عادت ظاهرة نشر الرسوم المسيئة للرسول صلوات الله وسلامه عليه إلى الظهور من جديد، ومن الدانمارك أيضاً، مما يعني أن حملة الإساءة متعمدة ومنظمة وذات أبعاد تتجاوز حدود حرية التعبير والرأي الشخصي كما يروج من يقفون وراء هذه الحملة لإقناع المسلمين بالسكوت عن الإساءة لنبيهم الكريم صلى الله عليه وسلم. وبات من المؤكد أن هذه الحملة المنظمة تتبناها الدانمارك، وهي جزء من مشروع ماسوني صهيوني صليبي متكامل، يقصد من ورائه تشويه صورة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، والإساءة إلى شخصه الكريم.. وإظهاره بأنه إرهابي سفاح، وأن دين الإسلام الذي جاء به هو دين يدعو إلى الإرهاب والتطرف، وأن جميع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ليسوا سوى إرهابيين وقتلة ومجرمين. وكل هذا التشويه في أسلوب قذر يعكس مدى الحقد والكراهية التي تملأ صدورهم للإسلام والمسلمين ولرسولهم العظيم صلوات الله وسلامه عليه.. قال تعالى في محكم آياته «ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم» صدق الله العظيم.. وهذه هي الحقيقة التي يجب علينا كمسلمين أن نعيها جيداً ولا نغفل عنها أو نتجاهلها، وأن نضعها نصب أعيننا وهي حقيقة تكشف زيف دعواهم وتفضح تبريراتهم الباطلة التي يحاولون إقناعنا بها مدعين أن تلك الرسوم تندرج في إطار حرية الرأي والتعبير ولا يمكن تجريم صاحبها أو منعها حفاظاً على الحرية واستقلالية الصحف، وغير ذلك من التبريرات التي يحاولون من خلالها تغطية أفعالهم القبيحة، وإخفاء الحقيقة الأساسية من وراء نشر وترويج هذه الرسوم. فإن كانت الحرية في التعبير والرأي على حساب عقيدتنا وديننا وقرآننا ونبينا، فلا حاجة لنا بها وليذهب أصحابها ودعاتها إلى الجحيم، فلن نترك ديننا أو نرضى أن تمس قدسية ومكانة نبينا ومقدساتنا من أجل أن يُقال لنا بأننا نؤمن بالحرية ولا نغضب حين يُسب الرسول ويدنس القرآن الكريم والمساجد، وسنتمسك بقول الشاعر: إذا كان ترك الدين يعني تقدماً فيا نفس موتي قبل أن تتقدمي ومحمد صلى الله عليه وسلم الذي يحاولون الإساءة إليه هو خاتم الانبياء والمرسلين الصادق الأمين رغم أنوفهم، قد جاء بالدين الإسلامي ليخرج الناس من الظلمات إلى النور، كما أن الدين الإسلامي دين محبة وسلام، دين الرحمة والتسامح ، دين القيم النبيلة والأخلاق الفاضلة، دين العفة والطهارة، دين الحق والخير والعدل والمساواة، دين الصدق والإخلاص ودين العزة والكرامة، دين محفوظ بعناية الخالق سبحانه وتعالى، ظاهره نقاء وباطنه صفاء، وإنه يعلو ولا يُعلى عليه، ولن يستطيعوا أن ينالوا منه مهما كثروا وتكالبوا، فهم أعجز من أن يطفئوا نور الله بأفواههم «والله متم نوره ولو كره الكافرون». وإن الدين الإسلامي جاء ليبقى وينتشر ويتجدد حتى يرث الله الأرض ومن عليها ومن جاء يوم القيامة بدين غير الإسلام فلن يقبل منه، تلك هي عقيدتنا ويقين إيماننا الذي لا يتزعزع غير أن ما يحز في نفوسنا كمسلمين تلك المواقف الخجولة للأنظمة العربية والإسلامية ومواقف علماء المسلمين ومشائخهم في هذه المسألة الخطيرة. فالأنظمة تباينت مواقفها بين صمت مطبق، واستدعاء سفراء الدانمارك وتقديم احتجاج مخجل، والمطالبة بتقديم اعتذار للمسلمين عن هذه الإساءة، وهي مواقف أقل ما توصف بالمخزية، وتلك هي حال الأنظمة العربية والإسلامية مخافة أن يتهموا بأنهم أنظمة متخلفة غير ديمقراطية، ولا تؤمن بحرية الرأي والتعبير وهي تُهم تهدد بقاءهم على رأس الحكم. أما علماء المسلمين ومشائخهم فهم مشغولون بقضايا ختان الإناث وموقف الشرع من ذلك، وقضية سفر المرأة دون محرم والضوابط الشرعية لذلك، وقضية تولي المرأة مهنة مأذون شرعي، ومسائل الطلاق عبر الإنترنت والموبايل وتقديم نصائح للأزواج وكيفية التعامل من أجل حياة زوجية سعيدة، وفقه السرير وتفسير الأحلام، ومتابعة أخبار الفنانات وغير ذلك من القضايا الساخنة. أما قضية الإساءة والتعدي على قدسية الرسول صلى الله عليه وسلم، وما يتعرض له المسلمون من قتل وتعذيب وانتهاك أعراض وتطاول على مقدساتهم وأراضيهم فيبدو أنها قضايا ثانوية بالنسبة إليهم لا تستدعي إعطاءها الأولوية والأهمية ولا تتطلب الخطب العصماء والمواقف القوية الواضحة ضد من يقومون بهذه الإساءة، والسؤال الذي يطرح نفسه: ترى ماذا سيحدث إذا قام أحد رسامي الكاريكاتير العرب برسم زعيم عربي أو إسلامي وإظهاره بشكل غير لائق بفخامته أو جلالته أو معاليه؟ وماذا سيكون مصيره لو تجرأ وتطاول على قدسية أحد علمائنا ومشائخنا المبجلين؟ هل ستقف الأمور عند حد الاحتجاج وطلب الاعتذار؟ وهل ستكون حرية الرأي والتعبير حصانة تمنع عنه العقاب؟ وهل سنكتفي بتكفيره وإباحة دمه ودم «من خلفوه» وحرق مبنى الصحيفة التي يعمل فيها؟ وخلاصة القول: قال أحد الأئمة الحكماء: «من استغضب ولم يغضب فهو حمار»، ويقصد بالغضب هنا أن يغضب المرء لدينه وعرضه وماله وأرضه وأن يكون غضبه لله وفي الله، وهاهي الدانمارك تستغضب جميع المسلمين عنوة وبسابق إصرار وترصد.. فهل سنغضب أم سنكون (.......)؟!