على الرغم من المساعي التي يتبناها الرئيس على عبدالله صالح لإعادة الأحزاب الممثلة في البرلمان الى طاولة الحوار - الذي تعثر بعد فشل الأحزاب في التوصل إلى صيغة توافقية لمشروع تعديلات قانون الانتخابات والاستفتاء وطبيعة تشكيل اللجنة العليا للانتخابات- كان آخرها اجتماعا مطولا عقده الرئيس مع قيادات أحزاب البرلمان المعارضة، بغياب المؤتمر قبل أسبوعين ،تم الاتفاق فيه على استئناف الحوار وفق رؤية يقدمها المشترك والمؤتمر. غير ان السجال السياسي بين المؤتمر الشعبي العام (الحزب الحاكم في اليمن) وأحزاب المعارضة المنضوية في تكتل اللقاء المشترك دخل منعطفا خطيرا خلال اليومين الماضيين عقب تصريحين لقياديين في اللقاء المشترك ،الاول لناطقه الرسمي محمد الصبري الذي اتهم المؤتمر بالقضاء على الحوار ،معتبرا قيام المشترك بأي حوار مع المؤتمر جريمة كبرى بحق المواطنين، والثاني مهاجمة القيادي الاخواني فتحي العزب -رئيس دائرة الإعلام والثقافة بالتجمع اليمني للإصلاح -المؤتمر الشعبي العام واتهمه بتوفير المظلة الأمنية للفاسدين ،دعا الشعب إلى إنقاذ نفسه بعمل جاد وحاسم في الانتخابات البرلمانية القادمة 2009م وذلك بإسقاط المؤتمر الشعبي العام في الانتخابات المقبلة ووضعه في مزبلة التاريخ التي هي المكان اللائق به على حد توصيفه. ذلك الهجوم الاعلامي الجديد من قبل قيادات الصف الثاني في المشترك –في توقيت كان يحضر فيه أمناء عموم الاحزاب في المؤتمر والمشترك لعودة الحوار برعاية من الرئيس صالح –دفع المؤتمر الحاكم للخروج من صمته وتوجيه سيل من التصريحات الغاضبة تباعا خلال اليومين الماضيين حيث علق رئيس الدائرة الإعلامية في المؤتمر الشعبي العام طارق الشامي على تصريحات ناطق المشترك محمد الصبري حول الحوار بالقول:إن المؤتمر كان في غنى عن أي رد على أخر " أبواق " المشترك لولا أن تصريحه حاول قلب الحقائق بشأن إيقاف الحوار مما يستدعي إيضاح ذلك للناس . وقال الشامي : إن من أوقف الحوار هو اللقاء المشترك الذي حاول جاهداً عدم الالتزام بوثيقة قضايا وضوابط وضمانات الحوار بالبدء ببندها الأول وهو اتفاق المبادئ الموقع بين الأحزاب ووفقاً لاتفاق الجميع بأن يتم التعاطي مع الوثيقة بالتراتب بحسب القضايا المحددة فيها ،إلى جانب عدم التزام المشترك بتنفيذ اتفاق المبادئ الذي وقعته الأحزاب في يونيو من العام 2006م وهو الاتفاق الذي سبق الانتخابات الرئاسية والمحلية في اليمن في سبتمبر 2006م. وأضاف رئيس الدائرة الإعلامية بالمؤتمر في تصريح الثلاثاء :إن تعطيل الدستور والقانون هي اكبر جريمة يرتكبها المشترك ،وان الإساءة إلى سمعة الوطن وعرقلة عملية الاستثمارات والتنمية وتزييف وعي المجتمع وبث الفتنة وروح الكراهية.،وأن الفساد السياسي الذي تمارسه تلك الأحزاب هو أكبر جريمة يرتكبها المشترك . واستدرك الشامي :وليس الحوار الهادف إلى المضي بعملية الإصلاحات وقيام حكم محلي شامل وتوسيع مشاركة المرأة في الحياة السياسية ومنحها نسبة ( 15%) في الانتخابات وإنشاء سلطة تشريعية من غرفتين ( النواب ، والشورى ). وقال الشامي: نتمنى في المؤتمر أن تثبت تلك الأحزاب ولو لمرة واحدة جديتها ومسئوليتها إزاء قضايا الوطن ،مضيفاً:وإذا كان الصبري يحاول خداع الرأي العام بشأن اللقاء مع رئيس الجمهورية لأنه لم يكن حاضراً فيه فقد كان الأجدى أن يعاتب قياداته في المشترك لعدم اصطحابهم له دون الذهاب نحو الخداع والتزييف . واختتم الشامي بالقول: وعلى الرغم من