استشهاد نجل مستشار قائد محور تعز العميد عبده فرحان سالم في مواجهات مع المليشيا    اسعار الذهب في صنعاء وعدن السبت 3 مايو/آيار2025    صنعاء تصدر قرار بحظر تصدير وإعادة تصدير النفط الخام الأمريكي    عقد أسود للحريات.. نقابة الصحفيين توثق أكثر من 2000 انتهاك خلال عشر سنوات    هذا ما حدث وما سيحدث.. صراع العليمي بن مبارك    مانشستر سيتي يقترب من حسم التأهل لدوري أبطال أوروبا    عدوان مستمر على غزة والاحتلال بنشر عصابات لسرقة ما تبقى من طعام لتعميق المجاعة    إصلاح الحديدة ينعى قائد المقاومة التهامية الشيخ الحجري ويشيد بأدواره الوطنية    اللجنة السعودية المنظمة لكأس آسيا 2027 تجتمع بحضور سلمان بن إبراهيم    خلال 90 دقيقة.. بين الأهلي وتحقيق "الحلم الآسيوي" عقبة كاواساكي الياباني    الهلال السعودي يقيل جيسوس ويكلف محمد الشلهوب مدرباً للفريق    في حد يافع لا مجال للخذلان رجالها يكتبون التاريخ    غارات اسرائيلية تستهدف بنى تحتية عسكرية في 4 محافظات سورية    احباط محاولة تهريب 2 كيلو حشيش وكمية من الشبو في عتق    إذا الشرعية عاجزة فلتعلن فشلها وتسلم الجنوب كاملا للانتقالي    سنتكوم تنشر تسجيلات من على متن فينسون وترومان للتزود بالامدادات والاقلاع لقصف مناطق في اليمن    الفريق السامعي يكشف حجم الاضرار التي تعرض لها ميناء رأس عيسى بعد تجدد القصف الامريكي ويدين استمرار الاستهداف    مسلحون يحاصرون مستشفى بصنعاء والشرطة تنشر دورياتها في محيط المستشفى ومداخله    الطيران الأمريكي يجدد قصف ميناء نفطي غرب اليمن    وزير سابق: قرار إلغاء تدريس الانجليزية في صنعاء شطري ويعمق الانفصال بين طلبة الوطن الواحد    باحث يمني يحصل على برأه اختراع في الهند    الكوليرا تدق ناقوس الخطر في عدن ومحافظات مجاورة    غزوة القردعي ل شبوة لأطماع توسعية    "الأول من مايو" العيد المأساة..!    وقفات احتجاجية في مارب وتعز وحضرموت تندد باستمرار العدوان الصهيوني على غزة    احتراق باص نقل جماعي بين حضرموت ومارب    حكومة تتسول الديزل... والبلد حبلى بالثروات!    البيع الآجل في بقالات عدن بالريال السعودي    الإصلاحيين أستغلوه: بائع الأسكريم آذى سكان قرية اللصب وتم منعه ولم يمتثل (خريطة)    من يصلح فساد الملح!    مدرسة بن سميط بشبام تستقبل دفعات 84 و85 لثانوية سيئون (صور)    البرلماني بشر: تسييس التعليم سبب في تدني مستواه والوزارة لا تملك الحق في وقف تعليم الانجليزية    شركة النفط بصنعاء توضح بشأن نفاذ مخزون الوقود    السياغي: ابني معتقل في قسم شرطة مذبح منذ 10 أيام بدون مسوغ قانوني    السامعي يهني عمال اليمن بعيدهم السنوي ويشيد بثابتهم وتقديمهم نموذج فريد في التحدي    مليشيا الحوثي الإرهابية تمنع سفن وقود مرخصة من مغادرة ميناء رأس عيسى بالحديدة    "الحوثي يغتال الطفولة"..حملة الكترونية تفضح مراكز الموت وتدعو الآباء للحفاظ على أبنائهم    شاهد.. ردة فعل كريستيانو رونالدو عقب فشل النصر في التأهل لنهائي دوري أبطال آسيا    وفاة امرأة وجنينها بسبب انقطاع الكهرباء في عدن    صدور ثلاثة كتب جديدة للكاتب اليمني حميد عقبي عن دار دان للنشر والتوزيع بالقاهرة    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    جازم العريقي .. قدوة ومثال    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    برشلونة يفوز بالكلاسيكو الاسباني ويحافظ على صدارة الاكثر تتويجا    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اليمن بعد صالح... الزعيم الذي مات مرتين
نشر في التغيير يوم 09 - 12 - 2017

قُتل الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح مرتين. المرة الأولى عندما أعلن حلفه مع الحوثيين، والأخرى عندما فض شراكته معهم. الأولى كانت سياسية. والثانية كانت واقعية أكثر مما تخيل وأتباعه. يقول صحافي مقرب منه: «لم يكن هذا قرار عبد الملك الحوثي زعيم الميليشيات التابعة لإيران، إنه قرار أكبر منه، وقد اتخذته طهران».
