أكد المشاركون في الندوة التي نظمتها صحيفتا "26 سبتمبر" و "سبتمبر نت"اليوم أن المبادرة اليمنية لإعادة صياغة النظام العربي تقوم على نفس الأسس التي تقوم عليها النظم والتكتلات الدولية الحديثة وتتلاءم مع المتغيرات الإقليمية والعالمية الراهنة، وتهدف إلى بناء نوعي وشامل للكيان والانتقال القومي العربي إلى شكل أرقى من العمل المؤسسي، المنظم لمعالجة الأوضاع السيئة التي تعانيها الأمة، وتعزيز وحدتها القومية لمواجهة التحديات التي يفرضها النظام العالمي، والقوى الاستعمارية الجديدة. وأجمع نخبة من المثقفين والسياسيين والقانونيين المشاركين في الندوة أن المبادرة اليمنية واقعية في أهدافها خصوصاً وأن الأمة العربية تعيش أوضاعاً مأساوية جعلها لا تستفيد من كل النكسات التي مرت بها والتي كان سببها انقسام الصف العربي، وتحبيذ المصالح الذاتية، والمنافع الآنية على المصالح القومية العليا. واعتبر المشاركون في الندوة أن المبادرة اليمنية ستعطى العمل العربي المشترك زخماً جديداً، وتتوحد بها لكلمة العرب لحوار الآخر في كل المحافل الدولية كونها تضيف قوة للدبلوماسية الجماعية، وتجمع جهودها في كلمة واحدة. ونوه المشاركون إلى أن الدبلوماسية العربية، وخلال الفترات الماضية، وحتى الآن، تسير في طرق مختلفة، وجهودها مشتتة وتصب في جهات متعددة مما جعل الأمة تتخذ مواقف منفردة في كل الأزمات، خصوصاً في حرب الخليج الثانية، والثالثة، وانفراد الهيمنة الدولية بالعراق، واحتلاله، وتهميش موقف الدول العربية تجاه هذه القضية التي سلب فيها وطن عربي كبير بحجم العراق، وصار يخضع لقوى الاستعمار القديم الجديد. وأن المبادرة اليمنية جاءت في وقت ملائم وتلبي الطموحات العربية، وتدعوا إلى إغلاق الخلافات العربية والاتجاه بشكل سليم لبناء مقومات الأمة في ظل التكتلات التي يشهدها العالم، وتراجع أمتنا العربية إلى الوراء. وأشار المشاركون إلى أن الشيء الجديد والذي تتميز به المبادرة اليمنية هو الإقرار بالسيادة الإقليمية، وذلك بعدم الاعتراف بتداول السلطة عن طريق الانقلابات، أو الطرق غير الشرعية، كما أنها تدعو إلى إقامة منظومة الأمن الإقليمي دون إلغاء اتفاقية الدفاع العربي المشترك؛ بحيث تتيح هذه المنظومة توحيد الآليات، وسبل المواجهة لما يتهدد الأمة سواء آفات الإرهاب، وغيرها من المشاكل، واستخدام قوة عربية لحفظ السلام في البلدان العربية، وطبيعة مهامها بما لا يدع للآخرين التدخل في شؤوننا الداخلية، كما حدث في الصومال الشقيق. من جهته اعتبر الدكتور أحمد محمد الأصبحي الأمين العام المساعد لقطاع العلاقات الخارجية، والشئون السياسية للمؤتمر الشعبي العام أن المبادرة التي قدمتها اليمن لإعادة صياغة النظام العربي تأتي شاهداً على البعد القومي، وتلبي تطلعات الشارع العربي وآماله بما ترمي إليه من تفعيل للعمل العربي المشترك معبراً عنه بقيام اتحاد للدول العربية يتلاءم مع المتغيرات، والتطورات الإقليمية، والدولية في جميع المجالات السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والدفاعية، والأمنية، والثقافية، وتحقيق الأمن القومي. وأضاف الدكتور الأصبحي قائلاً: المبادرة واقعية في أهدافها متدرجة في التوجه إلى تحقيق الاتحاد العربي الكامل من خلال استراتيجية محكمة تعني بتحقيق التكامل الاقتصادي، وتنمية المصالح المشتركة بين الدول الأعضاء وصولاً إلى الاندماج الاقتصادي: المدخل للتوحد السياسي، أمام المفكرين، والسياسيين، والإعلاميين العرب حول قضية المشروع القومي النهضوي. وقال نحيي فخامة الرئيس علي عبدالله صالح حامل هموم أمتنا العربية والذي عود شعبه وأمته على إجتراح الأعمال الجليلة، والإنجازات التاريخية العظيمة. وتساءل عبدالله الرضي_ وكيل وزارة الخارجية متى يمكن أن تقف الدول العربية وقفة جادة لمعالجة أوضاع الأمة، وما تعيشه في انحطاط، وتردٍ في مختلف أوضاعها السياسية، والاقتصادية، وغيرها. وقال الرضي: إن اليمن استشعرت دورها تجاه ما تتطلبه الأمة العربية لمعالجة ضعفها، وسعت إلى تقديم مبادرة متميزة في وقت، وظرف ملائمين، وبما يتناسب مع ما تعيشه الأمة وتتطلع إليه