الأمم المتحدة: نأمل مغادرة موظفينا الأجانب المجمع السكني بصنعاء    توقعات بشتاء قارس في اليمن ودرجات الحرارة تنخفض إلى درجتين    مانشستر سيتي يتخطى فياريال بثنائية نظيفة في دوري أبطال أوروبا    برشلونة يكتسح أولمبياكوس بسداسية في دوري أبطال أوروبا    نقابة المحامين اليمنيين تكلف لجنة لمتابعة قضية اعتقال المحامي صبرة    قراءة تحليلية لنص "قسوة وطفولة معذبة" ل"أحمد سيف حاشد"    دوري أبطال الخليج للأندية: تضامن حضرموت اليمني يصدم الشباب السعودي    نائب وزير الخارجية يلتقي مدير مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن    النائب المحرمي يشيد بإنجاز الحملة الأمنية في لحج ويؤكد استمرار مواجهة التهريب    مسير راجل لخريجي دورات" طوفان الأقصى" في بلاد الروس    السيد القائد: جولة العامين من الصراع شرسة جدا وموقف شعبنا مشرف    القائم بأعمال وزير الاقتصاد يلتقي المواطنين في اليوم المفتوح    الصناعة والتجارة والنقل البري تبحثان في عدن تعزيز التنسيق المشترك وترسيخ العمل المؤسسي    وزير الداخلية: الأعمال الارهابية لن تُثني الأجهزة الأمنية والعسكرية عن أداء واجبها الوطني    أقوى 6 مباريات في الجولة الثالثة من دوري أبطال أوروبا    الأمانة العامة للانتقالي تناقش تقرير المشهد السياسي على الساحة الوطنية الجنوبية    مناقشة مستوى تنفيذ المشاريع التنموية في خطة محافظة صنعاء    انطلاق مسابقة ومهرجان الشعر الرابع لطلبة الجامعات وكليات المجتمع    هآرتس: كل عصابات "إسرائيل" بغزة تفككت وحماس وحدها القادرة على الحكم    هجوم يستهدف معسكر للانتقالي في أبين    صنعاء.. جمعية الصرافين تعمم بإعادة التعامل مع شركة صرافة    احتجاجات غاضبة في عدن عقب انهيار كامل للكهرباء وتفاقم معاناة السكان    الأحزاب والمكونات السياسية في عدن تطالب بتحرك عاجل لإنهاء معاناة السكان    خلال ترأسه اجتماعا للجنة الأمنية.. وزير الدفاع يشيد بالنجاحات التي حققتها شرطة تعز    الشؤون الاجتماعية تدين انتهاكات المليشيا وتدعو المنظمات لنقل مقراتها إلى عدن    مرتبات الفرقة الأولى 3 أشهر بالدولار    فريق تضامن حضرموت يواجه مساء اليوم الشباب السعودي في كأس الخليج للأندية    القانون يطبق على الجميع    بن بريك: مغامرة إصلاح إقتصادي في ظل أزمة وفساد    حادث مروري مروّع في مأرب يودي بحياة أكثر من 10 ركاب (أسماء)    ارتفاع ضحايا انفجار مأرب إلى 18 قتيلاً وجريحاً على طريق الموت بالعبر    عدن.. الإفراج عن طيار في الخطوط الجوية اليمنية    رباعية تمنح الأهلي أكبر فوز على الفرق القطرية    برشلونة يمنح ألفاريز السعادة في أتلتيكو    عرض أزياء يمني في ماليزيا    دورة أوساكا.. ليلى تقصي تيريزا وتتوج باللقب    يدعم مؤسسة المياه ب20 ألف لتر ديزل لضمان استمرار إمدادات المياه    الإعلام الإخواني... صوت الفتنة ضد الجنوب    صاحب الفخامة.. وأتباعه بدون تحية    هم لدينا وديعة فقط.. وتهمتهم التواصل مع منزل    قراءة تحليلية لنص "هاشم" اسم أثقل كاهلي ل"أحمد سيف حاشد"    وفاة 15 شخصًا بينهم نساء في حادث مروري مروع بمحافظة مأرب    مرض الفشل الكلوي (24)    ثوار 14أكتوبر وعدوا شعب الجنوب بأكل التفاح من الطاقة    مليشيا الحوثي تحتجز جثمان مختل عقلياً في قسم شرطة بإب    رئيس الهيئة العامة للحفاظ على المدن التاريخية الأستاذ عبدالوهاب المهدي ل"26 سبتمبر": نطالب بتدخل أممي عاجل لوقف استهداف العدوان المباشر أو غير المباشر للمناطق الأثرية    خلال 7 دقائق.. عملية سرقة "لا تقدّر بثمن" في متحف اللوفر    شبابنا.. والتربية القرآنية..!!    قراءة تحليلية لنص "رغبة في التحليق" ل"أحمد سيف حاشد"    وزارة الإعلام تُكرم الفائزين بمسابقة أجمل صورة للعلم اليمني    إشادة بتمكن عامر بن حبيش في احتواء توتر أمني بمنفذ الوديعة    لو فيها خير ما تركها يهودي    المداني خلفا للغماري .. بعضاً مما قاله خصمه اللدود عفاش في الحروب الست    اليمن انموذجا..أين تذهب أموال المانحين؟    معهد امريكي: شواء اللحوم يزيد خطر الاصابة بالسرطان    متى يبدأ شهر رمضان 2026/1447؟    الرمان... الفاكهة الأغنى بالفوائد الصحية عصيره يخفض ضغط الدم... وبذوره لها خصائص مضادة للالتهابات    ما فوائد تناول المغنيسيوم وفيتامين «بي-6» معاً؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اليمن: جثث في الميدان.. وعائلات تعيش على الأمل!