انتقاماً من انتفاضته، ورعباً من الحالة التي شعر بها الحوثيون، وهي أنهم أمام تهاوٍ لجانب من مشروع وقفت وراءه طهران بكل ثقلها؛ أخرجت الجماعة المتمردة دبابات ومدفعيات وآليات لم تكن حتى تستخدمها لحماية صعدة، معقلها الرئيسي، وهجمت على صالح وقواته بعنف غير مسبوق. ولقد أظهرت مقاطع الفيديو التي بدأت تنهمر على موقع «يوتيوب» شراسة المواجهة. ولقد ذهب محللون يمنيون وغربيون وعرب، استمزجت «الشرق الأوسط» آراءهم، إلى أن الجماعة أقدمت على «انتحار سياسي» اختارته، وإن كانت مرغمة على ما هو أقرب إلى «صراع بقاء». وحسب براء شيبان، الباحث السياسي اليمني: «لم يسبق أن فجّر سياسي بيت خصمه، أو أن تدك الدبابات منازل الخصوم بدبابة ومدفعية داخل العاصمة اليمنية».
يمن جديد، وصنعاء جديدة، يسير فيها أبو علي الحاكم، رئيس الاستخبارات في صفوف حكومة الانقلاب، ومحمد علي الحوثي، رئيس اللجنة الثورية الانقلابية، وبقية الآتين من كهوف صعدة ومران، على تصفية كل من يقف أمامهم. وانفجرت صنعاء في أجواء لم تشهد لها مثيلاً لها في التاريخ الحديث.
رغم مقتله، ما زال علي عبد الله صالح شاغل اليمنيين واليمن... الذي لا يمكن التطرق إليه من دون المرور على صالح أو عائلته، أو قائمة واسعة من المحسوبين. لقد كان الرجل على مدار أربعة عقود، طرفاً في كل شيء. الأمن والأمل، السخط والفرح.
وحّد اليمنيين معه عام 1990، وفرّقهم بحرب جنوبهم عام 1994، و«دوزن» حروباً ستاً ضد الحوثي. ثم عاد ليوحّد اليمن، لكن ضده هذه المرة عام 2011، ليفرّقه مرة أخرى بالتحالف مع الانقلاب عام 2014، ثم استعد لطي تاريخ رمادي، بصفحة بيضاء في الثاني من ديسمبر (كانون الأول) الحالي، ومضى بعدها بيومين.
تكفي جولة في صور وكالات الأنباء ومواقع الفيديو التي خرجت غداة صدمة صنعاء لتشي بما حدث. منازل سوداء، ومتاجر مدمرة، وآليات عسكرية باتت تشبه الأسمال، وسيارات تحولت إلى رماد.
صراع القوة بين «المؤتمر» والحوثيين بدأ فتيله أمام مسجد الصالح في صنعاء يوم الأربعاء 29 نوفمبر (تشرين الثاني) 2017، وفيه قُتل خلال مناوشات واشتباكات نحو 16 شخصاً، واستمرت المناوشات يومين تخللتهما وساطات ودعوات تهدئة. وطرد أعوان الرئيس اليمني السابق الحوثيين والتقطوا صورة العميد طارق صالح - الذي قتل أيضاً - وهو يصلي الجمعة مع الجموع، حين نقلت قناة «اليوم» الصلاة، وأعادتها نكاية في الحوثيين أكثر من مرة في اليوم نفسه.
