التوتر يعود مجددًا إلى حضرموت.. المنطقة الأولى تنتشر وقوات الانتقالي تضيق عليها الخناق    إعلان تشكيل لجنة تسيير لشراكة اليمن للأمن البحري بمشاركة دولية واسعة    منتخبنا الأولمبي يصل قطر للمشاركة بكأس الخليج تحت 23 عاما    وزارة الإدارة والتنمية المحلية تبدأ حملة تقييم ميداني لأداء المحافظات    معجزة غزة.. فيلم لبناني يحصد جائزة في برلين    مواطنون يشكون تضرر الموارد المائية لمناطقهم جراء الأنفاق الحوثية في إب    صنعاء.. إيقاف التعامل مع منشأة وشركة صرافة    اتحاد الأدباء والكتّاب اليمنيين ينعى الأديب عبدالإله البعداني    ذمار: فعالية خطابية بذكرى ميلاد السيدة الزهراء    بدائل بسيطة لتخفيف السعال والتهاب الحلق في الشتاء    الذهب ينخفض مع جني الأرباح والنفط يرتفع بفعل الأخطار الجيوسياسية    الأرصاد: صقيع متوقع على أجزاء من المرتفعات    الجبهة الشعبية": الإرادة الفلسطينية أقوى من جبروت العدو الصهيوني    كلية المجتمع في ذمار تنظم فعالية بذكرى ميلاد الزهراء    كأس العرب.. فوز تاريخي لمنتخب فلسطين على قطر    برشلونة يقترب من ضم موهبة مصرية لتعزيز الهجوم    خبير آثار: معبد أثري بمأرب يتعرض للاهمال والنهب المنظم    مباريات اليوم الثلاثاء في كأس العرب 2025    قراءة في بيان قائد الثورة بمناسبة ذكرى الاستقلال    اتلاف 25 طنا من البضائع المنتهية في البيضاء    صراع النفوذ السعودي الإماراتي يطفئ مدن حضرموت    تنافس القوى الكبرى في البحر الأحمر في رسالة ماجستير للمقطري    8 سنوات على فتنة ديسمبر.. الخاتمة السوداء للخائن عفاش    هيئة الأوقاف في البيضاء تعيد تأهيل مقبرتي الخرقاء الشرقية والغربية    الحباري يرفض العودة الى نادي الأهلي    صفقة معدات عسكرية أمريكية للسعودية بمليار دولار    حقول النفط في حضرموت: معاناة الأهالي مقابل ثراء فئة قليلة    تحركات عسكرية واسعة للمنطقة الأولى نحو بن عيفان يرافقها نشاط إخواني سري    جاهزية صحية قصوى في وادي حضرموت وسط مخاوف من تطورات وشيكة    المقاومة الجنوبية تعلن التعبئة العامة لتحرير وادي حضرموت    قوات الجنوب تتصدى لهجوم إرهابي في عومران وتلاحق القاعدة في جبال مودية    حضرموت.. وساطة محلية توقف القوات المتصارعة على خطوط التماس، وفتيل التوتر ما يزال قابلاً للاشتعال    عيد الجلاء... ذاكرة التحرر ووعد المستقبل    منسقية الأحزاب بحضرموت ترحب بمبادرة التهدئة وتؤكد رفضها لاستقدام قوات من خارج المحافظة    تسجيل هزة أرضية في محافظة الحديدة    مليشيا الحوثي تغلق محطة وقود في إب وتواصل استهداف التجار لصالح مشرفيها    لملس و الحريزي يفتتحان مشروع إعادة تأهيل شارع معارض السيارات في الشيخ عثمان    الإمارات في عيدها 54.. اتحاد راسخ ورؤية تنموية رائدة    الهيئة النسائية في تعز تدشن فعاليات إحياء ذكرى ميلاد الزهراء    عدن.. لملس يفتتح حزمة مشاريع خدمية وأمنية وحدائق عامة    تهريب مئات القطع الأثرية من اليمن خلال شهرين فقط    8 وفيات و12 إصابة بحمى ماربورغ في إثيوبيا    المغرب يستهل كأس العرب بمواجهة غامضة واختبار صعب للكويت والسعودية    حضرموت.. بترومسيلة تعلن إيقاف إنتاج وتكرير النفط نتيجة تدهور الأوضاع الأمنية    لا تخطئوا.. إنها حضرموت    خط ملاحي دولي يستأنف نشاطه إلى ميناء الحديدة    قراءة تحليلية لنص "أسئلة وافتراضات" ل"أحمد سيف حاشد"    "صور".. صقيع يضرب أجزاء من المرتفعات ويلحق أضرارًا بالمحاصيل الزراعية    الليغا ... ريال مدريد يستمر في السقوط    شؤون وشجون تعليمية..!!    أبو الغيث يؤكد على أهمية تعزيز الدعم الإغاثي في الحديدة    مرض الفشل الكلوي (30)    أمين عام الإصلاح يعزي رئيس تنفيذي الحزب في البيضاء بوفاة شقيقه    رحيل الشيخ المقرمي.. صوت التدبر الذي صاغته العزلة وأحياه القرآن    إب.. تحذيرات من انتشار الأوبئة جراء طفح مياه الصرف الصحي وسط الأحياء السكنية    رسائل إلى المجتمع    تقرير أممي: معدل وفيات الكوليرا في اليمن ثالث أعلى مستوى عالميًا    في وداع مهندس التدبّر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبدالله المنصوري: هل سأرى شقيقي مجدداً؟ الحوثيون سيعدمونه و"كورونا" يهدده
نشر في الصحوة نت يوم 27 - 05 - 2020

