاربت المعلومات بشأن تفاصيل الغارات الجوية في جنوباليمن، لكن مصادر أمنية أفادت «المصدر أونلاين» ان الغارات استهدفت أربع سيارات كان على متنها عناصر من تنظيم القاعدة في مديريتي المحفد وعزان بأبينوشبوة، وان الغارات أسفرت عن مقتل مالا يقل عن عشرين منهم، بينهم مسلحون من جنسيات عربية.
وأضافت ان الهجوم وقع في إطار غارتين، الأولى عند ساعات الفجر الأولى ووقعت الثانية في الثامنة صباحاً.
وتابعت المصادر الأمنية أن المسلحين كانوا على متن السيارات الأربع عائدين من تدريب في معسكر لتنظيم القاعدة بمنطقة جبلية نائية قريبة من مكان القصف.
لكن وكالة الصحافة الفرنسية نقلت عن مصدر قبلي لم تنشر اسمه قوله إن اكثر من ثلاثين عنصرا من القاعدة قتلوا في الغارات، وأصيب عدد كبير بجروح، مضيفا ان الغارة استهدفت «معسكر تدريب للقاعدة اصيب بصواريخ عدة».
ونقلت الوكالة عن شهود قولهم إن عناصر من القاعدة الذين نجوا من الغارة نقلوا الجرحى من مكان القصف.
وأعلنت اللجنة الأمنية العليا في بيان تنفيذ ضربات جوية قالت إنها استهدفت «معسكرات لتدريب عناصر تنظيم القاعدة»، وان ذلك أدى إلى مقتل «عدد منهم بينهم عناصر من جنسيات أجنبية مختلفة»، لكنها لم تذكر حصيلة لعدد قتلى القاعدة. وقالت إن من بين القتلى «عناصر قيادية خطرة في تنظيم القاعدة».
ويظهر عجز السلطات الأمنية عن إيراد تفاصيل دقيقة للحادثة إلى غياب السيطرة الفعلية لنفوذ الدولة في تلك المناطق، ومناطق أخرى واسعة في البلاد.
وقال مصدر أمني في شبوة ل«المصدر أونلاين» ان المناطق المستهدفة خارجة عن سيطرة الدولة بالفعل ولا تستطيع قوات الأمن والجيش الوصول إليها نظراً للجبال ووعورة الطرق.
وظهر عدم جاهزية السلطات في التعامل مع الغارة التي استهدفت سيارة تُقل عناصر مفترضة من القاعدة في البيضاء يوم السبت وقتل فيها 10 مسلحين وثلاثة مدنيين، حيث تُركت جثث المسلحين في العراء لمدة تصل إلى أربع ساعات دون أن تصل إليها الشرطة للتحقيق وانتشال الجثث للتعرف عليها، فيما وصل مسلحون إلى المنطقة وانتشلوا الجثث ودفنوها في قبر جماعي بمديرية الصومعة.
وقالت اللجنة الأمنية العليا في بياناتها التي صدرت عقب الغارات يومي السبت والأحد إنها نُفذت «في ضوء تلقي الأجهزة الأمنية معلومات استخباراتية مؤكدة بوجود العناصر الإرهابية التي كانت تخطط لاستهداف منشآت حيوية مدنية وعسكرية».
وفي إشارة إلى تعاون سكان محليين، أشادت اللجنة الأمنية العليا «بتعاون المواطنين مع الأجهزة الأمنية للكشف عن أماكن تواجد مثل هذه العناصر الإرهابية الخطرة على أمن الوطن والمواطن».
وقالت اللجنة الأمنية العليا في بيان أصدرته في وقت متأخر من مساء أمس الأحد إن ثلاث غارات جوية استهدفت «مجموعة من عناصر تنظيم القاعدة كانوا يقومون بتدريبات عسكرية في وادي الخيالة بمديرية المحفد محافظة أبين استعداداً لتنفيذ عمليات إرهابية ضد المنشآت الحيوية والمصالح الحكومية والأجنبية، وقد نتج عن تلك الضربات تدمير الموقع الخاص بتدريب تلك العناصر بشكل كامل وقتل عدد من العناصر الإرهابية اليمنية والأجنبية التي كانت متواجدة في المعسكر التدريبي».
وتستعين الحكومة اليمنية بالطائرات الامريكية من دون طيار لشن غارات دقيقة على مواقع مفترضة لتنظيم القاعدة في اليمن. وكان الرئيس عبدربه منصور هادي دافع في عن استخدام الطائرات الامريكية، كما أشار إلى «تعاون ممتاز» مع الولاياتالمتحدة في «الحرب على القاعدة».
ورغم الضربات المتكررة التي تلقاها تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب فان واشنطن ما تزال تُصنفه على أنه الأخطر والأنشط بين فروع القاعدة.
واستعرض التنظيم في فيديو حديث بثه قبل أسابيع قوته من خلال اظهار عشرات من مقاتليه وهم يصلون في سيارات دفع رباعي جديدة الى احتفال بهروب العديد من عناصرهم من سجن في صنعاء. وظهر في هذا الفيديو ناصر الوحيشي زعيم تنظيم القاعدة في جزيرة العرب ليتوعد وسط عشرات من انصاره بمواصلة «ضرب شوكة الصليبين في كل مكان في العالم» في اشارة واضحة الى الدول الغربية المنخرطة في مكافحة هذه الشبكة الاسلامية المتطرفة.