رحل اليوم الثلاثاء 15 مايو/آيار زكريا محيي الدين، آخر الضباط الأحرار الذين فجروا ثورة 23 يوليو/تموز 1952. ويرتبط اسم زكريا بمظاهرات 9 و10 يونيو/حزيران عقب تنحي الرئيس الراحل جمال عبدالناصر عن الحكم له ليلة 9 يونيو/حزيران عندما أعلن في بيان تحمله لمسؤولية الهزيمة وعودته إلى صفوف الجماهير وتركه الحكم لمن وصفه حينها بصديقه وأخيه. ولم تمضِ دقائق على إنهائه خطاب التنحي حتى امتلأت شوارع مصر بمظاهرات صاخبة ترفض التنحي، وتطالب عبدالناصر بالعودة وهو ما تحقق، لكن زكريا محيي الدين قدم استقالته واختفى من يومها من الحياة السياسية بدءاً من عام 1968 مع أنه عمليا لم يكن من القادة المسؤولين عن الهزيمة، حيث كان نائبا لرئيس الجمهورية وهو ما عد منصبا فخريا، لأن المشير عبدالحكيم عامر قائد الجيش وقتها كان النائب الأول للرئيس عبدالناصر والرجل الثاني في مصر. ولد زكريا محيي الدين في 5 يوليو عام 1918 في كفر شكر في محافظة القليوبية المصرية، وتلقى تعليمه الأولي في إحدى كتاتيب قريته، ثم انتقل بعدها لمدرسة العباسية الابتدائية، ليكمل تعليمة الثانوي في مدرسة فؤاد الأول الثانوية. التحق محيي الدين بالمدرسة الحربية في 6 أكتوبر عام 1936، ليتخرج فيها برتبة ملازم ثانٍ في 6 فبراير 1938، وتم تعيينه في كتيبة بنادق المشاة في الإسكندرية. انتقل إلي منقباد في العام 1939 ليلتقي هناك بجمال عبدالناصر، ثم سافر إلى السودان في العام 1940 ليلتقي مرة أخرى بجمال عبدالناصر ويتعرف بعبدالحكيم عامر. تخرج محيي الدين من كلية أركان الحرب عام 1948، وسافر مباشرة إلي فلسطين، ثم انضم إلى تنظيم الضباط الأحرار قبل قيام الثورة بحوالي ثلاثة أشهر، وكان ضمن خلية جمال عبدالناصر. وشارك في وضع خطة التحرك للقوات، وكان المسؤول عن عملية تحرك الوحدات العسكرية، وقاد عملية محاصرة القصور الملكية في الإسكندرية، وذلك أثناء تواجد الملك فاروق الأول بالإسكندرية. تولي محيي الدين منصب مدير المخابرات الحربية بين عامي 1952و 1953، ثم عين وزيراً للداخلية عام 1953. أُسند إليه إنشاء جهاز المخابرات العامة المصرية من قبل الرئيس الراحل جمال عبدالناصر في 1954. عين بعد ذلك وزيراً لداخلية الوحدة مع سوريا 1958. تم تعيينه رئيسا للجنة العليا للسد العالي في 26 مارس 1960. قام الرئيس جمال عبدالناصر بتعيين زكريا محيي الدين نائباً لرئيس الجمهورية للمؤسسات ووزيراً للداخلية للمرة الثانية عام 1961. وفي عام 1965 أصدر جمال عبد الناصر قراراً بتعيينه رئيساً للوزراء ونائبا لرئيس الجمهورية. عندما تنحي عبدالناصر عن الحكم عقب هزيمة 1967 ليلة 9 يونيو أسند الحكم إلى زكريا محيي الدين، ولكن الجماهير خرجت في مظاهرات تطالب ببقاء عبدالناصر في الحكم. قدم محيي الدين استقالته، وأعلن اعتزاله الحياة السياسية عام 1968. عرف عن زكريا محيي الدين لدى الرأي العام المصري بالقبضة القوية والصارمة، نظراً للمهام التي أوكلت إليه كوزير للداخلية وكمدير لجهاز المخابرات العامة، وكان يتم الترويج له على أنه يميل للسياسة الليبرالية، كما كان رئيساً لرابطة الصداقة المصرية-اليونانية. *(العربية نت )