مساء اليوم.. منتخب الناشئين يواجه الإمارات في منافسات كأس الخليج    الحديدة.. وفاة وإصابة 20 شخصا بصواعق رعدية في عدة مديريات    مسيرة لمنتسبي الجامعات بالحديدة دعمًا لغزة    مدير شرطة تعز:الحملة الأمنية مستمرة حتى ضبط كافة المطلوبين    الميناء العدني يشارك في البطولة العربية لكرة السلة بدبي بجهود ذاتية    محافظة مأرب تحتفي بأعياد الثورة بمسيرة شبابية وكشفية بالموسيقى العسكرية    وزير النقل يرأس وفد بلادنا المشارك بأعمال الجمعية العمومية لمنظمة الطيران بكندا    انتقالي زنجبار ينظم ورشة عمل بعنوان "المعالجات والحلول لمكافحة المخدرات والحد من ظاهرة حمل السلاح.    الرئيس الزُبيدي يلتقي مديرة مبادرات الشرق الأوسط بالمنتدى الاقتصادي العالمي    محافظ شبوة يطلق برنامج تشجيع زراعة القمح في 8 مديريات    الدفاع المدني في غزة يفيد بمقتل العشرات في غارات إسرائيلية    جريمة قتل اخرى بتعز ضحيتها امرأة والجاني يلوذ بالفرار    محافظ حضرموت يتفقد سير العمل بمؤسسة الاتصالات في الساحل    حملة لإتلاف المياه المعبأة مجهولة المصدر في المنصورة    العاقل يبحث خطط تطوير المكاتب الإعلامية في العاصمة و3 محافظات    مطالبة بتوفير جهاز غسيل الكلى في مديرية دمت    دراسة تهامية: أبناء المناطق الساحلية هم الأولى بحمايتها عسكريا    الأغذية العالمي يعلّق أنشطته في مناطق سيطرة سلطة صنعاء    السبت إجازة في صنعاء والأحد في عدن    الأرصاد: أمطار رعدية على أجزاء من المحافظات الجبلية والساحلية    عمار المعلم .. صوت الوطن وروح الثقافة    رئيس إعلامية الإصلاح يعزي الكاتب الصحفي حسين الصوفي في وفاة والده    منظمة أمريكية: لدى القوات المسلحة اليمنية ترسانة عسكرية تهدد أسرائيل    هيئة شؤون القبائل تستنفر لاحباط مخططات اثارة الفتنة    ثورة السادس والعشرين من سبتمبر بين الحقيقة والمزايدة    المعرفة القانونية للمواطن تعزز العدالة وتحمي الحقوق    بعير اليمن الأجرب.. الإخوان المسلمون: من شريك مزعوم إلى عدو واقعي    تشيلسي يتجنب المفاجآت.. وبرايتون يكتسح بسداسية    بلباو وإسبانيول يكتفيان بالتعادل أمام جيرونا وفالنسيا    محللون: ترامب يحاول توريط العرب عسكريا في غزة مقابل وقف الحرب    حضرموت.. تفريق وقفة احتجاجية للتربويين بالقوة واعتقال قيادات نقابية    الليغا: ريال مدريد يواصل انطلاقته الصاروخية بفوز سادس على التوالي    مليشيا الحوثي تشن حملة اختطافات جديدة في إب    جمعية الصرافين بصنعاء تعمم بإيقاف التعامل مع شركة صرافة    الرئيس المشاط يعزّي في وفاة الشيخ أحمد محمد الهتار    350 كشافا يشاركون الخميس ايقاد شعلة ثورة 26 سبتمبر بصنعاء    رئيس هيئة الإعلام والثقافة يبحث مع مركز اللغة المهرية آفاق التعاون المشترك    علامات تحذير مبكرة.. 10 أعراض يومية لأمراض القلب    المساوى يدّشن مشروع التمكين الاقتصادي لأسر الشهداء    القسام تدعو لركعتين (ليلة الجمعة) بنية الفرج لمرابطي غزة    اجتماع للجنة تسيير المشاريع الممولة خارجياً في وزارة الكهرباء    القائم بأعمال وزير الاقتصاد يلتقي المواطنين وممثلي القطاع الخاص خلال اليوم المفتوح    إتلاف 5.5 طن من المواد الغذائية منتهية الصلاحية في البيضاء    البقوليات وسيلة فعّالة لتحسين صحة الرجال والتحكم في أوزانهم    نائب وزير المياه يبحث ترتيبات إحياء يوم اللغة المهرية    الإمارات تدعو مجددًا مجلس الأمن لتحمل مسؤولياته لردع إسرائيل    تعرف على هوية الفائز بجائزة الكرة الذهبية 2025    إلى أرواح أبنائي الشهيدين    منارة عدن المنسية.. إعادة ترميم الفندق واجب وطني    صحة بنجلادش : وفاة 12 شخصًا وإصابة 740 آخرين بحمى الضنك    عدن.. البنك المركزي يكشف عن استخدامات المنحة السعودية ومستقبل أسعار الصرف خلال الفترة القادمة    الراحلون دون وداع۔۔۔    