المراقب للأوضاع المصيرية الخطرة، التي يمر بها اليمن، وما يسعى إليه الحوثيون من تقويض للعملية السياسية ونسف مخرجات الحوار الوطني الشامل، ينذر بعقبات كارثية وخيمة قد يشهدها هذا البلد، خاصة مع رفض هذا المكون اليمني جميع المبادرات الحكيمة للرئيس عبدربه منصور هادي وصبره على التجاوزات اللاقانونية للحوثيين التي شلت الحياة في العاصمة صنعاء وقطعت أوصالها، الأمر الذي يتوجب فيه على الشعب اليمني أن يهب لإنقاذ مكتسباته بالوقوف صفاً واحداً للتصدي لكافة المحاولات الرامية لإفشال العملية الانتقالية والمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وزعزعة استقرار البلاد . لم يعد للحوثيين أي مبرر للتظاهر والمطالبة بإسقاط الحكومة بعد مبادرة الرئيس هادي الوطنية للخروج من الأزمة التي تتضمن خفض أسعار المشتقات النفطية وتشكيل حكومة كفاءات وحدة وطنية ورفع الحد الأدنى للأجور وغيرها من البنود التي احتج الحوثيون على أساسها، خاصة أن هذه المبادرة نالت إشادات عربية ودولية وموافقة كافة القوى والمكونات السياسية الأخرى، لما فيها من تدابير تخدم الشعب والوطن وتلبي تطلعات وآمال الجميع . القيادة اليمنية حريصة كل الحرص على انتهاج الحوار لحل كافة القضايا العالقة والابتعاد قدر الإمكان عن لغة الرصاص ومشاهد الدم التي كبدت اليمن الكثير من الخسائر البشرية والمادية التي لو وظفت في خدمة التنمية بشكل صحيح لشهد اليمن ازدهاراً قل نظيره في المنطقة . وثيقة الحوار الوطني، التي وافق عليها جميع اليمنيين، على اختلاف مكوناتهم وتوجهاتهم الدينية والسياسية، لا بد أن تكون دستوراً لحل كافة المشكلات العالقة والأمور الطارئة، عوضاً عن قيام بعض القوى السياسية باستغلال مشاعر الفقراء والبسطاء للزج بهم في أتون مهاترات سياسية ليس هدفها إلا إعادة اليمن إلى المربع الأول والعودة إلى الماضي وزعزعة الأمن والاستقرار وتعريض وحدة اليمنيين للخطر والعبث بمستقبل اليمن . التصعيد الخطر الذي يسعى إليه الحوثيون يهدد بانزلاق اليمن إلى العنف والاقتتال الأهلي الذي يوشك أن يقع في ظل رفضهم لكافة المبادرات التي تقدم بها الرئيس هادي، والتي طرحت من أجل تغليب مصلحة الوطن والشعب اليمني الذي خرج في ثورته الشعبية ليطالب بحقوق مشروعة وعادلة . اليمن بحاجة إلى مساندة عربية ودولية للخروج من أزمته المتفاقمة وإبعاده عن حافة الحرب الأهلية، بعد أسبوعين من الاحتجاجات التي قادها الحوثيون الذين ينتشرون بالآلاف في صنعاء وعند مداخلها، إضافة إلى التهديدات التي يشكلها تنظيم "القاعدة"، الذي ترتكب عناصره أفظع الجرائم الإرهابية التي تبعث على الاشمئزاز من خطف وذبح للجنود وعمليات الاغتيال الممنهجة ضد الأبرياء بدم بارد ومهاجمة المؤسسات المدنية والعسكرية، الأمر الذي يحتاج أيضاً لأن يتكاتف جميع اليمنيين من أجل اجتثاث جرثومة الإرهاب، وتطهير اليمن من رجس جرائمها الشيطانية، عوضاً من الممارسات الخاطئة للحوثيين . المطلوب وحدة الصف اليمني لتحقيق الانتقال إلى مرحلة بناء اليمن الجديد ودولته الاتحادية المدنية الديمقراطية الحديثة القادرة على تجاوز الماضي بكل تراكماته المأساوية، عوضاً عن إصرار البعض على جره إلى دوامة العنف والحرب الأهلية . * عن الخليج الاماراتية