تعزيزات مرتبات شهر يونيو 2025    لقب تاريخي.. ماذا ينتظر باريس وإنريكي في أغسطس؟    رئيس جامعة إب يتفقد سير الأداء بكلية العلوم التطبيقية والتربوية والكلية النوعية بالنادرة والسدة    تعز تتهيأ مبكرا للتحضير للمولد النبوي الشريف    مناقشة الإعداد والتجهيز لإحياء فعاليات ذكرى المولد في إب    عدن .. البنك المركزي يحدد سقف الحوالات الشخصية    السقلدي: تحسن قيمة الريال اليمني فضيخة مدوية للمجلس الرئاسي والحكومات المتعاقبة    جياع حضرموت يحرقون مستودعات هائل سعيد الاحتكارية    من المستفيد من تحسن سعر العملة الوطنية وكيف يجب التعامل مع ذلك    وادي حضرموت يغرق في الظلام وسط تصاعد الاحتجاجات الشعبية    في السريالية الإخوانية الإسرائيلية    فضيحة الهبوط    مفاجأة مونتريال.. فيكتوريا تقصي كوكو    سمر تختتم مونديال السباحة بذهبية رابعة    أيندهوفن يتوج بلقب السوبر الهولندي    "الوطن غاية لا وسيلة".!    صومالي وقواذف وقوارير المشروبات لإغتصاب السجناء وتعذيبهم في سجون إخوان مأرب    السامعي: تعز ليست بحاجة لشعارات مذهبية    سعد بن حبريش.. النار تخلف رمادا    العالم مع قيام دولة فلسطينية    رجل الدكان 10.. فضلًا؛ أعد لي طفولتي!!    جحيم المرحلة الرابعة    توظيف الخطاب الديني.. وفقه الواقع..!!    لمناقشة مستوى تنفيذ توصيات المحلس فيما يخص وزارة الدفاع ووزارة الكهرباء..لجنتا الدفاع والأمن والخدمات بمجلس النواب تعقدان اجتماعين مع ممثلي الجانب الحكومي    في خطابه التعبوي المهم قائد الثورة : استبسال المجاهدين في غزة درس لكل الأمة    مساعد مدير عام شرطة محافظة إب ل"26سبتمبر": نجاحات أمنية كبيرة في منع الجريمة ومكافحتها    العلامة مفتاح يحث على تكامل الجهود لاستقرار خدمة الكهرباء    الراحل عبده درويش.. قلم الثقافة يترجل    إعلان قضائي    لجنة أراضي وعقارات القوات المسلحة تسلم الهيئة العامة للأراضي سبع مناطق بأمانة العاصمة    مرض الفشل الكلوي (15)    اتحاد إب يظفر بنقطة ثمينة من أمام أهلي تعز في بطولة بيسان    الرئيس المشاط يعزّي مدير أمن الأمانة اللواء معمر هراش في وفاة والده    من بائعة لحوح في صنعاء إلى أم لطبيب قلب في لندن    عدن وتريم.. مدينتان بروح واحدة ومعاناة واحدة    بتوجيهات الرئيس الزُبيدي .. انتقالي العاصمة عدن يُڪرِّم أوائل طلبة الثانوية العامة في العاصمة    2228 مستوطناً متطرفاً يقتحمون المسجد الأقصى    اجتماع يقر تسعيرة جديدة للخدمات الطبية ويوجه بتخفيض أسعار الأدوية    أبين.. انتشال عشرات الجثث لمهاجرين أفارقة قضوا غرقًا في البحر    إصابة ميسي تربك حسابات إنتر ميامي    من يومياتي في أمريكا .. تعلموا من هذا الإنسان    الاتحاد الرياضي للشركات يناقش خطته وبرنامجه للفترة القادمة    الهيئة العليا للأدوية تصدر تعميماً يلزم الشركات بخفض أسعار الدواء والمستلزمات الطبية    تدشين فعاليات إحياء ذكرى المولد النبوي الشريف في محافظة الحديدة    مجلس القضاء الأعلى يشيد بدعم الرئيس الزُبيدي والنائب المحرمي للسلطة القضائية    قيادة اللجان المجتمعية بالمحافظة ومدير عام دارسعد يعقدون لقاء موسع موسع لرؤساء المراكز والأحياء بالمديرية    هناك معلومات