مع الوقت، بدأتُ أفقد الأمل، ورحتُ أبحث عن وسائل لأدعم شقيقي وأُشعره ولو ببصيص أمل رفيع عبر توفير أي شيء يمكن أن يساعده في متابعة دراسته وتحقيق أحلامه، وإن من داخل زنزانة.
في 11 نيسان/ أبريل، أصدرت محكمة جزائيّة في صنعاء، كانت حكومة اليمن المعترف بها دوليًاً ألغتها منذ عامين، حُكمَ الإعدام على شقيقي توفيق، وثلاثة من زملائه الصحافيّين، بتهمة "إذاعة أخبار وبيانات وإشاعات كاذبة ومغرضة، والتخابر مع التحالف بقيادة السعودية".
المحكمة التي أصدرت هذا الحكم تخضع لسيطرة جماعة الحوثي، وقد أتى حكمها الصادم بعد نحو 5 سنوات أمضاها شقيقي وزملاؤه في السجن وتعرّضوا خلالها لأقسى أنواع التعذيب والإذلال، في ظل ظروف المعتقل الكارثيّة.
وكأنما مصابهم لم يكن كافياً، فجاء خطرُ انتشار فايروس "كورونا" في مراكز اعتقال تنعدم فيها الشروط والخدمات الصحيّة ليزيد وضعهم سوءاً، ويستحيل انتشارُ الفايروس حكمَ إعدامٍ آخر بحقّهم.
على ضوء هذه المستجدّات، لا أعتقد أنّ هناك لحظة أكثر خطورة وإلحاحاً من اللّحظة التي نعيشها، لتفرج القيادات الحوثيّة عن الصحافيّين وجميع المختطفين والمحتجزين تعسفاً والمخفيّين قسراً الذين سيشتدّ الخطر على حياتهم في حال انتشار "كورونا" داخل مراكز الاعتقال.
فإذا كان الحوثيّون جادّين بشأن تحقيق السلام والمصالحة في اليمن، فليُطلقوا سراح شقيقي وجميع المعتقلين المدنيّين المُهدّدة حياتهم تارةً بأحكام إعدام، وطوراً بانتشار فايروس فتّاك داخل سجون تكتظّ بأجساد المعتقلين.
لم نترك وسيلةً إلا واستنفدناها للإفراج عن شقيقي وزملائه؛ غير أنّ القيادات الحوثيّة ظلّت مصرّةً على تعاملها معهم كمجرمين، على خلفيّة عمل صحافي أدّوه منذ أكثر من خمس سنوات، في تغطية أحداث الحرب في بلادهم. وعوضاً عن التعامل معهم كعاملين في المجال الإعلامي، اختارت القيادات الحوثيّة توصيف نشاطهم "بالتجسّس والخيانة العظمى للوطن".

صحافي ممنوع من القراءة!
كان شقيقي توفيق إعلاميّاً معروفاً في أوساطه. سعى دائماً إلى التطوّر في مهنته ليكون أفضل ما يمكن، في عمله كما في حياته اليوميّة. وفي المرحلة التي سبقت اعتقاله، كان يستعد لامتحان "توفل" الإنكليزي، وحين وجد نفسه داخل زنزانة، صار يطلب منّي، ومن كلّ من زاره، تأمينَ معجم "لونغمان" الإنكليزي ليتابع الدراسة من السجن.
اشتريتُ المعجم، وحاولتُ أكثر من عشر مرّات إيصاله له من دون جدوى. فالحوثيّون يمنعون إدخال أي منشورات أو مواد إعلاميّة ومعرفيّة إلى السجن، بما فيها الصحف التي تخضع لسيطرتهم.

أملي الآن هو ألا تُنسى قضيّة شقيقي وزملائه
مع الوقت، بدأتُ أفقد الأمل، ورحتُ أبحث عن وسائل لأدعم شقيقي وأُشعره ولو ببصيص أمل رفيع عبر توفير أي شيء يمكن أن يساعده في متابعة دراسته وتحقيق أحلامه، وإن من داخل زنزانة. لكن حتّى الحلم كان ممنوعاً في سجون الحوثيّين.
أملي الآن هو ألا تُنسى قضيّة شقيقي وزملائه. ولا بدّ من البناء على أي نيات حسنة وتعزيز الجهود الرامية إلى إطلاق سراحهم بلا شروط.

