هاهي الأجيال العربية التي واعدها القدر ان تعيش مهرجانات النصر عند الضياء تقود حركة تغير على مستوي الوطن العربي الكبير حيث تقود ذلك الحراك الهادف الي إعادة صياغة الواقع من منطلق المجتمع المدني وترسيخ دولة النظام والقانون والحكم الرشيد والعدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص والتنمية المستقلة وإطلاق الحريات السياسية والتعددية الحزبية والحريات الصحفية. حقيقة ان تلك الأهداف مشروعة وهي تجسد قيم ومضامين الثورة العربية الأم التي انطلقت في 23 من يوليو عام 1952م. ان الأنظمة المتهالكة والتي أدارة الوطن العربي بالفوضى ومراكز القوى والمتنفذين من الاقطاعين والرأسمالية المستغلة وغياب كلي للعدالة الاجتماعية والحكم الرشيد والقمع العسكري ومصادرة الحريات وممارسة التعذيب مما جعل ذلك الفساد يتراكم والإحباط سيد الموقف والبطالة تنتشر وعدم الاهتمام بالشباب وتأهيلهم وإتاحة الفرص الحياتية أمامهم.. حقيقة ان تلك التراكمات هي من أوصل الوضع العربي إلى الانفجار المدوي الذي عصف بعدد من الأنظمة العربية كنتيجة حتمية لتلك التراكمات التي لم تعمل الأنظمة على معالجتها أولا بأول. تلك التراكمات جعلت الأنظمة فريسة سهلة لم تصمد عند أول منعطف وأول عاصفة حقيقية، لكن لم تحقق أهداف وطموحات الشباب بسبب غياب برنامج عملي واضح المعالم وبسبب ان مراكز القوى اعدت عدتها للانقضاض على الانتفاضات الشبابية والالتفاف عليها وسرعان ما تبددت أحلام الشباب العربي الذين فوجئوا بقوى جديدة لم تكن أصلا ذات تأثير يذكر تلتف على أحلامهم البريئة في تحقيق غد مشرق وجميل. لقد كان تنظيم الاخوان المسلمين للوصول إلى السلطة من عام 1928م وهو يقتنص الفرص وجميعها باءت بالفشل، ومع ذلك يعد التنظيم الوحيد المحتفظ بطاقاته ومستعد لمختلف السيناريوهات المحتملة حيث اعد عدته وتسلق على ظهر الشباب علما بأنه يمتلك قدرة على المناورة ويتلون كالحرباء ويؤمن بالفلسفة المكيفيلية من منطلق الغاية تبرر الوسيلة، والتف على انتفاضة تونس وسيطرة حركة النهضة التونسية على زمام الأمور وأقصت الحزب الدستوري الحاكم كما أقصت الشباب الثائر والمنتظر لإتاحة الفرص المتكافئة وتحقيق العدالة الاجتماعية وإطلاق الحريات العامة، وفي مصر سيطر الإخوان على السلطة وانفردوا بالقرار وتمت عملية الاقصاء للحزب الوطني وكل من عمل في ظل النظام السابق، كما اقصوا شركاء الأمس من القوى القومية والليبرالية واليسارية والمسيحيين ، ومن ثم اعدوا دستور مفصل وفق مصالحهم – أي الاخوان- وفي اليمن رغم ان المبادرة الخليجية عطلت الدستور وتم تشكيل حكومة وفاق وطني وبالرغم من ان الاخوان حصلوا على المرتبة الثانية ، إلا انهم يعملون على الانفراد بالقرار وخاصة ان الجماعات الإرهابية سيطرة على مخازن الدولة والمعيار الوحيد للتغير والترقيات هو الانتماء لتنظيم الاخوان.. اما في ليبيا فقد تم اقصاء اللجان الثورية وكل من عمل في ظل النظام السابق وسيطرت الجماعات المسلحة على مخازن الأسلحة التابعة للجيش الليبي أثناء العدوان الأمريكي الأطلسي على ليبيا.. حقيقة ان الشباب العربي المتطلع لغد أفضل ترفرف فيه رايات الحرية والديمقراطية وجراء انتخابات حرة ونزيهة وتحقيق العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص والحكم الرشيد والقضاء على البطالة وتحسين الوضع المعيشي لم يسكت واعلن ثورته الحقيقية في 30 يونيو للعام الجاري في مصر ، كما ان هناك استعدادات مكثفة جارية لثورة حقيقية في تونس وليبيا. ان عملية البناء الوطني لابد ان تستند إلى مشروع وطني يلبي طموحات الأمة ويحقق غد افضل مشرق ولابد من إشراك كل القوى بما فيها الأحزاب الحاكمة في ظل الأنظمة السابقة اما عملية الإقصاء ستكون سببا فعليا في استمرار القلاقل والفوضى والأحقاد والأنانية لا تبنى وطن.