نشر في المنتصف يوم 29 - 09 - 2016

مندوبة الاعلام الميداني في اللجنة الدولية للصليب الاحمر - صنعاء
يفاقم من التعقيد في هذا الملف إن الجثث وعندما تترك لفترات طويلة في الميدان فانه سيصعب التعرف عليها بسبب التحلل والعوامل الطبيعية المحيطة ،أضف إلى ذلك أن المقاتلين ليسوا على دراية تامة بالطرق الصحيحة في الحفاظ على الجثث أو انتشالها من أجل تسهيل عملية التعرف عليها لاحقاً.
يطوي السيد عبدالرحمن علي، الأرض جيئةً وذهاباً في شوارع صنعاء بحثاً عن أي خبر قد يقوده لمعرفة حقيقة ما جرى لابنه محمد (19 عاماً) والذي كان يقاتل في إحدى الجبهات في اليمن وفقد أثره منذ ذلك الحين. لا يسمع بمقدم أي مقاتل من الجبهة إلا ويذهب اليه ليسأله إن كان لديه جديد بخصوص محمد. معظم الروايات والأخبار التي وصلت للعائلة تقول إن محمد قد قُتِلَ خلال المعارك، ولكن العائلة منذ أن انقطعت أخباره في ديسمبر 2015 لم تستلم جثته ولا تستطيع أن تؤكد أنه مات.
يقول السيد عبدالرحمن: "حالة الشك التي نعيشها قاتلة وصعبة جداً علينا، إن كان قد مات فنحن نريد جثته من أجل أن ندفنها ونستريح. وإن كان ما زال على قيد الحياة، فنحن نأمل يوماً ما أن يطرق باب البيت ويعود إلينا، هذا الأمل هو ما يبقي أمه قوية".
حال هذه الأسرة كحال عشرات الأسر في اليمن التي فقدت أبناءها في الحرب الأخيرة، ولكنها لم تستلم جثثهم وذلك لصعوبة انتشال هذه الجثث من المناطق الساخنة على جبهات القتال مما يبقي جروح هذه العائلات مفتوحة وساعات الانتظار قاتلة لهم، فهذه الجثث إما تبقى ملقاة على الأرض بدون اهتمام الأمر الذي يؤدي إلى تغير ملامحها، وإما تم دفنها هناك بدون علامات مميزة، وهذا يجعل الجثة مجهولة ويصعب التعرف على هويتها، وهما أمران أحلاهما مرّ.
يستطرد السيد عبدالرحمن ودموعه تترقرق في عينيه: "عندما أذهب إلى المقبرة للمشاركة في جنازة أي شخص أشعر بالحسرة عندما أشاهد العائلات تزور قبور أحبائها، أريد قبراً فقط ليضم ابني إن كان ميتاً حتى أتمكن من زيارته لاحقاً، لا شيء سيخفف وجعي وألمي غير هذا".
وبالمقابل، فإن عائلة عبدالله أحمد كانت محظوظة أكثر من عائلة محمد، فقد استطاعت، بفضل مساعدة الصليب الأحمر والهلال الأحمر اليمني، من استرجاع جثة ابنها بعد أيام قليلة من مقتله وتم دفنه في المدافن القريبة من العائلة.
