• كوالالمبور - ماليزيا كم هو جميل هذا الإسم (هيئة مكافحة الفساد)! وكم يحمل من الآمال للكثير من أبناء اليمن الحبيب بالرغم من ولادته المتأخرة إلا أنه قد يوقع الألم على أولئك الفاسدون اللذين أدمنوا الفساد والإنحراف وخدعوا أنفسهم بأنهم في منأى عن المحاسبة والمسائلة.. نعم، بالنسبة لي هذا كيان يوحي بالأمل بأننا قادرون على حل مشاكلنا وتجاوز آفة الفساد الذي يعتبر في خبر كان في كثير من الدول التي قفزت إلى مستويات الدول المتطورة وفي زمن قياسي، ولابأس أن يطلع بعض أعضاء هيئة مكافحة الفساد على التجربة الماليزية الناجحة في التنمية الإدارية ومكافحة الفساد والرشوة ولكن حضورهم هذا جعلني محتار بين أمرين متناقضين التفاؤل والتشاؤم معا في عمليتي الإصلاح الإداري ومكافحة الفساد فإما أن نتفائل بجدية ونجاح الهيئة وتكون إسم على مسمى أو أن تتحول إلى لجنة من اللجان عندئذ لا بد لنا من هيئة أخرى لمكافحة اللجان،،،،
وكل متابع لمحاولات الإصلاح المالي والإداري ومكافحة الفساد في بلادنا لا بد أن يدرك حقيقة ما يجري في الهيئات والمؤسسات والوزارات وكافة المشاريع التابعة للدولة من فساد وبأساليب متطورة وخطيرة في نفس الوقت وأعتقد أن الجميع تابع ويتابع تشكيل اللجان في الدول المتحضرة والتي تشكل أساسا لحل مشكلات جوهرية وأساسية حيث لا تنفك هذه اللجنة أو تلك إلا وقد تحقق الهدف من إنشائها على أكمل وجه على عكس ما يتم في بلادنا وعلى مرأى ومسمع من الجميع تتشكل لجان في كل المشاريع والوحدات المالية لكنها لجان أقل ما يقال عنها أنها لجان لتأطير وقوننة الفساد المالي، أو لجان الغنائم طبقا لمذهبهم ليصبح الفساد والمفسدون أكثر قوة وبإسلوب القيادة الجماعية أو على الأصح الفساد الجماعي. حقيقة لقد تابعت الكثير من اللجان التي شكلت على خلفية قضايا معينة وكيف تم تناول تلك القضايا من قبل تلك اللجان المختصة وما أدراك ما اللجان المختصة !!!
لقد تشكلت تلك اللجان وتكاثرت تكاثرا بكريا في كل دوائر الدولة خصوصا لجان الإستلام والتسليم في الشئوون المالية ولجان تسليم المشاريع المنفذة ولجان معالجة المشاكل المستعصية وحتى لجان الطوارىء كلها حسب وجهة نظري لجان لتأطير وتأصيل الفساد!! نعم من منا لم يسمع أو يعلم بقضية فائض في المخصصات أو الموازنة وكيف يتم تشكيل اللجان لجنة إثر أخرى لدراسة وحل مشاكل الفائض في الوحدات المالية وكيف يتم تصفية الكثير من تلك المبالغ لتذهب أخيرا إلى أرباب الفساد وأعضاء اللجان المشكًلة من ذوي الخبرات والتخصصات ومن الراسخون في العلم !!!!!