غريبيه لاجل صحتناء لابد من التعرف والاطلاع عليها    تشلسي يعرض نصف لاعبيه تقريبا للبيع في الميركاتو الصيفي    الحكومة تبارك إدراج اليونسكو 26 موقعا تراثيا وثقافيا على القائمة التمهيدية للتراث    توقعات باستمرار هطول امطار متفاوة على مناطق واسعة من اليمن    الرئيس الزُبيدي يطّلع على جهود قيادة جامعة المهرة في تطوير التعليم الأكاديمي بالمحافظة    نيرة تقود «تنفيذية» الأهلي المصري    صحيفة امريكية: البنتاغون في حالة اضطراب    مشكلات هامة ندعو للفت الانتباه اليها في القطاع الصحي بعدن!!    من تاريخ "الجنوب العربي" القديم: دلائل على أن "حمير" امتدادا وجزء من التاريخ القتباني    من يومياتي في أمريكا.. استغاثة بصديق    من أين لك هذا المال؟!    تساؤلات............ هل مانعيشه من علامات الساعه؟ وماذا اعددناء لها؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القرضاوي: أدعو إلى تسليف الصوفية وتصويف السلفية
نشر في براقش نت يوم 22 - 12 - 2010


قال الشيخ يوسف القرضاوي إنه
اعتذر مرات كثيرة عن قبول منصب «مرشد الإخوان المسلمين»، مفضلا أن يكون مرشدا للأمة، كما قال إن السلفية التقليدية باتت مدارس مختلفة منها ما اقترب كثيرا من جماعة الإخوان المسلمين، وإن هناك من السلفيين من اقتربوا من منهج الوسطية، مضيفا في حوار مطول مع «الشرق الأوسط»: «بات هناك من يقول للسلفيين: أصبحت تتحدث كما القرضاوي»، وكان من أبرز مظاهر التغيير - بحسبه - خوض المعارك السياسية، بعد أن عابوا الأمر زمنا طويلا على حركة «الإخوان»، بالإضافة إلى تأكيده تطورهم في قضايا فقهية متعددة مثل التصوير. وبين القرضاوي أن الواقع فرض على السلفيين التغيير عقب احتكاكهم بالعالم الخارجي وبشعوب مختلفة.
وقال الشيخ يوسف القرضاوي، الذي تمنى أن يموت شهيدا على يد غير مسلم، مع عدم استبعاده أن ينال منه أحد المتطرفين المسلمين، بشأن تأزم الفقه الإسلامي لكل ما يتعلق بقضايا المرأة، إن الأزمة لا يمكن نسبتها إلى الفقه الإسلامي، وإنما هي أزمة بعض الناس في فهم هذه الأمور، مشيرا إلى أن التيار السلفي كان من أكثر التيارات تشددا في هذه القضية، إلا أنه في الآونة الأخيرة بدأت تدخل ضمن التيار أفكار جديدة أدت إلى إحداث نوع من المرونة. وفيما يلي نص الحوار..
* اسمح لنا فضيلة الشيخ البدء بشأن تقييم الحركات الإسلامية. استمرت الانتقادات الموجهة صوب أداء الحركات الإسلامية التي كان أبرزها جانب السرية وعدم الشفافية، فماذا تقول في ذلك؟
- نريد أن نسأل ما معنى الحركة الإسلامية السياسية بداية؟ لدي كتاب «أولويات الحركة الإسلامية»، وعرفت فيه الحركات الإسلامية بأنها العمل الشعبي الجماعي المنظم لخدمة الإسلام الذي لا بد أن يكون عملا شعبيا غير رسمي، وأن يكون أيضا عملا جماعيا وليس فرديا، وذلك لاستحالة تحقيق الأعمال الفردية أهدافا كبرى، كما لا بد أن يكون منظما بقيادة وقاعدة، وهدفه نصرة الإسلام، كذلك لا بد للحركة الإسلامية أن يكون لها صلة بالسياسة فلا يمكن إعلاء كلمة الإسلام إلا في حالة وجود نفوذ له واثر في حياة الإسلام وطبيعة الإسلام دعوة ودولة وعقيدة وشريعة وعبادة ومعاملة ودين ودنيا، ولكي يتحقق لا بد أن يكون له صلة بالسياسة.