تقول الوالدة رجاء أحمد: " كان عبدالله يعيش بعيداً عنّا أيام دراسته وكان يزورنا كل يوم خميس وجمعة، الآن نحن نزور قبره كل خميس وجمعة ونتكلم معه ونخبره بمستجدات حياتنا اليومية. لقد كان المُدبر الرئيس لاحتياجات المعيشة لكل أمور البيت وأمور أخوته وأخواته".
تضيف الأم المكلومة: "ما بين مقتل ابني وما بين دفنه 14 يوماً كانت الأصعب في حياتنا، حاولنا بكل السبل والطرق أن نصل إلى مأرب حيث قُتِل لاستلام جثته، ولكن فشلنا.. ولولا جهود الهلال الأحمر اليمني لما تمكنا أن نسترجع الجثة وندفنها".
تحتفظ أمه بالكيس الأبيض والبطانية التي لفت جثة ابنها بها وتشتمُها من وقت لآخر لتشعر أن رائحته لا تزال في البيت.
منذ بداية الحرب في اليمن وحتى الآن قامت اللجنة الدولية للصليب الأحمر وبالتعاون مع الهلال الأحمر اليمني باستعادة 812 جثة من مناطق النزاع مختلفة من ضمنها تعز، مأرب، لحج، عدن وغيرها. إن عملية انتشال الجثث وجمعهم وإرسالهم لعائلاتهم هي مسؤولية أطراف النزاع كافة في اليمن حيث يتوجب عليهم جمعها بدون تمييز وبأقصى سرعة أو على الأقل السماح للمؤسسات الإنسانية مثل الهلال الأحمر والصليب الأحمر بالوصول إلى مناطق القتال للقيام بهذه المهمة.
يقود الشاب عصام العصري، منسق ملف المفقودين وإدارة الجثث في جمعية الهلال الأحمر اليمني، عمليات انتشال الجثث من الميدان برفقة عدد من متطوعي الهلال. قابلناه في مكتبه بعد يوم طويل من العمل.
يقول عصام: "إن ملف إدارة الجثث من أكثر الملفات الشائكة التي نتعامل معها الآن، فنحن بحاجة لضمانات أمنية من كل الأطراف من أجل أن نتمكن من انتشال الجثث في جبهات القتال، احياناً نذهب ونضطر للعودة بسبب الاخطار الأمنية التي تواجهنا مثل الألغام المزروعة في المنطقة أو عدم تقبل طرف من الاطراف لطبيعة مهمتنا".
يفاقم من التعقيد في هذا الملف، أن الجثث وعندما تترك لفترات طويلة في الميدان فانه سيصعب التعرف عليها بسبب التحلل والعوامل الطبيعية المحيطة، أضف إلى ذلك أن المقاتلين ليسوا على دراية تامة بالطرق الصحيحة في الحفاظ على الجثث أو انتشالها من أجل تسهيل عملية التعرف عليها لاحقاً.
يستطرد عصام: "يعمل بعض الناس على دفن الجثة مباشرة عندما يصادفون بعضها في الميدان اعتقاداً منهم أن هذا هو أفضل شيء يمكن عمله للميت باعتبار أن إكرام الميت دفنه ويغفلون عن تجميع الأشياء الخاصة أو العلامات المميزة للجثة من أجل أن يتم إخبار عائلاتهم لاحقاً".
وفي إطار جهود اللجنة الدولية للصليب الأحمر وجمعية الهلال الأحمر اليمني في أن تساعد وأن ترفع من قدرات كل الأطراف على رفع الجثث بطريقة سليمة تحفظ كرامتها وتسهل عملية التعرف عليها قامت بتدريب العاملين في جهات مختلفة حكومية أو مدنية أو مقاتلين، بالإضافة إلى تدريب كوادر ومتطوعي الهلال الأحمر.
وبعيداً عن نصوص القانون الوضعي، هناك نصوص مشددة في الشريعة الإسلامية أوجبت احترامها لبني آدم عامة، دون أية تفرقة بينهم، واحترامها ليس بالأمر القاصر على حال الحياة؛ وإنما يمتد حتى إلى حال الموت. وقد نهى الإسلام عن التمثيل بالقتلى والموتى؛ لأنه منافٍ للتقوى ولاحترام آدمية الإنسان.
عائلات المفقودين لها الحق بمعرفة مصير احبائها ويجب على السلطات والاطراف المعنية اتخاذ كل السبل التي يمكنها ان تساهم في تحديد مصير المفقودين وماذا حدث لهم وتقديم هذه المعلومات لعائلاتهم، والا ستبقى الجروح النفسية كابوساً يطارد هذه العائلات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.