لا أريد أن أذكر أمثلة على هذه اللجان لكنها معروفة ويعرف أصحابها جيدا.. نعم لقد أصبحت هذه اللجان مشكلة مستعصية في ضل إنعدام الشفافية والمركزية المالية والإدارية التي أفرزت هذا الواقع المرير في عصر الشفافية وثورة المعلومات ولا بد لكل وطني شريف غيور أن يجيب على الأسئلة التي تطرح نفسها:
• متى سنخرج من دائرة الجهل والتجاهل ونؤمن بالعلم والمعلومات والتخطيط؟ • متى سنتخطى المركزية المالية التي هي أم الفساد ومنبعه؟ • متى سيتم إعادة ترتيب وزارة المالية وتحديد دورها لتصبح مساهما هاما في تحقيق الشفافية والإصلاح المالي؟ • لماذا لا يتحمل كل واحد منا مسئوليته بجدارة أمام الله تعالى والوطن؟ • هل لدينا من المصادر والثروات التي تحتمل مثل هذا العبث الذي يهدد حاضر اليمن ومستقبله؟ • أين هي نتائج تلك اللجان؟ • إما أن تسجل القضية ضد مجهول وهذا في أحسن الأحوال أو يتم ترقية المتسبب في تلك القضية ويمنح مكافئة مالية مغرية أو براءة إختراع !! أو يرقى إلى وضيفة أعلى، فمن المسئول على ذلك؟ إذا كان الجميع غارق في الفساد ويحاول كلا منا أن يوجد الأعذار والمبررات ونوجد تسميات لامعة للفساد ونطلق الألقاب السامية على أرباب الفساد إذن النتيجة واضحة وهي بيئة فاسده تتصاعد منها روائح كريهة ستؤدي حتما إلى سقوط المنزل على ساكنيه ،، لذا لا بد لنا أن يتحمل كلا منا مسئوليته وأن لا نفقد الأمل ونغرد مستسلمين مع غربان الفساد،،،،
لقد تنفسنا جميعا الصعداء عندما تم تشكيل هيئة مكافحة الفساد ليبدأ عصر الشفافية والمحاسبة لكل من يعبث بمقدرات الوطن ويهدد حاضره ومستقبله نعم فلقد تشكلت الهيئة التي نتمنى لها كل النجاح والتوفيق وبرغم إنجازاتها المتواضعة في الفترة السابقة إلا أن تشكيلها يعني أننا شخصنا وضعنا وأعترفنا بمشكلة الفساد التي يعاني منها بلدنا والتي تغذى وتدعم من إولائك الفقراء الجياع أصحاب النضرة القصيرة اللذين أختزلوا اليمن بعراقته وثرائه الفكري والذي لعب دورا محوريا في التراث والحضارة الإنسانية نعم أختزلوه إلى بيت هامشي صغير لا يتسع إلا لهم ولأطماعهم ولكن أنى لهم ذلك، فحبالهم قصيرة وحتما أنها عن قريب ستقطع نعم سيتحقق ذلك بتعاون كل الخيرين والغيورين على بلادنا وعندما تشتد الأزمات فهذا يعني أن الفرج أقرب، وعلى كل فاسد أن يدرك بأن النفس طويل وأن النجاح حليف عاشقه،،
علينا جميعا التنبه للأخطار المحدقة بنا وعلينا العمل على استخدام مواردنا المتوفرة بصورة علمية صحيحة بما يحقق التنمية للموارد المستدامة وأهمها تنمية الإنسان اليمني ليصبح عنصر فاعلا ومؤثرا على المستوى المحلي والعربي وعلينا كذلك إدارة مصادرنا المتجددة بما يضمن ديمومتها وتنميتها ليحدث التوازن المطلوب بين النمو السكاني وإنتاجية وديمومة هذه المصادر. علينا أن نكون صادقين مع الله وأنفسنا وقيادتنا السياسية وأن نقول للمحسن أحسنت وللمسيىء أسأت ولو كان ذا قربى وعلى الوزراء والمدراء التنفيذيون تشكيل إدارات الرقابة والتفتيش من العناصر المشهود لها بنضافة اليد والأمانة فهم الأجدر بتحمل مسئولية التحقيق وفحص التجاوزات المالية وهم الأجدر للحفاظ على المال العام وهم من يستطيعون مقارعة فساد اللجان التي نتمنى زوالها عاجلا وخصوصا اللجان التي تشكل في قضايا تسليم المشاريع أو التي تشكل للتحقق من الفائض أو العجز في السفارات والملحقيات الثقافية التابعة لبلادنا،،،،
أخيرا لا ننكر التفاؤل بنجاح هيئة مكافحة الفساد لكني شخصيا لم أرى شيىء ملموس حتى الأن لكي نطمئن على حاضرنا ومستقبل أبناؤنا وفي ضل هذه الضبابية رأيت أن نشكل لجنة أو وطنية لمكافحة اللجان لأني أخشى أن تؤول هيئة مكافحة الفساد إلى لجنة من اللجان لا سمح الله،،،،