* ماذا بشأن عمل الحركات الإسلامية السري؟
- ليست كل الحركات الإسلامية كما وصفتها تقوم على السرية، ولكن ذلك تبعا للبلاد التي تقوم فيها، فإذا كانت بلادا تسمح للعمل بنصرة الإسلام وليس ذلك محظورا قانونيا أو دستوريا وتعمل علنا، كالجماعة الإسلامية في باكستان التي أسسها الأستاذ أبو الأعلى المودودي، فكان من طبيعتها ومنذ نشأتها العمل جهارا ونهارا، أما جماعة «الإخوان» التي ارتبطت بوصف الجماعة المحظورة، وذلك لعدم سماح الدولة بالعمل الإسلامي علنا وكذلك تمنع قيام حزب له صلة بالإسلام، بذريعة منع قيام الأحزاب على أسس دينية. وأتعجب هنا هل المتدينون ممنوعون من ممارسة السياسة والمشاركة في بناء الوطن؟! فلا شك أن هذا يعد جريمة، فالدين جوهر الحياة، والشخص المتدين له أن يشارك في بناء الوطن من خلال رأيه الخاص سواء كان رأيا سياسيا أو اقتصاديا أو تعليميا أو يخص الصحة، ومنع الدولة للممارسة سيتسبب حتما في العمل تحت الأرض، وقد سئلت من قبل أحد ضباط أمن الدولة في لقاء عن رأيي في الإخوان المسلمين في مصر، فطالبته بإعطائهم الحرية للعمل علنا، لماذا يمنع «الإخوان» من إنشاء حزب؟ فإن منعوا علنا فسوف يبدأون بالعمل في السراديب، وقد تضطر الجماعات الإسلامية أن تعمل في الخفاء، وهذه حالة غير صحية، فمن يعمل في العلن يمكنك أن تحاسبه على عمله وتوجيه الانتقادات له، أما من يعمل في السر فكيف ستتم المحاسبة؟
* هل تبالغ الحكومات بتصوير خطر الحركات الإسلامية السياسية، خشية أن تطالب هذه الحركات في يوم بأحقية الحكم؟
- في أوقات تكون المخاوف حقيقية، وفي أوقات أخرى لا تتعدى كونها مجرد أوهام، فهناك الكثير من الحكومات القائمة حاليا ليس لديها أي سند شعبي، وحكومات مكروهة من شعوبها، تحكم البلاد بالحديد والنار والأحكام العرفية والطوارئ، عوضا عن الحكم برضا الناس، ومن الممكن أن تقام انتخابات باسم الديمقراطية وتقام برلمانات، إلا أنها حقيقة لا تعبر عن إرضاء الشعوب وتقوم بتزييف الانتخابات، كما قال أحد الاشتراكيين القدماء إن الانتخابات في البلاد الاشتراكية «سباق يعدو فيه حصان واحد»، فتكون النتيجة أن يأخذ المرشح التسعات الأربع المشهورة (99.99%).
* فضيلة الشيخ، كيف ترى ما يقول به البعض بشأن انقسام الحركات الإسلامية في داخلها ما بين قسم وطني وآخر ثوري؟
- كثيرا ما يحدث الانقسام سواء كان في الحركات الإسلامية أو غير الإسلامية، وذلك لوجود من لا يعجبه الصمت الدائم وطبيعته عنيفة وثورية فينشق ويؤسس لجماعة أخرى منهجها العنف، إلا أن المهم في ذلك كله الجماعة الأم، وهي كثيرا ما تبقى، ويعجز المنشقون عن القيام بأي شيء، ويذوبون في المجتمع.
