حذر البروفيسور الألماني بيرترام فيديمان من أن التوتر النفسي الدائم قد يؤدي في أسوأ الحالات إلى الإصابة بقرحة المعدة، مشيرا إلى أن هذا الخطر ينشأ على المدى الطويل، وليس بين عشية وضحاها. وأوضح فيديمان، اختصاصي أمراض الجهاز الهضمي، أن التوتر النفسي الدائم يؤدي في البداية إلى التهاب الغشاء المخاطي المبطن للمعدة، والذي تتمثل أعراضه في الشعور بآلام شديدة وحارقة تمتد من أسفل عظمة القص إلى الجزء العلوي الأيمن من البطن. وقد تكون هذه الآلام مصحوبة بالغثيان. وإذا لم يتم علاج هذا الالتهاب، فقد يتفاقم الأمر وتنشأ قرحة المعدة. وكشفت دراسة أخرى أن التوتر والضغط النفسي عاملان كافيان للإصابة بقرحة المعدة دون الحاجة إلى باقي العوامل. وأجريت الدراسة الدنماركية على مدى سنوات طويلة وتابعت ما يقرب من 3379 من البالغين في الدنمارك الذين ولدوا في أعوام 1922 و1932 و1942 و1952 ولا يعانون من قرحة المعدة. وتم تحليل بياناتهم النفسية والاجتماعية والسلوكية والطبية كعينات الدم بداية من عام 1982. وتم جمع البيانات من الباقين منهم على قيد الحياة مرة أخرى أعوام 1987 و1994 وتشخيص المصابين منهم بالقرحة باستخدام المنظار. ومن خلال المتابعة اكتشفت الدراسة أن أعلى معدلات الإصابة بالتوتر والضغط النفسي ترتبط بالإصابة بقرحة المعدة. وتعد قرحة المعدة الناجمة عن الانفعالات نتاج شدة القلق الذي لا يجد له تصريفا موفقا في النفس فيرتد على الجسد. ويؤكد علماء النفس والطب النفسي وجود علاقة بين القرحة المعدية والاثني عشري بشكل خاص وبين شخصية الفرد الذي يتعرض للقلق والتوتر الدائمين. والقرحة هي عبارة عن تآكل موضعي في الغشاء المخاطي المبطن للمعدة أو الجزء الأول من الاثني عشر، وفي العادة تحمي المعدة نفسها من تأثير عصارتها الهاضمة بواسطة غشاء مخاطي يبطن المعدة من الداخل، يتكون من خلايا مخاطية لديها قدرة كبيرة على الانقسام والترميم وإنتاج سائل مخاطي يحمي المعدة من تأثير الحمض والأنزيمات الهاضمة. وهناك بعض الآليات الهرمونيّة الموجودة داخل جسم الإنسان التي تعمل على ضبط عملية إفراز العصارة المعديّة، وأي خلل في الآليات يؤدي إلى حدوث قرحة المعدة. وغالبا ما تكون آلام القرحة حادة ولاذعة في أعلى البطن وقد تستمر دقائق أو حتى عدة ساعات، وقد توقظ الشخص المصاب من نومه. ويقل هذا الألم عند تناول المصاب مضادات الحموضة ثم يعود ثانية. وإلى جانب التوتر النفسي الدائم هناك عوامل أخرى تحفز الإصابة بالتهاب الغشاء المخاطي المبطن للمعدة ومن ثم قرحة المعدة، مثل المسكنات والمشروبات الكحولية وبكتيريا هليكوباكتر والأطعمة شديدة الحموضة. وجدير بالذكر أن النيكوتين يزيد من تركيز الحامض المعدي، وبالتالي يصبح أكثر تحرشا بالجدار المعدي أو المعوي ويصبح الإنسان أكثر عرضة للإصابة بالقرحة، كما يؤخر التدخين من علاج القرحة والتئامها عند مرضى القرحة الذين يتناولون العلاج.