بُعيد الصلاة، ولأول مرة منذ احتجاجات 2014 التي أعقبت الانقلاب، سمعت شوارع في صنعاء هتافات ضد التمرد. خرج الناس من المسجد ورددوا «لا حوثي بعد اليوم»، وأردفوها بالهتاف الشهير «بالروح، بالدم، نفديك يا يمن».
الانتصار الإعلامي لدى الحوثيين أشد وقعاً. جُنّ جنون الميليشيات وهم يرون صورهم وصور صرختهم تمزق في الشوارع التي لم يتركوا ركناً فيها من دون إلصاق أو طبع الشعار. توجسوا خشية الزوال، ولملموا صفوفهم وحشدوا سريعاً.
في اليوم ذاته، خرج بيان عن حزب المؤتمر الشعبي يندد بعدم التزام الحوثيين بالتهدئة، وبأن مشاة الاحتفال بالمولد لم تتعرضهم قوات صالح بأذى. لكن قوات حوثية هاجمت العميد طارق عبد الله صالح، قائد قوات حرس صالح، وقتل 3 من أفراد حراسته. كما طال الهجوم المكثف عائلة صالح وقيادات من حزبه.
في تلك الليلة، عاشت صنعاء أجواء أكثر سخونة من تلك التي عاشتها في أغسطس (آب) وفي أعقاب احتفالية السبعين، وما تلاها من حوادث، أبرزها مقتل العسكري خالد الرضي.
الفرق بين الحادثتين، أن صالح ابتلع مقتل الرضي، لكنه ضاق ذرعاً بحصار الحوثيين وجشعهم وإجرامهم. أعلن هذه المرة فض الشراكة. دوى تصريحه كقنبلة غيرت مسار الشراكة، وأخذت تعزل الحوثيين.

اغتيال صالح
تعددت روايات القتل وتوحّد القاتل. فبين الاستدلال بمقاطع الفيديو التي ظهرت ببشاعة لتؤكد أنه لقي حتفه هارباً ضمن موكب سيارات رباعية الدفع، إلى نظرية موته مقاتلاً في منزله أعقبتها تجهيزات للتصوير. لكن بياناً نُسب إلى نجله أحمد نعى فيه والده، وأورد أنه قتل وهو في منزله. ويظهر أن البيان أكثر مصداقية من بيانات أخرى جرى نفيها. ولكن لا يزال مصير جثته غامضاً، ومن اللافت أنه «لم يجرؤ شيخ قبلي أو وجيه أو طرف المطالبة بها، إلا النساء اللائي قمعن وهوجمن في صنعاء»، وفقاً ليمني يعمل في مؤسسة حكومية فضّل عدم الإشارة إلى اسمه خشية الاستهداف.
يقول الدكتور مانويل ألميدا، الباحث في شؤون الشرق الأوسط، معلقاً: «إن قيادة الحوثيين ستأسف لقتل صالح من قبل ميليشياتهم الخاصة، إنها نقطة تحول محتملة في الصراع». وبينما تنقل وكالة «رويترز» عن مسؤول كبير في حزب صالح القول: «إن الحوثيين كانوا يريدون منه أن يسلم أسلحته وينزع سلاح مقاتليه، لكن صالح رفض، ذهب آخر إلى أنه جرى إعدام الرئيس السابق برصاصة في الرأس بعدما حاول الصمود في موقف دفاعي أخير داخل منزله». وهذه هي الفرضية التي تتطابق مع بيان نجله أحمد.