* لكن لماذا تفشل الجماعات الإسلامية أثناء التطبيق؟
- هذا الأمر لا يقتصر فقط على الحركات الإسلامية وإنما الحركات المثالية كافة التي تحمل مبادئ تنادي بها، في وقت التطبيق تصبح الدعوة المثالية أمرا، والتطبيق أمرا آخر، وهذا شأن الإنسان ذاته والبشرية، وليست كل الحركات هكذا، ومن الخطأ التعميم في هذه الأحكام، وعلى الرغم من ذلك تبقى الحركات الإسلامية أفضل من غيرها، فالدين عاصم من الانحراف الشديد، وكل الديمقراطيين هم أول من يجورون بمبادئ الديمقراطية.
* دعنا ننتقل إلى العلاقة الراهنة ما بين الإخوان المسلمين والسلفية التقليدية.. بدأت تظهر في الآونة الأخيرة مزاحمة التيار السلفي ل«الإخوان» في الساحتين السياسية والجهادية، وامتدت حتى في داخل صفوف «الإخوان» أنفسهم، فماذا تقول في ذلك؟
- هذا صحيح، فتيار «الإخوان» يعد تيارا واسعا، والشيخ حسن البنا مؤسس جماعة «الإخوان» قال في تصوير الجماعة، إنها تشمل كل المعاني التي تدعو إليها الجماعات كافة، وقال إنها دعوة سلفية بمناداتها الرجوع إلى الكتاب والسنة، وحقيقة صوفية بمناداتها تطهير القلوب والرجوع إلى الله، وطريقة سنية تقوم على إكرام الصحابة وعمل مذهب أهل السنة، بالإضافة إلى كونها هيئة سياسية، وجماعة رياضية ورابطة شبابية وتتضمن كافة المعاني الإصلاحية، وميزة «الإخوان» في شمولها وتوازنها بحيث لا تبالغ في تيار على حساب آخر، فعلى سبيل المثال قد يغلب عليها حينا التيار السلفي الذي يتشدد في أمور منها قضية تأويل صفات الله، وكلام السلفيين مع الأشاعرة، والماتوريدية وغيرهم، فيدخل السلفيون على الساحة وتصبح هذه القضايا وغيرها مدار نقاش كبير وجدل وعراك، أمر موجود بالأخص في دول الخليج، حيث تأثر تيار «الإخوان» بالآخر السلفي.
* لكن علاقة السلفيين ب«الإخوان» لم تكن جيدة، وازدادت العلاقة تأزما مع السلفية التقليدية بعد دخول حركة حماس في الجانب السياسي؟
- السلفية التقليدية أصبحت مدارس، ولم تعد واحدة، فهناك سلفية اقتربت من «الإخوان»، فبات هناك من يقول للسلفيين: أصبحت تتحدث كما القرضاوي، فهناك من السلفيين من اقتربوا من منهج الوسطية الذي يقوم على الجمع ما بين المتقابلات والجمع ما بين العقل والنقل، وبين الروح والمادة ويؤول أحيانا ويمتنع أحيانا أخرى، ويمزج بين الفكر والحركة، والدين والسياسة، كما أنه لا يمكن أن نغفل تطور السلفيين، فسابقا لم يكونوا يتحدثون في الشؤون السياسية، إلا أنهم حاليا باتوا يشاركون في المعارك السياسية، وخوض الانتخابات، بعد أن عابوا الأمر زمنا طويلا على حركة «الإخوان»، كما تطوروا في قضايا فقهية متعددة مثل «التصوير» الذي عد من الجرائم الكبرى، وأصبح في الوقت الراهن من المباح.
* هل التغيير بسبب الاطلاع، أم أن الواقع هو الذي فرض عليهم التغيير؟
- لا شك أن الواقع فرض عليهم التغيير، بما في ذلك احتكاكهم بالعالم وخروجهم إلى بلاد الدنيا، بعد أن كان منهم عدد كبير لم يذهب مطلقا خارج بلاده، الأمر الذي تسبب في عدم تغيير تفكيرهم، ولكن حينما يخرج السلفي ويحتك بالشعوب المختلفة قطعا سيراجع نفسه، كما أن هناك من اتسعت قراءاته واطلع على كتب لم يتوقع الاطلاع عليها في وقت من الأوقات، فالإنسان ليس حجرا، وهناك مؤثرات عدة لا بد أن تلقي بظلالها على الفرد.