كل ذلك فإن المؤتمر يترفع عن الإنجرار لمثل هذه المناكفات ويؤكد حرص المؤتمر على مواصلة الحوار وفق وثيقة قضايا وضوابط وضمانات الحوار الموقعة بين الأحزاب الممثلة في مجلس النواب ،مشيراً في الوقت ذاته إلى أن الحوار متواصل مع بقية القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني في اليمن . وفي نفس الاتجاه كان تصريح آخر لسلطان البركاني – الأمين العام المساعد للمؤتمر والذي اتهم فيه المشترك بتعطيل الحوار بعدم التزامه بتنفيذ وثيقة القضايا والضمانات البند الأول منها المتعلق باتفاق المبادئ والذي حدد في الوثيقة لتنفيذ البنود بالتراتب، مؤكدا في تصريح لا سبوعية الوسط امس أن المشكلة القائمة داخل الإصلاح واللقاء المشترك المتمثل في الخلاف على الكوتا الخاصة بالنساء والذي لا زال الإصلاح يتعامل معها بنظرة عقائدية كما يدعي بحيث جعله يرهن الحوار بإلغاء هذه النقطة. وعن إمكانية الحوار مع المشترك أكد البركاني جاهزية المؤتمر لذلك قائلا إننا جاهزون للحوار بل وحريصون عليه وحتى لا نعطل الاستحقاقات الانتخابية فإن أمام المؤتمر خياراً آخر في حالة إعاقة المشترك للحوار وهو المضي في تعديل قانون الانتخابات وجعله أول بند في جدول أعمال مجلس النواب للفترة القادمة مضيفا وأمام المشترك حتى 20 مارس ليراجع نفسه ويحل خلافاته الداخلية وإلا فلسنا مسئولين عن حل مشاكل الإصلاح واللقاء المشترك التي هي السبب الحقيقي المعيق للحوار وزاد: نحن ننتظر الوفاء بما تم الاتفاق عليه في لقاء قادة المشترك مع الرئيس الأسبوع الماضي وقد كانت بمثابة الفرصة الأخيرة لهم. وارتفعت حدت التصريحات المؤتمرية تباعا مساء أمس الأربعاء حيث قال مصدر مسئول في الأمانة العامة للمؤتمر الشعبي العام إنه إذا كان ثمة جريمة يتحدث عنها الناطق باسم المشترك، فإنها الجريمة المتمثلة في الحوار مع أعداء الاستثمار والتنمية، وداعمي الإرهاب والفوضى، ومخربي السلام الاجتماعي والوحدة الوطنية. وأضاف المصدر إن المؤتمر الشعبي العام"الحاكم في اليمن" يسعى من خلال الحوار أن يصلح ما يفسده الآخرون، وأن يرشد المشترك إلى سواء السبيل، سبيل التآخي و الحب بين الناس، وليس سيبل الكره والبغضاء وإشعال الحرائق وإضرام نيران الفتنة. وقال :" إن الناطق الرسمي باسم المشترك عبر عن مكنونات نفسه في التدمير والتخريب، والغريب في الأمر أن هذا الناطق ينتمي إلى حزب يدعي الانتماء إلى التيار الوحدوي الشعبي، غير أنه يعيش حالة من انفصام الشخصية التي تعلن نفسها الانتماء للطائفية والمناطقية والنرجسية.. الغرور المفرط في ذاتيته. إنه صورة مخزية من التناقض الذهني والنفسي، وحالات تتطلب علاج يحتاج لوقت طويل". واعتبر المصدر المؤتمري أن الآخرين المنتمين إلى ما يسمى بالمشترك فإن سكوتهم عن هذا السلوك المشين يعتبر تماهياً واضحاً مع الحالات الباطنية التي يعيشونها وتعبيراً عن رغبتهم الكامنة في تمزيق الصف الوطني، وخلق الفراغات التي يصبح الإرهاب والعنف موعداً بملئها وهذا هو الاحتراب بعينه. وقال :" أما مزبلة التاريخ التي تحدث عنها العضو القيادي في الإصلاح.. فليعلم هذا العزب أنه أو ل من ألقي به فيها ". واختتم المصدر المسئول بقوله تعالى ( وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون، إلا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون) صدق الله العظيم . وعقب ذلك نشر موقع الحزب الحاكم ما يشبه التهديد المبطن لاحزاب المشترك من انه سيوقف أي حوارات مع