لن أبدأ مقالي بتبريرات ومسوغات لعلمي أن في القوم من لا ينظر إليها ويعمل لها بالا, وسيجعل من قلمه رمحا للطعن ولسانه سيفا للقطع, وسيبدؤون رحلة المليون تبدأ بسبَّةأوشتمة, وكما عودونا كل مرة أنّ الحديث عن الصوفية كالطعن في القرآن الكريم بينما عرض السلفية مباح لهم يشرقوا فيه ويغربوا كيفما شاءوا وبما تجود به ألسنتهم وأقلامهم. وسأحاول أن أكون منصفا ما استطعت إلى ذلك سبيلا, رغم اقتضاض الساحة بالمتربصين الذين لا شغل لهم إلا القعود لممارسه هواية اللمز والهمز وتصنيف النوايا, والتعذر بخطاب اللحمة الحضرمية والذي جعلوه رداء تمُرُّ من تحته كثير من المشاريع الهدامة. ليس للصوفية أي عصمة من النقد كما السلفية والإخوان والتبليغ وغيرهم من جماعات الأمة, وبالتالي لابد من المنطقية والتجرد العلمي في التعامل مع أي نقد يوجه لجماعتي وأن أعتبره نوعا من المساهمة في البناء والتقدم. وقفت على بعض المقاطع في اليوتيوب للشيخ أبي بكر مشهور العدني باعلويينتقد فيها بعض التجاوزات الصوفية عندهم كما انتقد أيضا بعض التجاوزات السلفية, ولله دره كان كلامه متزنا منصفا, كما رأيت له تلميحات حول التشيع والرفض الذي بدا يغزو الجنوب وحضرموت معلنا رفضه وعدم قبوله, كان خطابا منصفا ونقدا بناء كونه أحد الرموز التي يؤخذ قولها بعين الاعتبار. في المقابل اطلعت على كثير من بيانات الأخوين اتحاد علماء الجنوب ومجلس علماء أهل السنة بحضرموت والتي انكرت أيما إنكار على تصرفات القاعدة ومن يسمون ب"داعش" وحذروا الشباب من الانضمام إليهم لوجود كثير من المخالفات الشرعية في خطاباتهم ومنهجهم وسلوكهم القتالي, وهذا أمر واضح بينٌ معلوم إلا لمن دفن رأسه في الرمل ولا يريد أن يسمع أو يرى, وسأراهم هنا في زيارة همجية على هذا المقال. لم يعد خافيا أن هناك فئام من أتباع التيار الصوفي اعتنقوا التشيع وتحولوا من التصوف إلى الرفض وأصبحوا دعاة له وأنصارا ومدافعين بشراسة عنه, بل وبات بعضهم يجهر بذلك ويصرح به عبر مواقع التواصل الاجتماعي, لقد بات الأمر جليا لكل متابع لهذه المواقع, بل وصل الحال أن أحد أطفال الابتدائي في أحد مدارسنا يبلبل بين زملائه الطلاب بسب سيدتنا وأمنا أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها حبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم والمبرأة من سابع سماء, والخبر وصلني من ثقة في تلك المدرسة. ومن المؤسف أننا وجدنا أسرا بأكملها تحولوا للتشيع والرفضوكان معلومعنهمتوجههم الصوفي البحت. لست في مقام الكيل بمكيالين, ولكن كل منصف متجرد لن ينكر هذا الأمر, مع العلم أني لا أتهم التصوف كاملا, وأعلم أن فيه من يحارب التشيع ويقارعه, والتصوف منقسم -شأنه شأن السلفية-, بين متأثر بالتشيع ورافض له, وما إشارات السيد أبي بكر المشهور إلا دليلا على اختراق التشيع للتصوف. ولهذا فقد رأينا علماء ومشايخ السلفية يصرحون برفضهم ومعارضتهم للمنهج القاعدي, في أكثر من بيان ولقاء ومحفل, بينما لم نجد أي تحرك على شكل بيانات وندوات –في حدود علمي- من قبل كبار علماء الصوفية في حضرموت تحدد الموقف الصوفي من أولئك الذين عرفناهم أعواما يقتاتون على المذهب الصوفي وفجأة قلبوا ظهر المجن وصاروا من أرباب العمائم السود وأهل اللطم والمظلمة. هناك صمت مخيف مطبق على دعاة وعلماء الصوفية من التمدد الرافضيومن معتنقيه من أتباعهم ومريديهم, إلا من بعض الأصوات المنفردة المنكرة هنا وهناك فجزاهم الله خيرا. فإذا بائت السلفية بوزر القاعدة فإن الصوفية اليوم تبوء بوزر التشيع, ولابد من موقف موحد لمحارية كل غلو وتطرف أيا كان مصدره. إننا جميعا –سلفيون وصوفيون – ينتظرنا تحد عظيم جدا, وانشغالنا ببعضنا البعض عن هذا الخطر الداهم سيجعلنا نعض أصابع الندم لاحقا, وأدعو كبار علماء الجنوب وحضرموت وعلى رأسهم الشيخ العلامة أحمد بن حسن المعلم والسيد العلامة أبي بكر مشهور العدني من التنسيق وبأي شكل من أشكاله لإعلان جبهة موحدة في وجه التمدد الشيعي في الجنوب وحضرموت. وخطابي هذا للعقلاء من الطرفين, ولا نصيب للمتشنجين فيه, من الطرفين أيضا.