كيف اعتُقل توفيق وزملاؤه؟
عام 2015، شنّ التحالف العربي بقيادة السعوديّة والإمارات ما يُعرف ب"عاصفة الحزم"، وتدخّل عسكريّاً في اليمن لإعادة الحكم إلى الحكومة الشرعيّة. في تلك الفترة، انقطعت الكهرباء كما الإنترنت عن معظم أنحاء العاصمة صنعاء.
كان توفيق آنذاك مصمّماً فنّياً لصحيفة محليّة. وذات يوم، قرّر مع وزملائه أن يتّخذوا من غرفة فندق مقرّاً لهم، وتحديداً فندق "قصر الأحلام" شمال صنعاء، ذلك أنّ الفنادق كانت المرافق الوحيدة القادرة على توفير الكهرباء والإنترنت على مدار الساعة، بفضل مولّدات الكهرباء التي كانت تملكها، الأمر الذي مكّن شقيقي وأصدقاءه من متابعة عملهم.


بالكاد مرّت ثلاثة أيّام على إقامتهم في الفندق، حتّى اقتحم 20 مسلّحاً بوجوه ملثمة غرفتَهم واختطفوهم في ساعات الفجر الأولى من يوم 9 حزيران/ يونيو 2015.
لاحقاً، علمنا أنّ الحوثيّين اعتقلوهم بذريعة أنّهم "عملاء للخارج" يعملون بهدف تشويه صورة اللّجان الشعبيّة (أي الميليشيات المحليّة التي شكّلها الحوثيّون).
منذ اختفائهم القسري، ظلّ شقيقي وزملاؤه يُنقلون من سجن إلى آخر، وفي كلّ مرّة، كان يتم استجوابهم من جديد. وبعد أكثر من سنة على اختفاء شقيقي، تمكّنت عائلتي من معرفة مكان اعتقاله بمساعدة قريباتي اللّواتي كنّ يذهبن يوميّاً إلى سجون صنعاء، ليسألن عنه وعن مصيره. وبعد فترة وجيزة من الزيارات المتتالية، تمكّنت أمّي وزوجة شقيقي من رؤيته في سجن "الهبره". هناك، كان واضحاً للعين المجرّدة أن الحوثيّين يعاملون الصحافيّين على أنّهم أسوأ أنواع المجرمين، وأنّهم يحرمونهم من ميزاتٍ كان سائر السجناء يتمتّعون بها، كاستخدام الهاتف المحمول داخل السجن، وإدخال الطعام وأكلات العيد.
خلال الزيارات، كان أهلي يتواصلون مع توفيق من خلف شباك حديدي عازل. وحين زاره أبي للمرة الأولى، حاول توفيق طمأنته إلى أن حاله جيّدة، إلا أنّ علامات التعذيب دلّت بوضوح على عكس ذلك، إذ كانت بادية للعين، على وجهه ورقبته. حتّى قلبُ شقيقي لم يسلم من المعاناة والأمراض نتيجة سوء المعاملة والتعذيب والإهمال الطبي المستمرّ.
علمنا أنّ الحوثيّين اعتقلوهم بذريعة أنّهم "عملاء للخارج" يعملون بهدف تشويه صورة اللّجان الشعبيّة، حسب وصفهم.
يدفع توفيق وآلاف الأبرياء مثله من الذين تعرّضوا للاعتقال التعسّفي والإخفاء القسري أثماناً باهظة، بدمهم ودموعهم وحريّتهم، بسبب تعبيرهم عن رأي ما أو قيامهم بعمل صحافي يعدّه الحوثيّون خيانةً للوطن. وها شقيقي وزملاؤه يواجهون اليوم عقوبة الإعدام لممارستهم عملهم في خضمّ الحرب في البلاد.
الحوثيّون اليوم مطالَبون بالإفراج عن شقيقي وجميع السجناء المدنيّين القابعين في سجونهم منذ سنوات، بعيداً من عائلاتهم وأحبّائهم، في ظروف لا يستطيع عقل بشريّ تخيّلها.
بصراحة، لم نعد قادرين على تحمّل المزيد من الأسى الذي يحبس أنفاسنا كلما تذكّرنا التعذيب الجسدي والنفسي الذي يقاسيه أحبّاؤنا، أو كلما اجتمعنا للاحتفال بالأعياد من دونهم… فنتخيّل هول الكارثة المحدقة بهم في حال فعلها الفايروس وانتشر داخل السجون.

نقلاً عن الدرج


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.