ملصقات الموت
جدير بالذكر، أنه سبق للسفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر أن قال: «إيران ترسل الموت إلى اليمن». والحقيقة أن هذه العبارة تصدق اليوم في شوارع صنعاء. إذ يقول يمني يدرس في العاصمة، اكتفى بالترميز إلى اسمه ب«كريم.ش»: إن «أركان صنعاء باتت مملوءة بالملصقات: حوثي يرتدي بدلة، ويقولون شهيداً، حوثي مخزن، ويقولون شهيداً، حوثي لابس الجنبية، ويقولون شهيداً... الموت إن نجونا منه فهو يلاحقنا عبر هذه الملصقات. منذ رحيل صالح، والحوثيون أخذوا يحاولون بكل الطرق إذكاء التبريرات لإقناع اليمنيين بأنهم وأدوا الفتنة، لكن ذلك لن ينطلي علينا»، يقول كريم: «نعيش الرعب بكل ما تعنيه الكلمة من معنى».
وفي محاولة للهرب، يصعب جداً على الشخص إيجاد ملاذ بخلاف إذا كان من عائلة في ريف بعيد عن الاشتباكات، سواء الجارية في صنعاء أو الأخرى بين التحالف والانقلاب. ويقول الباحث البراء شيبان الناشط الحقوقي اليمني في حديث هاتفي معه: «لم أر رعباً بهذا الشكل في صنعاء من قبل. يبدو أن تنظيمهم (أي تنظيم الحوثيين) قوي، لا أحد يستطيع الخروج من صنعاء الآن من دون تفتيش دقيق، حتى في تفاصيل التفاصيل، مثل الهاتف وكافة الرسائل وحتى قائمة الأسماء يتم تفتيشها، الكومبيوتر المحمول... تحدثت مع أهلي في صنعاء قالوا إنهم يستمعون إلى مكبرات صوت تنادي في أوقات متفرقة بعدم الخروج (حظر تجول)، كأنك في كوريا الشمالية، وربما أسوأ».

دور القبائل
تتضارب الآراء حول دور القبائل، فهناك من يشعر بأن تأثيرهم مبالغ فيه، وهناك من خوّن بعضهم، في حين يطالب آخرون بمنح القبائل وشيوخها مزيداً من الوقت لامتصاص الصدمة، متكلين على أن كتلة قبلية لو تحركت بالكامل، وليس بمجاميع صغيرة أو متفرقة، فإنها ستحدث الفارق. وهنا يقول مسؤول يمني مقرب من قيادات المؤتمر في القاهرة: «حاشد مكسورة إلى حد كبير الآن، فمن يقودها اليوم؟ بيت الأحمر أمضوا فترة كبيرة بعيدين عن القبيلة، لكن إذا التأموا فالناس من الممكن أن يعودوا معهم. ومن القبائل التي تستطيع قلب المعادلة خولان... خولان مهمة جداً؛ فهناك بيت الرويشان وبني ظبيان وآل الشريف، وهي مجموعة لا بأس بها، لكن المشكلة أن الناس مكسورة الآن أيضاً». وأردف: «القوات الموجودة في صرواح لو وصلت إلى خولان قد يصطف معها الناس، ويبدو أن استراتيجية التحالف لو تحولت من الجو إلى الأرض لغدت النتائج أسرع من الميدان... وأيضاً هناك قبائل همدان، وقبائل أرحب (وهي تقريباً جميعها مع الشرعية)». وتجدر الإشارة إلى أن أبي علي، الحاكم المسؤول الحوثي القادم من صعدة، جمع القبائل (الموالية لعلي عبد الله صالح) قبيل مقتله بيوم واحد، وحاول أن يرسل رسالة مضمونها «ابتعدوا عن علي عبد الله صالح».. «بمعنى آخر أوصلوا لهم رسالة مفادها نحن الباقون وعلي عبد الله صالح زائل. وكانوا حتى يصرخون الصرخة الحوثية من خوفهم وخشيتهم» بحسب المسؤول اليمني.
بيد أن مقرباً من قيادات المؤتمر الشعبي العام - طالب إغفال اسمه أو منصبه - لديه قراءة أخرى؛ إذ يقول: «لا يجوز تخوين القبائل، مع أنه لا يصح الإفراط في الثقة بها. ما زالوا مؤثرين في اللعبة، بالسلاح والمقاتلين والأرض، إضافة إلى مداخل ومنافذ. وهم وإن ما عادوا رقماً صعباً، فليسوا بالضعف الذي يصوره ناشطو التواصل الاجتماعي».
