شنت أمل الباشا- رئيسة منتدى الشقائق العربي لحقوق الإنسان- هجوماً على منظمة الأممالمتحدة، معتبرة ما حدث في لبنان "جعل لبنان مقبرة للعدالة الدولية"، ومؤكدة "أن زراعة الديمقراطية بدبابة لن يؤدي إلاّ إلى حمامات دماء كما حدث في العراق"، لتحرج بذلك نائب السفير الأمريكي في صنعاء الذي لم يجد مخرجاً لنفسه غير أن يطلب تخصيص جلسة أخرى "لمحاكمة السياسة الخارجية الأمريكية". جاء ذلك على هامش افتتاح أعمال المنتدى الديمقراطي الثاني للمرأة الذي يقام في صنعاء للفترة من 3 – 5 نوفمبر الجاري، وبمشاركة ممثلين عن ما يزيد عن (14) دولة بعد تعذر (5) نساء من سوريا وإيران والعراق والسودان من المشاركة بسبب منع حكومي للسورية وعدم تعاون السفارات اليمنية مع الأخريات في الحصول على تأشيرات. وهو الحدث الذي استهلت به أمل الباشا كلمتها لتؤكد :إن حرية الحركة والتنقل والمشاركة في الفعاليات الهادفة إلى التحول السياسي هو حق من حقوق الإنسان الذكر والأنثى، وأن التضييق على هذا الحق يعد خرقاً لحقوق الإنسان"، مشيرة إلى "أن ما حدث أصبح سلوكاً معتاداً من قبل المؤسسات الحكومية الرسمية العربية، الأمر الذي يتناقض مع الاطروحات الرسمية للعديد من الأنظمة التي ترى أن الحوار الديمقراطي تهديداً يقوض عروشها خلافا لخطابها السياسي المعلن حول احترام حقوق الإنسان والالتزام بالديمقراطية والحوار السلمي والشراكة مع المجتمع المدني". وقالت الباشا:" أن الحركة النسائية العربية وفي منطقة الشرق الأوسط لا بد أن تلعب دورا في عملية التحول الديمقراطي والإصلاح السياسي ولا بد أن تشارك بايجابية ووعي شديد كون شعوب المنطقة برمتها متعطشة للتغيير ولتأسيس مجتمعات وأنظمة ديمقراطية عادلة تضع مصالح شعوبها فوق كل اعتبار، لا مصالح النخب السياسية الحاكمة". وسخرت الباشا من أن تكون "المنطقة العربية تطفو فوق ثروة نفطية وتمتلك موارد اقتصادية وبشرية هائلة ومع ذلك نجد أن الاقتصاد العربي اقتصاد ريعي يعتمد بشكل أساس على النفط وبعض الخدمات وأن بنيته الاقتصادية هشة ومعرضة لهزات اقتصادية عنيفة" كما سخرت من أن بعض الدول العربية لا تزال "تصل فيها مستويات الأمية إلى أعلى المستويات العالمية ونسبة البطالة تتفاقم جيلا بعد جيل ولن تفضي عاجلا أم آجلا إلا إلى أمة فقيرة وعنيفة وعاجزة". وأعربت عن ألمها "أن يزول الاستعمار والاحتلال عن جميع البلدان التي نكبت بها وأن تكون دولتين عربيتين في الألفية الثالثة – هما العراقوفلسطين- دولتين محتلتين"، وقالت:" إن ما حدث في لبنان خلال حرب ال33 يوماً مع الدولة العبرية جعل لبنان مقبرة للعدالة الدولية حيث عجزت منظمة الأممالمتحدة من القيام بمهامها في حفظ الأمن والسلم الدوليين ، وفشلها في اتخاذ قرار سريع بإيقاف الحرب وحقن دماء الأبرياء"، داعية النظام الدولي والمنظمات الدولية إلى تأسيس نظام عالمي جديد أساسه العدالة والحرية لجميع الشعوب. ودعت أمل الباشا من أسمتها ب"الدول الداعية إلى الديمقراطية وتعزيز حقوق الإنسان أن تقدم نفسها كنموذج كي تكتسب المصداقية، وأن تدعم شعوب المنطقة في كفاحها السلمي من أجل الحرية والديمقراطية، لأن زراعة الديمقراطية بدبابة لن تؤدي إلا إلى حمامات دماء – كما يحدث الآن في العراق الجريح". كما دعت في ختام كلمتها "الأنظمة القابلة على استحياء بإحداث إصلاحات سياسية ، وتلك الرافضة على أن تعيد قراءتها للتاريخ البعيد والقريب، وأن تعي الدرس تماما ، ونقول لها: أن التاريخ لن يكون رحيما ، وأن الشعوب لن تغفر امتهانها وإذلالها بمصادرة كرامتها وحقها في الحرية والاختيار من صناعة تأريخها". من جهته استهل نبيل خوري- نائب السفير الأمريكي بصنعاء- كلمته حول مبادرة الشرق الأوسط بالتأكيد بأن: "شتان ما بين السياسة الخارجية والسياسة الدولية وشئون المجتمع وشئون المرأة وشئون التنمية"، وفضل أن يتحدث "بعيدا عن مشاكل السياسة الخارجية، ولكن أعدكم إذا أردتم أن تخصصوا جلسة للسياسة الخارجية وتحاكموا فيها السياسة الخارجية الأمريكية ولأي دولة تشتهون فانا معكم". وقال خوري: "ما زال كثير من رجال ونساء العالم العربي محرومين من ابسط حقوقهم ومن النشاطات والحريات فإذا كانت حقوق المرأة من باب حقوق الإنسان والإنسانية لكفى ذلك سببا لنشاطكم ونشاط جمعياتكم ولكن الأمر ابعد من ذلك فان حقوق المرأة ضرورية لأكثر من ذلك، ابعد من ضرورة حقوق المرأة ضرورة إنقاذ الوطن"، مشيراً إلى أنه "في اليمن فقط 40% تحت مستوى الفقر واليمن الدولة 151 من اصل 187 دولة في مؤشرات التنمية البشرية، نصف الشعب اليمني دون السن الخامسة عشر، ونصف الشعب اليمني يعاني من الأمية ، 70% من نساء الأرياف في اليمن أميات" وأضاف: "العالم العربي بأسره في المنزلة الأخيرة من حيث الإنتاجية وتنمية القدرات الإنسانية الوطن بحاجة لكم والى طاقات جديدة والوطن اليمني والعربي بحاجة إلى المرأة إن أي جهد يصرف في مجال حقوق المرأة لهو استثمار مباشر في التنمية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية". وعبر عن فخره "بدعم حكومة الولاياتالمتحدة لهذا النشاط ماديا ومعنويا وسياسيا في السنوات الخمس الأخيرة صرف صندوق المبادرة 50 مليون دولار تقريبا في مجال حقوق المرأة السياسية والاجتماعية والاقتصادية . في السنة والنصف الماضية في اليمن فقط 5 ملايين دولار صرفت في مجال الشراكة في مجالات مختلفة للمجتمع المدني في اليمن". وقال أن "الشرق الأوسط من المغرب إلى اليمن يشهد نهضة نسائية وبروز المجتمع المدني في كل هذه الدول يشكل الظاهرة الأكثر صحية في العالم العربي من حيث التنمية. وان اتساع الفضاء السياسي الجمعوي هو وحده الكفيل بترسيخ الديمقراطية في العالم العربي هناك دور للحكومات والأحزاب السياسية لكنها متعبة أما المجتمعات المدنية في العالم العربي فهي جديدة ولها أفكار" وأشار إلى أن: المرأة العربية تلعب الدور الريادي في المجتمع المدني وهذه ظاهرة في العشر السنوات الماضية فقط طرأ تحول في السياسة الخارجية الأمريكية كونها لم تكن تركز على الديمقراطية من قبل لكن الميزانية التي تم تخصيصها هذا شي جديد في الولاياتالمتحدة وهنالك توافق بين طموحات المرأة العربية والمجتمع المدني العربي وهذا التحول والتركيز في السياسة الخارجية الأمريكية. ودعا في ختام كلمته "إلى الاستفادة من هذا التركيز والتواصل مع من يقوم بدعم هذا المجال والتنافس بين أمريكا وأوروبا جيد التي تشارك مشاركة فعالة في اليمن". وفي كلمة لضابط برامج منظمة "لا سلام دون عدالة"- جانلوكا ايرامو- قال السيد ايرامو أن حضوره من ايطاليا إلى صنعاء للمشاركة في المنتدى الديمقراطي للمرأة لهو دليل على حقيقة الشراكة بين الرجال والنساء ، ودعا إلى الاستفادة من هذا الاختلاط الذي يجمع جهات مختلفة من بلدان مختلفة ، مؤكداً حقيقة الشراكة الدولية القائمة مع العديد من الدول النامية التي تحصل على مساعدات من المنظمات والجهات الدولية، وأن توسيع هذه الشراكة هي مسئولية المنظمات بهدف تحقيق