الجماهير، والأنظمة العربية. وأضاف: إن المبادرة جريئة، وليست قفزاً على الواقع_ فأبناء الأمة جميعهم يدركون أوضاع الأمة وحالها، خصوصاً في ظل تزايد العداء ضدها، مشيراً إلى أن العراق يظل ضحية للدبلوماسية العربية المتفرقة بجهودها، وأن ما طرحته اليمن في مبادرتها يأتي للسعي لمعالجة أوجاع الأمة العربية، والنهوض بها من مستنقع الانحطاط، والتهميش من قبل النظام العالمي الجديد. وأوضح عبدالله أحمد غانم عضو مجلس الشورى أن المبادرة جاءت استجابة لدعوة الجامعة العربية للدول العربية، ومنها بلادنا لتقديم مقترحات لإصلاح أوضاع الجامعة العربية. وقال غانم: أن المبادرة تحمل في طياتها أشياء جديدة تتمثل في إيجاد منظومة الأمن الإقليمي العربي، وإقرار مبدأ السيادة الإقليمية، وإنشاء محكمة عدل عربية لفصل المنازعات العربية، وإعطاء الفتاوى حول مختلف القضايا التي تعيشها، وتواجهها الأمة العربية. وتطرق الدكتور أحمد الكبسي أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء إلى الأوضاع المأساوية التي تواجهها الأمة، والتهديدات الخطيرة التي تتبناها مشاريع المخططات التي تحاك ضد الأمة العربية_ معتبراً المبادرة اليمنية جرس إنذار كبير لمواجهة أخطار التفتيت واختراق سيادة الأمة. وأشاد الكبسي بمحتويات المبادرة اليمنية كونها شاملة، واستندت إلى العديد من المبادرات منها المصرية، والقطرية، والليبية. ويرى أنها تقوم على إيجاد اتحاد كونفدرالي عربي ينظم المصالح المشتركة، ويربط مفاهيم العمل التجاري، والمؤسسي، وتعزيز الثقافة والهوية المشتركة . من جهتهما اعترض نصر طه مصطفى رئيس مجلس الإدارة لوكالة الأنباء اليمنية "سبأ" وفارس السقاف رئيس مركز دراسات المستقبل على القائلين بتعارض المبادرة اليمنية مع الأوضاع المحلية. وقال مصطفى مهما كانت أوضاعنا الداخلية فليس هناك عيب أن نتقدم بمبادرة قومية داعياً إلى ضرورة التخلص من الأولويات الذاتية التي تراها كل دولة عربية ضرورية ومهمة لكي نصلح أوضاعنا السيئة. وذهب السقاف إلى أن المطالبة بإصلاح الأوضاع الداخلية أولاً مطالبة غير صحيحة، ولا يوجد هناك تناقض بين طرح المبادرة للإسهام في معالجة الأوضاع القومية، والأوضاع الداخلية لأي بلد. ودعى أحمد الحبيشي رئيس تحرير صحيفة "22 مايو" الإعلام المحلي لممارسة دوره بموضوعية كون المبادرة يمنية، والإعلام العربي إلى أداء رسالته لتصفية النفوس وتجاوز الخلافات، وتنقية الأجواء السياسية، والخروج من الماضي إلى استشعار الواجب تجاه الأمة، وأوضاعها على اعتبار أن الخلافات العربية_ العربية هي السبب وراء انحطاط، وتردي أوضاع أمتنا بين الأمم. واعتبر الدكتور ياسين الشيباني أستاذ القانون الدولي بجامعة صنعاء أن المبادرة تقوم على الأسس، التي تقوم عليها العلاقات الدولية ،بالإضافة إلى أن المبادرة تتلاءم مع المتطلبات الراهنة في تشجيع حقوق الإنسان، وقيام نظام أمن إقليمي يحمي الأمة ويوحد جهودها ضد المخاطر والتحديات. من جهته نوه الأخ عبد اللطيف علي، مدير تحرير صحيفة "سبتمبرنت" الإلكترونية، إلى أن هناك عوامل عديدة تنفرد بها المبادرة اليمنية، وتمثل عناصر قوة لها كونها خالية بشكل جذري من ردود الفعل العاطفية، والانفعالات الزائفة، وتؤكد أن الإصلاح الحقيقي، لا يعني إعادة تطويع الجامعة العربية على نحو معين يراه كل طرف في ذهنه، ويسخرها لخدمته بالإضافة إلى أنها جاءت مستندة على حقائق الواقع المعاصر، واستقراء صائب للمستقبل تقوم على تحليل منهجي للمسار التاريخي للجامعة العربية خلال (85) عاماً. وأضاف مدير تحرير صحيفة "سبتمبر نت" في كلمته لافتتاح الندوة أن من بين عوامل التفرد هو حتمية إعادة الأمة العربية إلى مجرى حركة التاريخ، والتفاعل الإيجابي المباشر مع تطوراته، وأحداثه. منوها إلى أن المبادرة اليمنية بحكم طابعها، ونهجها التشريعي، والعملي تحمل طابعاً ديمقراطياً قادراً على خلق التواصل بين مختلف الشرائح الاجتماعية،ووضع أساس شعبي قومي للعمل العربي المشترك بما يعزز قناعات، وفاعلية، الجماهير العربية بالإضافة إلى كونها تقدم الإجابة الشافية على مجمل تساؤلات الشارع العربي.