السعدي :أمن وسلامة ممرات الملاحة ركيزة أساسية لتحقيق الاستقرار والازدهار    ارتفاع ضحايا لقمة العيش في غزة إلى 1.838    صورة مؤلمة من غزة    باريس يستبعد دوناروما من قمة السوبر الأوروبي    الغرفة التجارية بالأمانة تكشف عن رفع الرسوم الجمركية على بعض البضائع وتؤكد عدم قانونية الرفع    مجموعة هائل سعيد وشركة النقيب خفضوا الأسعار مرتين.. لأنهم سرق ونصابين    صحفي يمني يكتب: أحمد العيسي رجل الدولة العميقة، الذي صادر الدولة!    حكومة التغيير والبناء .. عام حافل بالعطاء والإنجاز رغم جسامة التحديات    فشربوا منه إلا قليل منهم !    إب.. مليشيا الحوثي تفرض على التجار تعليق شعارات خضراء بذكرى "المولد"    بعد بدء رفعه تدريجياً في صنعاء.. مصدر يكشف عن توجه مالية عدن لرفع قيمة الدولار الجمركي    الأرصاد يتوقع هطول أمطار متفاوتة الشدة ويحذر من العواصف الرعدية    القوات الروسية تستهدف المجمع الصناعي العسكري ومراكز تصنيع الطائرت الأوكرانية المسيرة    قرار حكومي يحظر استخدام العملات الأجنبية بديلاً عن العملة المحلية    أهلي تعز يهزم التعاون ويتصدر مجموعته في بطولة بيسان    الصين تعلّق الرسوم الجمركية على السلع الأمريكية لمدة 90 يومًا    عاجل.. وحدات الدعم والإسناد الحربي بالقوات الجنوبية تدك تجمعات حوثية شمال الضالع    ورشة عمل تشاورية لتعزيز الوصول الشامل للأشخاص ذوي الإعاقة إلى المرافق الخدمية    موقع بريطاني يؤكد تراجع نفوذ لندن في البحر الأحمر    لماذا لا يفوز أشرف حكيمي بالكرة الذهبية؟    تكدّس النازحين اليمنيين بالملايين في عدن سيدفع الجنوبيين ثمنه غاليا أو مستحيلآ    من حبريش يقطع الوقود عن المكلا وسيقاتل لوصوله للعسكرية الأولى(وثيقة)    محاولات سلخ حضرموت عن هويتها الجنوبية    لماذا يستهدف وزير الإصلاح "حيدان" كفاءة عدنية عالية المهارة والإخلاص    البرلماني بشر: السلطة الفاشلة تتخلص من مؤيديها وتلاحق معارضيها.. "كفى عبثًا"    أمن مأرب.. الإنجاز الجمهوري الفريد    مركز تجاري في عدن يعرض تخفيضات هي الأقوى والأرخص ولم تشهد عدن واليمن مثل هذه التخفيضات منذ سنوات    محمد تصحيح: عازمون على تحقيق الفوز الأول وإسعاد جماهير الرشيد    القرعة تضع تضامن حضرموت في المجموعة الثانية ببطولة الخليج للأندية    افتتاح معرض تشكيلي في صنعاء يجسد صمود غزة    السعودية ترحب بإعلان أستراليا عزمها الاعتراف بالدولة الفلسطينية وبإعلان نيوزيلندا دراستها الاعتراف بالدولة الفلسطينية    شرطة المرور تدعو مالكي الدرجات الكهربائية الاستعداد لهذا الامر!?    مكتب الصحة بلحج ينفذ حملة رقابة على أسعار الأدوية    فرصة إمام جامع وضيعتها    النائب العام يوجه بحملات مشددة لمراقبة أسعار الأدوية وضبط المخالفين    مناقشة آليات التعاون بين وزارة الاقتصاد وهيئة الابتكار في مجال توطين الصناعات    كريستال بالاس يخسر استئناف «كاس»    قصر شبام حضرموت النجدي بين الإهمال والخطر    فيديو وتعليق    المؤسسة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر تدين محاولة اختطاف طفلة في ذمار    انعقاد اللقاء الموسع لقيادات الدولة بقدوم ذكرى المولد النبوي الشريف    الرئيس الزُبيدي يعزي الشيخ صالح الشرفي بوفاة شقيقته    احتجاج القادسية.. تصعيد وخلاف قانوني    الذهب والنفط يتراجعان مع ترقب لقاء ترامب وبوتين    اكتشاف مستوطنة نادرة على قمة جبل في بيرو    بينهم أنس الشريف.. استشهاد 6 صحفيين في قصف إسرائيلي في محيط مجمع الشفاء    5 أخطاء تحول الشاي إلى سم    في ذكرى ميلاد المصطفى    استعدادات واسعة للاحتفاء بذكرى المولد النبوي    بهدف معالجة الصعوبات والمشكلات التي يعاني منها القطاع الصحي.. رئيس مجلس الشورى يلتقي وزير الصحة والبيئة    مرض الفشل الكلوي (16)    وصية الشهيد الإعلامي أنس الشريف ابن فلسطين درة تاج المسلمين توجع القلب    كأس خوان غامبر: برشلونة يحرز اللقب بعد سحقه كومو الايطالي    ناشط حقوقي يتلقى تهديدات بتصفيته وأسرته ويحمّل سلطات صنعاء المسؤولية    وجع بحجم اليمن    شكراً للفريق السامعي الذي ألف بينهم    أحمد سيف.. الذاكرة التي لا تغيب وصوت الدولة المدنية    علماء يكتشفون أن نقص عنصر غذائي "شائع" قد يسبب الزهايمر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اليمن: جثث في الميدان.. وعائلات تعيش على الأمل!
