فيما عد ترحيلا للأزمة السياسية التي ظلت ملبدة للأجواء طوال العامين الماضين وقع حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم وأحزاب تكتل اللقاء المشترك المعارض محضراً لتنفيذ اتفاق فبراير2009 المتعلق بتشكيل لجنة للتهيئة والإعداد للحوار الوطني الشامل. وهو بحد ذاته يعد اتفاق مفرغ من الهم العام ولا يحل قضايا البلد المعقدة. واشتمل الاتفاق المكون من عشر نقاط ووقعه عبدالكريم الإرياني عن الحزب الحاكم وعبد الوهاب محمود عن المشترك على "إتاحة الفرصة للأحزاب والتنظيمات السياسية ومنظمات المجتمع المدني لمناقشة التعديلات الدستورية اللازمة لتطوير النظام السياسي والنظام الانتخابي، بما في ذلك القائمة النسبية، على أن تلتقي هذه القوى في لقاء تمهيدي يقوم فيه كل من الطرفين بتحديد وتسمية شركائه وحلفائه والذين سيمثلون الطرفين في اللجنة المشتركة للإعداد والتهيئة للحوار، ولم يجز الاتفاق لأي طرف الاعتراض على ما يقدمه الآخر . ويفسح الاتفاق المجال للطرفين لتشكيل لجنة مشتركة للإعداد والتهيئة إلى الحوار من القائمتين بالتساوي، وضم كل من يقبل بفكرة الحوار إلى قوام اللجنة بنفس المعايير التي يتم بها تشكيل اللجنة، واستكمال التشاور مع بقية الأحزاب والقوى والفعاليات ومنظمات المجتمع المدني الراغبة في الانضمام إلى الحوار الوطني دونما استثناء . ويخول الاتفاق اللجنة المشتركة إعداد البرنامج الزمني للحوار والضوابط المنظمة له وأن تتخذ قراراتها بالتوافق وتكون ملزمة للجميع، على أن تكون أعمال اللجنة علنية وشفافة. ووصف الرئيس علي عبدالله صالح في كلمة له التوقيع على الاتفاق بأنه "خطوة إيجابية نحو الانفراج السياسي"، مطالباً الجميع ب"الترفع فوق كل الصغائر، والبدء بمرحلة جديدة لأن الوطن ملك للجميع وليس ملكاً للسلطة الحاكمة أو للمعارضة، فالبلد يتسع للجميع ومسؤولية الجميع، والمعارضة هي الوجه الآخر للنظام السياسي، كما يجب وقف الحملات الإعلامية والتسريبات"، مشيراً إلى أن "الجميع في سفينة واحدة، ويجب أن نبحر بها معاً، وأن تكون هناك قيادة لهذه السفينة من كل القوى السياسية" . وجدد رئيس الجمهورية العرض السياسي الذي قدمه في خطاب الثاني والعشرين من شهر مايو/ أيار الماضي، وقال "نرحب بالشراكة مع كل القوى السياسية في الساحة اليمنية، وإذا نفذنا البنود المتفق عليها والآلية التي تنظم اتفاقية فبراير فسنكون مستعدين لتشكيل حكومة وطنية من كل أطياف العمل السياسي للسير قدماً نحو إجراء الانتخابات النيابية في موعدها المحدد" .وقال إنه لا يجب بأي حال من الأحوال أن يتنصل أحد عن ما تم الاتفاق عليه، لا المعارضة ولا السلطة"، مطالباً الجميع بالعمل على تهدئة الشارع وطمأنة الناس، لأن ما جرى في الأعوام الماضية حدّ من الاستثمارات والسياحة وغيرها نتيجة الخوف. من جهتها أحزاب المشترك رحبت بالاتفاق وقالت إنه يبشر بخير، لكنها قالت إن الأمر يتطلب نوايا حسنة لتطبيقه. وجاء توقيع محضر الاتفاق بين السلطة والمعارضة هذا بعد أيام من تهديد قيادات في حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم بطرح مشروع التعديلات الدستورية أمام مجلس النواب وخوض العملية الانتخابية دون مشاركة المعارضة وبالتحالف مع أحزاب صغيرة في الساحة موالية للحزب الحاكم. وبالطبع فإن التوقيع الذي جرى في القصر الجمهوري برعاية الرئيس علي عبدالله صالح وحضور نائب الرئيس عبدربه منصور هادي ورؤساء مجالس النواب والشورى والوزراء وأمناء عموم الأحزاب وشخصيات بارزة ، جاء بعد حوارات ماراثونية سرية جرت