باكستان تطلق عملية انتقامية ردا على "العدوان الهندي"    اضعاف للشعب اليمني وتدمير لامكانياته البشرية والمادية    اليمنية توضح عن المسافرين العالقين في الأردن    الرسائل التي قدمها اعلام الجماعة في تغطيته لزيارة الفريق السامعي إلى مطار صنعاء الدولي    الجيش الباكستاني يعلن إن ثلاثا من قواعده الجوية تعرضت لهجوم صاروخي هندي    صحيفة: إسرائيل تخطط لتوسيع عملياتها في اليمن واستهداف إيران    إسرائيل تتوعد مجددا ب"رد قوي" على الصاروخ الباليستي الذي استهدف مطار بن غوريون    إثر خلافات أسرية.. رجل يقتل شقيقه بمدينة تعز    أردوغان يقدم الشرع هدية لنتنياهو    صلاح يفوز بجائزة لاعب العام في الدوري الإنجليزي لكرة القدم للمرة الثالثة    اختيار بن بريك من قبل العليمي لأجل تمرير صفقة نفط شبوة واعتمار قرارات القاهرة    دراسة : عدد ساعات النوم الصحية يختلف باختلاف البلد والثقافة    لماذا نقيم مراكز تقديم الخدمة للمواطنين ؟    السيد فضل الله يشيد بمواقف الشعب اليمني ومقاومته تجاه الشعب الفلسطيني    المحامي جسار مكاوي يوجه رسالة لأهالي عدن حول خدمة الطاقة المؤقتة    وكيل وزارة الخارجية ورئيسة بعثة الصليب الأحمر يطّلعان على الأضرار في مطار صنعاء    وزير الأوقاف: تفويج حجاج اليمن سيبدأ الثلاثاء القادم    الجيش الروسي يعلن السيطرة على ثلاث بلدات في دونيتسك    في شوارع الحزن… بين أنين الباعة وصمت الجياع    لأول مرة .. بتكوين يقفز ويتجاوز 100 ألف دولار.    تصل إلى 100 دولار .. لجنة حكومية تفرض رسوم امتحانات على طلاب الثانوية اليمنيين في مصر    حتى أنت يا بروتوس..!!    ارتفاع أسعار الذهب قبيل محادثات تجارية مرتقبة بين واشنطن وبكين    الشلهوب يقود الهلال إلى الفوز من المباراة الأولى    الأمم المتحدة تحذر من تفاقم الجوع في غزة بشكل متسارع    تشيلسي إلى نهائى دورى المؤتمر الأوروبي    الأهلي يفوز على المصري برباعية    ناطق الحكومة يوضح جانبا من إنجازات وجهود الحكومة في التصدي للعدوان الأمريكي    مانشستر يونايتد يضرب موعداً مع توتنهام في نهائي الدوري الأوروبي    واقعة خطيرة.. هجوم مسلح على لاعبي فلامنغو    ليفربول يقدم عرض للتعاقد مع نجم مانشستر سيتي بروين    الأسباب الرئيسية لتكون حصى المرارة    العليمي اشترى القائم بأعمال الشركة اليمنية للإستثمار (وثائق)    الغيثي: أميركا غير مقتنعة بأن حكومة الشرعية في عدن بديل للحوثيين    لماذا يحكمنا هؤلاء؟    باشراحيل: على مواطني عدن والمحافظات الخروج للشوارع وإسماع صوتهم للعالم    الجولاني يعرض النفط والتواصل مع إسرائيل مقابل رفع العقوبات    وطن في صلعة    عيد ميلاد صبري يوسف التاسع والستين .. احتفال بإبداع فنان تشكيلي وأديب يجسد تجارب الاغتراب والهوية    تغاريد حرة .. صرنا غنيمة حرب    أرقام تاريخية بلا ألقاب.. هل يكتب الكلاسيكو نهاية مختلفة لموسم مبابي؟    السامعي يتفقد اعمال إعادة تأهيل مطار صنعاء الدولي    صنعاء.. عيون انطفأت بعد طول الانتظار وقلوب انكسرت خلف القضبان    سيول الامطار تجرف شخصين وتلحق اضرار في إب    القضاء ينتصر للأكاديمي الكاف ضد قمع وفساد جامعة عدن    اليدومي يعزي رئيس حزب السلم والتنمية في وفاة والدته    شرطة آداب شبوة تحرر مختطفين أثيوبيين وتضبط أموال كبيرة (صور)    الأتباع يشبهون بن حبريش بالامام البخاري (توثيق)    خبير دولي يحذر من كارثة تهدد بإخراج سقطرى من قائمة التراث العالمي    وزارة الأوقاف تعلن بدء تسليم المبالغ المستردة للحجاج عن موسم 1445ه    النمسا.. اكتشاف مومياء محنطة بطريقة فريدة    دواء للسكري يظهر نتائج واعدة في علاج سرطان البروستات    وزير الصحة يدشن حملات الرش والتوعية لمكافحة حمى الضنك في عدن    يادوب مرت علي 24 ساعة"... لكن بلا كهرباء!    