* هل تخلى «الإخوان» عن الجهاد ممثلا في حركة حماس حاليا؟
- الجماعات التي قامت على أساس الجهاد كجماعات الجهاد أو السلفية الجهادية، هذه قامت ضد «الإخوان»، فأول جماعة جهادية قامت مناوئة ل«الإخوان» متهمة الحركة بخيانة المبدأ، وظهر منهم بعض أعمال عنف ضد اليهود والإنجليز وبعض المواطنين مثل قضية الخازندار، وقلنا لهم يا جماعة لقد جربنا هذه الأمور ولم تجدِ، كما أننا لم نجنِ منها سوى الاعتقالات والمحن والضحايا، ولا بد للإنسان أن يكون قادرا على تغيير خططه استنادا لما يظهر له، ولكل الحركات الإسلامية الحق في أن تجرب بنفسها وتبدأ من الصفر حتى تنتهي إلى ما انتهت إليه الجماعة التي سبقتها، فمن عاب من الجهاديين على «الإخوان» بعض المسائل عادوا وتراجعوا وخطأوا أنفسهم وأصدروا كتبا تجاوزت ال12، جلها مراجعات، من بينها الجماعة الإسلامية في مصر وغيرها كثير ممن تقوم على العنف أو استخدام القوة العسكرية ضد الحكومات أو المواطنين أنفسهم.
* كان للشيخ أحمد ياسين مبدأ في عدم خوض حركته في أي من النواحي السياسية، وبقي على هذا الموقف حتى حين اغتياله، فهل بعد خوض حماس الانتخابات وانخراطها في العملية السياسية وما انتهى إليه الأمر حاليا في فلسطين، يظهر لكم صحة موقف مؤسس حركة حماس؟
- القضايا السياسية خاضعة للاجتهاد وتغيره، وليست مبادئ ثابتة، وإنما رؤى تتغير بتغير الأحوال والظروف، فرفض حماس الانخراط في العملية السياسية والانتخابات كان له ظروف، وحينما وجدت أن هناك من سيستولي على الدولة ويتم التضييق عليها ويصبح أفرادها سجناء، قررت الدخول في الانتخابات وفازت بها، رغم عدم توقع الأطراف المناوئة لها، لذلك سارت الانتخابات دون تزوير، على عكس كثير من الانتخابات التي تجرى في الدول العربية والإسلامية.
* فشل السودان مؤخرا في الاحتفاظ بإقليمه الجنوبي، وانفصاله تحت خطاب إسلامي للبشير، مهددا بتطبيق الشريعة الإسلامية في الجنوب، هل ذلك كله تسبب في إحراج الجماعات الإسلامية من قبل البشير بعد أن تسبب في انفصال السودان؟
- بداية.. البشير لن يطبق الشريعة الإسلامية في الجنوب، فأي منطقة لا تحتوي على أغلبية إسلامية ليس عليها تطبيق الشريعة؛ وذلك لا يكون سوى في المناطق التي بها أغلبية إسلامية، كما هو حال جنوب السودان، وليس تطبيق الشريعة الأمر الذي أدى إلى انفصال الجنوب، وإنما هناك أسباب متعددة بدأت منذ الاستعمار الإنجليزي الذي عزل جنوب السودان عن شماله واعتبره دولة مستقلة، وبات لا يدخل الشمالي إلى الجنوب سوى بإجراءات خاصة، وشحن الجنوب بثقافة الكراهية للخرطوم، إلا أن السودان لم يبذل جهدا منذ استقلاله لمكافحة ما رسخته القوى الاستعمارية وتبديل المفاهيم المتوارثة، كما أن هناك مكائد خططت لذلك.
