عدوان مستمر على غزة والاحتلال بنشر عصابات لسرقة ما تبقى من طعام لتعميق المجاعة    مانشستر سيتي يقترب من حسم التأهل لدوري أبطال أوروبا    إصلاح الحديدة ينعى قائد المقاومة التهامية الشيخ الحجري ويشيد بأدواره الوطنية    الهلال السعودي يقيل جيسوس ويكلف محمد الشلهوب مدرباً للفريق    اللجنة السعودية المنظمة لكأس آسيا 2027 تجتمع بحضور سلمان بن إبراهيم    خلال 90 دقيقة.. بين الأهلي وتحقيق "الحلم الآسيوي" عقبة كاواساكي الياباني    رئاسة الحكومة من بحاح إلى بن مبارك    غارات اسرائيلية تستهدف بنى تحتية عسكرية في 4 محافظات سورية    احباط محاولة تهريب 2 كيلو حشيش وكمية من الشبو في عتق    في حد يافع لا مجال للخذلان رجالها يكتبون التاريخ    سنتكوم تنشر تسجيلات من على متن فينسون وترومان للتزود بالامدادات والاقلاع لقصف مناطق في اليمن    إذا الشرعية عاجزة فلتعلن فشلها وتسلم الجنوب كاملا للانتقالي    الفريق السامعي يكشف حجم الاضرار التي تعرض لها ميناء رأس عيسى بعد تجدد القصف الامريكي ويدين استمرار الاستهداف    الفريق السامعي يكشف حجم الاضرار التي تعرض لها ميناء رأس عيسى بعد تجدد القصف الامريكي ويدين استمرار الاستهداف    مسلحون يحاصرون مستشفى بصنعاء والشرطة تنشر دورياتها في محيط المستشفى ومداخله    الطيران الأمريكي يجدد قصف ميناء نفطي غرب اليمن    وزير سابق: قرار إلغاء تدريس الانجليزية في صنعاء شطري ويعمق الانفصال بين طلبة الوطن الواحد    هزتان ارضيتان تضربان محافظة ذمار    باحث يمني يحصل على برأه اختراع في الهند    الكوليرا تدق ناقوس الخطر في عدن ومحافظات مجاورة    غزوة القردعي ل شبوة لأطماع توسعية    "الأول من مايو" العيد المأساة..!    وقفات احتجاجية في مارب وتعز وحضرموت تندد باستمرار العدوان الصهيوني على غزة    احتراق باص نقل جماعي بين حضرموت ومارب    البيع الآجل في بقالات عدن بالريال السعودي    حكومة تتسول الديزل... والبلد حبلى بالثروات!    الإصلاحيين أستغلوه: بائع الأسكريم آذى سكان قرية اللصب وتم منعه ولم يمتثل (خريطة)    من يصلح فساد الملح!    مدرسة بن سميط بشبام تستقبل دفعات 84 و85 لثانوية سيئون (صور)    البرلماني بشر: تسييس التعليم سبب في تدني مستواه والوزارة لا تملك الحق في وقف تعليم الانجليزية    السامعي يهني عمال اليمن بعيدهم السنوي ويشيد بثابتهم وتقديمهم نموذج فريد في التحدي    السياغي: ابني معتقل في قسم شرطة مذبح منذ 10 أيام بدون مسوغ قانوني    شركة النفط بصنعاء توضح بشأن نفاذ مخزون الوقود    التكتل الوطني يدعو المجتمع الدولي إلى موقف أكثر حزماً تجاه أعمال الإرهاب والقرصنة الحوثية    مليشيا الحوثي الإرهابية تمنع سفن وقود مرخصة من مغادرة ميناء رأس عيسى بالحديدة    شاهد.. ردة فعل كريستيانو رونالدو عقب فشل النصر في التأهل لنهائي دوري أبطال آسيا    "الحوثي يغتال الطفولة"..حملة الكترونية تفضح مراكز الموت وتدعو الآباء للحفاظ على أبنائهم    وفاة امرأة وجنينها بسبب انقطاع الكهرباء في عدن    صدور ثلاثة كتب جديدة للكاتب اليمني حميد عقبي عن دار دان للنشر والتوزيع بالقاهرة    انخفاض أسعار الذهب إلى 3315.84 دولار للأوقية    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    جازم العريقي .. قدوة ومثال    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    برشلونة يفوز بالكلاسيكو الاسباني ويحافظ على صدارة الاكثر تتويجا    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اليمن يدخل مرحلة "الأشواط الحاسمة"
