إن مشكلة التطرف والإرهاب باتت تعرض نفسها في الظروف الآنية عن ذي قبل، كما أنها باتت تؤرق بال الرأي العام والمختصين في كافة الدول واليمن بخاصة ،نظر لما شهدته الساحة في الأيام الأخيرة من موجات تطرف ديني وسياسي وأن اختلفت مسمياتها وتعددت أشكاله لكنها في نهاية المطاف تظل لها عقيدة واحده، اعتنقها هؤلاء، وهي عقيدة الإرهاب. والفت النظر أن العمليات الإرهابية تأتي كل مرة بتكتيك أكثر قدرة ودقه وتحقق من خلالها أهداف نوعيه مستغلة نقاط الضعف لدى الطرف الخصم، الذي يناور على أكثر من جبهة، حراك يعيش حالة من الفلاتان وهيجان ومعارضة في الخارج تعيش في رومانسيه مفرطة، وشركاء الداخل مغلولي الأيدي قليلي الحيلة، إضافة إلى فساد المستشري أداري ومالياً الذي أدى بدوره إلى تدني خطير في مستوى الخدمات الأساسية زيادة المعانة لدي السواد الأعظم من محدودي الدخل. لكن التطرف الديني كان له النصيب الأكبر من جملة العمليات في تلك الإرهاصات، كما انه لاحظ وجود تقارب زمني بين كل حادثه وحادثه...! عن ذي قبل كان أخرها الاعتداء على مقر الأمن السياسي بمدينة عدن والتي قامت بها مجموعة إرهابية معادية للوطن ونهضته وتقدمه وأمنه واستقراره.. والتي خلفت عدداً من الشهداء والشهيدات.. "وكان حصيلة هذا العمل الإرهابي"راح ضحيته 13 من منتسبي الأمن السياسي منهم طفل قادته الأقدار لمرافقة والده في ذلك اليوم المشئوم". والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: ما هي مبررات و النصوص الشرعية التي أباحت لتلك الجماعات القتل وسفك دماء الأبرياء وإهدار أرواح مخالفيهم. وان كان البعض يرى أن هذه العملية ليس هناك ما يبررها كون المبنى المداهم لا يوجد به معتقلون أو محتجزون للقاعدة- كما يزعمون؟!! وإذا ما سلمنا بالأمر على أنهم أصحاب قضيه وزعمهم بأن "المجتمع يعيش جاهليه ما قبل الإسلام كافرا حكاما ومحكومين لاستنادهم لقوانين وضعها كفار.. فلا لعلوم الأوربية ولا للتطفل على أدب الكافرين.. لكون تلك الثقافة في اعتقادهم تقود المجتمع نحو عالم مادي يهيمن على المال والشر والشهرة و الرغبات على طموحاته العظمى.. ليحل التمر والجشع والحقد في أماكن عدة من العالم وكل ما هو سيئ من صفات محل الصدق و الأمانة والغيرية و التضحية بالذات. إن هذا الفكر من وجهة نظر أصحابه يعد تطرفاً، وهو في نفس الوقت لايعني الإرهاب "لكونه فقط يستهدف الخروج بالسلوك على عادات و تقاليد ومعتقدات المجتمع الدينية والأخلاقية، دون أن يدخل في دائرة التجريم القانون" لان القانون لا يجرم النوايا والأفكار طالما لم تخرج للحيز المادي ولا يشمل بالعقاب كل السلوكيات اللاخلافية. فدائرتي القانون والأخلاق دائرتان متقاطعتان وليست متطابقتان ، لأنه ليس كل عمل لا أخلاقي يجرمه القانون والتطرف ،قد يكون دينياً أو جنائياً. أذ أنا الظروف اجتماعية واقتصادية وسياسية التي يعاني منه المجتمع كالفقر والتصدع الأسري والبطالة وافتقار دور العلم للتعمق في الدين وسطحية