* هل أنت مع النفس التآمري؟
- أنا لست مع النفس التآمري، ولكن لا يمكن تجاهل الأمر، فالواقع أثبت وجود مؤامرات تكيد لفصل الجنوب عن السودان، وللأسف العالم من حولنا يتحدث بلغة التكتل، والمتفرقون يجتمعون، غير أن العرب والمسلمين ما زالوا في حالة تشرذم وتفرق أكثر فأكثر، فأوروبا التي حارب بعضها بعضا وجدت مصلحتها في التوحد متجاهلة الماضي بأسره؛ على عكسنا نحن.
* هل عرض عليكم منصب رئيس الأزهر؟
- لا.. البتة، كما لا يمكن أن يعرض علي الأمر في يوم من الأيام.
* ماذا عن منصب المرشد العام للإخوان المسلمين؟
- عرض علي مرات كثيرة، إلا أنني اعتذرت شخصيا.
* ما هي أسباب الاعتذار؟
- وجدت نفسي أولى أن أكون مرشدا للأمة بصفة عامة بكل فئاتها وتياراتها، عوضا عن أن أكون مرشدا لجماعة من الجماعات، فذلك أكثر نفعا للائمة.
* ألم تكن هناك ضغوط حكومية للرفض؟
- لا.. لم يكن الأمر كذلك.
* ما رأيك الشخصي في حضور طيب أردوغان مناسبة عاشوراء في تركيا، وهل هناك غزو شيعي للمدن السنية؟
- بخصوص الغزو الشيعي ذكرت كثيرا أنه في سبيل تحقيق التقارب الفعال ما بين الطائفتين يجب الامتناع عن نشر المذهب في مجتمعات المذهب الآخر، وغضب لذلك مني أبناء الطائفة الشيعية، وخصوصا عقب مطالبتي علماء السنة بتحصين أهل السنة بأي ثقافة وقائية من هذا الغزو، حيث إن الطائفة الشيعية مدربة على التبشير للمذهب ورصد أموال كبيرة لذلك، كما أن لديهم دولة إرشادية من خلفهم. وفي الشأن التركي؛ فهناك في إسطنبول من يعرفون بالعلويين، فربما هم من احتفلوا بيوم عاشوراء، وحضور طيب أردوغان أتى حتما من بعد سياسي، خصوصا أنه عرف عنه الحنكة والدبلوماسية، ومحاولة منه لكسب كافة الأطراف التركية، وخصوصا تأليف قلوب العلويين؛ كما فعل أيضا مع الأكراد.
* لماذا ما زلنا نرى تأزم الفقه الإسلامي في كافة القضايا المتعلقة بالمرأة كما برز من إشكال في السعودية مؤخرا حول عمل المرأة «كاشيرة» وغيرها؟
- الأزمة لا يمكن نسبتها إلى الفقه الإسلامي، وإنما هي أزمة بعض الناس في فهم هذه الأمور، والتيار السلفي كان من أكثر التيارات تشددا في هذه القضية، إلا أنه في الآونة الأخيرة بدأت تدخل ضمن التيار أفكار جديدة أدت إلى إحداث نوع من المرونة، ومؤتمر الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة للتعريف بجهود المملكة في خدمة القضايا الإسلامية لخير دليل، من خلال الحضور النسائي المتميز ومشاركتهن بالبحوث والمداخلات الصوتية، ولأول مرة أشاهد مثل هذه المشاركة، كما أنني قرأت من فترة إثارة قضية «قيادة المرأة للسيارة» ومناقشتها علنا، مما يظهر تطور الوضع والابتعاد عن الجمود شيئا فشيئا، ومع الوقت سيتحقق تقارب وجهات النظر في مثل هذه القضايا.
