مقدمة : "لدي حلم " مارتن لوثر كنيج مع إعلان فوز باراك اوباما برئاسة الولاياتالمتحدةالأمريكية تحقق حلم مارتن لوثر كينج الكبير ، تحقق ما كان حلماً قبل عقوداً من الزمن ، ظن خلالها الكثيرين أن هذا الحلم لن يكون حقيقة ، تحقق حلم أميركا بعرقياتها وعنصرياتها بل وحضارتها الإنسانية العابرة لقارات العالم ، تحقق حلم السود في بلاد العم سام بكل ما في الماضي من الآلام والأسقام ، وكحضرمي تلقفت الحلم الأمريكي بعد سفر طويل في رحلة البحث عن تحقيق الحلم الحضرمي … عمر سالم باعباد هو مارتن لوثر كينج ، ذاك الأسود الأمريكي قالها أمام حشد عظيم من أنصاره السود في في العاصمة واشنطن أنه لديه حلم ، وسبقته إلى الحلم مواطنة أمريكية سوداء هي روزا باركز التي رفضت أن تقوم من مقعدها في الحافلة ليجلس مكانها مواطن أمريكي أبيض ولتعلنها بكلمة " لقد سئمت " ، تلك هي أميركا البلاد البعيدة التي تلهمنا اليوم حتمية الحضور البشري في واقع البشرية ، ما بين الحلم الأمريكي والحلم الحضرمي وحتى العربي تلكم المشاعر الملتهبة بالحضور … الربيع العربي المولود ناراً في سيدي بوزيد يظهر زهراً في مصر وليبيا وسوريا وحتى بلاد اليمن ، لكل منا على امتداد بلاد العرب أحلامه ، الكرامة والحرية والعدالة هي نطاقات البشرية في سموها العالي التي لطالما انتهكت تحت بند الوطنية والقومية وغيرها من مصطلحات الإذلال التي صاغتها قوة الأنظمة الحاكمة عنوةً ورغماً عن كل الشعوب الضعيفة حتى ما قبل رؤية تحقيق الحلم … إذا كان مارتن لوثر كينج قال ( لدي حلم ) فإن باعباد كاد أن يجعل من الحلم حقيقة في لحظة فارقة من تاريخنا ، باعباد في المكلا ، هكذا أتصوره بعد ما يزيد عن خمسة عقود ، كان يجلس على مكتب خشبي عتيق ، يكتب على ورق ابيض دستور الدولة الحضرمية بحروف عربية صحيحة ، رسم الحدود ووقع على آخر الصفحة .. لدي حلم ، وأودع الحلم في ضميرنا الحضرمي ، ومنذ ذاك الوقت ونحن نحمله من جيل إلى آخر ، ومازال حلماً … القراءة في التاريخ البشري ليس مجرداً من الاستئناس ، وليس فرطاً من ذلك الاستئناس ، بل هو استجداء لحالة عقيمة من تواطأ الحقب التاريخية لنلامس واقعنا الشحيح بعلامات النصر ، ثمة حالة ثرية في هذا الربيع العربي نحو التمسك بمدلولات التاريخ ، وإن قست الأيام بأوهامها ، وإن عجزت عطايا الزمن أن تجود بقدراتها المخبأة … نعم لدي حلم بأن يكون لي وطني ، أن أحمل جواز سفري الحضرمي ، أن أنشد تحت سارية العلم نشيدي الوطني ، الحرية لوطني هي الآن الحلم ، والحلم الذي أنظر إليه قادماً يحمل في ثناياه الكرامة والعدالة في الوطن الحضرمي ، هنا لابد من استيقاف النفوس الحضرمية لتزرع في داخلها معاني الحضور في الوطن ، يكفينا القرن العشرين الذي انصرم وهو يحمل تجربتنا البشرية في المهاجر الآسيوية والأفريقية والعربية ، هائلة هذه التجربة الطويلة التي عجزنا برغم ما توافر لدينا من أدوات وقنوات حتى لنجمع تفاصيلها ، موجع في ضميري الحضرمي أن أقرأ في كتب الأدب عن شعراء المهجر اللبناني والسوري في الغرب من هذا العالم وأعجز هنا أن أجمع تراث الحضارمة في الشرق الآسيوي من هذا العالم ، حتى تجربتنا