بعض رجال الدعوة الإسلامية وتنطعهم وتضارب أجهزة الأعلام المختلفة فيما تبثه من معتقدات لعامة الشعب يمثل الغداء الروحي للامتداد الفكري لتطرف بنوعيه. بينما الإرهاب الذي يعد أفه العصر يعتبر النقيض للتطرف لأنه يمثل خروجاً على القانون بابتكار دائم للأساليب الإجرامية لانتهاك حرمة المبادئ الأساسية لحقوق وحرية الأفراد في التعبير عن أفكارهم. لذا هذا الانتهاك يمثل هجوماً على الهامش الديمقراطي ويعرض سلامة دستور والبلاد للخطر ويعرقل تقدمها الاجتماعي والاقتصادي والسياسي بمعنى أخر يجعل من عملية التنمية والاستثمار أمر محال وصعب..!؟ قد يكون الإرهاب داخلياً إذا تم لحساب جماعة بالداخل.. ودولياً إذا حدث لصالح دولة أو مجموعة دول ترعى الإرهاب من خلال وسائل الدعم المختلفة..! ومع هذا يمكن القول أن الفارق الجوهري قائماً إلا أنه تظل هناك العلاقة بين التطرف والإرهاب..!؟ إنهما تؤمان لا ينفصلان فلا إرهاب بدون تطرف، ولا يمكن أن يكون هناك إرهاب دون أن تسبقه مرحلة التطرف، فلأول يعد الوليد الطبيعي للثاني، وأن الخلط بين التطرف والإرهاب يؤدي دائماً إلى المغالاة في المواجهة وتطبيق القانون، على حالات خارجة عن مجال أعمال نتيجة القصور في تكيف تلك الاعتمال أيضا، كما يولد ذاك الخطأ مواجهات ومخططات هؤلاء..! ويوقع في المواجهة قد تفضي الى أفاق مجهول، قد تأتي بنتائج عكسية فتجعل من تلك الأفعال الشاذة من جانب بعض المسئولين ..!؟ مجالاً لمقاومة مشروعية..!؟ تحت مبررات عده أقله رفع الظلم والحفاظ على ماء الوجه. أن الخوض في هذا الموضوع لا يعد تثبيط من حماس الأمة للمطالبة بحقوقها المسلوبة وللعيش بكرامه. إنما أفضل الوسائل للجهاد والنضال في زمن العولمة هو النضال السلمي المدني عبر مؤسسات وشبكات المجتمع المدني، الذي يعد حق مشروع كفلته الدساتير، أن هذا الشكل الراقي من ثورات المناهضة والمحاربة الفساد المالي والإداري يعد جزء من ثقافتنا العربية والإسلامية وكنا السابقون من بين الأمم في ممارسته بالفطرة. نعم.. أنها حقيقة وليست شطحاً..! ففكرة المجتمع المدني تقود إلى الثورة (البيضاء) كما حدث في عهد الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه عندما زادت عبث الحاشيتة من الطلقاء عندما ترك الحبل على الغارب لهم و سلم كل أمور الحكم إلى هولاء الطلقاء الذين جعلوا من المال العام حقاً مشروعاً لهم ولذويهم وغابة العدالة زاد الظلم وضاق الحال بالمسلمين بسبب ضعف عثمان وتمادي بطانته. إنها أعظم ثورة ضد الفساد والمفسدين في ذلك العصر، لكننا لم نكن نريدها أن تنتهي بمقتل الخليفة عثمان بن عفان رضوان الله عليه أحدى العشرة المبشرين بالجنة. إن المدنية لا تلتقي بأي شكل من الأشكال مع منطق الغاب..؟! ولتحقيق ذلك الرقي وسلم الاجتماعي الذي يقودنا لرفاهية التي ننشدها، يجب إنجاز هذا العمل الكبير والعظيم دون إراقة أي قطرة دماء والابتعاد عن سياسة الترويع والترهيب..!؟ وما لا أرضاه لنفسي ... لا ارتضيه لغيري..!؟