أشارت نتائج تحقيق نشرت امس في صحيفة الغارديان البريطانية ان ادلة تثبت حدوث انتهاكات وجرائم حرب في معسكر غوانتانامو التابع لسلاح البحرية الاميركي بجزيرة كوبا قد وصلت الى اعلى المستويات في إدارة الرئيس جورج بوش منذ خريف عام 2002، غير ان وزير الدفاع، دونالد رامسفيلد، لم يتخذ إجراء ازاء ذلك. واستندت المعلومات التي حصل عليها الصحافي المخضرم سيمور هيرش الى حديث جندي سابق بسلاح البحرية الاميركية كان يعمل في معتقل غوانتانامو، حيث يحتجز مقاتلو تنظيم «القاعدة» وحركة طالبان واشخاص آخرون متهمون بالضلوع في الارهاب، حول تعريض معتقلين لأوضاع مسببة للألم. وكانت ادارة بوش قد اكدت مرارا من جانبها ان المعتقلين منحوا فترات للترويح، إلا ان مستشارا بوزارة الدفاع (البنتاغون) ابلغ هيرش بأن بعض المعتقلين كانوا يتركون في أوضاع تقيد حركة ايديهم وأرجلهم تحت ضوء الشمس الحارقة ورؤوسهم مغطاة بأكياس. وأورد هيرش في التحقيق الصحافي الذي أجراه ان الرئيس جورج بوش كان قد وقّع على أمر بإنشاء وحدة سرية منحت تصديقا بقتل او اسر واستجواب المتهمين «المهمين»، إلا ان ثمة اعتقادا واسعا بأن هذه الممارسات تعتبر تحديا للقانون الدولي، فيما يرى محللون ان هذا الاسلوب غير المعترف به رسميا في معاملة المعتقلين قد نقل فيما بعد من غوانتانامو الى سجن ابو غريب. وابلغ مصدر بوكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي آي إيه) الصحافي هيرش بأن محللا يعمل بالوكالة زار معتقل غوانتانامو صيف عام 2002 «عاد مقتنعا بأن جرائم حرب قد ارتكبت في معسكر غوانتانامو». وكان محلل وكالة الاستخبارات المركزية قد رفع تقريرا الى الجنرال جون غوردون، مساعد مستشارة الأمن القومي كوندوليزا رايس، مما أثار قلقا بالغا لدى غوردون. فيما قال مسؤول سابق بالادارة الاميركية انه «ان الممارسات التي ارتكبت في معسكر غوانتانامو اذا كشفت علنا، فإن ذلك سيلحق ضررا بالرئيس بوش». واطلعت رايس على هذا التقرير بنهاية خريف عام 2002 ودعت الى عقد اجتماع على مستوى عال طلبت خلاله من رامسفيلد معالجة هذه المشكلة. وتعهد رامسفيلد باتخاذ إجراءات ازاء هذه المسألة، إلا ان البنتاغون لم يفعل شيئا. وأشار التحقيق الصحافي الى ان ضباطا بوكالة الاستخبارات المركزية ومكتب المباحث الفيدرالي شاهدوا ممارسات في غوانتانامو مشابهة لتلك التي تحدث عنها المعتقلون السابقون الذين افرج عنهم. وابلغ ضابط استخبارات هيرش بأنه علم من ضباط بمكتب المباحث الفيدرالي ان حراس معسكر غوانتانامو كانوا يصفعون المعتقلين ويعرونهم من ملابسهم ويرشونهم بالماء البارد ويجبرونهم على الوقوف لفترات زمنية طويلة. وهي ممارسات تم نقلها تلقائيا فيما يبدو الى سجن ابو غريب. وأورد هيرش في تحقيقه الصحافي ان وثيقة وقعها الرئيس بوش في فبراير (شباط) 2002 تضمنت فقرة تقول: «اقرر هنا ان أحكام جنيف لا تنطبق على نزاعنا مع تنظيم «القاعدة» في افغانستان او في أي مكان آخر في العالم». وعلم هيرش من ضابط مكتب المباحث الفيدرالي انه سبق ان تحدث أمام الجنرال جون أبي زيد عن حدوث انتهاكات بصورة منتظمة في السجون، إلا ان الجنرال ابي زيد لم يدل بتعليق حول هذا الأمر ولم تكن لديه الرغبة فيما يبدو في التوقف عند هذه القضية، إلا ان القيادة الوسطى الاميركية نفت هذا الإدعاء. البنتاغون من جانبه قال في بيان ان التحقيق الصحافي الذي اجراه سيمور هيرش يتضمن العديد من الادعاءات التي لا اساس لها من الصحة. وأشار البيان الى ان ما اورده هيرش في تقريره يحتوي على الادعاءات التي لا يسندها دليل فضلا عن معلومات غير دقيقة اعتمادا على مصادر لم يسمها. وأكد بيان البنتاغون ان التحقيقات التي اجريت تشير الى انه لا يوجد مسؤول في البنتاغون صادق على أي برنامج يخول او يتغاضى عن الانتهاكات التي حدثت في سجن ابو غريب. وأكد البيان ايضا ان البنتاغون يرحب بأي ادلة تثبت عكس ذلك من جانب المصادر التي لم يسمها هيرش. وكان رامسفيلد قد ابلغ صحافيين يوم الجمعة الماضي بأنه صادق على استخدام إجراءات استجواب متشددة في غوانتانامو. وأضاف قائلا ان هذه الإجراءات يجب ان تقارن مع ما يفعله الارهابيون، ثم تساءل بعد هذا التعليق: «هل ترقى هذه الإجراءات الى قطع رأس شخص وبث ذلك على شاشات التلفزيون؟»، وأجاب قائلا: «لا».