على عكس الانباء التي تداولت أمس عن اعتزامه التنحي عن السلطة، خرج الرئيس المصري حسني مبارك على الملأ في خطابه الثالث منذ اندلاع مظاهرات 25 يناير ليؤكد أنه سيواصل ولايته حتى نهايتها ، مشددا على أنه لن يستمع إلى أية إملاءات أجنبية من الخارج مهما كان مصدرها . واعلن مبارك أنه فوض سلطاته لنائبه عمر سليمان وفق ما يحدده الدستور. وأضاف ، أنه استجابة لمطالب الشباب المصري، وحفاظا على مصالح الوطن قرر تفويض نائب الرئيس. وبدأ مبارك كلمته عبر التليفزيون مساء الخميس الجمعة بمخاطبة شباب ميدان التحرير قائلا :" أتوجه لشباب مصر بحديث من القلب أني أعتز بكم باعتباركم رمزا لجيل مصري جديد يحلم بمستقبل أفضل ، دماء شهدائكم وجرحاكم لن تضيع هدرا وسنحاسب بشدة من أجرموا في حق شبابنا ". وتابع " أنا حريص على تنفيذ وعودي لكم ، مطالبكم عادلة ومشروعة ، الأخطاء واردة ولكن المهم هو تصحيح الأخطاء ، لن أقبل بأية إملاءات من الخارج ، لقد رأيت تفويض نائب رئيس الجمهورية باختصاصات رئيس الجمهورية وفق ما يحدده الدستور ، ستبقى مصر أرض المحيا والممات ". وأوضح أنه بعد تلقيه أول من أمس اقتراحات من اللجنة التي شكلها للنظر في التعديلات الدستورية, تقدم أمس وفقاً للمادة 189 من الدستور, "بطلب تعديل المواد 76 و77 و88 و93 فضلاً عن إلغاء المادة 179 من الدستور. وأشار إلى أن "هذه التعديلات تستهدف تسهيل الترشح للرئاسة واعتماد عدد محدد من سنوات الرئاسة لضمان تداول السلطة, كما تؤكد اختصاص القضاء للنظر بصحة انتخاب أعضاء البرلمان", لافتا إلى أن "إلغاء المادة 179 فتح الباب أمام ايقاف العمل بقانون الطوارئ فور عودة الهدوء وتوافر الحالات الممكنة لرفع حالة الطوارئ". وقدم الرئيس مبارك اعتذاره لأهالي ضحايا المظاهرات، مؤكدا أن دماء الضحايا لن تضيع هدرا وسيحاسب المسئولين عن العنف وفق القوانين الرادعة. وحذر من أن "مصر تمر في أوقات عصيبة لا يجب الاستمرار بها كي لا يزيد ما اصابنا من خسائر وينتهي بنا الأمر إلى أن يكون الشباب الذين دعوا الى التغيير أول المتضررين". مضيفاً ان "الأمر ليس متعلقاً بشخصي بحسني مبارك بل بمصر, إن المصريين اليوم في خندق واحد, ويجب مواصلة الحوار بروح الفريق وليس الفرقاء, وبعيداً عن التناحر, لقد شهدتُ حروب هذ البلد, وعشت أيام الانكسار وأيام النصر والتحرير, وواجهت الموت مرات عدة, وكانت أسعد ايام حياتي عندما رفعت علم مصر فوق سيناء, لم اخضع يوما لضغوط اجنبية او املاءات, وعملت من اجل سلامة مصر, لم أسعَ يوما لسلطة أو شعبية زائفة, وأثق أن الأغلبية من الشعب يعرفون من هو حسني مبارك وما يحز في نفسي ما ألاقيه من بعض أبناء وطني". وتابع الرئيس المصري "إنني إذ أعي تماماً المفترق الحالي الصعب, أرى أنه علينا تغليب المصلحة العليا للوطن وأن نضع مصر أولاً". وخلص الرئيس مبارك إلى القول "ستبقى مصر حتى أُسلِّم امانتها ورايتها هي المسؤولية والواجب وأرض المحيا والممات, بلداً لا أفارقه ولا يفارقني حتى يواريني ترابه وثراه". وجاء خطاب الرئيس مبارك؛ بعد ساعات من اجتماع المجلس الاعلى للقوات المسلحة برئاسة المشير حسين طنطاوى القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والانتاج الحربى-غاب عنه مبارك القائد الاعلى للقوات المسلحة . واصدر المجلس بيانا تحت اسم (البيان رقم واحد) اكد الاستمرار في الانعقاد بشكل متواصل لبحث ما يمكن اتخاذه من اجراءات وتدابير للحفاظ على مصر ومكتسبات وطموحات شعبها. واستقبل المتظاهرون بميدان التحرير والشوارع المؤدية له خطاب الرئيس مبارك برفض قاطع وهتافات احتجاجية، وطالبوه بالتنحى فورا، واعتبروا أن الخطاب لم يكن مرضياً لهم على الإطلاق، ووصفوه بأنه أقل من مستوى طموحاتهم. وهتف الآلاف "على القصر رايحيين شهداء بالملايين" فى إشارة إلى أن المظاهرات المقررة اليوم الجمعة قد تمتد إلى قصر الرئيس بمنطقة مصر الجديدة رغم الإجراءات الأمنية المشددة هناك.