700 طالب وطالبة يؤدون اختباراتهم في المعهد العالي لتأهيل المعلمين بذمار وفرعيه    اعتقال الطيار المتوكل في مطار عدن    الترب: يجنب التنبه لمؤامرات الخارج و معالجة الاوضاع الداخلية بحلول تخدم حياة الناس    مصلحة الجمارك تنفي رفع سعر الدولار الجمركي    مليشيا الحوثي تقنص امرأتين في منطقة الشقب شرقي تعز    بعد ان سوتها بالأرض..كم سنة يحتاج الغزيون للتخلص من ركام الحرب؟    نتنياهو : لن ننسحب من الأراضي التي احتليناها في سوريا    أتلتيكو يتخطى أوساسونا.. وبيتس يعود بالتعادل    البايرن يخطف «الكلاسيكر» ويوقف سلسلة دورتموند    إنجاز ذهبي لليمن في البطولة العربية للجودو بالعراق    كلاسيكو النصر والاتحاد بصافرة محلية    تصعيد حوثي واسع في جبهات تعز يسفر عن مصرع 4 وإصابة 8 من عناصر المليشيا    دعوة هامة إلى لمّ الشمل الجنوبي: "الوحدة والوعي هما سلاحنا الأقوى"    كونفدرالية بين اليمن والجنوب.. وسعي عربي للقاء بين الانتقالي والحوثيين    إقصاء قيادات حضرمية من "درع الوطن العليمية" يثير غضب الحضارم    إشادة بتمكن عامر بن حبيش في احتواء توتر أمني بمنفذ الوديعة    سياسة التجويع لا تبني عدالة: حين يتحول القاضي من حارسٍ للحق إلى ضحيةٍ للسلطة    نقابة الصحفيين تجدد مطالبتها بالإفراج عن زايد والإرياني    ارسنال يتصدر البريميرليج من جديد    الدوري الايطالي: الانتر يجر روما للهزيمة في الأولمبيكو    ساري يضغط بقوة لضم انسيني الى لاتسيو    اسبيدس توضح حول انفجار سفينة غاز مسال قبالة سواحل اليمن    قوات حكومة صنعاء توضح بشأن استهداف سفينة تجارية في خليج عدن    قراءة تحليلية لنص "العيب المعوَّق للمعرفة" ل"أحمد سيف حاشد"    تكريم 100 من أكاديمي جامعة صنعاء الأعلى استشهاداً في الأبحاث العلمية    القائم بأعمال وزير الاقتصاد يطلع على ترتيبات إطلاق منصة " نافذة " الموحدة للاستثمار    هيئة الآثار تدعو للتعرف على متاحف اليمن عبر موقعها الإلكتروني    اجتماع يناقش أوضاع معامل طحن الإسمنت    انتقالي وادي حضرموت يدين محاولة اغتيال مدير منفذ الوديعة ويدعو لضبط الجناة    الكثيري يقدم واجب العزاء لعضو مجلس المستشارين عبدالله العوبثاني في استشهاد نجله بالمكلا    السقاف يزور الشاعر المخضرم عبدالله عبدالكريم للاطمئنان على صحته    رئيس تنفيذية انتقالي شبوة يستقبل قافلة أبناء وادي حضرموت المتجهة إلى جبهات الضالع    الاضراب يشل منفذ شحن بسبب رفع الجبايات بنسبة 100%    تكريم 99 حافظة وحافظ لكتاب الله بمحافظتي مأرب والجوف    المنتخب الوطني يتقدم مركزين في تصنيف الفيفا    الأونروا: 300 ألف طالب بغزة يعودون للدراسة وسط حصار المساعدات    عدن في الظلام.. مدينة تختنق تحت صمت الكهرباء وغياب الدولة    ارتفاع مذهل لاسعار الذهب في اليمن ونصف الاحتياطي يتسرب إلى الخارج    حضرموت بحاجة إلى مرجعية دينية بحجم السيد "الحداد"    لو فيها خير ما تركها يهودي    ارتفاع التضخم