العدالة بين الجنسين الذي هو أحد أهداف منظمة لا سلام دون عدالة بالإضافة إلى أهدافها الأخرى في تعزيز حقوق الطفل وتدعيمها في المنطقة . وأشار إلى أن هناك توسع بشكل جميل في هذه الأنشطة المتعلقة بالمرأة ودورها في التغيير السياسي باعتبار النساء لديهن الخبرة في القضايا التي تمس الأسرة، وينبغي أن يكون لهن رأي ومشاركة سياسية فعلية بالقدر المؤثر في القضايا القائمة التي تمس حياة أسرهن. ونوه إلى أن هذا الشيء في اليمن بدأ يتضح جليا في الفترة الأخيرة ، وكذلك الحال في المملكة العربية السعودية شاركت المرأة مؤخرا، وكذلك في فلسطين، داعياً إلى تقديم الدعم الكبير للمرأة لتمكينها من بلوغ حقوقها وممارسة دورها أيضا في الإصلاحات. وفي كلمة للسيدة "كاثرين بوث" – منسقة برنامج حقوق الإنسان في الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان- جددت السيدة بوث تأكيدها على دعم منظمتها لقضايا المرأة، مشيرة إلى أهمية التجمع في هذا المنتدى ومستعرضة مسيرة تطور الفيدرالية الدولية وأنشطتها الداعية إلى دعم المرأة وعدم خرق حقوقها ، وإزالة مختلف أشكال الاضطهادات عن كاهلها. وتطرقت إلى هيئة الأممالمتحدة وانتقدت الهيمنة الذكورية داخلها، داعية إلى إعادة النظر في نظامها الداخلي، وإيجاد تمثيل مناسب فيها لكل من المرأة والرجل على حد سواء. كما تحدثت الدكتورة خديجة الهيصمي – وزيرة حقوق الإنسان- التي أكدت في مطلع كلمتها على أهمية المنتدى من أربع نواحي هي المستوى الرفيع للمشاركين والمشاركات، وأهمية الموضوع الذي يناقشه المنتدى، الذي هو الممارسة الديمقراطية الفاعلة للمرأة، والأمر الثالث لكون المنتدى يعد وسيلة لتعميق الحوار الديمقراطي وحقوق الإنسان، ثم لأنه يبرز دور المجتمع المدني باعتبار أن الجهة المتبنية هي واحدة من منظمات المجتمع المدني التي لها مشاركات فاعلة في هذا المجال. واستعرضت الوزير تنامي الاهتمام الدولي في العالم العربي والإسلامي بقضايا حقوق الإنسان والبناء الديمقراطي وحقوق المرأة، واعتبرت عقد التسعينات هو البداية القوية للعمل المؤسسي الرسمي والأهلي والحزبي في اليمن ، مشيرة إلى أن تبني الدولة للمسار الديمقراطي والتعددية والحريات العامة هيأ المناخ المناسب لتنشيط وتفعيل دور منظمات المجتمع المدني. ونوهت إلى أنه رغم التقدم في أوضاع المرأة اليمنية إلا أن ذلك لا يعني أنها حققت كل ما تصبو إليه فلا تزال هناك صعوبات عديدة أهمها انتشار الأمية وارتفاع معدل الإنجاب وزيادة معدلات الفقر، مؤكدة أن الحاجة اليوم إلى وقفة تقييمية للبرامج والخطط الوطنية أصبحت اكبر من أي وقت مضى من اجل ترسيخ الديمقراطية وحقوق الإنسان والحقوق السياسية للمرأة . ودعت إلى تذكر معاناة المرأة الفلسطينيةوالعراقية وأينما كانت من دول العالم والتي تعاني من الحروب والقتل الذي يشكل اكبر انتهاك لحقوق الإنسان. ونوهت إلى أن المشاركة الفعلية للمرأة العربية في سوق العمل لا تتجاوز 26% وفي بعض الأقطار لا تتجاوز 5% على الرغم من كونها من الناحية العددية تقريبا نصف المجتمع وهو ما يعني إهدار طاقات نصف المجتمع مشددة على ضرورة الدور التكاملي بين المرأة والرجل في المجال التنموي. واستعرضت التحديات الاقتصادية والثقافية والسياسية، التي تواجه المرأة ، مؤكدة أن مشاركتها السياسية ما تزال في الحدود الدنيا ولا تتجاوز في البرلمان لدول المنطقة 3.5%. وأعربت عن أملها أن تصب مخرجات المنتدى لصالح تمكين المرأة والارتقاء بحقوقها.