قررت المحكمة التي يمثل أمامها الرئيس المصري السابق حسني مبارك بتهم التآمر لقتل محتجين وإساءة استغلال منصبه يوم الاربعاء تأجيل المحاكمة الى يوم الاثنين المُقبل. واستؤنفت المحاكمة بعد نحو شهرين من التوقف خلال نظر قضية لرد رئيس المحكمة المستشار أحمد رفعت وهي القضية التي رفضتها محكمة استئناف القاهرة. ويأمل كثير من المصريين أن تساعد المحاكمة في علاج آثار فترة الحكم الشمولي لمبارك ومساعدة البلاد في الوصول للاستقرار بعد نحو عام من الاضطراب السياسي في ظل ادارة المجلس الاعلى للقوات المسلحة لشؤون البلاد منذ 11 فبراير شباط. وتخلى مبارك عن سلطاته في ذلك اليوم تحت ضغط الانتفاضة الشعبية التي اندلعت يوم 25 يناير. لكن ما يحيط بالقضية مثل كثرة عدد الشهود وتشابك الاتهامات يعني أن نظرها يمكن أن يستمر شهورا وربما سنوات. وقررت المحكمة يوم الأربعاء التأجيل لجلسة الثاني من يناير المقبل مع الاستجابة لطلب محامين عن مصابين وأسر قتلى انتداب خبراء لفحص امكانية استرجاع معلومات أزيلت من أقراص مدمجة بها وقائع من أحداث الانتفاضة. كما كلفت المحكمة النيابة العامة بتقديم الكشوف النهائية بأعداد القتلى والمصابين بعد قول محامين ان عددا محدودا من القتلى والمصابين وردت أسماؤهم في القضية التي يحاكم فيها بتهمة التآمر لقتل المتظاهرين الى جانب مبارك وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي وستة من كبار مساعديه وقت الاحتجاجات. ويحاكم مع مبارك أيضا إبناه علاء وجمال وصديقه رجل الاعمال حسين سالم المحتجز في اسبانيا منذ شهور على ذمة قضية غسل أموال هناك. وتتصل التهم الموجهة الى ابني مبارك وسالم بالفساد المالي واستغلال النفوذ. ونقل مبارك الى المحكمة على سرير طبي متحرك وقد وضع ذراعه على عينيه وأحاطت به الشرطة. والرئيس السابق مُحتجز على ذمة القضية في مستشفى حيث يقول الاطباء انه يعاني من مشاكل في القلب. وخلال الجلسة طلب محاميان عن مدير الامن العام السابق اللواء عدلي فايد ومدير أمن القاهرة السابق اللواء اسماعيل الشاعر ضم تحقيقات النيابة العامة في القضايا التي سقط خلالها قتلى ومصابون في اشتباكات بين محتجين وقوات الشرطة والجيش منذ سقوط مبارك. ولم يوضح المحاميان سبب الطلب لكن كامل مندور المحامي عن مصابين وأسر قتلى قال "من وجهة نظري الغرض الرئيسي من هذا الطلب هو إثبات أن هناك طرفا ثالثا قام بقتل واصابة المتظاهرين منذ يوم 25 يناير حتى الان." وأضاف "دفاع المتهمين استغل ترديد عبارة طرف ثالث لاثبات براءة موكليه." لكن نشطاء وحقوقيون يقولون ان المجلس العسكري مارس أساليب أشبه بأساليب مبارك القمعية خلال الشهور الماضية. وخلال الجلسات السابقة دارت اشتباكات خارج أكاديمية الشرطة التي تنعقد فيها المحكمة في ضاحية القاهرة الجديدة بين أنصار مبارك ومواطنين يطالبون باعدامه لكن لم تقع مشاجرات حين وصل مبارك يوم الأربعاء. وساد اعتقاد على نطاق واسع أن مبارك كان يعد ابنه جمال لخلافته لكن تلك الخطط التي أنكرها مبارك وابنه انهارت عندما دفع الفساد والفقر ووحشية قوات الامن الملايين الى النزول للشوارع في يناير. وقتل نحو 850 شخصا وأصيب أكثر من ستة الاف خلال الانتفاضة التي استمرت 18 يوما. وكان محامون عن مصابين وأسر قتلى رفعوا دعوى في سبتمبر أيلول طالبوا فيها بتغيير رئيس المحكمة أحمد رفعت وتم رفض الدعوى. وشكا المحامون الذين أقاموا دعوى الرد من أن رفعت لم يتح لهم وقتا كافيا لسؤال المشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس الاعلى للقوات المسلحة حين مثل أمام المحكمة للادلاء بشهادته. وقال شاهد في المحكمة ان محاميا طلب يوم الأربعاء سماع شهادة تقررت سلفا للفريق سامي عنان نائب رئيس المجلس الاعلى للقوات المسلحة. كما طلب محامون شهادات عدد من قيادات المخابرات العامة والجيش ووزارة الداخلية السابقين والحاليين لصلتهم بالاحداث بينهم القائد السابق للحرس الجمهوري اللواء نجيب محمد عبد السلام الذي يقول محام ان مبارك أمره بنشر قواته حول مبنى الاذاعة والتلفزيون في القاهرة خلال الاحتجاجات. وقال المحامي محمد الجندي "نريد أن نعرف ما هي الاوامر التي صدرت لعبد السلام من مبارك. هل كانت أوامر باستخدام القوة ضد المحتجين أم مجرد حماية مبنى التلفزيون.." وطلب المحامون أيضا شهادة مصطفى عبد النبي الرئيس السابق لهيئة الامن القومي واللواء حمدي بدين قائد الشرطة العسكرية. ولم تعلن المحكمة رأيها في الطلبات لكن بامكانها أن ترد عليها في جلسة مقبلة. وحضر الجلسة فريق محامين كويتي مكون من ثلاثة رجال وامرأة لكنهم لم يسجلوا حضورهم في محضر الجلسة ولم يتقدموا بطلبات للمحكمة وجلسوا خلف فريق الدفاع عن المتهمين يصحبهم من يعتقد أنهم حراس يرتدون الزي المدني. ويقول المحامون الكويتيون انهم يريدون الدفاع عن مبارك تقديرا لدوره في حرب تحرير بلادهم من الغزو العراقي عام 1990. والقضية اختبار للمجلس الاعلى للقوات المسلحة الذي قد لا يبدي ارتياحا لاهانة مبارك رئيسه السابق.