ويروج شيوخ قبائل، بحسب مصادر إعلامية، رسائل مفادها «لو ضمنوا دعماً قوياً فإنهم سيقضون على الحوثيين، لكن هناك قدراً كبيراً من التوجس... فهم ليسوا طرفاً مضموناً». ثمة شيوخ تحدثوا عن مسألة شك وتخوين، ويقول أحدهم «مثلنا مثل كل اليمنيين متضايقين من الحوثيين ونكرههم؛ لأنهم دمروا البلاد وخربوها، وإذا وجدنا دعماً حقيقاً (ليس مالياً)، بل عسكرياً من خلفنا سنتقدم». ويضيف: «اليمنيون لا يريدون العيش في ظل الحوثيين، وبدأوا يتقبلون أي شيء يحصل لصنعاء إلا أن يحكمهم الحوثيون، كل الخيارات إلا الحوثي».
بدوره، يرى الباحث السياسي اليمني نجيب غلاب، أن مسألة تغيير ولاءات القبيلة ككتلة شعبية ونخبة قبلية «يعتمد أساساً على وجود قوة مسلحة قادرة على مساعدة القبائل في الخلاص من الضغط والسياسات الحوثية القهرية التي بدأت تفرضها الميليشيات عليهم».
يقول غلاب: «أعتقد أن القبائل المهمة تستطيع تحريك جبهات عسكرية باتجاه خولان وصولاً إلى سنحان. وممكن القبيلة كلها تنتفض... والحوثية لا تستطيع السيطرة على القبيلة إلا عبر القهر وتفجير المنازل. وحقاً هناك على الأقل 3 شيوخ في حاشد فُجّرت منازلهم. وصحيح أن بعض المشايخ الآخرين عقدوا صفقات مع الحوثية، لكنها ليست كبيرة، ولا ننسَ أن هناك عملية إنهاك لدى القبائل منذ بدء العمليات العسكرية، والقبائل بشقيها مع التحالف وضده رفدت بكثير من الرجال والسلاح، وهي نقطة يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار».
ويتابع غلاب: «وضع الاقتصاد سيئ، ولا توجد أمام الناس خيارات للتحرك إلا إذا كانت هناك قوة عسكرية تؤمن وتضمن حمايتهم من الحوثية وتدعمهم عسكرياً». ويستطرد شارحاً: «ستتحول القبائل إلى حاضن للقوى العسكرية الطاردة للحوثية... وأمام ذلك، الحوثية قمعها مستمر إلا إذا انتفضت كتلة قبلية بالكامل، وليس بمجاميع صغيرة أو متفرقة. الانتفاض الكامل لقبيلة قد يحدث تغيراً لأنه يصعب على الحوثية قمعهم بشكل كامل ومحكم، ولو دخلوا في صراع فستدخل الحوثية في صراع كبير معهم».

مستقبل اليمن

يرى جوست هيلترمان، من «المجموعة الدولية للأزمات»، أن الأحداث الأخيرة ترجح احتمال تصاعد الحرب في اليمن، ويقول «رغم أن الحوثيين قوة عسكرية مهمة فهم لم يختبروا السياسة أو الحكم. تغلغلهم في أوساط الناس محدود ومع الوقت ستكون هذه ميزة لأعدائهم»، ويتابع: «لكن هذا لن يحدث في القريب العاجل؛ لذا يبدو أن الصراع سيتفاقم». أما جيرالد فايرستاين، السفير الأميركي السابق في اليمن الذي يعمل في «معهد الشرق الأوسط» في واشنطن، فيرى إن الحوثيين خاضوا الحرب بعدها بشكل كبير من دون صالح. ووفقاً لتقرير نشرته «رويترز» أمس كتب فايرستاين في نشرة سياسية: «كان صالح قد أصبح قوة مستنفدة إلى حد كبير بحلول الوقت الذي قتل فيه...».