* ماذا تخبرنا عن الاختلاط والجدل الذي يصاحبه باستمرار، بالإضافة إلى قضية الغناء وسماع الموسيقى، التي واجه الشيخ عادل الكلباني هجمة كبيرة من قبل معارضيه جراء إجازته لها في فتوى حديثه؟
- ما المراد بالاختلاط؟ فالكلمة في أوقات توحي بغير المقصود منها، فكأن الاختلاط امتزاج أمرين ببعضهما، وإن كان الحديث عن التقاء الرجل بالمرأة في المسجد، كما يلتقون في الحج والعمرة وفي المؤسسات العلمية والدروس العلمية، فالإسلام لا يمنعه ولا يوجد هناك مسجد للنساء، وإنما ما عرف باب النساء في المسجد النبوي، وهو ما أمر به الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم منعا لاحتكاك الرجال بالنساء، والإسلام لم يقم بالفصل العنيف الحاصل ما بين الجنسين؛ فالرجل من المرأة والمرأة من الرجل، وقال تعالى: «وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ»، لذلك المرأة من حقها الدخول ضمن المجالس النيابية والشورى، وهي نصف المجتمع، ولماذا ينظر الرجل في أمور المرأة ولا تستطيع هي النظر والمشاركة في أمورها؟! ولا بد في حال الحاجة إلى الاختلاط بين الجنسين في العبادة أو التعليم أو النشاط الاجتماعي من مراعاة الضوابط الشرعية من عدم الخلوة وعدم التبرج ومراعاة الآداب اللازمة من غض البصر وأدب الحديث والمشي والحركة منعا من تسيب الأمور.
* ماذا عن الغناء والموسيقى؟
- ألفت سابقا كتابا عن الغناء والموسيقى وأجزت فيه الغناء وسماع الموسيقى، وهي قضية اختلف حولها الفقهاء قديما وحديثا، وألفت كتبا كثيرة حولها، والحقيقة أن الغناء سواء أكان بآلة أو بغير آلة أمر جائز وإنما بضوابط منها أن لا يخالف مضمون الغناء العقيدة والشريعة والأخلاق الإسلامية كطلاسم إيليا أبو ماضي، وغنى هذا المعنى بالعامية محمد عبد الوهاب بأغنية «من غير ليه»، وكما قال أبو نواس «دع عنك لومي فإن اللوم إغراء * وداوني بالتي كانت هي الداء»، أو «أبو عيون جريئة» و«الدنيا سيجارة وكأس»، كما لا بد من مراعاة طريقة الأداء التي يجب أن تبتعد عن الميوعة والتكسر، وهذا الأمر مرتبط أيضا بالمرأة، فيجوز السماع للمرأة، فماذا في الاستماع لامرأة تغني «ست الحبايب يا حبيبة»؟ فالرسول الكريم استمع لجاريتين، وإنما لا بد للأصوات النسائية أن تبتعد عن الميوعة وإثارة الشهوات، ومن الضوابط أن لا يقترن الغناء بحرام، من ثم يجب مراعاة الكم في الاستماع وعدم الإسراف في ذلك.
* فضيلة الشيخ.. شهدت علاقتك في السابق اضطرابا كبيرا مع السلفيين.. فكيف باتت اليوم؟
- اليوم باتت علاقة طيبة، وها أنا الآن في بلد السلفيين، وكما يتضح، علاقتي بالجميع على أفضل ما يرام مع كافة الأعمار، كما لا أقف من السلفية موقف عداء، وإنما هو موقف نقدي في بعضه، وأدعو الجميع دائما إلى الوسطية، كما أنني مع التصوف، فلا بد الأخذ من التصوف خير ما فيه كما فعل شيخ الإسلام ابن تيمية والإمام ابن القيم، فهما من كبار المتصوفين إلا أنهما رفضا من التصوف ما لا يليق وأخذا منه ما يليق، وأنا شخصيا أدعو إلى «تسليف الصوفية» و«تصويف السلفية»، فالمتصوف يأخذ من انضباط السلفية في عدم الأخذ بالأحاديث الموضوعة وعدم الأخذ بالشركيات والقبوريات، ونريد من السلفي أن يأخذ من الصوفية الرقة والروحانية وخشوع القلب ونعمل من هذا المزيج المسلم المطلوب.
