تعددت الآراء والملاحظات التي أخذها الشباب المعتصمون على المبادرة الخليجية الأخيرة حول الانتقال السلمي للسلطة في اليمن، غير أن جميع هذه الملاحظات تصب في خانة تأكيد الإجماع على رفض الشباب المعتصمين في ساحات الحرية وميادين التغيير في جميع المحافظات اليمنية، لأي مبادرات أو وساطات داخلية أو خارجية لا تقوم على أساس الرحيل الفوري للرئيس علي عبد الله صالح، وجميع أقاربه ومقربيه عن الحكم. ترحيب مشوب بالحذر ربما كان المعتصمون المطالبون بإسقاط النظام يتطلعون إلى دور خليجي لإنهاء الأزمة السياسية في اليمن منذ البداية، ولهذا أجمعوا على وصف المبادرة الخليجية الأخيرة بأنها جاءت متأخرة، كما يؤكد الصحفي، محمد الحذيفي، من ساحة الحرية بتعز، مستدركا بقوله: "لكن أن تأتي متأخرة خير من ألا تأتي على الإطلاق". لكن شبه الترحيب هذا بالمبادرة الخليجية لا يعني أنها تحظى بقبول المعتصمين المطالبين بإسقاط النظام، حيث أكد الحذيفي بأن هذه المبادرة تضمنت عددا من المآخذ والعيوب، على رأسها قضية الضمانات التي اقترحت توفيرها للحيلولة دون محاكمة الرئيس صالح وأفراد عائلته ومقربيه المتورطين في المجازر الدموية التي تعرض لها المعتصمون على مدى أكثر من شهرين منذ بدء الاعتصامات في مختلف المحافظات. وأوضح الحذيفي بأن الضمانات ينبغي ألا تخرج عن الأطر القانونية التي تضمن لأولياء الدم مقاضاة المتورطين في هذه المجازر، مشيرا إلى أنه لا ينبغي لأحد أن يتنازل عن الدماء التي قدمها المعتصمون إلا أولياء الدم، ولا يحق لأحد أن يتحدث باسمهم أو أن يقدم ضمانات تسقط حقوقهم في مقاضاة من اعتدوا عليهم. المأخذ الثاني الذي تحدث عنه الحذيفي هو مطلب الرحيل الفوري، مؤكدا بأن أي مبادرة لا تتضمن الرحيل الفوري فإنها تعتبر مرفوضة سلفا من قبل المعتصمين في ساحات الحرية وميادين التغيير. مبادرة لإنقاذ النظام أما الصحفي علي الغليسي (من محافظة مأرب) فعبر عن استغرابه من صدور هذه الدعوة لاستقبال فرقاء الأزمة السياسية في اليمن من قبل السعودية، مشيرا إلى أن السعودية بدت وكأنها تحاول أن تطفئ حرائق اليمن، مع أنها هي من أشعلتها وتشعلها مرارا. وأكد الغليسي بأن هذه المبادرة الخليجية محاولة لإيجاد مخرج آمن للرئيس صالح لا أكثر، غير آبهة بدماء اليمنيين التي سالت، وقال بأن المبادرة كانت مهتمة بالنظام أكثر من كونها مهتمة بالشعب اليمني ومطالبه بالرحيل الفوري للرئيس صالح ومقربيه. وأيده في ذلك الشاعر أحمد المنيعي، رئيس جمعية الشعراء الشعبيين في محافظة مأرب، الذي قال بأن هذه المبادرة الخليجية في صالح علي عبد الله صالح، من بدايتها إلى منتهاها، خصوصا وأنها طالبت بتسليمه السلطة لنائبه، دون أن تلتفت لهتافات الشباب في ساحة التغيير الذين يهتفون "ارحل ولا تسأل، أهم شي تنقلع ويحلها حلال". وأضاف المنيعي بأن الشباب لم يفوضوا أحدا للتفاوض باسمهم، لكنهم سيتعاملون بإيجابية مع أي وساطة تضمن الرحيل الآمن والفوري والعاجل ودون أي شروط أو ضمانات، للرئيس صالح وأعوانه وأفراد أسرته. ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب ومن محافظة عدن، أكد الصحفي باسم الشعبي (عضو اللجنة الإعلامية لدعم ومساندة الثورة) بأن شباب الثورة في جميع المحافظات لن يرفضوا أي مبادرة تلبي مطالبهم بالرحيل الفوري للنظام القائم، وقال بان المبادرة الخليجية الأخيرة تبدي في ظاهرها الرحمة وتخفي في باطنها العذاب، ولهذا فلن يقبل بها أحد من المعتصمين. وأوضح الشعبي بأن أحاديث المسئولين الخليجيين حول المبادرة أكدت بأنها ستناقش قضية رحيل النظام، مشيرا إلى أن هذا أمر مبشر، لكن شباب الثورة لن يقبلوا أن تكون مسألة الرحيل مرحلية، لأنهم يريدون الرحيل الفوري للنظام ولجميع رموزه. وأكد الشعبي بأن الدماء التي سالت والضحايا الذين سقطوا في جميع محافظات الجمهورية، تحول دون أي رحيل آمن لهذا النظام، لأنه لو كان يسعى للرحيل الآمن لما ارتكب هذه المجازر في جميع المحافظات، ولهذا فأن محاكمة هذا النظام من عدمها أمر يقرره الشباب في ساحات الاعتصام، ولا يحق لأي قوى سياسية سواء كانت في المشترك أو في الخارج أن تحاول تنصيب نفسها بديلا عن هؤلاء الشباب، الذين ضحوا بأرواحهم ودمائهم في سبيل إسقاط النظام. ويوافقه الرأي الناشط السياسي حبيب العريقي، عضو اللجنة التنظيمية لاعتصام ساحة التغيير بصنعاء، الذي أعرب باسم اللجنة التنظيمية عن تقديره للجهود الخليجية في حل الأزمة السياسية في اليمن، وأكد رفض المعتصمين لأي مبادرة لا تنص على الرحيل الفوري للرئيس صالح وأبنائه. وأوضح العريقي بأن المبادرة جاءت متأخرة، ولم تنص على الرحيل الفوري، بالرغم من أن مطلب الشباب واضح وهو الرحيل الفوري، مشيرا إلى أن الشباب هم المعنيين فقط في إنهاء الاعتصامات المطالبة بإسقاط النظام، ولا يحق لأحد أن يفاوض باسمهم لإنهاء هذه الاعتصامات. وأضاف العريقي بأن الشباب المعتصمين ليسوا مع وجود أي ضمانات تحول دون محاكمة المتورطين في قتل المعتصمين السلميين، ومحاكمة ناهبي المال العام، مؤكدا بأن هذه القضية غير خاضعة للحوار السياسي، ولا يحق لأحد أن يتنازل عنها.