المعارضة، وانجاز التعديلات الدستورية بالاعتماد على اغلبيته في البرلمان- في مقدمتها ذات الصلة بالانتقال إلى الحكم المحلي ولجنة الانتخابات من قضاة - دون "حوار"، وهو القرار الذي كانت قد اتخذته اللجنة العامة للحزب مؤخرا خلافا لمطالب الرئيس حينها ب"ضرورة العودة للحوار". حيث نقل ذات الموقع عن مصادر برلمانية القول :أن لجنتي الشؤون الدستورية والقانونية والحريات العامة وحقوق الإنسان بمجلس النواب ستعقدان اجتماعاً بداية الأسبوع القادم لمناقشة مشروع تعديلات قانون الانتخابات العامة والاستفتاء وفقاً لمقترح التعديل المقدم من الحكومة بتشكيل اللجنة العليا للانتخابات والاستفتاء من القضاة والذي جاء تنفيذاً لاتفاق المبادئ الموقع بين الأحزاب ففي اليمن في يونيو 2006م . وأكدت المصادر أن مشروع التعديلات المقر من اللجنة سيكون على رأس جدول أعمال المجلس للفترة القادمة التي ستعقد في 20 من مارس الجاري . وكان رئيس اللجنة الدستورية في مجلس النواب علي أبو حليقة دعا أحزاب اللقاء المشترك إلى الاستجابة لدعوة المؤتمر الشعبي العام للحوار حول مختلف القضايا الوطنية وفي مقدمتها المشاريع المطروحة للإصلاح السياسي والتعديلات الدستورية وتشكيل اللجنة العليا للإنتخابات. وقال أبو حليقة: إن تقاعس أحزاب المعارضة عن الحوار سيؤثر سلبا على العملية الديمقراطية ويحدث تراجعا فيها وقد يتسبب في تأخير إجراء الانتخابات القادمة . وقدمت الحكومة إلى البرلمان في 25 نوفمبر من العام المنصرم طلباً بتعديل بعض مواد قانون الانتخابات العامة والاستفتاء رقم (13)لسنة 2001م. وتضمن مشروع التعديلات إعادة النظر في المواد (19،22،21). .ونص تعديل المادة(19) من قانون الانتخابات على تشكيل اللجنة العليا للإنتخابات من سبعة أعضاء يختارهم رئيس الجمهورية من بين 14 يزكيهم مجلس النواب من جملة 22 قاضياً يرشحهم مجلس القضاء الأعلى بناء على طلب من البرلمان .وتقر قائمة المرشحين بأغلبية الثلثين في مجلسي النواب والقضاء الأعلى . ردود أفعال المؤتمر الحاكم لم تقف عند ذلك حيث وجهة في تصريح (هو الخامس من نوعه في اقل من 24 ساعة) صباح اليوم الخميس ، ردا لاذعا على تصريحات القيادي الاخواني فتحي العزب اذ سخر مصدر إعلامي في المؤتمر مما دعا إليه العزب مسئول دائرة الإعلام في حزب الإخوان المسلمين في اليمن "التجمع اليمني للإصلاح" حول إسقاط المؤتمر الشعبي العام..الخ ما جاء في حديثه والتي وصفها المصدر ب هرطقات. وقال المصدر "لقد تعودنا مثل هذه العنتريات الكلامية من مثل هذا "العزب" ومن كانوا على شاكلته وهي نابعة من شعور باليأس والإحباط والإحساس المسبق بالهزيمة والفشل الذي يتملك مثل هذا "العزب" وغيره من المتطرفين في حزبه ومن يسيرون في فلكه نتيجة ممارساتهم غير المسئولة وأفكارهم الظلامية المتطرفة التي ظلوا يؤمنون بها والتي لا تخلق سوى النفور الشديد منهم وعدم الثقة في كل ما يقولون أو يفعلون. وأضاف المصدر "لقد سبق للشعب وأن قال كلمته الحاسمة عبر صناديق الاقتراع وهزم أصحاب مثل هذه الأفكار والتوجهات الظلامية المتطرفة ومنح ثقته لمن يستحقها فعلاً ومن يطمأن معه على حاضره ومستقبله ومستقبل أجياله. وتابع :الشعب الواعي هو الذي وبإرادته الديمقراطية الحرة سيلقن هؤلاء مرة أخرى الدرس وسيريهم كيف سيسقطهم عبر صناديق الاقتراع ويغرب بشمسهم ويهيل التراب عليهم ويرميهم وراء التاريخ مجرد ذكرى بائسة لفكر ظلامي عقيم لم يورث سوى التخلف والجهل والخوف بعدم