بين الطرفين خلال الأشهر القليلة الماضية وأن أطرافاً محلية وإقليمية ودولية لعبت دوراً في التقريب بين وجهات نظر الطرفين المتباينة حول عدد من القضايا ومن بين تلك الأطراف المعهد الديمقراطي الأمريكي عبر فرعه في صنعاء والسفارة الأمريكية. وكبادرة حسن نية من السلطة لتنفيذ الاتفاق تم الافراج عن عدد من المعتقلين على ذمة نشاطات الحراك الجنوبي الذين كانت تطالب أحزاب اللقاء المشترك بإطلاق سراحهم كشرط أساسي لاستئناف الحوار السياسي ، وبحسب المعلومات الرسمية فقد وجه النائب العام بالإفراج عن 28 سجيناً ممن لم يشملهم قرار الإفراج الصادر عن رئيس الجمهورية في مايو الماضي، ومن بين هؤلاء النائب أحمد بامعلم، والسفير قاسم عسكر جبران وفادي باعوم والعميد محمد السعدي، إضافة إلى 22 من حضرموت، واثنين من عدن، وجميعهم من أنصار الحراك الجنوبي الداعي للانفصال. وكالعادة فإن محضر الاتفاق ترك منافذ يمكن من خلالها سد الحوار في أي وقت فهو لم يتضمن برنامجاً زمنياً لتنفيذه بل ترك ذلك للجنة التي سيكون قوامها 200 شخص مشكلة بالتساوي بين الطرفين وهذا العدد كبير جداً ، كما أن الاتفاق ليس له أي ضمانات لتنفيذه سوى حسن النوايا لدى الطرفين. واتفق طرفا الحوار على أن تكون رئاسة اللجنة دورية وتعقد أول اجتماع لها في قاعة المركز الثقافي بالعاصمة صنعاء، وأن يعين كل طرف رئسيا ونائبا يمثله ويشكل الرئيسان والنائبان هيئة رئاسة لجنة الحوار الوطني الشامل وتسري هذه القاعدة على اللجان المنبثقة عنها، على أن تكون أعمال اللجنة علنية وشفافة بما يمكن الرأي العام والأشقاء والأصدقاء من متابعة سير الحوار أولا بأول. وعلى ما يبدو فإن التصريحات التي أعقبت توقيع الاتفاق قد مهدت لإعادة انتاج خلافات الطرفين ، ومن ذلك أن قال الدكتور عبدالكريم الارياني إن التوقيع تم على محضر آليات إجراء حوار وطني شامل وذلك فيما يخص البند الأول من اتفاق فبراير 2009م". مشيراً إلى أن البندين الثاني والثالث متصلان بقانون الانتخابات واللجنة العليا للانتخابات، والأطراف الموقعة على الاتفاق معنية بهما من خلال مجلس النواب". وهذا الأمر هو ما يخشاه المشترك من الالتفاف على تنفيذ بنود اتفاق فبراير ودفع رئيس اللقاء المشترك الدكتور عبدالوهاب محمود للتأكيد على تمسك المشترك باتفاق فبراير بكل بنوده دون تجزئة. نص محضر الاتفاق بين المؤتمر والمشترك بشأن تنفيذ اتفاق فبراير: تنفيذا لاتفاق 23 فبراير 2009 م عقد المؤتمر الشعبي العام وأحزاب اللقاء المشترك الممثلة بمجلس النواب ممثلة في الإخوة التالية أسماؤهم: الدكتور عبدالكريم الإرياني النائب الثاني لرئيس المؤتمر الشعبي العام وعن أحزاب اللقاء المشترك الممثلة في مجلس النواب: (الدكتور عبدالوهاب محمود الأمين العام لحزب البعث العربي الاشتراكي ، عبدالوهاب الآنسي الأمين العام لحزب التجمع اليمني للاصلاح ، ياسين سعيد نعمان الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني، سلطان العتواني الأمين العام للتنظيم الوحدوي الناصري) اجتماعا تم فيه الاتفاق على تشكيل لجنة للتهيئة والإعداد للحوار الوطني الشامل، استنادا إلى اتفاق فبراير 2009م والتي تنص الفقرة الأولى منه على ما يلي: (إتاحة الفرصة للأحزاب والتنظيمات السياسية ومنظمات المجتمع المدني من مناقشة التعديلات الدستورية اللازمة لتطوير النظام السياسي والنظام الانتخابي بما في ذلك القائمة النسبية) وذلك على النحو التالي : تلتقي أحزاب اللقاء المشترك مع المؤتمر الشعبي العام كممثلين لشركائهم وحلفائهم في لقاء تمهيدي