في منطقة اليورو إلى أعلى مستوى له منذ خمسة أشهر    وفاة أكاديمي بارز في جامعة صنعاء    خبير في الطقس يتوقع تحسن في درجات الحرارة وهطول أمطار غزيرة ويحذر من سيول في ثلاث محافظات    انفراجة في أزمة كهرباء عدن    موقف القانون الدولي من مطالب الانتقالي الجنوبي لاستعادة الدولة    قراءة تحليلية لنص "اثقال العيب .. تمردات وحنين" ل"أحمد سيف حاشد"    مصلحة الهجرة والجوازات توضح بشأن أزمة دفاتر الجوازات    المداني خلفا للغماري .. بعضاً مما قاله خصمه اللدود عفاش في الحروب الست    هيئة الكتاب تصدر كتاب "مفهوم الشرق الأوسط الجديد"    إشهار منصة إرث حضرموت كأول منصة رقمية لتوثيق التراث والتاريخ والثقافة    وزير الشباب والرياضة المصري يكرم وفد اليمن المشارك في نموذج محاكاة برلمان الشباب العربي    اليمن انموذجا..أين تذهب أموال المانحين؟    ابتكار قرنية شفافة يقدم حلا لأزمة نقص التبرعات العالمية    معهد امريكي: شواء اللحوم يزيد خطر الاصابة بالسرطان    متى يبدأ شهر رمضان 2026/1447؟    أبناء وبنات الشيباني يصدرون بيان ثاني بشأن تجاوزات ومغالطات اخيهم الشيباني    الرمان... الفاكهة الأغنى بالفوائد الصحية عصيره يخفض ضغط الدم... وبذوره لها خصائص مضادة للالتهابات    ما فوائد تناول المغنيسيوم وفيتامين «بي-6» معاً؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شجرة الغريب
نشر في الصحوة نت يوم 22 - 04 - 2025

قف يا زمان، هذا ليس حدثًا عابرًا، ولا غيابًا معتادًا، ولا أفولًا متوقعًا. لقد عايشت القرون المتتالية، أكثر من 2000، بل ربما أكثر من 4000 عام ويزيد، وهي هنا معلمًا للزمن، وعلامة على أن هنا كانت أمم مرّت وتعاقبت، ولم يبقَ لها من حسٍّ أو أثر.
وكانت أجيالٌ بعد أجيالٍ عاشت المُرَّ والحُلو، والزهو والذل، والطاعة والفقر والغنى، والمعصية والعدل والظلم، والقوة والضعف. كل شيء مسجّل في ذاكرة شجرة الغريب. وهي تعرفهم ويعرفونها، وتحنّ إليهم.
لو نجح أحدهم في الوصول إلى ذاكرتها المحتوية لكل السكون والحركة في كل هذه القرون، على هذه المنطقة الهامة من الكرة الأرضية، لرأينا عجبًا ومعه العُجاب.
كم استظلّ تحتها من ملوك وأمراء وقادة جيوش، وتُجّار وعلماء ومزارعين وعُمّال وعُصاة ومجرمين وطيبين؟ وكم تسلقها من أطفال؟ وكم تدلّت أغصانها للغيد؟ وكم سلّمت وعانقت القوافل وأناخت حولها، تطرب لحداء العيس وأزيز الريح، ويستريح تحت ظلّها العابرون وعلية القوم؟
ولسان حالها:
ربَّ قومٍ قد أناخوا حولنا،
يشربون الخمر بالماء الزلال،
عصف الدهر بهم فانقرضوا،
وكذاك الدهر حالٌ بعد حال.
وحدها شجرة الغريب قاومت العواصف والتقلبات، وزاحمت الجبال في الثبات، حتى ظنّ الناس أنها لن تسقط ولن تهتز.
رغم أنها وحيدة، غريبة، لا أسرة لها ولا عائلة.
لو كانت هذه الشجرة في بلادٍ أخرى، لكان لها اهتمام خاص، ولجنة رعاية من باب الاهتمام بالتاريخ والحاضر، وتحويلها إلى متحف سياحي وثروة قومية.
