بنهاية الأسبوع ُصدق بمرسوم رئاسي على القانون المعدل للوقف الشرعي الذي يلامس احد الملفات تعقيدا في اليمن (الأراضي). واكد مسئول بوزارة الأوقاف والإرشاد في تصريح ل( الوطن ) ان الفترة القليلة القادمة ستشهد تحريكا واسعا باتجاه تحقيق الحماية لأموال الأوقاف عن طريق القضاء ومتابعة اتخاذ الاجراءات القانونية لاستعادة الاعيان التي وقع الاعتداء عليها او تم اغتصابها من قبل نافذين أو من أشخاص آخرين بدون حق. ووصف صدور قانون تعديل بعض مواد القانون رقم (23) لسنة 1992م بشأن الوقف الشرعي بعد ان كان قد اقر من قبل مجلس النواب اثر نقاشات مستفيضة في مطلع مايو الماضي، بأنه يمثل الخطوة الأولى لإصلاح إدارة الأوقاف وتحسين ادائها ومحاربة الفساد بكافة أشكاله وصوره . مؤكدا أن ذلك يبرز في كون القانون يتضمن تحديدا دقيقا لشروط من يتولى إدارة الأوقاف، وتحديد الأسباب الموجبة لعزله ،فضلا عن توفير الحماية الجزائية للأعيان الموقوفة ومستنداتها، وتجريم الاعتداء على أموال الوقف وتشديد العقوبة إذا كان من قام بالاعتداء معتمدا على قوته أو سلطته أو نفوذه أو صنع او استعمل محررا مزورا أو كان موظف بالأوقاف فتكون العقوبة سجن مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تزيد عن سبعة سنوات. وكانت قد كشفت مذكرة حكومية مقدمة الى البرلمان حول مبررات تعديل قانون الاوقاف السابق الصادر عام 1992 عن جملة من الثغرات التي اسهمت في اتساع رقعة الفساد في هذا الجانب من أعمال استيلاء لأراضي موقوفة نفذها نافذين ومسئولين وبعض الموظفين الذين وصفتهم المذكرة بالفاسدين ، وعن انتشار ظاهرة التزوير للمحررات الرسمية والعرفية "بقصد الإستيلاء على املاك الدولة عموماٌ والأوقاف خصوصاٌ". محددات وشروط والقانون المعدل والصادر الاربعاء الماضي حدد أن يكون متولى الوقف مسلماً مكلفاً عدلاً أميناً حسن السيرة والسلوك محافظاً على الشعائر الإسلامية، وأن يكون رشيداً حسن التصرف قادراً على إدارة شئون الوقف والعمل بما نص عليه الواقف وأحكام هذا القانون . وأوجب عزل متولى الوقف العام أو الخاص في حالات فقده شرطاً أو أكثر من الشروط المنصوص عليها أعلاه، أو ثبت خيانته او تفريطه او تقصيره في الوقف، وإذا خالف أحكام الوقف ومقاصد الواقف وإذا قام بتأجير عين الوقف بأقل من أجره المثل حراً زماناً ومكاناً وإذا اختلس شيئاً من أموال الوقف او مستنداته، أو إذا تأخر عن تقديم حسابه وإخلاء عهدته خلال الأربعة الأشهر التالية لإنتهاء السنة المالية، وإذا تصرف تصرفاً مضراً بالوقف أو إذا قصر أو أهمل في المحافظة على عين الوقف أو سهل للغير الاستيلاء عليه وإذا أرتكب جريمة مخلة بالشرف او الأمانة. وينهى القانون ولاية متولي الوقف في حالات الوفاة أو العزل او التنازل عن الولاية ، وأوجب عليه في حال انتهاء الولاية أو ورثته تسليم كافة ما بعهدته من الوثائق والمستندات المتعلقة بالوقف إلى الوزارة او مكاتبها في المحافظات مع بيان وافٍ بالاعيان الموقوفة (مواقعها وحدودها وحالاتها وعائداتها ومصروفاتها ) وعلى وجهة الوقف تسوية حسابة وإخلاء عهدته أو عهدة ورثته . مجلس أعلى للأوقاف ونص القانون المعدل على إن ينشأ بمقتضى أحكامه مجلس أعلى