يقوم فيه كل من الطرفين بتحديد وتسمية شركائهم وحلفائهم والذين سيمثلون الطرفين في اللجنة المشتركة للإعداد والتهيئة للحوار الوطني ولا يجوز لأي طرف الاعتراض على ما يقدمه الطرف الآخر. بعد استكمال تحديد القائمتين يتم تشكيل اللجنة المشتركة للإعداد والتهيئة للحوار الوطني من القائمتين بالتساوي بعدد إجمالي قدره مائتا عضو. يوقع على محضر الاتفاق الأطراف الموقعة على اتفاق فبراير 2009. يستحضر الطرفان إلى جانب ما ورد أعلاه قائمة أخرى بأسماء الأحزاب والقوى والفعاليات السياسية والاجتماعية والوطنية ومنظمات المجتمع المدني التي سيتم الاتصال بها والتشاور معها من قبل لجنة الإعداد والتهيئة للحوار وضم كل من يقبل بفكرة الحوار الوطني إلى قوام اللجنة بنفس المعايير التي يتم بها تشكيل اللجنة من حيث العدد والتمثيل. - استكمال التشاور مع بقية الأحزاب والقوى السياسية والفعاليات الاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني الراغبة في الانضمام للحوار الوطني دونما استثناء. إعداد البرنامج الزمني للحوار والضوابط المنظمة له. تتخذ اللجنة قراراتها بالتوافق وتكون ملزمة للجميع. رئاسة اللجنة دورية وتعقد أول اجتماع لها في قاعة المركز الثقافي بالعاصمة صنعاء. يعين كل من طرفي الحوار رئيسا ونائبا يمثله وإذا كانت الرئاسة لأي طرف يكون النائب من الطرف الثاني ويشكل الرئيسان والنائبان هيئة رئاسة لجنة الحوار الوطني الشامل وتسري هذه القاعدة على اللجان المنبثقة عنها. تكون أعمال اللجنة علنية وشفافة بما يمكن الرأي العام والأشقاء والأصدقاء من متابعة سير الحوار أولا بأول وفيما يخص الأطراف الأخرى في البلاد وخاصة قيادات الحراك والحوثيين فقد جاءت مواقفها متباينة من الاتفاق ، ففي الوقت الذي قال فيه الحراكيون إن الاتفاق لا يعنيهم ، أظهر الحوثيون ارتياحهم ودعمهم للاتفاق الموقع بين أحزاب اللقاء المشترك والمؤتمر الشعبي العام ، معتبرين انه "سيهيئ الخطوات لإجراء حوار شامل لا يستثني أحداً". وقال الحوثيون في بيان صادر عن المكتب الاعلامي لعبدالملك الحوثي ، "لأن إنهاء ظروف ومخلفات الحرب في (محافظات صعدة وعمران والجوف) من الركائز الأساسية لتطبيع الوضع السياسي فإننا ننتظر أن يتم الوفاء بالتزامات إطلاق كل المعتقلين دون تأخير أو استثناء، وذلك لتجنيبهم وذويهم مزيداً من المعاناة الغير مبررة". وطالب البيان بالبدء فوراً بإعادة الإعمار، وتعويض المتضررين، وإيقاف الاعتقالات، وعودة الموظفين والمنقطعين إلى أعمالهم، لأنها السبيل الناجح والعادل لإنهاء شبح الحرب وتطبيع الوضع في المحافظات التي طالها النزاع. وأكد البيان على تعاونهم في هذه المهمة رأفةً بالمواطنين وحرصاً على التوافق السياسي الذي يخدم الجميع. من جانبها باركت أحزاب التحالف الوطني الديمقراطي في اليمن الاتفاق واعتبرت توقيت التوقيع "يمثل دليلاً جديداً على حكمة وحنكة رئيس الجمهورية وحرصه على جمع فرقاء الحياة السياسية في اليمن". وأملت في اجتماعها الأحد الفائت أن يمثل الاتفاق مدخلاً لإنهاء حالة الشقاق والخلافات ،وان يكون بداية جديدة للعمل في سبيل مواجهة التحديات الماثلة أمام البلد. ودعت في بلاغ صحفي الجميع للإسراع في وضع جدول زمني محدد لوضع موضوعات الحوار على الطاولة وبما يجنب إهدار الوقت وتكرار ما حدث منذ التوقيع على اتفاق فبراير العام الماضي، مشددة على حرص الجميع على المضي نحو إجراء الانتخابات النيابية المقبلة في موعدها الدستوري في ال27 من أبريل 2011م واستكمال كافة الإجراءات المساعدة على ذلك.