دعت دراسة اقتصادية حديثة الحكومة إلى ضرورة الاهتمام بالإنتاج الزراعي بشكل عام، وإنتاج الحبوب بشكل خاص، واستغلال كافة الإمكانيات الزراعية التي تتمتع بها اليمن من حيث المساحات الزراعية ، واستغلال جزء كبير من القروض والمساعدات الخارجية وتوجيهها لإنتاج الحبوب، وتخصيص مبلغ (200) مليون دولار أي ما يعادل(40) مليار ريال لإنتاج الحبوب، وأوضحت الدراسة التي أعدها الدكتور حسن ثابت أستاذ الاقتصاد جامعة صنعاء تحت عنوان أهمية القطاع الزراعي وسبل تمويله لتحقيق الأمن الغذائي والتي قدمها في ندوة الترشيد والأمن الغذائي في اليمن التي عقدت مؤخرا، أن الاعتماد على الخطط السنوية قصيرة الأجل لتنمية القطاع الزراعي وتحقيق الأمن الغذائي غير مجدية، ورغم توفر ذلك لعشرات السنين إلا أن أزمة الغذاء تزداد حدة مع مرور الزمن حتى أصبحت اليمن لا تنتج سوى (5%) من حاجتها من القمح و(15%) من حاجتها من الحبوب بشكل عام، ومن ثم لا بد من وضع خطة إستراتيجية طويلة المدى لتحقيق الأمن الغذائي من الحبوب خاصة، وأن اليمن تملك من المقومات والإمكانيات الزراعية ما يجعلها تحقق الاكتفاء الذاتي من الحبوب، وتحقق فائضاً للتصدير، ونصحت بالاستفادة من تجارب الإنتاج الزراعي في الدول المجاورة الشبيهة أوضاعها بأوضاع اليمن.وطالبت الدراسة بحصر الأراضي القابلة للزراعة بالحبوب في الخمس المناطق المذكورة في من البحث، ووضع خطة إستراتيجية لاستغلالها بحسب أهمية وجودة كل منطقة، وأن تخصص الأراضي للزراعة وفقاً لميزاتها الإنتاجية لكل محصول زراعي، وألا يترك ذلك لاجتهادات المزارعين ، وأوصت بعمل مزارع نموذجية، وتستثمر لصالح المجتمع، أو أن تستصلح الحكومة الأرض ثم تؤجرها أو تبيعها للقطاع الخاص بأسعار رمزية وتخصيصها لزراعة القمح، أو أي محصول ترى الحكومة أن هناك حاجة إليه ، ودعا الدكتور ثابت في دراسته إلى تفعيل دور القطاع الخاص، وتشجيعه ودفعه إلى الاستثمار في إنتاج الحبوب، ذلك أن القطاع الخاص يمتلك إمكانيات كبيرة وجزء كبير منها معطل، ويرى أنه يمكن تشجيع القطاع الخاص للاستثمار في إنتاج الحبوب وذلك من خلال إعفاء المنتجين الزراعيين من أي رسوم إنتاج، أو تصدير للحبوب، وأن تأخذ منهم الزكاة الشرعية فقط ويمكن للحكومة أن تمنح القطاع الخاص الأراضي الزراعية بقيمة رمزية، وتشترط عليهم فقط استثمارها في إنتاج الحبوب وفق عقود شرعية، وإذا خالفوا العقود تنزعها منهم، وتعطى لغيرهم . وبحسب الدراسة فإن الحكومة كجهاز إداري ومالي ضخم يقع على عاتقها واجب شرعي لإنصاف المجتمع من الاستبداد، والتبعية الاقتصادية للخارج، وإعفاء المجتمع من محظور الربا، وترى أنه يمكن أن تمول إنتاج الحبوب بشكل خاص، والإنتاج الزراعي بشكل عام من خلال أن يعود البنك الزراعي كما كان عليه وهو بنك زراعي متخصص في تمويل الإنتاج الزراعي، وبالذات في إنتاج الحبوب، يرى الباحث أن يخصص البنك على الأقل (50%) من استثمارات صندوق التشجيع الزراعي لتمويل إنتاج الحبوب، وإذا كان ذلك غير ممكن في اللحظة الراهنة فلتكن قروضه برسم زهيد لا يتجاوز (3%) فقط باعتبار أن الصندوق يتبع مؤسسة حكومية ليس هدفها الربح، وإنما تشجيع الإنتاج الزراعي، أو بالمجان لأن العاملين فيه هم موظفون حكوميون يتقاضون رواتبهم من الخزينة العامة ، وطالب الدكتور ثابت الحكومة بشراء القمح من المزارعين بأسعار تشجيعية، ثم تقوم ببيعه بأسعار السوق وذلك بهدف دفع المزارعين لإنتاج الحبوب ، وشددت الدراسة على تقديم القروض الحسنة لمنتجي الحبوب عن طريق احد أجهزتها المالية لتشجيع إنتاج الحبوب، وسواء كان ذلك في تقديم القروض النقدية، أو عن طريق تقديم مستلزمات الإنتاج مثل البذور والعدد والآلات، وإنشاء وتقوية البحث العلمي في مجال الإنتاج الزراعي، وخاصة في مجال إنتاج الحبوب، وانتقاء البذور المحسنة التي تضاعف الكمية الإنتاجية لنفس المساحة، ونفس المستلزمات، وقد أثبتت التجارب أن بعض الأصناف المحسنة من البذور تؤدي إلى مضاعفة كمية الإنتاج بمقدار عشرة أضعاف، يرى أن اليمن تعاني من مشاكل تنظيمية في مجال الإنتاج الزراعي بشكل عام، وإنتاج الحبوب بشكل خاص وبالذات في مجالي الإنتاج والتسويق، وأن الاعتماد على الاستيراد خلال الخمسين سنة الماضية قد أدى إلى ظهور تلك المشاكل التنظيمية، ومن ثم فإن الباحث يوصي بحل تلك المشاكل التنظيمية والتركيز في المقام الأول على إنتاج الحبوب وتنظيم تسويقها بين المحافظات والمدن المختلفة . مشيرا إلى أن هناك تنوعاً كبيراً في مصادر التمويل اللازمة لإستراتيجية تحقيق الأمن الغذائي، وأنه يمكن للحكومة أن تضع إستراتيجية للتمويل لتحقيق الأمن الغذائي عن طريق البنك المركزي اليمني، وأن تلزم الحكومة البنوك التجارية بتخصيص جزء من قروضها لتمويل القطاع الزراعي بما لا يقل عن (10%) من قروضها السنوية لتمويل القطاع الزراعي، وسيوفر ذلك ما لا يقل عن (42) مليار ريال يمني سنوياً باعتبار أن قروض وسلفيات البنوك التجارية والإسلامية قد بلغت حتى نهاية يوليو 2008م (426) مليار ريال.