دعا الباحث الفرنسي الإنثروبولوجي جان لومبير الى ضرورة تبني إستراتيجية وطنية للحافظ على التراث الشفوي اليمني غير المكتوب وتدوينه بمنهجية مدروسة . وقال في محاضرته بمركز سبأ للدراسات الإستراتيجية ان التراث الثقافي اليمني يحوي قائمة كبيرة وثرية من التراث المحكي لكنه يتعرض للاندثار والانقراض بسبب عدم الاهتمام بهذا الجانب ، مشيرا إلى أن المجالات الغنية بهذه الثقافة متداخلة ومترابطة ببعضها البعض ، وأن الغناء يرتبط بمناحي متعددة في الحياة اليومية كالشعر والرقص والأهازيج والمقيل والسمر وبالحكاية والرواية وأن جميعها مجالات خصبة لتحديد معالم أي ثقافة . وعبر لومبير عن خشيته من ان يؤدي التسابق المتسارع على الفن الحديث وعلى المنتجات والمصنفات الفنية العصرية بدوافع تجارية واقتصادية إلى الانفصال عن ذلك الموروث الغني والزاخر . وحول ملامح الإستراتيجية التي يدعو لها قال المحاضر أنها مشروع يهدف إلى تكوين ذاكرة ثقافية بالوسائل الحديثة المكتوبة والمصورة تبدأ من المسح فالتقصي والتحقق من كل جوانب الثقافة الشفوية التي تشمل الشعر الزجل ، الأمثال ، الحكي ، اشعار و اقوال الأمومة والطفولة وكل ما يندرج ضمن الارث الثقافي الذي يؤطر تلك الذاكرة . تليها وضع قاعدة بيانات تصنيف كل الفنون من غناء وشعر واحجيات ولعب اطفال ، مشيراً في هذا السياق الى انه تمكن منذ ان اشتغل على هذه المسألة من إدراج الغناء الصنعاني ضمن قائمة التراث الفني العالمي في اليونسكو عام 2003 وانه قام بتوثيق وحفظ 350 لحناً غنائياً صنعانيا وان هذا المشروع يحظى باهتمام دولي باعتباره تراث إنساني يهم كل المجتمعات. وأهاب الباحث الانثروبولوجي المتخصص بالتراث اليمني بالجهات المعنية لتبني استراتيجية وطنية شاملة تبادر الى جمع وتدوين الثقافة اليمنية التي قال انها ثقافة غنية وثرية الا انها بقت محدودة الاهتمام ، مؤكدا انه كفرد لا يستطيع ان ينجز المهام المطلوبة للحفاظ على الثقافة الشفوية وانما هي عمل لابد ان تساهم فيه كل الفعاليات المعنية . لومبير اوضح ان ما يطرحه في هذا الجانب بشان الاستراتيجية ، تكتيك يحتاج الى مساهمة كل الاطراف التي تدرك اهمية تدوين كل جوانب الثقافة الشفوية ، مؤكداً انها تحتوي على معان قيمة و اخلاقية وتربوية ساهمت في التنشئة الاجتماعية والتربوية النفسية للفرد وانه يمكن بها تدارك انجذاب الطفل اليمني الى كل منتج اجنبي وافد خاصة في الرسوم المتحركة ووضع ثقافة تربوية تنطلق من الموروث الثقافي الذي يحمل معان كبيرة للتنشئة والتكوين التربوي . واعتبر ان نجاح هذه الاستراتيجية منوط بتفاعل القطاع الحكومي الى جانب المجتمع المدني وان هذه الاخيرة بدأت تنشط في جمع وتوثيق الكثير من المعطيات الثقافة . يشار إلى إن الباحث جان لامبير كرس اهتمامه على مدار السنوات الماضية على الغناء الصعناني وقام بجهد توثيقي غير مسبوق ويتجه حاليا إلى استكمال مشروعه هذا والاشتغال بمشاريع أوسع تشمل الأشعار والأمثال الشعبية ، العاب الاطفال التقليدية، والاهازيج والاغاني التي يرددها الاطفال من المهد الى مراحل متقدمة من سن المراهقة.