بات الحراك الجنوبي غير قادر على لملمة صفوفه إثر الخلافات المحتدمة بين قيادات فصائله التي تجاوزت الغرف المغلقة إلى السطح ، والتي وصلت حد التخوين والتحريض بين عدد كبير من قيادات ونشطاء الحراك. الأمر لم يتوقف عند هذا الحد بل امتدت الخلافات إلى معارضة الخارج التي ترغب في أن تكون المحرك الرئيس لحراك الداخل وإعداد مشاريعه السياسية وهو مالم يقبل به الأخير الذي أعلن عن مشروع سياسي منفصل عن مشروع كانت معارضة الجنوب في الخارج أرسلته لإقراره داخلياً. وشهدت الساحة الجنوبية خلال الأيام الماضية العديد من الأحداث والمستجدات التي قلبت موازين بعض القوى القيادية التي رافقت مسيرة الحراك السلمي منذ انطلاقته في السابع من يوليو 2007م والتي اتُهمت بمحاولة تفكيك الحراك السلمي الجنوبي وتسخيره لصالح أحزاب وتنظيمات سياسية. وأثارت هذه المستجدات, حالة من السخط والتذمر بين جماهير وقواعد الحراك التي باتت تطالب اليوم بتنقية الحراك من القيادات - التي وصفتها- بالمتآمرة والمتخاذلة عن أداء المهام والواجبات المناطة بها . وعن ما حمله لقاء يافع الأخير من أبعاد ودلالات ومدى قدرته على النجاح أو الفشل ، اتهم القيادي في الحراك الجنوبي علي هيثم الغريب قيادات في الحزب الاشتراكي اليمني بالتآمر على الحراك ومحاولة السيطرة على قيادته لتفكيكه وتمزيقه لخدمة حزبهم ومصالحهم الشخصية. وأكد الغريب - في تصريح نشرته أسبوعية (الأمناء) الصادرة من عدن- على ضرورة وحدة الصف الجنوبي التي من شأنها إيقاف تيار الحركة المضادة الآتية من بعض القيادات الاشتراكية وهو تيار قال بانه لا يكتفي بتكريس التجزئة وتحقيق السيطرة على الحراك بل بات يسعى إلى المزيد من التفتيت والتمزيق وتشكيل لجنة تحضيرية للمؤتمر الوطني القادم يسهل سيطرته عليها.مضيفاً "إن الوقت قد حان لكي يضع الحراك الجنوبي لنفسه أهدافاً وحدوية أولها رفض الازدواج بالعضوية فإما الحراك وإما العضوية الحزبية" وزاد"نرفض رفضاً قاطعاً طريقة التبعية والإلحاق التي يقوم بها بعض الاشتراكيين والتي تصادر العمل الوطني لمصلحة الحزب ومنظماته القاعدية في الجنوب ومحاولتهم تشويه الشرفاء وإبعادهم من قيادة الحراك وإسقاط مشروعهم الوطني تحت شعار اليأس منه أو سقوطه التاريخي مما قد يؤدي إلى وقوع الحراك الجنوبي أسير لغة غير مفهومة وشعارات غير عملية. وأشار الغريب إلى جملة من الشواهد التي قال إنها تؤكد حجم المؤامرة التي يحاول من خلالها من سماهم بالاشتراكيين الاستحواذ على قيادة الحراك وتجيير أنشطته وفعالياته لصالح الحزب والنظام الحاكم. وقال:"لقد كانت هناك مساع للسيطرة على الحراك الجنوبي من خلال مجلس قيادة الثورة الذين رفضوا إشراك شرائح المجتمع الجنوبي فيه على مدى ستة أشهر وبعد توسل واستجداء وافق الاشتراكيون على توسيعه على أن يكون التوسع على مقاسهم وبدأوا بمحافظة لحج، حيث اختاروا لمجلسها رئيسا اشتراكيا وأربعة نواب ثلاثة منهم اشتراكيون وناطق رسمي اشتراكي وأمين عام اشتراكي. هذا الهجوم على الحزب الاشتراكي جاء بالتزامن مع تأكيده على أنه سيواصل دعمه للقضية الجنوبية دون أن يلتفت لمن وصفهم ب"أولئك المهرجين والمتكسبين الذين يحاولون الإساءة إلى قضية الجنوب العادلة وما يصدر عنهم من مواقف مغامرة، تلتقي في نهاية المطاف مع أهداف السلطة التي تسعى بكل الوسائل للإطاحة بهذه القضية والقوى الحاملة لها بروح وطنية مسئولة من قوى الحراك السلمي". وذلك في إشارة على ما يبدو إلى بعض القيادات المحسوبة على الحراك. من جهته قال العميد قاسم عثمان الداعري إن ما حدث ويحدث اليوم عبارة عن ممارسات أفراد. وقال في