واصلت الوزارات والمؤسسات الحكومية تصعيد مواقفها المستاءة ضد ما تصفه ب"الوصاية المطلقة" التي تفرضها وزارة المالية عليها وتتحكم بسياساتها، وضد "ابتزاز وفساد المسئولين الماليين المعينين من قبلها". فقد علمت "نبأ نيوز" من مصادرها الخاصة أن وزارة الثروة السمكية طردت نهاية الأسبوع الماضي مدير عام ماليتها محمد العباسي، على خلفية ما وصفته المصادر ب"ممارسات ابتزازية، وفساد، وعرقلة مقصودة للمعاملات المالية، وعدم الانصياع لتوجيهات قيادة الوزارة"- لتكون وزارة الثروة السمكية هي رابع وزارة تجهر باستيائها من وزارة المالية ومسئوليها الذين تعينهم بعد وزارات الصحة، والتعليم العالي، والإدارة المالية. وقالت المصادر أن محمد العباسي كان يشغل مدير عام الشئون المالية بوزارة الصحة، وتم إبعاده بقرار من الوزير سيف العسلي في أكتوبر 2007م على خلفية مشاكل مماثلة في وزارة الصحة، وتم تعيين محمد الصيادي بدله، مشيرة إلى أن وزير المالية ظل متمسكاً به وعينه في وقت لاحق مديراً عاماً للشئون المالية بوزارة الثروة السمكية، الأمر الذي تكررت به نفس المشاكل وبصورة أسوأ – على حد قولها. وأشارت المصادر إلى أن قيادة وزارة الثروة السمكية سبق إن شكت الأمر لوزير المالية إلاً أنه التزم الصمت، ورفض التجاوب مع مطلب الوزارة – أسوة بما حدث مع وزارة الصحة- الأمر الذي حدا بقيادة الثروة السمكية إلى إقفال مكتبه لديها لمنعه من العمل لديها. وتعتبر هذه الحادثة ليست الأولى التي يرفض فيها وزير المالية قبول أي شكوى أو اتهام لمدراء المالية في الوزارات فقد سبق أن رفض عدة طلبات من قبل وزير الصحة، مما حذا بالأخير إلى طلب تدخل رئيس الوزراء، ورغم تدخل رئيس الوزراء وإصداره توجيهات بإلغاء كافة التعيينات التي وقعها سيف العسلي – بينها ما يخص محمد العباسي- إلاّ أن الأخير رفض العمل بتوجيهات رئيس الحكومة. وبحسب قيادات رفيعة في عدد من الوزارات الحكومية فإن "الصلاحيات المطلقة" التي منحها الوزير العسلي لمدراء عموم المالية، ومدراء الحسابات، ورفضه الأخذ بأي شكوى ضدهم من قبل الوزراء الآخرين شجعهم على التمرد وعصيان قيادات الوزارات، واللجوء إلى ممارسات كيدية لتعطيل الصرفيات والإجراءات المالية انتقاماً لأي شكوى تصدر ضدهم. وتفيد المصادر ذاتها أن مدراء المالية والحسابات يفرضون على قيادات المؤسسات معاملات وقضايا غير مشروعة يطلبون تمريرها مقابل أي تسهيلات يقدمونها، أو أي تسريع بإنجاز ما هو مطلوب منهم، الأمر الذي تضطر كثير من هذه الوزارات والهيئات إلى الانصياع لمطالبهم مقابل ضمان عدم عرقلة الاستحقاقات المالية للموظفين أو التمويلات الخاصة بالخطط والبرامج المزمع تنفيذها. وكان الدكتور عادل الشجاع- اتهم في مقال نشرته صحيفة "الجمهورية" الرسمية مطلع الشهر الجاري أن سيف العسلي – وزير المالية- ب( مصادرة درجات الجامعة بسبب رفض الجامعة تعيين أحد أقارب الوزير، والموضوع أصبح لدى الجهات العليا)، وهو ما يؤكد صحة ادعاءات المصادر حول المساومات التي تفرضها المالية ومسئوليها. كما تتهم المصادر- وهي بمناصب حكومية رفيعة- البيروقراطية التي تمارسها وزارة المالية بأنها ستكون سبباً رئيسياً لفشل مؤسسات الدولة في تنفيذ برامجها ومشاريعها المرسومة في الخطط السنوية، مشيرة إلى أن المعاملات تستغرق بالمعدل شهرين لعودتها من وزارة المالية. هذا ويسود مختلف مؤسسات الدولة استياء بالغ من "الوصاية المطلقة" التي تفرضها وزارة المالية على جميع إمكانياتها ومواردها، وبالقدر الذي أصبحت وزارة المالية هي من يقرر مدى احتياج الجامعات للبحوث من عدمها، لدرجة تخفيض ميزانية البحوث من (40) مليون إلى (5) مليون فقط، في الوقت الذي يتجه العالم برمته لتطوير بحوثه، والتوسع بمنشآته وميزانياته المكرسة لهذا المجال.. والأمر نفسه يجري على بقية القطاعات الحكومية.