الجميع يعرف ان حكومة الوفاق الوطني جاءت بعد التوقيع على المبادرة الخليجية التي اتسمت بطابع اقليمي خليجي عربي وطابعا دوليا استنادا الى القرار الصادر من مجلس الامن رقم (2014) الذي يلزم اطراف الازمة السياسية في اليمن بتنفيذ المبادرة الخليجية حسب اليتها المزمنة , ولذا من المفترض ان تعكس حكومة الوفاق الوطني وتترجم على ارض الواقع حالة الوفاق الوطني والتسوية السياسية المنصوص عليها في المبادرة الخليجية التي تم توقيعها في الرياض وبرعاية من خادم الحرمين الملك عبد الله بن عبد العزيز ال سعود. لكن للأسف الشديد ان اداء هذه الحكومة لم يكن في المستوى المطلوب طيلة الاشهر الماضية من عمر هذه الحكومة الانتقالية التي مهمتها الاساسية تهيئة الظروف والمناخات السياسية لإجراء انتخابات عام 2014م وصولا الى تحقيق الاستقرار السياسي وإيصال اليمن الى بر الامان , وتجنيب اليمن ويلات الصراعات السياسية والطائفية والمناطقية والشطرية وغيرها من اشكال العنف والحروب الاهلية. يبدو ان حكومة الوفاق الوطني نسيت مهمتها الاساسية التي شكلت من اجلها وانشغلت بمما حكات سياسية ليست من مهامها ولا تنسجم بأية حال من الاحوال مع طبيعة عمل هذه الحكومة بل تتناقض تناقضا معيبا مع الوظيفة الاساسية لها , حيث شاهدنا بعض الوزراء في حكومة الوفاق وللأسف الشديد يوجهون اتهامات جزافا الى الزعيم عبد الله صالح ووصفه بزعيم عصابة الخمسة الذين يقطعون الكهرباء ويدمرونها من دون تقديم اي دليل يذكر على هذا الاتهام. وفي نفس المضمار غالبا ما يمارس بعض اعضاء هذه الحكومة ممارسات تفقد الحكومة صفة الوفاق السياسي المتفق عليه , مما دفع فخامة الرئيس عبد ربه منصور هادي التدخل عدة مرات لوقف هذه التصرفات خاصة في ميدان الاعلام الذي هو اللغة المعبرة عن حالة الوفاق الوطني والخطاب الذي يعكس حالة التسوية السياسية ودفعها قدما الى الامام , اذ لم يكن من الحكمة تصريح وزير الاعلام واتهام من سماهم بقايا النظام بالضلوع في حادث جريمة السبعين الارهابية التي ادوت بحياة اكثر من 100 جندي من الامن المركزي وجرح اكثر من ثلاثمائة جندي اخرين دون تقديم دليل يؤكد صحة ذلك الاتهام الذي تبين زيفه بعد اعلان القاعدة تبنيها تلك العملية الارهابية الشنعاء. كما ان عمليات التظاهر والتصعيد غير المبررة التي تنطلق من الساحات لتعكير صفو الوفاق السياسي الذي تعيشه بلادنا في الوقت الراهن تتنافى مع روح المبادرة الخليجية التي دعت الى ازالة كل مظاهر التوتر والاحتجاج تمهيدا للحوار الوطني , فضلا عن خطب الجمعة التي تلقى في الساحات وخاصة في العاصمة صنعاء وما تتضمنه هذه الخطب من مضامين تحريضية وعدائية متوترة لا تخدم المرحلة الانتقالية والتسوية السياسية التي تشهدها بلادنا اليوم كما ان ذلك الخطاب الديني المتشنج لا ينسجم مع جوهر الدين الاسلامي الحنيف وما يتسم به من تسامح واعتصام بحبل الله وتعاون على البر والتقوى ونبذ الاثم والعدوان. ان القرارات التي يتخذها وزراء المشترك في حكومة الوفاق الوطني بتعيين قيادات من المشترك بدلا عن قيادات في المؤتمر لشعبي العام تعد خطوات تصعيديه واستفزازية تعكر صفو التوافق الوطني والتسوية السياسية وتنم عن عقلية اقصائية هدفها افساد المبادرة الخليجية وفرض سياسة الامر الواقع خلافا لما تم التوقيع عليه وخلافا لكل التعهدات والالتزامات التي تفرضها المبادرة الخليجية على كافة الاطراف الموقعة عليها , كما ان التجاوزات من بعض وزراء حكومة الوفاق على صلاحيات رئيس الجمهورية فخامة المشير الركن عبد ربه منصور هادي تعد سابقة خطيرة في تاريخ الدولة اليمنية , اذ لم يسبق لوزير ان اصدر قرارات هي من صلاحيات رئيس الجمهورية منذ تأسيس الدولة اليمنية الحديثة وحتى يومنا هذا. ان التصعيد الظالم والغير مبرر من عناصر حزب التجمع اليمني للإصلاح في تعز ضد المحافظ الجديد شوقي احمد هائل امر في غاية الخطورة ويعكس مستوى الفوضى التي يخطط لها الاصلاح ضد كل من يريد تطبيق النظام والقانون وتحقيق الامن والسلم الاجتماعي ومنع حمل السلاح والتجول به داخل مدينة تعز عاصمة الثقافة اليمنية وعاصمة المدنية والتحضر والفكر المستنير , فالمحافظ الجديد هو وليد تلك البيئة الثقافية المتمدنة والمتحضرة وهو يرفض كل اشكال العبث والفوضى من قبل اي جهة كانت , لذلك سرعان ما اصطدم بمروجي الفوضى وصناع الفساد وأصحاب مشروع العبث الذين يريدون جعل تعز مدينة للمواجهات والقتل والاختطاف والرعب بكل اشكاله وأنواعه , ولعل هذا التصعيد المفتعل من الاصلاح ضد المحافظ يفتح اعين الناس ويجعلهم يدركون اين الخلل ويشخصون بدقة من هو الطرف الذي لا يريد لتعز ان لا تهدا ولا يريد لأهلها ان ينعموا بالأمن والسلام.