تصريح:"هناك قيادات في الحراك للأسف إلى حد الآن لم تدرك أهمية الاستفادة من أخطاء الماضي وسلبياته ولم تعمل على إشراك أصحاب الفكر والإبداع الذين يمتلكون القدرة على التحليل والتصويب والقراءة المتمعنة لمسيرة الحراك وبالتالي فإن العلاج الشافي والكافي الذي يمكن من الخروج من هذا الوضع هو اعتبار مبدأ الديمقراطية الداخلية أساسا للعمل التنظيمي الهيكلي والأخذ بمبدأ التدوير مع تحديد الفترات الزمنية التي أقلها ستة أشهر وأكثرها عام لكل مواقع قيادات الحراك دون استثناء". واعتبر أن ذلك سوف يحول الحراك إلى مدرسة للديمقراطية بكل ما تعنيه الكلمة. وبالرغم من حالة الشتات التي وصل إليها الحراك فإن هناك محاولات لتوحيده وتدفع معارضة الخارج في هذا الاتجاه لكنها تصطدم برفض داخلي ، وبحسب المعلومات فإن هناك مساع من قبل أطراف خارجية للضغط على معارضة الجنوب بهدف الاتفاق على قيادة موحدة فاعلة تشكل من الصف الأول للحراك الجنوبي في الداخل. وكشفت مصادر مطلعة عن لقاءات جنوبية تجري في القاهرة للخروج بمشروع سوف يقدم لاحقاً إلى مؤتمر الرياض المزمع انعقاده أوائل فبراير القادم . وحضر لقاءات القاهرة الرئيس علي ناصر محمد والمهندس حيدر العطاس ومحمد علي أحمد وصالح عبيد وقيادات أخرى. وبحسب ذات المصادر فإن المشروع الذي تسعى القيادات الجنوبية إلى الاتفاق حوله يؤسس لنظام كونفيدرالي في اليمن سوف يقدم إلى مؤتمر الرياض، شريطة أن تتمكن هذه القيادات من الحصول على تمثيل أو إجماع جنوبي حولها يمكنها من التفاوض باسم الجنوب. وكان قادة المعارضة الجنوبية في الخارج بزعامة المهندس حيدر العطاس انتهت من صياغة أول مشروع لبرنامج سياسي وهيكل تنظيمي، وإرساله إلى الداخل لدراسته وإثرائه بالمقترحات وصولاً إلى إنجاز الصيغة النهائية له. وبالنظر إلى مكونات المشروع السياسي فإنه يقوم كلية على العمل باتجاه "فك الارتباط على طريق التحرير والاستقلال". ويعرّف المشروع الحراك بأنه "حركة جماهيرية سلمية والأداة والوسيلة النضالية لأبناء الجنوب، المعبرة عن إرادة شعب الجنوب في التحرر من وحدة الضم والإلحاق والدم والموت واستعادة هويته وسيادته ودولته المدنية المستقلة". ويضع المشروع هدفين للحراك، غير أن أحدهما ليس هدفاً خاصاً بمرحلة الحراك الحالية بل افتراض لمرحلة يكون قد أقام فيها دولته. حُدد الهدف الأول بأنه "النضال السلمي الدؤوب من أجل تحقيق فك الارتباط مع "الجمهورية العربية اليمنية" على طريق التحرير والاستقلال واستعادة دولته المدنية المستقلة". ولتحقيق هذا الهدف، يقول المشروع إن الحراك سيناضل لإجبار النظام الحاكم على "القبول غير المشروط بالحوار المباشر وتحت رعاية وضمانة إقليمية وعربية ودولية مع الجنوب وممثليه_ على أن تشكل قيادة الحراك وفد الجنوب للحوار ممثلاً للجنوب بكل شرائحه السياسية والاجتماعية_ أما الهدف الثاني ف"إقامة علاقات شراكة مستقبلية تفضيلية ومتطورة مع "الجمهورية العربية اليمنية" بعد استعادة الجنوب لدولته المستقلة في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية". ويتضمن مشروع البرنامج (13) مبادئ لعمل الحراك أبرزها نص على أن "تجمد فروع الأحزاب السياسية العاملة في الجنوب نشاطها فيما يخص التعامل مع القضية الجنوبية والالتزام ببرنامج الحراك الجنوبي الشعبي السلمي (و) انخراط أعضائها في الهيئات القيادية وأنشطة الحراك المختلفة". ويضيف في مبدأ آخر أن "لا تعلو أي مصلحة حزبية أو فئوية أو فردية فوق مصلحة شعب الجنوب وقضيته العادلة". ويؤكد المشروع على أنه"يرمي إلى تنظيم العمل الوطني للجنوب في إطار مشروع تحديثي وطني شامل