البشرية لم نستطع أن نخلدها في الدواوين … استنطاق التاريخ هو قدرتنا التي عرفنا أن نحدث بها جيراننا اليمنيين في الشمال كانوا أم في الجنوب ، وبرغم المعركة الطويلة في هذا الخضم مازال العديد من أبناء وطني يطيرون في أفق ليس لهم أن يحلقوا فيه ، استوقفني مشهد لندوة عقدت في عاصمة وطني لدكتور يدعى محمد علي السقاف ، والصورة كانت تضع السقاف وفي أعلاها علم جمهورية اليمن الجنوبية وعلم اتحاد الجنوب العربي ، تساءلت طويلاً عن هذا التيه فلا نحن الحضارمة التي تعقد الندوة على أرضنا نمت لليمن جنوبه وشماله معاً ، ولا نمت بصلة للجنوب العربي ، حالة من اللاعقل تمارس بعدما تمت عملية استنطاق التاريخ ، وهناك من أبناء وطني مازال يهرف بما لا يعرف … باعباد عاش زمن الثورات العربية في خمسينيات وستينيات القرن العشرين الفائت ، ونحن نعيش ربيع العرب في مطالع القرن الحادي والعشرين وما بيننا وبين عمر سالم باعباد يرحمه الله زمن طويل ومازلنا على ذات الحلم ، حلم مشروع راود باعباد كأي مواطن حضرمي ، حلم نودعه لأبنائنا يودعونه إلى أحفادنا ، سلسلة لا تنتهي من ودائع الحلم بوطن محرر ، لماذا كل هذا الوقت نمضيه في البحث عن وطن والوطن فينا … في خضم هذا التوقيت الزماني ولدت جبهة انقاذ حضرموت ، ولدت لتحاول تحقيق شيء من الحلم ، من باعباد إلى باحاج ، بينهما باسويد وبن ماضي وثلة مازالوا يريدون هذا الوطن أن يكون حقيقة ، وبين صحيفة الطليعة وهنا حضرموت ملتقى حضرموتوالمكلا اليوم والشبامي ونجم المكلا وحتوم وفي كل حضرمي وحضرمية خير … لدي حلم .. الحادي والعشرين من أغسطس 2011م تسقط طرابلس ويرتفع علم الاستقلال الليبي مشهد لأؤلئك النفر المتوارون خلف أقنعة الزيف على امتداد تراب وطني الحضرمي ، لم يعترض على الأرض كلها من أحد عندما يستعاد التاريخ الصحيح ، وقفة مع ليبيا في خضم ربيعها الحاضر كرامةً وشرفاً ، هل يلوم أحداً أبناء ليبيا وهم لا يسقطون عاصمتهم طرابلس بل يصححون التاريخ الذي تم تزويره في 1969م بعد ما سمي ثورة الفاتح من سبتمبر ، ما يفعله الليبيين الآن هو تصحيح لمسار تاريخهم الوطني … مللنا سرد المقالات المفخخة ، والمقالات المتفجرة ، والمقالات الحارقة ، مللنا من الكتابة لهذا الجيل الذي مثّل قدرته المتهالكة بالإيمان بوطنه الحضرمي الحر ، تقتات من على أظهرنا بقايا السارقين لأحلامنا في مراقدنا ومازلنا على ذات الطريق في تيه بعد تيه ، أكثر من نصف قرن مضى ومازلنا ننثر مجرد أحرف تشكل كلمات لتصنع جملاً حتى نحن لا نحتفظ بشيء منها مجرد صف من السطر الطويلة لتختزل تاريخاً طويلاً من حلم يسكننا كلما سرنا أو أكلنا أو شربنا ، وعندما نأوي إلى فراشنا يغادرنا ليستقبلنا بعد الفجر لأنه يعيش معنا في دمنا … حالة الاختناق التي نعيشها تحاكي ذاك الربيع العربي الزاهي ، فهل من ثمة مساحة لأمل مقبل في أيام تالية تنتفض فيها مدن ساحلنا ووادينا الممتد إلى الصحراء وتخرج زهور ربيعنا من أكمتها ..؟؟ ، اثمة مساحة لهكذا أمل يصبرنا ونصبره ..؟؟ ، نعم هنالك ثمة مساحة من أمل لأن المصطفى صلى الله عليه وسلم قال ( ويعجبني الفأل ) … لدي حقيقة .. وطني هو حضرموت …