نشر في المنتصف يوم 29 - 09 - 2016

مندوبة الاعلام الميداني في اللجنة الدولية للصليب الاحمر - صنعاء
يفاقم من التعقيد في هذا الملف إن الجثث وعندما تترك لفترات طويلة في الميدان فانه سيصعب التعرف عليها بسبب التحلل والعوامل الطبيعية المحيطة ،أضف إلى ذلك أن المقاتلين ليسوا على دراية تامة بالطرق الصحيحة في الحفاظ على الجثث أو انتشالها من أجل تسهيل عملية التعرف عليها لاحقاً.
يطوي السيد عبدالرحمن علي، الأرض جيئةً وذهاباً في شوارع صنعاء بحثاً عن أي خبر قد يقوده لمعرفة حقيقة ما جرى لابنه محمد (19 عاماً) والذي كان يقاتل في إحدى الجبهات في اليمن وفقد أثره منذ ذلك الحين. لا يسمع بمقدم أي مقاتل من الجبهة إلا ويذهب اليه ليسأله إن كان لديه جديد بخصوص محمد. معظم الروايات والأخبار التي وصلت للعائلة تقول إن محمد قد قُتِلَ خلال المعارك، ولكن العائلة منذ أن انقطعت أخباره في ديسمبر 2015 لم تستلم جثته ولا تستطيع أن تؤكد أنه مات.
يقول السيد عبدالرحمن: "حالة الشك التي نعيشها قاتلة وصعبة جداً علينا، إن كان قد مات فنحن نريد جثته من أجل أن ندفنها ونستريح. وإن كان ما زال على قيد الحياة، فنحن نأمل يوماً ما أن يطرق باب البيت ويعود إلينا، هذا الأمل هو ما يبقي أمه قوية".
حال هذه الأسرة كحال عشرات الأسر في اليمن التي فقدت أبناءها في الحرب الأخيرة، ولكنها لم تستلم جثثهم وذلك لصعوبة انتشال هذه الجثث من المناطق الساخنة على جبهات القتال مما يبقي جروح هذه العائلات مفتوحة وساعات الانتظار قاتلة لهم، فهذه الجثث إما تبقى ملقاة على الأرض بدون اهتمام الأمر الذي يؤدي إلى تغير ملامحها، وإما تم دفنها هناك بدون علامات مميزة، وهذا يجعل الجثة مجهولة ويصعب التعرف على هويتها، وهما أمران أحلاهما مرّ.
يستطرد السيد عبدالرحمن ودموعه تترقرق في عينيه: "عندما أذهب إلى المقبرة للمشاركة في جنازة أي شخص أشعر بالحسرة عندما أشاهد العائلات تزور قبور أحبائها، أريد قبراً فقط ليضم ابني إن كان ميتاً حتى أتمكن من زيارته لاحقاً، لا شيء سيخفف وجعي وألمي غير هذا".
وبالمقابل، فإن عائلة عبدالله أحمد كانت محظوظة أكثر من عائلة محمد، فقد استطاعت، بفضل مساعدة الصليب الأحمر والهلال الأحمر اليمني، من استرجاع جثة ابنها بعد أيام قليلة من مقتله وتم دفنه في المدافن القريبة من العائلة.