نشر في التغيير يوم 16 - 06 - 2011

ينتظر اليمنيون أنباءً مفرحة تنهي أزمتهم التي طالت واستفحلت وصارت عصية على الفهم، بخاصة في ظل الصراع القائم والمحتدم بين السلطة والمعارضة وشباب ساحات التغيير، فللقوى الثلاث رؤيتها في الحل بين المحافظة على النظام القائم بمؤسساته الحالية، كما هو مفهوم حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم والتغيير في إطار اتفاق سياسي يستند على المبادرة الخليجية والهدم الكامل للنظام بكامل رموزه ومؤسساته وأنظمته القائمة، حسب مفهوم ومطالب شباب الساحات في كافة مناطق البلاد .
لكن الأنباء المفرحة التي ينتظرها اليمنيون لا تبشر بها التطورات الجارية على الأرض، على الرغم من أن بعض الأطراف بدأ يأمل في أن تكون التهدئة القائمة اليوم، بخاصة لجهة وقف المواجهات المسلحة في العاصمة صنعاء مقدمة لتهدئة مشابهة في بقية مناطق البلاد الملتهبة، مثل تعز وأبين وعمران وبعض الجيوب المقلقة في مناطق قريبة من العاصمة .
قياساً بالأوضاع التي عاشتها صنعاء خلال الأسابيع القليلة الماضية، تبدو الأوضاع اليوم أكثر هدوءاً، وإن كانت لا تزال تشكل عاملاً من عوامل القلق، فنزع فتيل التوتر لم يكتمل بعد، والأوضاع لا تزال عند نقطة الخوف والقلق من المجهول، بخاصة في ظل تحفز كبير من قبل الأطراف السياسية كافة للكيفية التي ستنتهي بها الأزمة القائمة، ثمة من يرى أن الأزمة لا تزال عصية على الحل في ظل تمترس كل طرف خلف موقفه، وثمة من يرى أن كافة الأطراف بدأت تدرك أن الصراع أنهك الجميع وأدخل البلد في أتون أزمات متعددة لن تتعافى منها سريعاً، ووضعت اليمن أمام استحقاق اقتصادي حقيقي يحاول كل طرف من هذه الأطراف عدم تحمله لوحده .
اليمنيون تعبوا من الأزمات المتلاحقة على بلدهم، ويرون أن الوقت لم يعد مجدياً لمزيد من الصراع، وكانت عملية استهداف الرئيس علي عبدالله صالح في دار الرئاسة بمثابة ناقوس خطر على الجميع التعاطي معه من كافة الزوايا، فالحاكم لا بد أن يدرك أنه لن يبقى محصناً من غضب منافسيه، وعلى المعارضة أن تعي أن العنف لا يمكن أن يقود إلى حل، وعلى شباب ساحات التغيير أن يتمسكوا بسلمية ثورتهم حتى لا تنحرف عن أهدافها وتتحول إلى “كفاح مسلح”، كما يريدها بعض الأطراف في المؤسسة الحاكمة، وهو ما بدأ يظهر في محافظة تعز مؤخراً .
الخيارات المؤلمة
بعد حادثة تفجير دار الرئاسة دخل اليمن في منعطف خطير، فالعملية التي استهدفت الرئيس وأصابته مع عدد من قادة ومسؤولي الدولة، وضعت البلاد في أزمة أعمق من تلك التي أسستها ساحات التغيير المطالبة بإسقاط النظام ورحيل الرئيس علي عبدالله صالح، فساحات التغيير رفعت مطالب تأتي في إطار العمل السلمي المكفول دستورياً، وكان أحرى بالنظام التعاطي معها بنوع من المرونة والاستجابة لها، بخاصة وأن هذه المطالب تخدم تطور البلد، ناهيك عن كون هذه المطالب مشروعة وتدخل في صميم النظام الديمقراطي والتعددي الذي لطالما تفاخر به الرئيس علي عبدالله صالح .