هذه ليست شجرة عادية، هذه عُمرٌ للأزمان. سجّلها المؤرخون كعلامة كونية في هذا الجزء من الكوكب، في منطقة دبع السمسرة، بين مديريتي الشماتين والمعافر، محافظة تعز، اليمن، جنوب الجزيرة العربية.
عاشت هنا كنجمة الصباح، حيث يهتدي بها المسافرون، وتستظلّ تحتها الأفراح والأتراح.
وتعرفها السباع والأنعام والإنسان.
كنت كلما مررت جانبها، سلّمتُ عليها من بعيد، وأرى منها عتابًا غامضًا، كمن يقول لك: لقد حان وقت الرحيل. ادنُ مني، فلم يُنصت أحد لي كما ينبغي.
سأرحل، وكل مخلوق راحل، ولو طالت سلامته، فله يومٌ ينتهي فيه. فلا بقاء هنا، وكلُّ من عليها فانٍ.
ألفا سنة مرّت، وكأنها لم تأتِ. لو سألت شجرة الغريب:
كم عشتِ في هذه الحياة؟ لقالت: آه، لا أدري؟
يبدو سنةً، شهرًا،
لا، لا، يومًا أو بعض يوم.
فالزمن، طال أو قصر، هو لحظة زوال، تستوي فيها الأزمان عند الانتهاء في نقطة الصفر.
كأن شيئًا لم يكن، وكأن شمسًا لم تشرق على هذا الكوكب! حزنتُ لمنظر شجرة الغريب، وأحسّ أن لي بها علاقة وقُربى، فكلّنا غرباء، والوحشة تسكننا.
كانت تُذكّرنا بمقاومة الحياة لعوامل الزوال والتعرّي. لكن اليوم، تترنّح أمامنا، فتذهل جبال الفُجيحة، وتبكي سَمدان وقلع المعافر، لتقول بصوت عجوزٍ معمّرة بالحكمة والتجربة:
يا أولادي، حكمة الله أن يكون الزوال هو الحاكم الآمر في هذه الحياة، والإنسان هو الوحيد الذي يُحسّ بحقائق الأشياء، وتهزّه الأسرار لكي يَعتبِر.
لكنه في الغالب لا يعتبر، وتغلبه الغفلة والنسيان، وقلَّ المعتبرون فيها.
هي ميزة الروح والعبرة والاختبار والاختيار والمعرفة، والبحث عن أسرار النفس والأرض والكون، وأعمال خاصيّة التأمّل التي تُحيل الإنسان إلى مرتبته كمخلوق عاقل وروحٍ يتجاوز طاحونة الزوال، والوقوف عند التأمل في الخلق والخالق، والموت والحياة، والقسوة والرحمة، والطغيان والعدل، والزوال والبقاء.
وتحقيق ميزة التكريم والمعرفة ونفخة الروح، بالعموم.
لقد رحل بعض من شجرة الغريب، وبقي البعض متماسكًا، لتعطي فرصة لاستئناف الحياة كما ينبغي، والاستفادة من الأخطاء، والاستماع للعقل، ومغادرة مربع الغفلة والخوف.
فالغفلة والخوف يُحيلان الإنسان إلى كومة تراب متحرك في المكان، لا قيمة له، لا يُبدع، لا يَعتبِر، ولا يترك موقفًا وأثرًا.
يجب الاهتمام بما تبقّى من الشجرة، فهي قادرة على التجدد والصمود من أجل الإنسان الذي سخّر الله له المخلوقات.
بينما هذا الإنسان يتمادى في الغباء والقسوة، وإشعال الحروب، وإشاعة الأحقاد، ليَسود الخراب، ويتعطّل العقل، ويَحرِق كل شيء.
فلا يستمع للحِكم المبثوثة في النفس والنبات، ولا يُؤاخي ويُحبّ ويَرحم هذه المخلوقات التي تحمل روحًا تُسبّح لله في كل حين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.