الشعور بالثقة أو الاطمئنان .. واختتم المصدر بالقول: ومن المؤسف أن هؤلاء لم يتعلموا أبداً من ماضيهم ولم يستوعبوا أياً من الدروس التي لقنهم إياها الشعب وعبر مختلف المراحل ولكن موعدنا مع هؤلاء الغد وان الغد لناظره قريب ! . وكان الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني الدكتور ياسين سعيد نعمان (المتسمة تصريحاته بالعقلانية) خلافا لنضرئه في اللقاء المشترك (الإصلاح والناصري) قال أمس الأربعاء إنه كثر الحديث في الآونة الأخيرة حول الحوار بين المشترك والمؤتمر وكأن الحوار بحد ذاته هو الغاية المجردة عن أي غاية أخرى. مضيفا: ولو أن المسألة على هذا النحو لأمضينا العمر كله في حوار أشبه بحوارات الصالونات التي تأخذ طابع الثرثرة وقتل الوقت. وقال في سؤال لاسبوعية "الوسط" عما إذا كان هناك إمكانية لمتابعة الحوار مع المؤتمر، أكد أن المشترك وهو صاحب الدعوة المستمرة إلى الحوار يجد نفسه غير مستعد للمشاركة في ثرثرة من هذا النوع ما لم يتأسس الحوار على قواعد صحيحة وأهداف واضحة وأن يكون محمولا بإرادة سياسية تدفع به نحو شراكة وطنية حقيقية ومسئولة، تخرجه من نطاق التسويات الضيقة التي لا تؤثر في مجرى الحياة السياسية على النحو الذي يتطلع إليه الشعب. وأضاف: لقد جربنا مرارا هذا النوع من الحوارات التي فشلت في استيعاب الحاجة الفعلية لإصلاح الاوضاع السياسية المختلة ومعها الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي اتجهت بالبلاد نحو أزمة وطنية لم يعد الحوار معها مفهوما دون التوقف عندها بجدية وبمسئولية من قبل كل الأطراف الفاعلة في الحياة السياسية والاجتماعية. وحول ما هو حاصل في الجنوب أوضح "أن ما يحدث في الجنوب اليوم هو أحد تجليات هذه الأزمة التي لا بد أن تتصدر أجندة الحوار الوطني باعتبار القضية الجنوبية -كما أكد المشترك- هي البوابة لحل الأزمة الوطنية وهذا ما يجعل الحوار أوسع وأشمل من حيث محتواه وكذا أطرافه". معتبرا أن المؤتمر والمشترك وإن كانا فاعلين في حوار من هذا النوع إلا أنهما ليسا الوحيدين في منظومة الحوار الوطني إذ لا بد من التفكير بجدية في توسيع طاولة الحوار بإشراك كل الأطراف والفعاليات السياسية والاجتماعية الفاعلة حينما يتعلق الأمر بتشخيص طابع الأزمة الوطنية الراهنة. وعن ما يمكن اعتباره مقدمة لحل لما يعتمل داخل البلد من احتقانات. قال: في هذه الظروف التي تتصاعد فيها مخاطر الوقوع في براثن أزمة وطنية عميقة لأبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وفي ظل الظروف التي يطحن فيها الغلاء الفاحش المجتمع على نحو غير مسبوق كمظهر من مظاهر الأزمة وسيكون من المفيد تماما التفكير في آلية وطنية للبدء بحوار وطني يشخص الأزمة ويضع الحلول والمخارج لها. وزاد "على المؤتمر بما فيه من قوى خيرة أن يتواضع ويدرك المخاطر التي يتعرض لها الوطن، ولا تأخذه العزة بالإثم حينما تعوزه القدرة على التصدي لهذه الأوضاع التي يتحمل وحده مسئولية وصول البلاد إليها. وكانت مصادر مطلعه ذكرت في وقت سابق ل(الوطن) ان الاجتماع الذي عقده الرئيس على عبدالله صالح مع قيادة أحزاب المشترك وغاب عنه المؤتمر وأحيط بكتمان شديد من قبل المشترك تم الاتفاق فيه على أن يعد كل من المؤتمر الشعبي العام واحزاب المشترك المعارضة الممثلة في البرلمان(التجمع اليمني للإصلاح،الحزب الاشتراكي اليمني،التنظيم الوحدوي الناصري) ورقتي عمل تتضمن رؤية كل منهما للقضايا التي يفترض ان يبحثها الحور .