وكان على النظام الحاكم أن ينظر إلى الجانب الإيجابي من موجة التغيير التي بدأت تطفو في الوطن العربي مؤخراً والتعامل مع هذه الموجة بشكل أفضل مما عمل ويعمل حتى الآن، فالحل الأمني لا يمكن أن يطفئ شعلة المطالبين بالتغيير، فضلاً عن أن التغيير سنة من سنن الحياة، وعلى الحاكم بمؤسساته وأنظمته المختلفة أن يدرك أن التغيير كان قادماً، سواء اليوم أو غداً، وإلا كيف صنع ثوار سبتمبر وأكتوبر قبل 50 عاماً التغيير الذي كان مطلب كل اليمنيين؟
وكان على النظام بعد أن اتسعت رقعة المطالبين بالتغيير أن يستمع إلى هذه المطالب ويتعاطى معها من زاوية الحفاظ على الانجازات التي يقول إن المعارضة تريد طمسها، ولو نظرنا إلى حجم الدمار الذي طال البنية التحتية في البلد لأدركنا أن النظام وبطريقة معالجته للأزمة دمر كل شيء تقريباً، ولنا مثال في المؤسسات الحكومية التي جرى تدميرها ونهبها في المواجهات التي دارت في حي الحصبة مع أبناء الشيخ الأحمر، فقد كانت هذه المواجهات عنواناً لعقم في معالجة الأزمات التي اختبرها النظام في صعدة والجنوب ولم يتم حسمها كما يريد .
تبدو الخيارات التي تقف أمام النظام لحلحلة الأزمة الطاحنة في البلد مؤلمة، وسبق لكثيرين أن طالبوا بأهمية أن يقدم الحزب الحاكم تنازلات من شأنها الحفاظ على وحدة البلد وعلى الانجازات التي يقول إنه حققها خلال السنوات التي حكم فيها منفرداً، بخاصة منذ العام 1997 عندما تخلص من شريكيه في الحكم ( التجمع اليمني للإصلاح والحزب الإشتراكي اليمني ) .
لابد أن يتعامل الحزب الحاكم والسلطة بشكل عام مع تطورات الوضع بنوع من الحلول التي تفرض إيقاعاً مختلفاً للأزمة السياسية القائمة، سواء مع شركائه في الحياة السياسية (المعارضة) أو مع ساحات التغيير، وحتى إن كانت هذه الحلول مؤلمة، إلا أنها ستؤسس لعمل سياسي صحي في المستقبل، إلا أن مصلحة اليمن يجب أن توضع فوق كل اعتبار، فالحزب الحاكم يدرك أن ظروف اليوم ليست كما ظروف الأمس والحل العسكري قد يكون أحد عوامل المواجهة لكنه ليس الحاسم بكل تأكيد، فالبلد تنزف يومياً الكثير وتخسر المزيد من القدرات الاقتصادية، والتنازل في وقت مبكر سيكون لمصلحة الجميع، لأن الخشية أن يأتي وقت التنازلات بعد أن يكون قد تم تدمير كل شيء .
من هنا يجب أن يتعاطى النظام مع التطورات الراهنة بنوع من العقلانية وألا يعتقد أن التنازل من أجل بقاء اليمن موحداً هو انكسار لمشروعه السياسي، فعلى العكس تماماً يمكن أن يؤسس ذلك لمستقبل أفضل لليمن، فمن المعيب أن نتحدث عن حل الأزمات بالحروب في ظل نظام ديمقراطي تعددي، وإلا ماذا يفرق هذا النظام عن الأنظمة غير الديمقراطية .