للأوقاف والإرشاد يختص بمناقشة وإقرار الخطط والسياسات العامة للأوقاف والإرشاد والحج والعمرة وغيرها من الخطط المتعلقة بنشاط الوزارة ، ومناقشة وإقرار موازنات الأوقاف وحساباتها الختامية. وتوقع مسئول الأوقاف في سياق حديثة ل(الوطن) ان يشكل المجلس نقلة نوعية في إدارة الأوقاف لانه سيضم بالاضافة الى المختصين بادارة الأوقاف وبعض الجهات ذات العلاقة نخبة من العلماء المتخصصين في مجال الشريعة والقانون والاقتصاد وغيرها من المجالات التي يحتاجها الوقف ، مشيرا الى ان هذه المجلس سيقًوم الاعوجاج أينما وجد من خلال مناقشة تقارير الأداء، وكذلك الموازنات والحسابات الختامية التي يمكن ان تشكل اهم المؤشرات عن مستوى أداء كل قطاع او مكتب او إدارة من إدارات الأوقاف والإرشاد، بالإضافة إلى تقارير الأداء التي ستوضع أمام المجلس (تقارير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة واللجان البرلمانية والهيئات الرقابية ) ، واتخاذ ما يلزم بشأنها ، ودراسة إقرار مناهج المعهد العالي للتوجيه والإرشاد والمؤسسات التعليمية التي تشرف عليها الوزارة . ووفقا للقانون الصادر فيشكل المجلس الأعلي للأوقاف والإرشاد من وزير الأوقاف والإرشاد (رئيسا)، ومفتي الجمهورية (نائبا للرئيس ) وكل من نائب وزير الأوقاف والإرشاد ووكلاء الوزارة وعميد المعهد العالي للتوجيه والإرشاد ورئيس جمعية علماء اليمن ورئيس اتحاد الغرف التجارية والصناعية (أعضاء ) إضافة إلى ثلاثة من المختصين في علوم الشريعة والاقتصاد والإدارة وقاضيان من قضاة المحكمة العليا المتقاعدين يصدر بتعيينهم قرار جمهوري بناء على عرض وزير الأوقاف والإرشاد أعضاء. عقوبات وتوسعت دائرة العقوبات وفقا للقانون المعدل الجديد للوقف الشرعي لمدة لا تقل عن ثلاثة سنوات ولا تزيد عن سبع سنوا ت لكل من (استولي بالقوة عينا موقوفة - اعتدي بالهدم أو البناء في أرض موقوفة - أصطنع محررا بقصد الإستيلاء على أرض ممتلكات الأوقاف - تصرف تصرفا ناقلا لملكية عين من الاعيان الموقوفة ببيعها حرا أو غيره من التصرفات او ساهم بكتابة عقد أو محرر بذلك في غير حالات الاستبدال المنصوص عليها في هذا القانون- من أخفى او أتلف أو غير أو اختلس أو سرق مستندا من مستندات الأوقاف التى يحتج بها امام القضاء أو امتنع عن تسليمه الى الجهة المختصة - من استولى بدون حق على وثيقة من وثائق الأوقاف بالقوة أو النفوذ أو استغلال سلطة الوظيفة-من حرض او أعان او سهل للغير الاستيلاء على وثائق أو أعيان الأوقاف - متول للاوقاف أو موظف عام أخل أو فرط أو سهل للغير الاستيلاء على وثائق أو أعيان الأوقاف- موظف عام استغل وظيفته للحيلولة دون تنفيذ الاحكام الصادرة لمصلحة الاوقاف أو امتنع عن تنفيذها - شخص استغل نفوذه للحيلولة دون تنفيذ الاحكام الصادرة لمصلحة الأوقاف أو امتنع عن تنفيذها، - من استعمل محررا مزورا للاستيلاء على عين من الاعيان الموقوفه ، - موظف عام تعدى على مبنى مملوك للاوقاف أو ارض زراعية أو ارض فضاء بزراعة او غرس أو انشاءات او انتفع بها أوسهل ذلك لغيره بأي طريقة كانت - من اختلس مالا من أموال الأوقاف بسبب وظيفته - من استغل وظيفته في الاوقاف للاستيلاء على عين الاعيان الموقوفة او