لاشك أن الفقر والغنى بيد الله عز وجل خاصة عندما يمنحك الله أسباب الغنى ومكوناته ويبتليك بأسباب الفقر وتبعاته، ولكنه سبحانه وتعالى كما نعلم ونؤمن جميعا عدل حكيم فقد أعطى الغني ليختبره بماذا و كيف سيتعامل مع أخيه الفقير والعكس صحيح أي أن الدنيا بغناها وفقرها هي في البداية والنهاية دار اختبار وبالتالي كلا يعمل بما يمليه عليه ضميره. ومما لا شك فيه أيضا أن الزكاة فرضت كما نعلم لترسيخ مبدأ التعاون والتعاضد والتكافل في المجتمع الإسلامي الواحد وفي اعتقادي أن الزكاة لا تنحصر في إطار مجتمع إسلامي بعينة بل لقد فرضها الله واوجبها على الأغنياء لتصرف في مصارفها المعروفة شرعا في محيط المجتمع الإسلامي الكبير وبمعنى آخر إذا كان مجتمع ما يدين بالإسلام وقد أعطاه الله من الخير الكثير وعند أداء فريضة الزكاة وجد أن هذا المجتمع على سبيل المثال غني وغير محتاج فالإسلام أمرنا في هذه الحالة أن نصرف زكاة أموالنا للفقراء الأقربين بالمعنى الشامل لهذه الكلمة وهذه هي عظمة الإسلام ومنهاجه وإنسانيته بل وعالميته ((إنا أرسلناك رحمة للعالمين)) صدق الله العظيم. هذا الحديث يجرنا وبكل صراحة وشفافية للنظر بعمق إلى منطقتنا منطقة الجزيرة والخليج العربي هذه المنطقة التي حباها الله سبحانه وتعالى بثروات هائلة في باطن الأرض أ و على سطحها منحة منه وحكمة لا يعلمها إلا هو سبحانه، هذه الدول الغنية تعيش كما نعلم غالبية مجتمعاتها الإسلامية في رفاهية ونعمة وفضل من الله وعندما نقول ذلك كيمنيين فليس بدافع الحسد كما يظن البعض من إخواننا الخليجيين عندما يتحدث المرء عن ثرواتهم أووضعهم الاقتصادي لان ماأسلفناه في مقدمة المقال ينفي هذه النظرة ويضع الموضوع في اعتقادي في إطاره الصحيح. اليمن تقع ضمن المحيط الجغرافي لدول الجزيرة والخليج وهذه حقيقة لا يختلف عليها اثنان وهي بذلك تشكل بالفعل العمق الجغرافي والاستراتيجي لدول الجزيرة والخليج والعكس كما نعلم هو الصحيح ولكنها أي اليمن كما يعلم الجميع من أفقر دول العالم فمواردها الذاتية محدودة وسكانها في تزايد مستمر وهذه حقيقة يعرفها كما أسلفت الجميع بصرف النظر عن سوء الإدارة أو الفساد المستشري أو أي سبب أخر لا يمكن أن يطمس من هذه الحقيقة شئ. اليمن اليوم يمر بمرحلة حرجة على كافة المستويات الاقتصادية والسياسية والأمنية والاجتماعية وإخواننا في الخليج العربي يدركون ذلك جيدا ويدركون أيضا إن امن واستقرار اليمن من امن واستقرار الجزيرة والخليج وانه لا سمح الله لو ساءت الأحوال والأوضاع اليمنية إلى درجة اللاعودة فان دول الجزيرة والخليج العربي سيخسرون في اعتقادي الكثير والكثير وعلى كافة المستويات السياسية والأمنية والاقتصادية بل والإستراتيجية خاصة وان هناك دول عظمى وأخرى إقليمية تتحين الفرصة لتوسيع سيطرتها ونفوذها على المنطقة برمتها وللنظر فقط إلى المشروع الإسرائيلي ومنافسه المشروع الإيراني في المنطقة وكيف يعمل المشروعان للسيطرة والنفوذ والتوسع على حساب دول المنطقة قاطبة فأطماع وأهداف هاتين الدولتين في المنطقة أصبحت معلومة للجميع وبالتالي إن لم تكن كل دول المنطقة بما فيها اليمن وهي في اعتقادي الأهم جغرافيا إن لم يكن هناك تعاون وتعاضد وتحالف استراتيجي لمواجه التحديات القادمة فأن الحال سيسوء أكثر وهو ما سيخلق الفرص تلو الفرص لكل المتربصين بأمن المنطقة واستقرارها وسيادتها على أراضيها.