ما إن وصلت اثار الازمة بلادي حضرموت ، وبدأت تغرز اظافرها بشراهة وشراسة في جسده ، وتكشر عن انيابها في وجه المواطن لتطال وتعتدي عليه ولتسلب منه ابسط حقوقه الانسانية قبل الدستورية والقانونية في الحياة الاعتيادية لا الترفيّه ، ومن اولوياتها المشتقات النفطية التي القت بثقلها على الانقطاع المُقرف والممل والمتكرر للإضاءة المنزلية ، وبسببها مات الزرع وجف الضرع وهزُل البهم وبرك الجمل وغادرت الطيور اوكارها ، واصابت حركة الحياة البشرية والاقتصادية والاجتماعية بالتراجع المخيف الذي يبشر بمستقبل اشد خوفا . ازمة بلادي هذه اشبه ما تكون بأنثى الارنب الولاّدة ، التي استفاد منها بعض الناس في العمل على انشاء تكوينات ولجان شعبية غير رسمية تسعى جاهدة الى اعادة حياة المواطن الطبيعية ، فسعيها هذا أتى بنوايا حسنة وصادقة وكله من اجل البحث عن حلول لما يعانيه المواطن والتخفيف من معاناته ، فهي مشكورة ، مشكورة ، مشكورة عليه ، في وقت لم تتوفق فيه بعض المؤسسات والشركات عن القيام بواجبها في مواصلة تقديم خدماتها لمواطنيها نتيجة لصعوبة الظروف الحالية ، فيأتي دور تلك التكوينات الشعبية في تقديم المساعدة لتلك الشركات وغيرها لتذليل ما يعترض طريق مواصلتها تقديم خدماتها ، لا ان تكون بديلة عنها في كل شاردة وواردة ، ولا ان تسعى الى ان يكون بعض اعضائها ممثلين في مجالس الادارة ، ولا تُملي شروطها وتلوي اذرع من تنوي مساعدته ، ولا ان تدس انفها فيما لا يعنيها خاصة والكل يعرف ان انشاء تلك المؤسسات والشركات جاء بقرار وزاري رسمي له مواده المنظمة لأعمالها ، غير ان بعض تلك التكوينات لا تحمل حتى اعتراف كتابي رسمي من السلطة المحلية بالوادي تكتسب به صبغتها الرسمية في التخاطب مع الاخرين . في ظل ان بعض قيادات تلك التكوينات الشعبية تطالب بالدولة المدنية أي دولة المؤسسات ، وبعضهم من عاش وساهم وشارك في تعزيز الدولة المدنية ويشهد لهم التاريخ على ذلك ، ويحاول بعض الجدد ، بعلم او بغيره ان يشوه تاريخهم ومواقفهم في خدمة المواطن والوطن بتسريبات وفرقعات كلامية تحمل تحريضات مبطنة وربما تدعوا الى تهديم وتكسير ما بقيّ من المؤسسات والشركات التى لا زالت تحتفظ بمدنيتها في تقديم خدماتها . يشهد الله ان اغلب مواطني الوادي فرحوا بهذا الفعل ولا يشككون اطلاقا في نزاهة ووطنية من قدموا رقابهم وضحوا بوقت راحتهم وبذلوا ويبذلون قصارى جهودهم تخفيفا لما يعانيه المواطن لكن ما يطلبه المواطنون ان يكون هناك وضوح وشفافية في التعامل فيما يخص توزيع المشتقات النفطية التي هي حديثهم هذه الايام ، فلا يُعقل من يدعي تخفيف المعاناة عن المواطن ، ولا يحاول وضع الحلول السريعة لفك الحصار و قيود الاسر عما يقارب من اربعة عشر الف طن من مادة الديزل حُصة وادي حضرموت والمتوفرة الان في ميناء المكلا ، فبأي ذنب مُنعت ؟ ، ولا يُعقل من يدعي تخفيف المعاناة المواطن ويضغط في الوقت ذاته الى تخصيص له ، ما يقارب من الف وخمسمئة لترعن كل ناقلة بترول ( بوزه ) فان تم النقل بواسطة عشر ناقلات مثلا ، فان مخصصه سيكون خمسة عشر الف لتر بترول مدفوعة الثمن ، فيا ترى كم مركبة لم تحصل على حصتها من البترول ، فلما لا يتنازل ذلك المكون عن حصته تلك ولو مؤقتا حتى ينعم الجميع بالحركة والحرية والتنقل ، لما لا يؤثرون على انفسهم ولو كانوا بهم خصاصة ، ونا ما قولها لكن غيري با يقول : ان تلك الكمية بيع بعضها في السوق السوداء وبثمن غير بخس ،، والله اعلم . الى جانب ان ما زاد من معاناة الناس هو غياب الرقابة من قبل شركة النفط الوطنية بالوادي ، على محطات التوزيع وان كانت الشكوى لغير الله مذلة ، غير ان الناس تشتكي من ان الكمية المخصصة تنفذ بسرعة البرق ويؤكد شهود اعيان ان هناك تلاعب في التوزيع وان بعض مسئولي المحطات لا يلتزمون بتوقيت التوزيع ، فيغلقون متى شاءوا ويوزعون متى شاءوا وهذا الفعل الاستفزازي للمواطنين يخل بنظام وقانون انشاء المحطات الخدمية . ندعوا المسئولين تفعيل الدور الرقابي حتى لا يقع الناس ضحية الشائعات ومن ثم اتهامكم بالتواطؤ وانتم ربما منه بُرى . ونطالبهم التحري عن هذه الشكاوي ، قبل التحري عن هلال رمضان . كذلك فقد ساهم مواطنون في استمرار ازمة البترول والديزل بقصد او بغير قصد من خلال تعبئة مركباتهم لعدة مرات بعد ان يتم تفريغها ، فالمواطن بهذا الفعل غير الاخلاقي والسلوك الاناني قد حرم اخٍ له من حق الحصول على مخصصه ، ما نرجوه ان يساهم المواطن مع شركة النفط والمكونات الشعبية في حل ازمة الاختناقات تلك وان يدفع بالتى هي احسن في اخذ حقه وترك حق اخيه وبهذا سيكون مجتمعنا متكافلا متحابا ، فنحن نصنع السوق السوداء وفي استطاعتنا محاربتها بترك ما ليس من نصيبنا .