وثيقة من وثائقه) . وفيما عدا ذلك من الاعتداءات التي تقع على اعيان الوقف او مستنداتها فان العقوبة المقترحة هي ثلاث سنوات او غرامة ثلاثمائة ألف ريال. الأوقاف لتنمية الاستثمار وينتقد خبراء يمنيين غياب ادارة سليمة تنظر لقطاع الاوقاف كقطاع استثماري ووصف الدكتور عبدالعزيز علوان العزعزي ، الباحث المتخصص في الاوقاف والزكاة ، استاذ المحاسبة في جامعة صنعاء- الاستثمار بأنه القلب النابض للاوقاف ، منتقدا في ذات الوقت وزارة الاوقاف في اليمن لاغفالها هذا الجانب وقال انها تعاني من تضخم في العمالة غير المؤهلة ، وكأنها وقف على مشايخ الدين في ضل غياب ادارة سليمة تنظر لقطاع الاوقاف كقطاع استثماري . مؤكدا ان الدفع بتجاه مسار اعتبار الاوقاف قطاعا استثماريا يتطلب كوادر مؤهلة ولديها معرفة في إعداد دراسة الجدوى و بنظم التحليل المالي و بتسويق الفرص الاستثمارية . وقال في تصريحات سابقة "لو نلاحظ الآن الكم الهائل من املاك الاوقاف.. لو افترضنا ان تحركت الاوقاف وانشأت جامعة متخصصة علمياً ، اراضي واملاك عقارات الاوقاف موجودة بشكل كبير، اي ان البنية الاساسية موجودة.. فماذا تحتاج؟! فقط تحتاج الى إدارة سليمة، فالاوقاف «اراضي اوقاف، عقارات اوقاف، املاك وقفية، مزارع وقفية» ممكن تستفيد من الفرص الاستثمارية.واضاف في حالة وجود قطاع الاستثمار ستكون هناك ايرادات.. وهذه الإيرادات ستولد بلاشك قدرة لدى الوزارة بتقديم النفقات الاجتماعية وهذا ما نقول عليه تحقيق شروط الواقفين. وهاجم الدكتور العزعزي من ينظر للأوقاف بانه لا يحق لها ان تستثمر وانما تحقق الدعوة الاسلامية.وقال "الآن لو تجاوزنا اليمن ونظرنا لاستثمارات الاوقاف في تركيا فسنجد انها حققت قفزات هائلة في صناعة الصابون، السمن، .. انشأوا بنوكاً متخصصة وجامعات متخصصة تابعة للاوقاف، ويدفع الطلاب فيها ايرادات.. فاذا قلنا الآن بأن مجال الوقف الدعوة فقط فمن اين سنصرف على المجالات الاخرى؟ لابد من تراكم رأسمالي للأوقاف.. فالواقف لما وقف وقفه كان يتوقع ان تحدث عملية تشغيل للاملاك الوقفية.. هذا التشغيل معناه إدرار عائد.. وهذا العائد يساهم في زيادة خدمات الوقف، لكن الآن لو نظرنا ما هي الاوقاف الموقوفة.. نجد وقفاً على مسجد يتحمل نصفه التاجر او فاعل خير والآخر وزارة الاوقاف.. وحتى المصاحف التي تأتينا من الاوقاف هي من الخارج ، فوزارة الاوقاف ليس لديها أية خدمات خارج نطاق المسجد.. وذلك بسبب انعدام الاستثمار". مشددا على ضرورة تفعيل قانون الأوقاف و إعادة هيكلة وزارة الاوقاف بما يتوافق مع متطلبات العصر.وقال "وزارة الاوقاف ليست للخطب وبناء المساجد ومتابعة حلق القرآن ..صحيح هذا جزء من نشاطها، لكن وزارة الاوقاف مهمتها الرئيسية المشاركة في صناعة التنمية الاقتصادية في المجتمع عن طريق الاستثمار، وضخ مجالات جديدة للاستثمار". ويتفق وزير الاوقاف والارشاد القاضي حمود الهتار مع هذه الرؤية حيث يؤكد مساعي وزارته لانشاء مؤسسة الأوقاف لتنمية الاستثمار، وقال انها ستشكل القرار الاستثماري لاموال الأوقاف، كما ستقوم بدور فاعل في استثمار الفائض من اموال الأوقاف في المجالات الزراعية والصناعية والتجارية وغيرها من المجالات الاستثمارية.