* يسمع الشارع اليمني كثيراً عن حاجة اليمن للمساعدات الخارجية لتعزيز الاقتصاد الوطني وإنقاذه من الانهيار وها نحن الآن ومجدداً أمام مؤتمر الرياض للمانحين والتبرعات السخية التي تقدر بالمليارات الدولار, وقد قدم رئيس الوزراء تعهدات الحكومة اليمنية أمام الحاضرين في المؤتمر إلتزامات اليمن بمبدأ الشفافية في الإستفادة القصوى لهذه الأموال لمشاريع البنية التحتية والخدماتية، ولكن ماهو المطلوب من الحكومة في هذه المرحلة الحرجة التي يمر بها الوطن حتى يتم توظيف دعم المانحين توظيفاً صحيحاً تعود بالنفع الكبير على الشعب اليمني, فالأهمية والأولوية أن تصب في تطوير التنمية البشرية والاهتمام بالكوادر والإمكانيات فالبلاد اليوم تواجه تحديات كبيرة في المجالات الاقتصادية والسياسية والأمنية ولن نخرج من عنق الزجاجه إلا بإشراك الجميع في العملية التنموية وإدارة شؤون البلاد بعيداً عن سياسة الإقصاء والتهميش والمناكفات والمكايدات والمحسوبية الحزبيه الضيقة التي أوشكتنا على الغرق. * فاليمن دولة لديها موارد هائلة في شتى القطاعات كالنفظ والثروة السمكية وقطاع الضرائب وإيرادات المؤسسات الخدماتية وغيرها الكثير والكثير من الايرادات, ولكن للأسف الشديد هناك سوء تخطيط وسوء إدارة وتصريف خاطئ لهذه الثروة القومية, فأصبحنا كالذي يسكب الماء في قربه مثقوبة، وإحتياجنا للدعم الخارجي أصبح شيءً لا نستطيع الاستغناء عنه يقابله تدهور حاد ومستمر في الإقتصاد، والى متى ستكون بلادنا رافعة شعار (تبرعوا لليمن أثابكم الله وعند الله ما يضيع والحسنة بعشر أمثالها) يجب علينا أن نضع اللبنات الأولى للإرادة الصادقة والقوية والعزيمة الشامخه لأن نبدأ البداية الصحيحة للتخطيط السليم للبناء والتشييد لكي نبني إقتصاد وطني قوي مكتفياً بذاته. * هذه الأموال وغيرها من المساعدات التي قدمت لليمن في المراحل السابقة التي صرفت في المشاريع، ومع ذلك فالاقتصاد يتقدم خطوه للأمام وثلاث خطوات للوراء، ولا شيء جديد ولا تحسن ولا استقرار فاسعار المواد الغذائية في ارتفاع وكذلك المشتقات النفطيه في ارتفاع ولا تحسن في حياة المواطن العادي الذي أثقلت كاهله الغلاء الفاحش في إحتياجاته اليومية، وعلى هذا الاساس فأننا سنظل نطلب المساعدات والمعونات الخارجية، ومن منطق الحكمة (لا تتصدق عليّ بخبزاً يومياً بل علمني كيف أصنع الخبز), فالمطلوب أن يرافق هذه المساعدات والمليارات مراقبين دوليين يشرفوا على توزيع هذه المنح والقروض، البلد على كف عفريت، وأن نتعلم كيف نصطاد السمك خير لنا من أن نتعلم كيف نتسوّل من الآخرين السمك. * ولهذا فالضرورة الملحة اليوم وحتى لا يفوت الآوان أن نكون على قدر كبير من المسؤلية وأن نتحمل واجباتنا تجاه وطننا وعلى رأس هذه الواجبات كيف نصلح أنفسنا ونقيم العدل في المجتمع فهو أساس الملك، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لقد هلك من كان قبلكم كان إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد وأيم والله لو فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها)، وحتى تستقيم الأركان الأساسية للدولة الناجحة يجب أن يستقيم أولاً العدل والتوزيع العادل للثروه واستقلالية القضاء، فحتى نشهد بلداً مستقراً ومتطوراً يجب أن نلتمس أولاً العدل في المجتمع, وحتى ذلك الحين هل سيشهد اليمن مثلما نشاهد في الدول المتقدمة كالولاياتالمتحدةالأمريكية وبريطانيا حينما نرى مواطناً عادياً يقاضي وزيراً أو مليونيراً متنفذاً صاحب شركات وأحياناً نرى من يقاضي رئيس الولاياتالمتحدةالامريكية وتستدعيه المحكمة بصفته وشخصه في قضية منظوره ضده، ويحكم القضاء لصالح المواطن البسيط ويقتص له ممن سلب حقوقه أو أساء له في شيئاً من شؤون الحياه لأن المساواه والعدل ودولة المؤسسات هي النواه الحقيقية لإقامة دولة متقدمة يتكافأ فيها الجميع في الحقوق والواجبات. والله من وراء القصد,,,