عودة إلى مانويل ألميدا، الذي يقول: إن «المفاجأة الوحيدة لهذه الأحداث الأخيرة تتمثل في أن الأمر استغرق وقتاً طويلاً لكي ينهار الاتفاق بين صالح والحوثيين. ولم يحدث هذا الاشتباك في وقت سابق؛ لأن كلا الجانبين كان يخشى أن يؤدي كل منهما إلى مواجهة بعضهما بعضاً... وهو ما من شأنه أن يضعفهما حتى في الحرب ضد الشرعية والتحالف، لكن تبقى المسألة منذ الماضي مؤكدة أن تحالف الفريقين كان أشبه بالمستحيل». ويضيف أنه «بعيداً عن المظالم وانعدام الثقة التي تعود إلى حروب صعدة الستة، التي خاضها الطرفان منذ عام 2004، كانت هناك اختلافات عميقة بين الجانبين منذ ساعد مؤيدو صالح المقاتلين الحوثيين على الاستيلاء على العاصمة اليمنية. ويبدو تقريباً أنه كلما حاول الطرفان العمل معاً ازدادت خلافاتهما، وكان ذلك هو الحال عندما أعلن مؤيدو صالح من مؤتمر الشعب العام وقيادة الحوثي عن تشكيل حكومة مشتركة في صيف عام 2016. وهذا أدى فقط إلى تكثيف المنافسة على التأثير والموارد بين المجموعتين.
ويكمل ألميدا «...منذ استيلائهم على العاصمة عام 2014، تمكن المسلحون الحوثيون من كسب الكثير من النفوذ والسلطة على حساب صالح ومؤيديه في المؤتمر الشعبي العام. وفي الآونة الأخيرة، لم يعتمدوا على القوى المؤيدة للصالح لقيام بالمجهود الحربي ضد الحكومة اليمنية الشرعية كما هو الحال في بداية الصراع... لكن اغتيال صالح، إلى جانب الفوضى التي أطلقها المسلحون الحوثيون، على الأرجح، سيعملان على تحويل العديد من أنصار صالح والقوات العسكرية ضد الحوثيين. ويمكن أن يساعدا أيضاً في تجنيد القبائل الشمالية ضد الحوثيين».
ولكن ماذا عن المؤتمر الشعبي العام؟ يرى نجيب غلاب، أن الحوثية «ستحاول على إجبار مؤتمريي الداخل على محاولة إعادة تشكيل القيادة، وضخ قيادة ليصبح المؤتمر ذراعاً حوثية بشكل كامل، لصياغة مؤتمر (متحوث)، ليمتصوا قدر الإمكان المؤتمريين والقوى الأخرى، وستجبرهم لاحقاً بتشكيل ضغط». ويعتقد غلاب أنه «يجب إعادة ترتيب أوراق المؤتمر وتماسكه، ويحتاج إلى التعامل بواقعية مع إعادة ترتيب قياداته وبناء جبهة موحدة بين كافة أجنحته، والجناح المنتفض في 2 ديسمبر (كانون الأول)، قدرته ما زالت قوية وبإمكان المؤتمريين إحداث تغير جذري لبناء لُحمة واحدة في إدارة المعركة ضد الحوثية، وليس سياسياً وحسب، لكنه سيمكن القوى الموالية للمؤتمر أن تحارب، سواء كانت عسكرية أو أمنية أو قبلية».
ثم يقول: «الحوثية من ناحية فعلية تعيش في عزلة. قوتها فقط في الإفراط باستخدام السلاح، ولديها مجاميع مسلحة، لكنها في الأخير أصبحت تواجه غضباً داخلياً، لا تمتلك تحولها في المحيط القبلي والمدني أي قبول».
ويكمل «هناك ردة فعل شعبية غاضبة ستلاحق الحوثية، خصوصاً الجرائم التي ترتكبها الآن والإعدامات وحدت إجماعاً وطنياً ضدهم، فهي لا تستطيع تقديم خدمات للمواطن وبداية تحرير الحديدة ضغط عليها... من في صنعاء أصبحوا كالرهائن». ويختم غلاب بتوقع «ظهور تمردات مسلحة عبر ترتيب أوراق بعض قوى المؤتمر العسكرية الباقية بشكل آخر».
الشرق الاوسط
......


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.