توقع صندوق النقد الدولي أمس تراجع الفوائض المالية للدول العربية المنتجة للنفط من 275 بليون دولار العام الماضي إلى 100 بليون العام المقبل، أي 175 بليون دولار، بسبب تراجع أسعار النفط بمعدل الربع تقريباً، وانخفاض توقعات نمو الاقتصاد العالمي، وتذبذب أسعار العملات. وتباينت توقعات الصندوق لمعدلات النمو في المنطقة العربية هذه السنة وعام 2015، في ضوء مستجدات تراجع أسعار النفط واستمرار التوتر السياسي في بعض دول المشرق العربي. وفي حين رجح المدير العام لصندوق النقد الدولي لمنطقة الشرق الأوسط مسعود أحمد خلال مؤتمر صحافي عقده في دبي أمس أن تحافظ منطقة دول الخليج على معدلات نمو مستقرة هذه السنة تصل إلى 4.5 في المئة، توقع أن تتأثر دول المنطقة النفطية الأخرى بتراجع أسعار النفط لتسجل نمواً نسبته 2.5 في المئة، بتراجع 0.75 في المئة عن التوقعات في أيار (مايو) الماضي، علماً أن توقعات الصندوق لم تتضمن مستويات التراجع الحاصل حالياً في أسعار النفط. وتباينت توقعات أحمد في ما يتعلق بانعكاسات أسعار النفط على دول الخليج، ففي حين أكد ل»الحياة» أن «موازنة دولة الإمارات لن تتأثر بهذا التراجع لأسعار النفط لأنها مبنية على أساس سعر 80 دولاراً للبرميل»، رجح أن «تواجه السعودية عجزاً في موازنتها في حال وصل سعر برميل النفط إلى 75 دولاراً للبرميل، علما أن الموازنة تعتمد مبلغ 97 دولاراً للبرميل». وتوقع أن «تتأثر موازنة كل من البحرين وقطر وعُمان في حال واصلت أسعار النفط تراجعها». وعن منطقة المشرق العربي، توقع صندوق النقد الدولي في تقرير «آفاق اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا» أن يسجل النمو ثلاثة في المئة هذه السنة وأربعة في المئة العام المقبل، بينما أكد احمد أن «معدلات النمو هذه لا تكفي لإنعاش اقتصادات هذا الجزء من المنطقة العربية، التي تحتاج إلى معدلات تصل إلى ثمانية في المئة حتى تصل اقتصاداتها إلى مرحلة التعافي»، مشيراً إلى أنها تحتاج أيضاً إلى معونات خارجية تصل إلى 100 بليون دولار. وعلى رغم النمو البطيء لاقتصادات منطقة المشرق العربي، إلا أن مسعود لاحظ أنها «بدأت في كبح العجز المرتفع في موازناتها العامة، ما يتيح التدرج في إعادة بناء هوامشها الوقائية وتعزيز صلابتها في مواجهة الصدمات». وعلى رغم تراجع تقديرات الصندوق لاقتصادات مجموعة الدول المصدرة للنفط عن المستويات التي أعلنها في أيار الماضي، أكد أن «ميزان الأخطار يرجح كفة الانخفاض خلال العام المقبل، مع تباين الأداء الاقتصادي بدرجة كبيرة بين دول المنطقة». وتوقع استقرار اقتصادات دول الخليج النفطية خلال العام المقبل على رغم انخفاض أسعار النفط، مشيراً إلى أن «الصراعات والمشكلات الأمنية لا تزال تؤدي إلى اضطرابات في النشاط الاقتصادي في العراق وليبيا واليمن، وان كان من المتوقع أن يؤدي تعافي الإنتاج النفطي إلى حد ما في هذه الدول إلى تحسّن التوقعات المستقبلية خلال العام المقبل». وأكد التقرير أن «النمو المضطرد في دول مجلس التعاون الخليجي يستند إلى قوة الإنفاق العام على البنية التحتية وتوسع الائتمان المقدم للقطاع الخاص»، مرجحاً أن «يؤدي تدهور الظروف الأمنية في كل من العراق وليبيا واليمن إلى تعميق الاضطرابات في إمدادات النفط لدى هذه الدول، والى انحراف مسار التعافي المتوقع لإنتاج النفط العام المقبل». وفي ما يتعلق بالإمارات، توقع احمد أن «تكون من أقل الدول تأثراً بانخفاض أسعار النفط في المنطقة بسبب اقتصادها المتنوع، وأن تحصل على فوائض جيدة». ولفت إلى أن توقعاته السابقة حول احتمال حصول فقاعة عقارية في دبي، تتلاشى تدريجاً في ضوء الإجراءات التي تتخذها الإمارة للحد من المضاربات عبر زيادة رسوم التداولات، والسيطرة على قطاع الإقراض، ما حدّ من الارتفاعات الكبيرة في سعر العقارات». وأضاف: «على رغم أن ديون دبي تقدر بنحو 140 بليون دولار، إلا أن استمرار الإمارة في ضخ استثمارات ضخمة في مشاريع عملاقة لن يؤثر على اقتصادها لأن التمويل لن يشكل مشكلة في حال أدارت هذه المشاريع في شكل جيد، وابتعدت عن الأخطار». وتوقع الصندوق ارتفاع معدلات التضخم هذه السنة في المنطقة العربية إلى ثمانية في المئة، وإلى 8.1 في المئة العام المقبل، مع تباين معدلاتها بين دول المنطقة، ففي حين رجح ألا تزيد على 2.8 في المئة هذه السنة و3.1 في المئة العام المقبل في دول الخليج، توقع أن تصل إلى سبعة و7.5 في المئة في الدول المنتجة للنفط الأخرى، والى 9.9 و9.6 في المئة في الدول المستوردة للنفط .