قبل يومين، كنت أحضر مؤتمر حقوق المرأة وواجباتها في ظل الدولة المسلمة وتحت شعار (رفقاً بالقوارير) والذي نظمته منظمة (مسلمة) التابعة للشيخة أسماء الزنداني.. طبعاً، لم يلفت نظري شيء سوى مساحة الأرض الوااااسعة التي بنت عليها مدينة الإيمان، أقصد جامعة الإيمان، مدينة سكنية واااسعة فيها كل مستلزمات المدينة، وفيها مساحة أرض أكبر بكثير من الأرض المبنية عليها وهي على ما أعتقد للاستثمار، إلى جوار جامعة الإيمان يوجد سوق يُسمى ب"سوق علي محسن"، مساحة أرض لا أقول واسعة؛ لأن عقلي لا يستوعب هذه المساحات الهائلة، حتى بت أراها مساحة أرض مخيفة جداً.. قطعت المسافة كُلها في تلك المنطقة مشياً على الأقدام وأنا، فعلاً، مذهولة بما أراه، وسؤال واحد لا يفارقني يلح عليَّ بشدَّة: من أين لهم هذا، كيف يمكن لمواطن يمني لا يختلف، بحال من الأحوال، عن بقية المواطنين أن يحصل على ربع العاصمة..!! هل لأن هؤلاء وأمثالهم قريبون، جداً، من الله، لدرجة أن الله ورَّثهم هذه الأرض ليس بجهدهم بل تقواهم؟!! من هو الله الذي يتبعه هؤلاء، كيف يفكر؟ هل يعرف العدل حقاً؟ وهل لديه لحية أو هو صاحب فتوى؟ هل يقف الله إلى جانب المتسلطين؟ هل يبارك خطاهم؟ هل، فعلاً، الله يرزق من يشاء هكذا بدون مبرر منطقي؟ وهل يُعد البسط والنهب رزقاً؟ وماذا عن الثورة التي قيل إنها قامت من أجل العدالة؟؟! أليس العدالة تبدأ بسؤال أصحاب الثروات وعلى رأسهم الثوار "من أين لك هذا"؟ وعلى كل واحد منهم يملك نصف أراضي العاصمة أن يأتي بعقود البيع والشراء، أو ما يثبت أنه ورثها عن أبيه وعن أمه أو حتى عن مبسوط عليه، المهم أن يفيدونا جزاهم الله خيراً؟؟ أنا، فعلاً، أبحث عن إجابة أشعر أنها منطقية.. إجابة تحترم عقلي، تحترم كوني يمنية تكافح منذ قرابة عشرة أعوام للحصول على عمل يليق بها، إجابة تحترم كوني فتاة تودِّع كل يومٍ، يوماً من عمرها مصلوباً على أمل مستتر تقديره ربما تتحقق أحلامها المشروعة..!! من سيجيب عن سؤال: من أين لهم هذا؟ بل كيف ومتى ولماذا؟ كنتُ غارقة، تماماً، في هذه الأفكار وأنا أجتاز الشارع الفرعي المجاور لجامعة الإيمان والذي تتم فيه أعمال حفر لسفلته، كنت أرفع عباءتي حتى لا تتسخ.. حينها قطع أفكاري وأوقفني مجموعة شباب ملتحين يركبون سيارة "سوزكي"، معترضين طريقي.. صرخ أحدهم، بغضب: "لا ترفعي البالطو"! نظرتُ إليهم، كانوا غاضبين جداً، وكأني بسطت على أرضهم.. شعرت، لحظتها، أني لديَّ ما أملكه في هذا البلد وقلت لهم: "هذا البالطو حقي وأنا حرة فيه حتى أرفعه لفوق رأسي.. عندكم مانع؟!". المقولة جاءت على غِرار "أنا رب هذا البالطو ولأراضي اليمن رب يحميها.."؟؟!! صراحة.. ما فيش أحلى من الشعور أنك صاحب أملاك، شعور بالامتلاء، أي والله..! * أسبوعية "المنتصف"