مع تدهور الوضع الإنساني لآلاف النازحين في صعدة، يستمر السجال وتبادل الاتهامات بين الحكومة وجماعة الحوثي بارتكاب خروقات تتنافى مع اتفاق وقف إطلاق النار، وهو ما اعتبره مراقبون مؤشرا لعدم وجود حل جذري ينهي الأزمة. ففي حين اتهم الحوثيون الحكومة اليمنية بارتكاب انتهاكات تتعارض مع الهدنة، نفت الحكومة ذلك معتبرة أن ما تقوم به هو استحداثات عسكرية تهدف إلى حماية المواطنين ممن وصفتهم ب"فلول المتمردين" متهمة الحوثيين بارتكاب خروقات وأعمال استفزازية. وتعليقا على ذلك، يشير عضو اللجنة المركزية للحزب الوحدوي الناصري عبد الملك المخلافي إلى وجود خروقات متبادلة بين الجانبين لكنها تظل -وفق رأيه- هينة قياسا بما كان عليه الوضع قبل وقف النار. واعتبر المخلافي في حديث للجزيرة نت أن هذه الخروقات محصلة طبيعية لعدم وجود حل جذري للمشكلة بما فيها تحديد مصير الحوثيين بعد انتهاء الحرب وحقوقهم وواجباتهم والتزاماتهم، مشيرا إلى أنه "لا يوجد حتى الآن تفسير لما هو حق وما هو واجب وما هو خرق وما هو غير خرق". الشفافية المفقودة من جهته اتهم عضو القيادة القُطرية بحزب البعث العربي الاشتراكي نايف القانص الحكومة بعدم الشفافية فيما يتعلق بتنفيذ الاتفاق الموقع بينها وبين الحوثيين. وأوضح القانص للجزيرة نت أن أعضاء اللجنة البرلمانية لمراقبة الاتفاق تم استبعادهم من قبل السلطة التي أبقت على اللجان المشكلة من مجلس الشورى فقط لأنها -كما يقول- تعتبر هؤلاء موظفين وليسوا ممثلين عن الشعب "ولهذا سيضغطون عليهم كما يريدون". وبرأيه فإن "من الطبيعي وجود تبادل اتهامات بين الطرفين خاصة في ظل عدم وجود لجنة محايدة تحدد الطرف الذي ينتهك وقف إطلاق النار، وتحرص في نفس الوقت على توافر الشفافية في تنفيذ بنود الاتفاق حرفيا من قبل الطرفين".
ويذكر أن التوتر وتبادل الاتهامات بين طرفي الهدنة استمر خلال الفترة الماضية، فقد اتهمت السلطة المحلية في محافظة صعدة الحوثيين بمواصلة ما أسمته "خروقات وأعمال استفزازية في عدد من مديريات المحافظة تمثلت في خطف مواطنين وفرض إتاوات ودفع زكوات لصالح الجماعة، والاعتداء على مدنيين متعاونين مع الدولة". لكن الناطق الرسمي للجماعة محمد عبد السلام الحوثي نفى هذه المزاعم مطالبا بتشكيل لجان لتقصي الحقائق. واتهم الحوثي -في بيان صحفي- الحكومة بارتكاب 550 خرقا منها إطلاق نار من قبل الجيش وشن 13 غارة جوية أسفرت عن سقوط قتلى، واستحداث مواقع عسكرية والقيام بحملة اعتقالات. دفاع رسمي في مقابل ذلك نفى حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم مزاعم الحوثيين، موضحا أن سريان اتفاق وقف إطلاق النار جاء بعد إذعان الجماعة للنقاط الست الواردة بالاتفاق، وليس نتيجة المفاوضات بين الطرفين. واعتبر عضو اللجنة الدائمة بالحزب عبد الجليل كامل أن الإجراءات التي تقوم بها الدولة في مناطق صعدة تهدف للحفاظ على الأمن والسكينة العامة وحقن الدماء، وحفظ حقوق المواطنين وأموالهم وممتلكاتهم. وقال كامل للجزيرة نت "انطلاقا من ذلك وضعت الدولة النقاط الست، ولما التزم الحوثيون بتنفيذها أوقفت بدورها العمليات العسكرية فورا" مستشهدا بالعفو العام الذي أصدره الرئيس علي عبد الله صالح بحق المتهمين على ذمة أحداث صعدة. وطالب كامل الحوثيين بالانخراط في العملية السياسية ونبذ العنف في إطار الأحزاب القائمة، أو تأسيس حزب جديد وفقا للنظام والثوابت الوطنية والقانون الذي لا يمنع ممارسة العمل السياسي. وأضاف "يجب أن يعلم الحوثيون أن استقرار اليمن والحفاظ على وحدته مسؤولية كل اليمنيين من أجل استكمال جهود التنمية وإعادة إعمار ما دمرته الحروب السابقة التي لم يستفد منها إلا أعداء اليمن".