(بوتراجايا) … مدينة تتخطى و صف الاسطورة و تتجاوز معايير المدن التقليدية بمراحل كثيرة إنها بوتراجايا العاصمة الإدارية لماليزيا التي كانت قبل عام 1993 مجرد خطط على الورق لكن الإرادة الطموحة لرئيس الوزراء آن ذاك مهاتير محمد آثرت ان تترجم تلك الخطط إلى مشروع على الارض تبلغ مساحته 4930 هكتار بميزانية تجاوزت 8 مليار دولار امريكي و بغض النظر عن الارقام التي رصدت تبرز في بوتراجايا كمدينة المستقبل و عاصمة إدارية للبلد حنكة بالغة و رؤية طويلة المدى تتملكها قدرة مهاتير محمد على استشراف الفرص الاستراتيجية فالمدينة التي تبعد 25 كلم عن مدينة كوالالمبور اسست على مبدء الحكومة الإلكترونيه منذ وقت مبكر و روعي في تصميمها وبنائها ما يضمن صمودها لثلاثة قرون قادمة في وجه الزمن. تتميز بوتراجايا او الحديقة الذكية كما تلقب بتصاميم عصرية انيقة ممزوجة بنكهة المعمار الماليزي و الإسلامي استخدم في بنائها ميزات الصلب و الزجاج فالقباب التي تعلو البنايات و الزخارف تضفي رونقاً و سمتاً مميزاً على عاصمة ماليزيا الإداريه حيث تضم مجمعات حكومية هامة وزارات و سلطات و هيئات الدولة بتعدد مهامها و تنوع هوياتها في حين تجمع ايضاً مبانِ تجارية و مجمعات سكنية تتمحور حول حدائق و بحيرات صناعية جذابة تضفي على المدينة و نزعتها الحداثية لمسة جمالية ذات بعد يميزها عن اي مكان في العالم، حتى هذه اللحظه و رغم التطور المتسارع في إنجاز المشاريع و الإزدياد في السكان إلا انها في طور نمو و مع تطور المنطقة من ورشة عمل إلى مكان للعيش و العمل إلا ان المدينة ستبلغ التمام لاحقاً و سيبلغ سكانها اكثر من ربع مليون و ستكون الإمتداد الإقتصادي للعاصمة كوالالمبور. إنها رؤية طموحة لصياغة مستقبل البلد في عصر التقنية فهي ترمز الى الريادة و البعد الإستشرافي للمستقبل هكذا صاغ مهاتير محمد قدرات النمر الاسيوي الصاعد ليحجز مكانة متقدمة لماليزيا المستقبل و هي بكل إقتدار تبني مدينة ذكية من اجل إستدامة النمو الإقتصادي و التنمية للإنسان الماليزي، إن الزائر إلى بوتراجايا اليوم ينبهر بشوارعها و مبانيها العصرية و يزيده إنبهاراَ التواجد المثالي للخدمات فالمواصلات الداخليه تغطي كل اركان المدينة و شبكة القطار في الولاية الفيدرالية تصلها بمختلف المدن بما في ذلك بوتراجايا التي بإمكانك ان تصلها من وسط كوالالمبور بالقطار السريع في دقائق معدودة. في بوتراجايا تستهويك البنايات الفاخره مثل مبنى رئيس الوزراء او سري بردانا باللغة الماليزية وهو مبنى غاية في الروعة يحوي عناصر المعمار الملايوي و الإسلامي و يضم سكن رئيس الوزراء و يستخدم لحفلات الإستقبال الرسمية و المآدب و الإحتفالات الرسمية كذلك، ايضاً هناك مسجد بوترا الذي يطفوا على البحيرة الصناعية كما يبدوا من اول وهلة ويشدك فيه القبة الوردية التي بنيت من الجرانيت و ما تحمله من جمال و إبداع تجدها ماثلة في هندسة البناء التي تجعلها من اهم معالم بوتراجايا على الجانب الآخر يقف قصر العدالة في بهاء و كبرياء ماثلاً بقبابه الثلاث و معماره الحديث في مشهداً تقف امامه الكلمات عاجزة عن وصف ما بناه الإنسان إضافة إلى نصب الألفية وهو نصب تذكاري يمثل تاريخ البلد و تطلعاته في عمود بارز ضمن عدة اعمدة تحوي في جملتها و ترتيبها ثروة من المعلومات التي تحكي محطات و تاريخ ماليزيا و إنجازاتها ضمن معلم واحد لكن الإبداع لا يقف هنا فحسب بل يتجاوزه بتباين مثير و ممتع فهناك الحدائق الغناء و تضم بوتراجايا احد اكبر الحدائق الطبيعية على مستوى ماليزيا كلها حيث تحوي حديقة بوتاني التي تنقسم إلى ثلاثة اقسام حوالي 700 نوع من النباتات المحلية و كذلك من افريقيا و اسيا و المحيط الهادئ فيما هناك ايضاً حديقة الاراضي الرطبة حيث تعتبر الحديقة الرطبة في بوتراجايا احد اكبر الحدائق الاصطناعية من نوعها على مستوى العالم حيث يحوي بركة فلامنغو و مشتل الحديقة و متنزهات طبيعية إضافة الى الجسور المتعدده و التي تميز بوتراجايا عن غيرها من المدن فهناك جسور بنيت على نسق مشابه للمعمار الإيراني و اخرى ذات طابع اوروبي غير ان المعمار الإسلامي هو السمة الرئيسة. في عام 2001 تم إعلان بوتراجايا ولاية فيدرالية مستقلة و مركزاً إدارياً للحكومة الماليزية اخيراً لا يمكنني ان اصف كل شي فايام معدودة لاتكفي لوصف هذه المدينة التي بنيت لتكون اسطورة شاهدة على إبداع الإنسان و رمزاً للتقدم و النمو في ماليزيا و الشرق الاسيوي لكنها بحق مثالاً للرؤية و الإقتدار فالمستقبل الذي رآه مهاتير محمد يسبق الافكار الى العمران و البناء النهضوي بطموح و انفتاح لبق يتجاوز المثل التقليدية و ينحى من إستدامة النمو و التنمية البشرية طريقاً نحو المستقبل الواعد. الصور: موقع العاصمة الفيدرالية بوتراجايا، موقع وزارة السياحة