هل انتهى كل شيء؟، وهل انقطعت خطوط التواصل بين الأطراف السياسية؟، وهل صار الحل صعباً؟، إنها أسئلة لا بد أن يجيب عنها السياسيون في السلطة وفي المعارضة وفي ساحات التغيير، حيث لازال ملايين الشباب صامدين في هذه الساحات بانتظار “الأشواط الحاسمة” لثورتهم، التي صاروا مع مرور الوقت يتمسكون بها أكثر وأكثر .
السؤال الذي يفرض نفسه هو ما إذا كان الحزب الحاكم والنظام بأكمله قد استوعب الدرس جيداً وأدرك أن دوائر الحل بدأت تضيق تدريجياً، وأن الخيارات المحلية لإيجاد حلول للأزمة أفضل من الحلول التي يمكن أن تفرض من الخارج، إذا لم يستوعب الحاكم هذه المعادلة، فإن الأزمة يمكن أن تذهب إلى أبعد مما هي عليه اليوم، وسيصبح اليمن مثاراً للتجاذبات السياسية الإقليمية والدولية التي لن تقبل بأن يصبح اليمن صاحب قراره .
لهذا قد تبدو التنازلات مؤلمة، لكنها تصب في مصلحة اليمن وأمنه ووحدته واستقراره، والتمترس خلف المواقف السياسية المتشنجة، ستجعل من اليمن لقمة سائغة للأجنبي، وستعمل على تقويض النهج السياسي القائم على تعددية سياسية وديمقراطية، شكلاً على الأقل، لذلك على الحاكم أن يؤسس لعمل ديمقراطي حقيقي، وأن يعمل على إخراج الأزمة من مسارها الأمني إلى مسارها السياسي، على أن يتزامن ذلك مع رغبة جادة في إحداث تغيير حقيقي في نمط بناء الدولة والمحافظة عليها .
ويبرز السؤال الأكبر هو ما إذا كانت الأيام المقبلة يمكن أن تشهد انفراجاً حقيقياً في الأزمة، أم أن التطورات التي تسير على الأرض يمكن أن تزيدها تعقيداً، بخاصة وأن الأزمة وصلت إلى حالة انسداد سياسي كبير، والتي تترافق مع توترات أمنية في أكثر من صعيد .
أمام ذلك يصبح السؤال مشروعاً: ما هي الخيارات المطروحة أمام المعارضة وشباب ساحات التغيير؟، لاشك أن هناك خيارات عديدة تدرسها المعارضة وساحات التغيير، فعلى الرغم من اللقاء الذي جمع نائب الرئيس عبدربه منصور هادي بالمعارضة منتصف الأسبوع الجاري والاتفاق على تهدئة سياسية وإعلامية وأمنية، إلا أن خيار التصعيد لا زال قائماً، ففي حين لا يزال الخيار الأمني هو الحل بالنسبة للنظام، فإن خيارات المعارضة وشباب ساحات التغيير تبدو تتناغم إلى حد ما، حيث يعتبر مشروع تشكيل مجلس انتقالي هو الجامع بين الطرفين .
في هذا الإطار يؤكد القيادي في المعارضة الدكتور محمد المتوكل، أن المعارضة المنضوية في إطار تكتل اللقاء المشترك بدأت في التحضير لتشكيل مجلس رئاسي مؤقت يفرض سيطرة مطلقة على المناطق الخاضعة لسلطة الشعب، كما يقول، ويرى أن “المعارضة لن تنتظر طويلاً حتى تثمر نتائج الحوارات مع النائب الحالي عبدربه منصور هادي الذي لم يحسم أمره بعد فيما يتعلق بتشكيل حكومة وحدة وطنية، كما تطالب دول خليجية عدة وأصدقاء اليمن من دول غربية وغيرها، على الرغم من أنه يرى أن “الفرصة لاستكمال التسوية السياسية مشروطة بقبول القائم بأعمال الرئيس تنفيذ المبادرة الخليجية".