السعودية تسرق لحن زامل يمني شهير "ما نبالي" في عيدها الوطني    على خلفية إضراب عمّال النظافة وهطول الأمطار.. شوارع تعز تتحول إلى مستنقعات ومخاوف من تفشّي الأوبئة    على خلفية إضراب عمّال النظافة وهطول الأمطار.. شوارع تعز تتحول إلى مستنقعات ومخاوف من تفشّي الأوبئة    العرب أمة بلا روح العروبة: صناعة الحاكم الغريب    في محراب النفس المترعة..    العليمي وشرعية الأعمى في بيت من لحم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«ابنة سوسلوف».. وجناية الإسلامجية على الثورة اليمنية
نشر في التغيير يوم 07 - 09 - 2014

رغم مرور أكثر من ثلاث سنوات على اندلاع ثورات الربيع العربى، ونجاح الثورة التونسية فى الإطاحة بنظام بن على فى 14 يناير 2011، وما أعقبها من طوفان ثورى أطاح بعدد من طغاة الزمن العربى الردىء، فإن الربيع العربى لم ينتج نصوصه الأدبية الكبيرة بعد. فالنصوص الأدبية هى أكثر النصوص كشفا عما وراء السطح وقدرة على إثارة للأسئلة المدببة. وهى الكاشفة لحقيقة قاعة المرايا التى يبدو أن الربيع العربى قد تاه فى أبهائها. فكثير مما يحدث فى تونس أو مصر يجد مراياه الصقيلة منها أو المعتمة فى اليمن، وما يدور فى سوريا تنعكس أشباحه فى ليبيا، وإن كان بصورة متغايرة. لذلك فإننى فى انتظار الأعمال الأدبية التى تكتب هذا كله، وأحرص على البحث عنها وقراءتها. فباستثناء عمل سعد القرش التوثيقى المهم «الثورة الآن.. يوميات من ميدان التحرير» عما جرى فى مصر إبان ثورة 25 يناير، فإننى لم أقرأ نصا عن الربيع العربى بأهمية هذه الرواية اليمنية الجميلة، أو بعمق استبصاراتها. صحيح أن السيد نجم أصدر مطلع هذا العام رواية جديدة عن الثورة المصرية، بعنوان «أشياء عادية تحدث فى الميدان»، وأن هناك أعمالا كثيرة أخرى تسعى للاقتراب من الربيع العربى وسبر بعض أغواره، لكننى لم أقرأ عملا قادرا على إضاءة ما جرى وموضعته فى سياقاته الأوسع مثل هذه الرواية الجميلة «ابنة سوسلوف» للكاتب اليمنى المرموق حبيب عبد الرب سرورى.
وسرورى كاتب من طراز فريد فى سياق الرواية العربية، ناهيك بالرواية اليمنية الوليدة التى تركت بصماتها الخاصة عبر أعمال محمد عبد الولى، وزيد مطيع دماج، اللذين رحلا مبكرا، ووجدى الأهدل ونادية كوكبانى وغيرهم. لأن حبيب سرورى، الذى نجد شيئا من سيرته الذاتية، وقد انتابها الكثير من التحوير الروائى، وهى تتجلى فى شخصية بطل هذه الرواية الجديدة، عمران، له خصوصيته الفريدة. ليس فقط لأنه جاء من عدن فى جنوب اليمن، بينما انحدر أغلب كتاب الرواية اليمنية من الشمال، ولهذا الأمر أهميته بسبب خصوصية التجربة اليمنية فى الجنوب فى أثناء سنوات تكوينه، لكن أيضا لأنه بدأ كتابة الرواية بالفرنسية، حيث صدرت روايته الأولى «المملكة المغدورة» بها عام 1998، ثم انتقل إلى الكتابة بالعربية، ونشر بها حتى الآن «عرق الآلهة»، وثلاثية «دملان» الروائية، ثم «طائر الخراب» و«تقرير الهدهد» و«أروى» قبل أن يعود فى روايته السابعة إلى سيرته الروائية يعتمد عليها فى الكتابة عن الربيع العربى فى اليمن. فالكتاب عادة ما يلجؤون إلى سيرتهم الذاتية فى رواياتهم الأولى.