المصلحة الحقيقية    أول النصر صرخة    أمريكا بين صناعة الأساطير في هوليود وواقع الهشاشة    أطباء تعز يسرقون "كُعال" مرضاهم (وثيقة)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المارينز .. وثقافة (حيَّا بهم)
نشر في المؤتمر نت يوم 28 - 09 - 2012

يبدو أن ثقافة "حيَّا بهم.. حيَّا بهم" التي شغلت حيز الساحات في عموم المحافظات قد أصبحت علامة مسجلة على ملامح المرحلة، فالخطاب المقام والممانع أصبح خطاباً مستهدفاً ومستهجناً من قوى كانت تدعي المقاومة والممانعة وترفض الذوبان في هوية الآخر، وقد ساهم الاعلام المركز على إشاعة هذه الثقافة الى درجة تداخل هذه الثقافة الاستلابية مع الموقف وتهاونها بالرموز وقيمتها كما لمسنا ونلمس، فالفراغ لا ينتج عنه إلا فراغ مثله، لذلك فمتواليات الإساءة الى الرموز الدينية لن تقف عن حدود الفيلم الامريكي أو الرسوم الكاريكاتورية للمجلة الفرنسية بل ستتجاوز ذلك الى ما هو أبعد منه، فالقضية أضحت قضية امتلاء حضاري وفراغ يجب عن الامتلاء وهنا تكمن الإشكالية الحضارية.
فالذين يشعرون بالنقص ويتكاملون في الظاهرة الحضارية المظهرية والشكلية ولا يقدرون القيمة الجوهرية الحقيقية للأبعاد الثقافية التي يتفاعلون بها ومعها ولا يملكون الحس النقدي ولا الحس النقدي المقارن بالضرورة يرتكبون أخطاءً تاريخية لن تضيف نكوصاً حضارياً جديداً في المسار العربي بل ستذهب الى أعمق من ذلك وهو تفتيت النسيج العام للمجتمعات العربية من خلال تدمير البنية الثقافية وطمسها تمهيداً لإعادة صياغتها وفق رؤية تعادي المتجانس وتتصالح مع المختلف وتتأتلف معه وهو أمر بدأنا نشهد بداياته الأولى في فتاوى ومواقف الجماعات التي تبرر لأمريكا بأكثر مما بررت أمريكا لنفسها وحضرت كل الدلائل والنصوص المقدسة التي تغيب في التفاعل والموقف من الجماعات المتجانسة.
فعمر ابن الخطاب - رضي الله عنه- ليس في مقام الرسول محمد - عليه الصلاة والسلام- وحين تنال منه جماعة متجانسة دينياً وثقافياً تقوم الدنيا ولا تقعد وتكاد ترى الشرر ينضح من الجباه والألسنة وحين ينال الآخر المختلف من الرسول - عليه الصلاة والسلام- تصبح القضية قضية تشريعات وحريات شخصية والأغرب أن الذين غضبوا من تشخيص الأنبياء في الدراما المتلفزة لم يغضبوا من تشخيص الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم- بل وأفتوا بجواز تشخيص الصحابة حين تصدرت المشهد قطر والسعودية في مسلسل عمر رضي الله عنه الذي بثته بعض القنوات في رمضان الماضي وكانوا يحرمون ذلك التشخيص ويتصدى الأزهر لها بكل قوته وتقف وراءه كل القوى الدينية المتجانسة ويبدو أننا في زمن ثقافة »حيَّا بهم.. حيَّا بهم« سنشهد الكثير والكثير، فتدمير البنية الثقافية قد يخلَّ بالقانون الطبيعي والنظام العام ويعمل على تطويع النفوس حتى يمكنها أن تتقبل ما يحدث وتسقط قداسة الرموز الدينية التي تراكمت ثقافتها فيهم عبر الأزمنة.
