برز في "عدن" نظام علي عبدالله المتهالك وكأنَّه نظام القذَّافي المتهالك في ليبيا، وما أشبه عدن هنا ب "بنغازي" هناك، ومن ثمَّ كان أكثر شهداء اليمن في عدن، كما كان أكثر شهداء ليبيا في "بنغازي". ونظام علي عبدالله المتهالك قام بتلك المجزرة البشعة في عدن أكثر وأقوى وأشد وأعنف من غيرها في اليمن لعدة أسباب، من أهمها أنه لم يجد في عدن الحرية من يشتريه ليخرج مسبِّحاً بحمده كما يشتري البعض القليل في صنعاء وغيرها. ولعلَّ النظام اليمني غرَّته الاستكانة الظاهرية لأهل عدن ولم يدرك أنَّ النار تحت الرماد ملتهبة، فلما نبش عنها اشتعلت فجأة وأحرقته، إذ ما كانت الاستكانة الظاهرية في عدن إلا كما قال الشاعر "أحمد مطر" وكأنه يصف عدن وأمثالها في قصيدة "إنحناء السنبلة" ومنها قوله: ولكن إذا ما حبستم بصدري الهواء سلوا الأرض عن مبدأ الزلزلة سلوا عن جنوني ضمير الشتاء أنا الغيمة المُثقلة إذا أجهشت بالبكاء فإنَّ الصواعق في دمعها مُرسلة أجل إنني أنحني فاشهدوا ذُلتي الباسلة فلا تنحني الشمس إلا لتبلغ قلب السماء ولا تنحني السنبلة إذا لم تكن مُثقلة ولكنها ساعة الإنحناء تواري بذور البقاء فتُخفي برحم الثرى ثورةٌ مُقبلة وها هي الثورة المقبلة كما وصفها "أحمد مطر" أضحت اليوم بفضل الله تعالى واقعاً مشاهداً في أنحاء اليمن كله، ويشتد أوارها في عدن التي يبدو أن النظام نسي أنَّها بجميع روافدها الثورية من جميع أنحاء اليمن هي من لقَّن الإمبراطورية البريطانية وهي في أوج قوتها وعظمتها درساً لن تنساه أبداً، فهزمتها وخرجت منها صاغرة.