اعتبر الباحث الموسيقي الدكتور نزار محمد عبده غانم، أن المجتمع اليمني يعاني من اتساع دائرة القبح في حياته بسبب غياب ثقافة الجمال والحب التي لها أدواتها مثل الموسيقى والرقص والغناء. وأضاف غانم في سياق حوار قصير مع "نبا نيوز"، أن هناك أسباب لتفشي مظاهر القبح على حساب مظاهر الجمال منها إصرارنا بالتفكير بالطريقة التقليدية التي لن تتغير إلا بالتفكير الناقد الذي يعيد غربلة الأشياء التي نحسب كثيرا منها على الدين في حين الدين منها براء، مشيرا الى أن هناك أشياء لم نلتفت اليها ربما لأننا نجهلها أو ربما لحاجتنا إلى تفكير ناقد يخلخل التفكير الزائف لدينا في بعض الأشياء ويعيد تعريف بعض الأشياء مثل مسالة الرجولة التي ارتبطت بالعنف في حين هي ليست لها علاقة بالعنف. وأضاف فإذا كان كل رجل ذكر فليس بالضرورة إن يكون كل ذكر رجل، مشددا على أهمية الأخذ بالتفكير الناقد الذي يعتبر هو المنهج الذي يغربل الحاضر ويمهد لمستقبل مغاير يخلخل اليقين الزائف الذي ورثناه والذي هو سبب تخلفنا. وحول سؤال يتعلق بالأسباب التي أدت إلى تراجع وتهميش الفنون المختلفة في اليمن خاصة بعد عام 90 م قال غانمر: نحن لا نستطيع إن نعيب على الناس الذين لا يسمعون الموسيقى بحجة حرمتها كما أننا أيضا لا نستطيع إن نشترك معهم في هذا الرأي لان الفنون الموسيقية والغنائية هي موضوع علم خلاف وما يدخل في موضوع الخلاف جرت العادة إن يحترم الرأي والرأي الأخر، موضحا أن الإمام الشوكاني أكد على هذه المسالة باعتبار انها لم تدخل في المحظور بحيث انه يصبح سببا في تكفير الأخر. وتابع: الموسيقى ما تزال موضع خلاف وطالما هذه المساحة موجودة من الخلاف فمن حق من لا يريد ان يسمع الموسيقى أو الغناء إن يمتنع عن سماعها ومن حق من يريد إن يسمع الموسيقى إن يسمع ويستمتع بها، مطالبا بان يكون هناك استراتيجية للعمل في وزارة الثقافة حتى لا ترتبط المسالة بوزير ووزير اخر جديد يأتي، مؤكدا انه لو توفرت استراتيجية للعمل سيأتي وزير جديد ويكمل ما انتهى إليه سلفه. واعتبر إن افتتاح أقسام وكليات للفنون والموسيقى في الجامعات اليمنية كجامعة الحديدة وأب وذمار هي خطوة في طريق انجازات قادمة، داعيا إلى اعادة تأهيل معهد لفنون الجميلة في عدن ومعهد محمد جمعة خان في حضرموت، مشيدا بمؤسسة السعيد للعلوم والثقافة بتعز على الدور الذي تلعبه في النشاطات الإبداعية المختلفة. وأشار الى أن إضافة جائزة للموسيقى والغناء ضمن جائزة السعيد للعلوم والثقافة هو اقتراح جميل نتمنى على مؤسسة السعيد العمل به. هذا وكان الدكتور نزارغانم قد القي محاضرة صباح اليوم الخميس على قاعة مؤسسة السعيد للعلوم والثقافة بتعز تحت عنوان" أضواء على رقصات الافرويمنية"، في إشارة إلى اختلاط الثقافات والموروث الشعبي بين اليمن ودول الجوار الإفريقي. المحاضر تناول في محاضرته شريط مصور وفيلم فيديو عن الرقصات الشعبية في محافظات الساحل اليمني–عدن – ابين–حضرموتوالحديدة، باعتبار إن المناطق الساحلية المتاخمة جغرافيا بيننا وبين الشريط الأفريقي هي التي احتضنت التفاعلات البشرية والانتقالات السكانية في الجانبين وجاءت الرقصات الشعبية وغيرها من الموروثات الشعبية ترجمة لهذه العملية التثاقفية المستمرة منذ الأزل. وأوضح إن القول والسمع والرؤية هي عوامل أساسية لاكتمال الصورة والخروج ببانوراما التشابه في الإيقاعات في الوظائف الاجتماعية لهذه الرقصات في بعض المقامات في القوالب الفنية باعتبار انها ليست اغاني شعبية فقط ذات نصوص متداخلة ولكن تصاحبها رقصات وهو ما نسميه بالتشكيل الحركي وهذا يعني جماعية الاداء. واستعرض المحاضر رقصات الافرويمنية مثل النوبان– ليوى– بامبيله– الخ، حيث يلعب فيها المؤدي والجمهور ادوار تبادليه يكون فيها الجمهور هو المرسل والمتلقي في نفس الوقت، مؤكدا في سياق محاضرته إن التنوع في اليمن ساهم في إثراء هذا الموروث الثقافي في أشكال الرقص والتمظهرات الأدائية المختلفة وهو ما يعني مصدر إثراء للتنوع الثقافي والفني في اليمن في ظل واحدية الإنسان والحضارة. وتطرق المحاضر إلى التمازج في الرقصات بين دول ساحل البحر الأحمر كما هو حاصل في موانئ السويس وينبع والعقبة والتي معظمها تعود إلى اليمن. هذا وكان مدير عام مؤسسة السعيد للعلوم والثقافة بتعز- فيصل سعيد فارع قد هاجم مجددا غياب المعنيين والمهتمين بالشأن الثقافي بتعز عن حضور الناشط الثقافية المختلفة التي تقيمها مؤسسته ضمن أنشطتها وبرامجها للعام الحالي 2008م. وقال انه يشعر بالخجل الشديد إن يكون اهتمام أبناء الحالمة التي وصفت بالعاصمة الثقافية في اليمن على هذا النحو من الحضور الهزيل،. واكد فارع الذي وجد نفسه وحيدا في المنصة إلى جانب المحاضر وحضور باهت توزع على مقاعد المؤسسة الأنيقة معظمهم تم استقدامهم من المدارس المتاخمة للمؤسسة انه يجد صعوبة في إقناع مثقفي المدينة على ترك مداكيهم وغرفهم المغلقة بالحضور إلى فعاليات المؤسسة. حضر الفعالية الشاعر الكبير محمد عبد الباري الفتيح وعدد من رجال الصحافة والأعلام.