فالربيع العربي كما نقرأ في ملامح الواقع وتجلياته لم يحمل مشروعاً حضارياً ولكنه حمل مشروعاً تطبيعياً مع الآخر المختلف وصراعياً مع البيني المؤتلف والمتجانس، وبحيث تبدلت ثقافة الممانعة والمقاطعة التي شهدناها في الماضي الى ثقافة تبرير للآخر المختلف، إذ أباحوا بل أجازوا ثقافة التسامح معه وحرموها وجرّموها في الإطار البيني المتضاد مذهباً والمختلف رؤية ومنهجاً، فإذا كانت الحرية هي المبرر الموضوعي للتبرير للآخر فلماذا لا تكون هي المبرر الموضوعي لقبول البيني المتضاد رؤية ومذهباً والمتجانس ثقافياً!!!؟
فالقضية التي نشهدها في الواقع تسير وفق منهجية واعية وتعمل وفق آلية محددة حتى تكرار بث المشاهد المؤلمة في ذكرى المآسي الذي يأتي بفعل الضرورة للحالة الثورية والحالة السياسية هو في المقابل فعل مضاعف يعمل على تفكيك المنظومة العامة ويخل بنظامها العام ويساعد بشكل أو بآخر في خلق المناخات العامة للبدائل.
وشواهد مثل تلك المنهجية واضح بيِّن في المسار التاريخي للقاعدة التي دلَّ خطابها في بداية التكوين والنشأة على الممانعة والرفض للتواجد الامريكي في الخليج وجزيرة العرب وكان هدفها المعلن إخراجهم من المياه الخليجية ومن جزيرة العرب ومنهجيتهم استهداف تواجدهم وضرب مصالحهم الحيوية ثم تبدّل ذلك التوجه ورأيناه يستهدف مصالح المسلمين وجنودهم وحتى الأبرياء منهم كطلاب الكليات العسكرية والمواطن الآمن في الأماكن العامة والأسواق، وقد دلّ هذا التبدل في المنظومة الفكرية للقاعدة على قوة خفية تعمل على التفكيك وتعمل على اختراق الجماعات والكيانات وبما يكفل تنفيذ أجندات يعيها الآخر ولا تدركها الجماعات والكيانات التي تتفاعل مع اللحظة كمقدمات لا تدرك نتائجها التي يدركها الآخر وهيأ لها الاسباب للوصول اليها، فالماسونية العالمية أصبحت أكثر تغلغلاً في النسيج العام للجماعات والكيانات ذات التوجه الاسلامي وقد ظهرت بعض سماتها في مناخ الربيع العربي من خلال خلق وصناعة رموز عالمية من بين صفوف الشباب، ويمكن مراجعة تلك المصفوفة من تونس الى مصر الى اليمن الى ليبيا، فالظاهرة لها مؤشراتها الدالة عليها.
وتبعاً لذلك فالقول بالتحديث والتطوير للفكر والموقف السياسي الذي يظنه البعض قولاً باطلاً ولا قيمة موضوعية له ذلك أن ثقافة »حيَّا بهم.. حيَّا بهم« التي كرّسها الاخوان في اليمن لم تحمل متغيراً ولا مشروعاً حضارياً ولكنها حملت مشروعاً استلابياً وتطبيعياً »فالمارينز« الذي أغضبهم تواجده في المياه الاقليمية وحملوا من أجله الأحزمة الناسفة والعبوات المتفجرة أصبح بين ظهرانيهم ولا يثير غضبهم بل يحسنون الظن فهو جاء لمساعدة اليمن للخروج من أزمتها ونياتهم طيبة تجاه أمن اليمن واستقرارها ووحدتها - حسب تصريحات اليدومي الاخيرة - فهذا التبدل في الموقف ليس تحديثاً ولا تطويراً كما يراه من يحاول التبرير بل هو نكوص دال على تفكيك الهويات وتجزئتها لتمرير مشاريع بديلة، ذلك أن المنظومة الاسلامية الكاملة مهما تعددت طرقها ومذاهبها وفرقها وتأويلاتها للنص وتعددت مواقفها ورؤيتها الا أنّ غايتها وهدفها الخروج من الذلة الى العزة ومن الضعف الى القوة ومن الفراغ الى الامتلاء ومن الدونية الى الندية، والمؤشرات الموضوعية لثقافة »حيَّا بهم. حيَّا بهم« غير مطمئنة وتبعد كل البعد عن الغايات الاسلامية في منظومتها المتكاملة، وبمثل ذلك لا أظننا نرى ربيعاً عربياً بل خريفاً تتجزأ فيه الهوية الاسلامية والعربية ثم تتساقط كما تتساقط أوراق الشجرة الباسقة.. ولله الأمر من قبل ومن بعد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.