لكن تجربة حبيب سرورى المتفردة، التى جاءت به لفرنسا فى بواكير الشباب للدراسة بها، ثم انتهت به إلى الاستقرار والعمل فيها، تركت ميسمها الواضح على مسيرته الروائية. فهو أستاذ لعلوم الكمبيوتر فى قسم هندسة الرياضيات التطبيقية، كلية العلوم التطبيقية، بجامعة روان فى فرنسا، كما يقول التعريف المكتوب على ظهر غلافها. وله أبحاثه العلمية فى هذا المجال، لكنه يكتب الرواية إلى جانب البحث العلمى فى عدد من فروع الرياضيات النظرية منها والتطبيقية. وهو الأمر الذى ترك أثره على روايته «عرق الآلهة» بتجربتها الفريدة التى يزاوج فيها بين الاستقصاءات العلمية فى الرياضيات وأبحاث الدماغ، وتقنيات رواية الخيال العلمى لسبر جوهر العلاقات الإنسانية وردود الفعل البشرية. كما أن ولعه بالبحث فى التراث العربى أسفر عن رواية «تقرير الهدهد» التى تتمحور حول عالم أبى العلاء المعرى وشخصيته. أما «أروى» التى نشرها العام الماضى، وقرأتها قبل هذه الرواية الجديدة، فهى قصة حب يمنية شيقة وغريبة تكتب اليمن أسطوريا وواقعيا معا، وتدور الكثير من أحداثها بين اليمن وأوروبا، وقد أعود يوما للكتابة عنها لما تتسم به من بنية روائية شيقة، كشفت عن نضح فنى استفادت منه بلا شك هذه الرواية الأخيرة «ابنة سوسلوف» مما مكنها من سبر أغوار الربيع العربى فى اليمن، وخارجه معا.
فنحن إذن بإزاء كاتب يمنى من جنوب اليمن، أمضى الشطر الأكبر من حياته فى فرنسا فتكون فيها علميا وثقافيا وفكريا، لكنه لم يستطع أن ينزع قلبه من اليمن، ومن اليمن الجنوبى على وجه التحديد. وظلت شمسه الحقيقية هى شمس اليمن الجنوبى وبحر عدن، على الرغم من شغف حبيب سرورى بشمس الجنوب الفرنسى ومهرجاناته الثقافية. ولذلك كانت العودة بعد مسيرة من النضج الفكرى والتجربة الروائية، إلى سيرته الذاتية يمتح منها ما يمكنه من وضع خبرته بما دار فى اليمن منذ اندلاع الثورة فيه، فى سياق سياسى واجتماعى وتاريخى أعرض. وربما كانت المسافة التى تتيحها له الحياة فى فرنسا من ناحية، والعمل فى مجال علمى خالص، بعيدا كل البعد عن هموم الوطن العربى عامة، واليمن خاصة من ناحية أخرى، هى التى أتاح لهذه الرواية أن تكتب الربيع العربى فى اليمن من مسافة ضرورية لرؤية الكثير من أبعاده.
والواقع أن عودة الكاتب إلى سيرته أو بأحرى إلى تجربته اليمنية يافعا فى يمن الثورة الاشتراكية فى عدن كانت ضرورية لسببين: أولهما أن الروايات الجيدة تعتمد على خبرة الكاتب الحقيقية بموضوعها، وليس أكثر حقيقية من خبرة الكاتب الذاتية. وثانيهما أن تغطية الرواية هذا الزمن التاريخى العريض الذى يمتد إلى نصف قرن من أواخر ستينيات القرن الماضى حتى الآن، مكن الرواية من تقديم استقصاءاتها المهمة حول كيف تحول الواقع العربى عامة، والواقع اليمنى خصوصا من زمن الحلم بالتحرر والتقدم والاشتراكية، إلى «زمن انتصار الخراب والظلمات»، وهو الزمن الذى استطاع أن يلتهم الربيع العربى فى اليمن رغم عرامة الثورة فيه وعنفوانها. وأن يحيل ما جرى فيه إلى مرآة نستطيع أن نتأمل فى انعكاساتها كيف أصبح الإسلامجية، الذين يتاجرون بالإسلام ويحيلون قيمه النبيلة إلى أدوات للاستيلاء على السلطة وتكريس التخلف والفساد، فى كل مكان أداة من أدوات الثورة المضادة، وقوة من قواها الشريرة التى تسعى لتدمير الحلم بالعدل والتقدم والثورة معا. وهذا ما سنتعرف عليه حينما نقرأ معا «ابنة سوسلوف» الأسبوع القادم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.