ويشير المتوكل إلى أن المشهد السياسي الحالي في اليمن يتطور على مسارين، يتعلق أحدهما بدعوات تنفيذ المبادرة الخليجية وحسم الموقف بتوقيع القائم بأعمال الرئيس (عبدربه منصور هادي) على المبادرة التي تقضي بنقل السلطة والشروع في التحضير لانتخابات نيابية ورئاسية بعد عقد مؤتمر وطني عام، فيما يرتبط المسار الثاني بالجهود الجارية لإنشاء مجلس انتقالي تشكله المعارضة ويكون “الرافعة السياسية للثورة الشعبية في البلاد”، على حد قوله.
ويرى أن “الخيار الأول يعتمد على توافر القناعة الكاملة لدى النائب وقيادات حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم بأن السلطة “انتقلت بالفعل” إلى النائب هادي، منبهاً إلى أنه “في هذه الحال فقط يمكن استكمال تنفيذ المبادرة الخليجية وإلا فإن المعارضة سوف تضطر إلى المضي في طريقها مع التيار الشعبي والمطالب الواسعة للثورة عبر تأسيس مجلس انتقالي يمثل في الواقع السيادة الشعبية".
وشدد على “تلازم مساري الحل”، مشيراً إلى أن “جهود تأسيس المجلس الإنتقالي بدأت بالفعل”، ويقول: “نحن نسير على الخطين في آن معاً، ونحضر لإطلاق عمل المجلس وفي الوقت ذاته نمنح نائب الرئيس الفرصة ليكون جزءاً من الحل بدلا من أن يكون جزءا من المشكلة".
ثورة الشباب
لا تبدو ساحات التغيير مقتنعة بما يدور بين السياسيين، فالشباب الذين دخلوا بثورتهم شهرها الخامس لا يثقون بالمعارضة لتكون حامية لمكتسباتهم، مع أن الكثير من الشباب في هذه الساحات ينتمي إلى هذه الأحزاب، ويبدو أن الفرز السياسي الذي حصل خلال هذه الأشهر أكد أن هناك فرقاً كبيراً بين أهداف المعارضة وأهداف ساحات التغيير، ويعتقد الشباب أن المعارضة بوضعها الحالي غير قادرة على مواجهة استحقاقات المرحلة المقبلة، وترى أنها يمكن أن تتوصل إلى حلول مع السلطة وتترك الشباب وثورتهم للمجهول، غير أن الكثير يرى أن المعارضة جزء من الحراك الشعبي الذي تشهده الساحات اليوم وأن الشباب في هذه الساحات يستمدون قوتهم من قوة المعارضة التي أجادت لعب دور المحاور والثائر في وقت واحد .
من هنا يمكن فهم تحرك المنسقية العليا للثورة اليمنية ( شباب ) التي أصدرت بياناً أكدت فيه “على ضرورة الانتقال إلى الإجراءات العملية لتنفيذ مشروع المطالب الثورية”، ودعت فيه نائب الرئيس عبدربه منصور هادي “إلى إيضاح موقفه من الثورة ومشاركته في المجلس الانتقالي من عدمه”، بل و”حملته كامل المسؤولية عن كل ما يجري من قتل وانتهاك وقمع للمواطنين في ارحب وتعز وزنجبار وكافة مناطق البلاد بصفته المسؤول عن ذلك” .
البيان أكد أنه “لا شرعية سوى الشرعية الثورية” وأن الشباب سيعملون مع كافة القوى الثورية لتشكيل المجلس خلال الساعات التي تلي المهلة المطروحة لنائب الرئيس، على أن يتولى فيها المجلس إدارة البلاد خلال فترة انتقالية لاتزيد على تسعة أشهر .