* بأي من مشايخ السعودية تربطك علاقات خاصة؟
- منذ قليل اجتمعت مع صديقي الشيخ صالح بن حميد، خطيب المسجد الحرام ورئيس المجلس الأعلى للقضاء، بالإضافة إلى الدكتور محمد العقلا، مدير الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، والشيخ عبد الله بن منيع صديق قديم، وبيني وبين مفتي السعودية مودة كبيرة، والتقيت به عند بداية تعيينه مفتيا عاما للسعودية، وقال لي إنه من قراء كتبي، من بينها «حتمية الحل الإسلامي» و«الحلول المستوردة»، بالإضافة إلى كتب لي في الفكر السياسي، وكما وربطتني بالشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله – مودة عظيمة.
* ماذا عن الشيخ سلمان العودة؟
- من أقرب أحبائي، (ضاحكا) ويعتبرونه على منهج القرضاوي.
* .. والشيخ حسن الصفار؟
- بيني وبينه علاقة طيبة، والتقيت به مؤخرا في قطر، وأرسلت إليه رسالة شكر عندما استنكر موقف الرجل الكويتي الذي تجرأ على السيدة عائشة رضي الله عنها.
* شاهدت مسلسل «الجماعة» الذي تم فيه تجسيد شخصية مؤسس جماعة «الإخوان»، حسن البنا، والذي عرض على شاشة التلفزيون في شهر رمضان الماضي؟
- حقيقة، لم أشاهده جيدا لانشغالي، وإنما رأيت منه مقاطع معدودة، إلا أنه حكي لي عنه، وظهر لي أنه لم يكن منصفا في عرض حياة البنا، وضخم أمورا على حساب أمور أخرى، والأبرز كانت في نهاية المسلسل الذي توقف عند قبيل وفاته، وكان هذا هو الأبرز بحيث كان يجب أن ينتهي بنهاية حسن البنا وقتله، إلا أن التوقف دون ذكر ذلك لعدم إدانة قاتليه.
* ماذا أضاف العمر للشيخ القرضاوي؟
- لا شك أضاف مزيدا من النضج، فكلما عاش المرء كثرت خبرته وازدادت قراءاته وارتفعت بصيرته ونضجه في الحياة، وكما قالوا الدنيا خير معلم، والحياة مدرسة لمن عاشاها ببصيرة وعقل منفتحين.
* كيف تصف نفسك؟
- أنا جندي من جنود الإسلام، جندي الله تعالى بالعلم والعمل والدعوة إلى الله تعالى، وأتمنى أن أختتم حياتي بشهادة في سبيل الله، ولدينا دعاء مأثور «اللهم نسألك عيش السعداء وموت الشهداء والفوز في القضاء والنصر على الأعداء»، والحمد لله نحن سعداء بإيماننا، وأرغب أن يختم الله لي بالشهادة، وأن تكون شهادتي على يد غير مسلم.
* هل تشك في أن تكون شهادتك يوما ما على يد مسلم؟
- قد يكون ذلك من قبل شخص مجنون.
* هل هددت في يوم من الأيام؟
- اليهود هم فقط من هددوني بشكل علني، ولم أهدد من قبل مسلم، وإنما من غير المستبعد أن يأتي أحد المنتمين للجماعات المتطرفة يرغب في التخلص مني.
* من تفتقد فضيلة الشيخ؟
- (بصوت تخنقه العبرة) أفتقد معظم أصدقائي ممن ولوا واحدا بعد الآخر، وبت وحدي الآن، إلا أنني - ولله الحمد - أشعر حاليا بسعادة فائقة لحب الناس لي في كل مكان.
* ما تعليقكم بشأن فتوى «أنصار السنة المحمدية» الأخيرة والمتعلقة بترشح البرادعي نفسه للانتخابات، التي أوردوا فيها أنه إذا رأى ولي الأمر اعتقال وسجن البرادعي أو حتى قتله فهو أمر جائز، وذلك بسبب زعزعته استقرار الوطن وأمن الدولة؟
- لا يمكن لأحد أن يقول بذلك، حيث إن الدستور ضمن هذا الأمر ومنحه للآخرين (ويقصد بذلك الترشح للانتخابات).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.