تقول الوالدة رجاء أحمد: " كان عبدالله يعيش بعيداً عنّا أيام دراسته وكان يزورنا كل يوم خميس وجمعة، الآن نحن نزور قبره كل خميس وجمعة ونتكلم معه ونخبره بمستجدات حياتنا اليومية. لقد كان المُدبر الرئيس لاحتياجات المعيشة لكل أمور البيت وأمور أخوته وأخواته".
تضيف الأم المكلومة: "ما بين مقتل ابني وما بين دفنه 14 يوماً كانت الأصعب في حياتنا، حاولنا بكل السبل والطرق أن نصل إلى مأرب حيث قُتِل لاستلام جثته، ولكن فشلنا.. ولولا جهود الهلال الأحمر اليمني لما تمكنا أن نسترجع الجثة وندفنها".
تحتفظ أمه بالكيس الأبيض والبطانية التي لفت جثة ابنها بها وتشتمُها من وقت لآخر لتشعر أن رائحته لا تزال في البيت.
منذ بداية الحرب في اليمن وحتى الآن قامت اللجنة الدولية للصليب الأحمر وبالتعاون مع الهلال الأحمر اليمني باستعادة 812 جثة من مناطق النزاع مختلفة من ضمنها تعز، مأرب، لحج، عدن وغيرها. إن عملية انتشال الجثث وجمعهم وإرسالهم لعائلاتهم هي مسؤولية أطراف النزاع كافة في اليمن حيث يتوجب عليهم جمعها بدون تمييز وبأقصى سرعة أو على الأقل السماح للمؤسسات الإنسانية مثل الهلال الأحمر والصليب الأحمر بالوصول إلى مناطق القتال للقيام بهذه المهمة.
يقود الشاب عصام العصري، منسق ملف المفقودين وإدارة الجثث في جمعية الهلال الأحمر اليمني، عمليات انتشال الجثث من الميدان برفقة عدد من متطوعي الهلال. قابلناه في مكتبه بعد يوم طويل من العمل.
يقول عصام: "إن ملف إدارة الجثث من أكثر الملفات الشائكة التي نتعامل معها الآن، فنحن بحاجة لضمانات أمنية من كل الأطراف من أجل أن نتمكن من انتشال الجثث في جبهات القتال، احياناً نذهب ونضطر للعودة بسبب الاخطار الأمنية التي تواجهنا مثل الألغام المزروعة في المنطقة أو عدم تقبل طرف من الاطراف لطبيعة مهمتنا".
يفاقم من التعقيد في هذا الملف، أن الجثث وعندما تترك لفترات طويلة في الميدان فانه سيصعب التعرف عليها بسبب التحلل والعوامل الطبيعية المحيطة، أضف إلى ذلك أن المقاتلين ليسوا على دراية تامة بالطرق الصحيحة في الحفاظ على الجثث أو انتشالها من أجل تسهيل عملية التعرف عليها لاحقاً.
يستطرد عصام: "يعمل بعض الناس على دفن الجثة مباشرة عندما يصادفون بعضها في الميدان اعتقاداً منهم أن هذا هو أفضل شيء يمكن عمله للميت باعتبار أن إكرام الميت دفنه ويغفلون عن تجميع الأشياء الخاصة أو العلامات المميزة للجثة من أجل أن يتم إخبار عائلاتهم لاحقاً".
وفي إطار جهود اللجنة الدولية للصليب الأحمر وجمعية الهلال الأحمر اليمني في أن تساعد وأن ترفع من قدرات كل الأطراف على رفع الجثث بطريقة سليمة تحفظ كرامتها وتسهل عملية التعرف عليها قامت بتدريب العاملين في جهات مختلفة حكومية أو مدنية أو مقاتلين، بالإضافة إلى تدريب كوادر ومتطوعي الهلال الأحمر.
وبعيداً عن نصوص القانون الوضعي، هناك نصوص مشددة في الشريعة الإسلامية أوجبت احترامها لبني آدم عامة، دون أية تفرقة بينهم، واحترامها ليس بالأمر القاصر على حال الحياة؛ وإنما يمتد حتى إلى حال الموت. وقد نهى الإسلام عن التمثيل بالقتلى والموتى؛ لأنه منافٍ للتقوى ولاحترام آدمية الإنسان.
عائلات المفقودين لها الحق بمعرفة مصير احبائها ويجب على السلطات والاطراف المعنية اتخاذ كل السبل التي يمكنها ان تساهم في تحديد مصير المفقودين وماذا حدث لهم وتقديم هذه المعلومات لعائلاتهم، والا ستبقى الجروح النفسية كابوساً يطارد هذه العائلات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.