* إن فكرة استعادة الدولة في اليمن من جراء الإنقلاب الحوثي وزبانيته، هي فكرة ثورية في الصميم؛ حيث تتماهى مع ثوابت اليمن المركزية كما هي فعل تحرري، واساس في العدالة وقيمها. - اذ تمثل الدولة هنا خيار الضرورة الوطني، ولا خيار سواه..والسؤال /لماذا أصبحت فكرة استعادة الدولة هي الأساس والتحدي الإستراتيجي والأمني الذي يجب على اليمنيين رسميا وشعبيا أن يجترحوه ، ويعبئوا مواردهم المادية والبشرية والمعنوية ويسخروها ككل لاستعادة الدولة!؟ - الجواب يكمن في الآتي: ** التحديات الإستراتيجية في ظل تغييب الدولة: -------------------------------- - إن الإنكشاف الذاتي والإستراتيجي الناتج من تغييب الدولة في اليمن تبعا للإنقلاب الحوثي ومجايليه قد نقل اليمن إلى مصاف الدول الفاشلة والخطرة ، والمهددة للأمن والسلم الدوليين، خصوصا وأن موقع اليمن الجيواستراتيجي والحيوي يعزز من خطورة هذا التغييب المتعمد للدولة في اليمن. الأمر الذي يشكل خطرا وجوديا ليس على اليمنيين -فحسب- ، بل على جيرانه ومن يقاسمونه الحدود السياسية وخارطة الموقع الجيواستراتيجي برمته. - فموقع اليمن الجيوسياسي وخارطته السياسية وتضاريس وجدان بنيه المجتمعية يجعل من منطقة الخليج العربي ، والقرن الأفريقي، ناهيك عن الدول المشاطئة للبحر الأحمر وصولا إلى البحر الأبيض المتوسط، اضافة لتموقع اليمن واطلالته الممتدة في بحر العرب وخليج عدن وصولا إلى المحيط الهندي يجعل من اليمن في ظل تغييب الدولة فيه عاملا مزعزعا لأمن واستقرار وسلام تلك الدول مجتمعة ، علاوة على كونه سببا في خلق تحديات أمنية ومجتمعية خطيرة لديها. - فعملية استنزاف اليمن من جراء الإنقلاب الحوثي ومشايعيه أدخل اليمن وجرها إلى هوة سحيقة وعميقة ، ليس فيها من درب سوى ضرورة استعادة الدولة كتحد أمني وخيار ضرورة استراتيجي ، كما هو مصلحة وطنية وعربية وانسانية للجميع. - فالإنقلاب أودى بحياة عشرات الآلاف وملايين الأسر، وبالتالي فهو بالضد من أول حق في ميثاق حقوق الإنسان وشرعته الدولية والوطنية على حد سواء. بالإضافة إلى ما خلقه الإنقلاب من تصدع في بنية الدولة وأنوية المجتمع الصلبة ؛ فهو يستزرع العنف ، ويجرف الهوية الوطنية الجامعة ، والتي تمثل عامل اساس ومرتكز في أمن اليمن واستقراره وسلامه ، كما تنسحب على أمن واستقرار وسلام كل من حوله ولبنات المجتمع الدولي ووحداته السياسية ككل، ناهيك عن تسبب الإنقلاب بتجريف ديمغرافي حاد ، قتلا واغتيالا، اعتقالا واختطافا، اعاقات بدنية وجسدية مميتة، مجاعة وجوعا، نصف جيل في مجال التعليم في حكم الموتى والفارين والأميين ، صحة الطفولة والأمومة وذوي الإحتياجات الخاصة في خطر، امن واستقرار منعدم، اقتصاد وتنمية مدمرة ، هروب رؤوس الأموال وتفشي البطالة والتضخم القاتل ، وتنمية الجريمة باسمائها ومستوياتها واشكالها المختلفة، نحر قيم المواطنة وفضيلة التسامح وسلام المجتمع ، كلها نتاج لهذا الإنقلاب وتغييب الدولة. - اذ قاد الإنقلاب اليمن دولة ومجتمعا إلى محرقة انسانية خطيرة ، ووضع اليمن في حالة انكشاف على كافة الصعد السياسية والإجتماعية ، الإقتصادية والثقافية ، التعليمية والتنموية ، الصحية والأمنية برمتها. - فقد ضرب الإنقلاب صميم الإرادة اليمنية ؛ فأنزل بكبرياء اليمني ومكانته وسمعته، وثقة العالم به وولد قهرا مجتمعيا حادا. - فها هو اليمني مشردا وفقيرا ، مهاجرا وفارا من جحيمية الإنقلاب وفاشيته وزبائنيته في كل اصقاع الأرض ، وها هو أنين اليمني واليمنية في كل بيت، اغتال الإنقلاب كرامتهم، وداس على احلامهم، حق اليمني في الحياة والعمل والمعاش، والتعليم والصحة، وحقه في العدالة والحرية ، وحق الإختيار السياسي والإنتماء الحزبي، والقول والتعبير والفعل الجماهيري اصابه الإنقلاب في مقتل! - انتهك الإنقلاب شرف الأم والأخت والزوجة والإبنة ، وهاهي تتوسل العالم وتناشده أن اخرجونا من معتقلات الإثم وأيادي الفعل اللاأخلاقي والمشين.
* أخيرا: ------------- - كل هذه العوامل والتحديات الإستراتيجية والأمنية التي فرضها وتسبب بها الإنقلاب وغيرها؛ تجعل من فكرة استعادة الدولة مصلحة يمنية وعربية ابتداء ، كما انها تلتقي ومصالح العالم وكل احرار العالم ، ومقتضيات وتوجهات الرأي العام الوطني والأجنبي على حد سواء انتهاء؛ اذ استعادة الدولة هنا يمثل التقاء مصالح للجميع عندها. - اذ سيمثل استعادة الدولة تغييب حر ومسئول لفعل التغييب القسري والعنيف. - الأمر الذي سيضع حدا لهذا الإنكشاف المجتمعي والإستراتيجي الخطير، كما سيضع حدا لهذا الإستنزاف الحاد في اليمن والمتخلق من رحم الإنقلاب الحوثي ومشايعيه، علاوة على كل ذلك فإن استعادة الدولة سيقلل من الكلفة الإنسانية والمادية التي انبرى لها كل اشقاء واصدقاء اليمن من جراء غائلة الجائحة الحوثية وانقلابها الدامي. - وبالتالي يستطيع اليمن حال استعادة الدولة من تخفيف العبئ الإستراتيجي الذي خلقته الحوثية ، على الذات والعالم ، اذ سيفتح استعادة الدولة تحريك الإقتصاد وتنمية ونمو رأس المال ، ناهيك عن ما يمثله استعادة الدولة من امن واستقرار وتعافي في المجالات كافة ، وبالتالي فتح باب الأمل واستعادة الثقة ، وعودة الحياة السياسية والحزبية والنقابية والفعاليات المجتمعية ككل، والتي صادرها الإنقلاب من أول وهلة . - فالإنقلاب هو السبب والمتغير الخفي فيم وصلته اليمن من نتيجة مأساوية ، وليس العكس؛ حيث الإنقلاب هو التهديد الأول والمباشر والخطر الإستراتيجي لليمن دولة ومجتمعا. واستعادة الدولة في اليمن -عمليا- كسرا لهذا الإنقلاب وطوق نجاة اليمنيين الوحيد، ودونه خرط القتاد كما تقول العرب.