وحددت المنسقية العليا للثورة مهام المجلس بأن يقوم بتكليف شخصية وطنية متوافق عليها لتشكيل حكومة كفاءات تقوم بتولي المهام التنفيذية لإدارة شؤون البلاد في الفترة الانتقالية التي حدد لها فترة ثلاثة أشهر، فرض سيادة القانون وبسط الأمن والتصدي لكافة أشكال العنف والإرهاب، الحفاظ على المال العام والعمل على استعادة ثروات الوطن المنهوبة في الداخل والخارج، إعادة جميع من تم فصلهم أو وقفهم تعسفيا من وظائفهم بسبب الثورة وصرف مستحقاتهم وتعويضهم عن أي ضرر لحق بهم، وتأمين وصول الخدمات الأساسية بما يعزز بناء الثقة بين السلطة والمواطن والإفراج عن كافة معتقلي الثورة وجميع المعتقلين السياسيين وتوجيه كافة وسائل الإعلام الرسمية لمواكبة أهداف الثورة وبث روح التسامح والإخاء بين أبناء الوطن الواحد .
ومن بين أهداف المنسقية حل مجلسي النواب والشورى ومحاكمة المتورطين في أعمال القتل وكافة أعمال القمع في حق الثوار وملاحقتهم محليا ودوليا وتكليف لجنة من أهل الاختصاص تتولى الإعداد لدستور جديد للجمهورية يؤسس لبناء دولة مدنية حديثة يعتمد النظام البرلماني كنظام حكم للجمهورية اليمنية والفصل بين السلطات الثلاث بما يضمن الاستقلالية الكاملة لأدائها واعتماد الحكم المحلي كامل الصلاحيات والعدالة الاجتماعية والمواطنة المتساوية واحترام الملكية الخاصة وسيادة الدستور والقانون وتبادل سلمي للسلطة وتحديد فترة ولاية الحكم .
كما يقضي مشروع الشباب بتعيين لجنة انتخابية عليا من شخصيات وطنية مشهود لها بالكفاءة والنزاهة خلال 15 يوما من بدء أعمال الحكومة الانتقالية تضمن حرية الانتخابات ونزاهتها، على أن تكون مهمتها الإعداد لسجل انتخابي خلال ثلاثة أشهر من تشكيل اللجنة والإشراف على استفتاء شعبي على الدستور وإجراء أول انتخابات نيابية خلال ثلاثة أشهر من الاستفتاء على الدستور والإعلان عن موعد الاستفتاء على الدستور وموعد الانتخابات البرلمانية .
واقترحت المنسقية تشكيل مجلس وطني عام يعمل على وضع حلول ومعالجات للقضية الجنوبية بكل أبعادها السياسية والحقوقية المشروعة بما يعيد الإعتبار لأبناء المحافظات الجنوبية وتسوية كافة القضايا والأزمات التي افتعلها النظام السابق وعلى رأسها قضية صعدة والثارات القبلية وإعادة صياغة تكوينات ومهام جهازي الأمن القومي والأمن السياسي على أسس وطنية وبتبعية كاملة لوزارة الداخلية وإعادة بناء الجيش وهيكلته على أسس وطنية .
قد يبدو هذا المشروع طموحاً قياساً بالأوضاع الداخلية في اليمن، بخاصة وأنه في حال البدء بتنفيذه، فإنه “سيعتبر بمثابة إعلان حرب”، كما أعلن صلاح الصيادي، القيادي في التحالف الديمقراطي الذي يضم حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم وعدد من أحزاب المعارضة، إلا أنه لاشك سيعمل على تحريك قواعد اللعبة في البلد باتجاه التسريع بالحسم، وسيكون ذلك له تأثير كبير على الأوضاع الداخلية وعلى أداء الوسطاء الإقليميين والدوليين لإيجاد حل للأزمة، فالشباب يدركون أن الوسطاء إذا ما شعروا بتراخي الثورة فإنهم سوف يصطفون إلى جانب النظام، أما إذا كانت كلمة الشباب عالية في ساحات التغيير فإن مواقفهم ستتبدل، منطلقين من حقيقة أن مصلحة الدول مع الشعوب وليست مع الأفراد، وهو ما أفصح عنه الكثير من زعماء الدول الكبرى خلال الأشهر القليلة الماضية أثناء تعليقاتهم على مسار الأزمة في اليمن .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.