لبناء الدولة المستقلة الجديدة، المدنية الديمقراطية، دولة النظام والقانون والنقيضة تماماً لكل النظم السياسية القديمة والحالية". وأورد مشروع البرنامج لاستعادة الدولة في جنوب البلاد (12) خطوة تتخذها جمعية وطنية (برلمان) خلال فترة انتقالية مدتها عامان-تتألف الجمعية الوطنية المؤقتة من 301 عضو بإشراف "الجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي والأمم المتحدة". ووفقاً للبرنامج، يناط بالجمعية الوطنية (13) إجراء أهمها انتخاب مجلس رئاسة من رئيس وستة أعضاء يمثلون المحافظات الجنوبية الست وإعداد دستور للدولة (المفترضة) والمصادقة على استعادة العلاقات الدبلوماسية مع الدول والمصادقة على "خطة إعادة تشكيل القوات المسلحة والأمن". ومنوط بالجمعية أيضاً إعادة تشكيل جهاز للرقابة والمحاسبة" و"اتخاذ الإجراءات القانونية لإعادة الممتلكات المصادرة والمؤممة بعد الاستقلال وإعادتها لأصحابها" إضافة إلى "اتخاذ الإجراءات الكفيلة بمعالجة وإزالة آثار حرب 94". ووضع المشروع تصوراً لبناء الدولة من (18) مبدأ سماها "أسس بناء الدولة" ومعظمها أسس تقليدية، كتسمية الدولة ودينها وعاصمتها وحدودها ونظامها الذي حدده بالجمهوري الفيدرالي البرلماني. ولا يضيف المشروع جديداً بشأن أسس بناء الدولة أكثر من الشخصية التقليدية للدول الحديثة في استقلال القضاء واقتصاد السوق والفصل بين السلطات وتبادل التعاون والاحترام بين دول العالم فضلاً عن التعددية السياسية. علاوة على ذلك تضمن المشروع تصوراً لهيكل تنظيمي للحراك يقوم على محوري الخارج والداخل وبينهما قواسم مشتركة كاقتراحه "تشكيل مرجعية سياسية غير معلنة من 31-51 شخصية جنوبية من الداخل والخارج وتكون بمثابة الهيئة المرجعية العليا للحراك الجنوبي الشعبي السلمي". ويقترح مشروع الهيكل فتح مكتب رئيس في لندن وتشكيل لجان لمناصرة الحراك ودعمه في "أميركا وكندا والبلدان الأوروبية وروسيا الاتحادية". على صعيد الداخل، يقترح المشروع إعادة تشكيل "المجلس الأعلى للحراك الجنوبي الشعبي السلمي" ليستوعب كل الطيف السياسي والاجتماعي للجنوب بأعداد متساوية للمحافظات "وبنفس النسق" يشكل في كل محافظة مجلس لقيادة الحراك" وكذا في كل مديرية. كما يقترح المشروع إعداد ميزانية سنوية بتقدير دقيق، تتشكل مواردها من "اعتماد سنوي ثابت" لم تحدد جهة اعتماده والمساعدات والتبرعات إضافة إلى الاشتراكات. وعلى ما يبدو فإن هذا المشروع الذي اصطدم باعتراض بعض قيادات الحراك في الداخل التي أعلنت عن برنامج سياسي آخر قد أثار مزيداً من الخلافات الحراكية-الحراكية. فبعد لقاءات مطولة ووسط خلافات بين قيادات الحراك – قال رؤساء مجالس الحراك في المحافظات الجنوبية في بيان لهم إنهم أقروا مسودة البرنامج السياسي لمجلس الحراك السلمي لتحرير الجنوب والذي سيتم إنزاله إلى المحافظات والمديريات لوضع الملاحظات والتعديلات عليه قبل إقراره بصورته النهائية ،مؤكدين أنهم سيظلون في اجتماعات مستمرة حتى إتمام بقية المهام التي سيتضمنها البيان السياسي. وصدر البيان السياسي للمشروع مذيلاً بتوقيع من قالوا إنهم رؤساء مجالس المحافظات للحراك السلمي لتحرير الجنوب وهم ( عبدروس أحمد حقيس -مجلس الحراك السلمي بمحافظة أبين، د. ناصر محمد الخبجي- مجلس الحراك السلمي بمحافظة لحج، سعيد محمد سعدان -مجلس الحراك السلمي بمحافظة المهرة، أحمد محمد بامعلم -مجلس الحراك السلمي بمحافظة حضرموت،شلال علي شائع -مجلس الحراك السلمي بمحافظة الضالع ،أحمد ناصر باعوضة -مجلس الحراك السلمي بمحافظة شبوة ،الدكتور فاروق حمزة- مجلس الحراك السلمي بمحافظة عدن)