المعتقل السابق مانع سليمان يكشف عن تعذيب وانتهاكات جسيمة تعرض لها في سجون مأرب    عدن.. البنك المركزي يوقف ويسحب تراخيص منشآت وشركات صرافة    استمرار الحملات الميدانية لضبط الأسعار في مديريات العاصمة عدن تنفيذاً لتوجيهات المحافظ لملس    الشخصية الرياضية والإجتماعية "علوي بامزاحم" .. رئيسا للعروبة    بتوجيهات الرئيس الزُبيدي .. انتقالي العاصمة عدن يُڪرِّم أوائل طلبة الثانوية العامة في العاصمة    ابوعبيدة يوافق على ادخال طعام للاسرى الصهاينة بشروط!    تدشين مشروع التمكين الاقتصادي لأسر الشهداء والمفقودين في الجعفرية    2228 مستوطناً متطرفاً يقتحمون المسجد الأقصى    اجتماع يقر تسعيرة جديدة للخدمات الطبية ويوجه بتخفيض أسعار الأدوية    أبين.. انتشال عشرات الجثث لمهاجرين أفارقة قضوا غرقًا في البحر    اجتماع للجنتي الدفاع والأمن والخدمات مع ممثلي الجانب الحكومي    بدلا من التحقيق في الفساد الذي كشفته الوثائق .. إحالة موظفة في هيئة المواصفات بصنعاء إلى التحقيق    إصابة ميسي تربك حسابات إنتر ميامي    وفاة مواطن بصاعقة رعدية في مديرية بني قيس بحجة    من يومياتي في أمريكا .. تعلموا من هذا الإنسان    الاتحاد الرياضي للشركات يناقش خطته وبرنامجه للفترة القادمة    الهيئة العليا للأدوية تصدر تعميماً يلزم الشركات بخفض أسعار الدواء والمستلزمات الطبية    مونديال السباحة.. الجوادي يُتوّج بالذهبية الثانية    مجلس القضاء الأعلى يشيد بدعم الرئيس الزُبيدي والنائب المحرمي للسلطة القضائية    تدشين فعاليات إحياء ذكرى المولد النبوي الشريف في محافظة الحديدة    قيادة اللجان المجتمعية بالمحافظة ومدير عام دارسعد يعقدون لقاء موسع موسع لرؤساء المراكز والأحياء بالمديرية    انتشال جثة طفل من خزان مياه في العاصمة صنعاء    هناك معلومات غريبيه لاجل صحتناء لابد من التعرف والاطلاع عليها    العسكرية الثانية بالمكلا تؤكد دعمها للحقوق المشروعة وتتوعد المخربين    تشلسي يعرض نصف لاعبيه تقريبا للبيع في الميركاتو الصيفي    توقعات باستمرار هطول امطار متفاوة على مناطق واسعة من اليمن    الحكومة تبارك إدراج اليونسكو 26 موقعا تراثيا وثقافيا على القائمة التمهيدية للتراث    اكتشاف مدينة غامضة تسبق الأهرامات بآلاف السنين    عدن .. جمعية الصرافين تُحدد سقفين لصرف الريال السعودي وتُحذر من عقوبات صارمة    مجموعة هائل سعيد: نعمل على إعادة تسعير منتجاتنا وندعو الحكومة للالتزام بتوفير العملة الصعبة    أمين عام الإصلاح يعزي عضو مجلس شورى الحزب صالح البيل في وفاة والده    خيرة عليك اطلب الله    مليشيا الحوثي الإرهابية تختطف نحو 17 مدنياً من أبناء محافظة البيضاء اليمنية    الرئيس الزُبيدي يطّلع على جهود قيادة جامعة المهرة في تطوير التعليم الأكاديمي بالمحافظة    صحيفة أمريكية: اليمن فضح عجز القوى الغربية    شركات هائل سعيد حقد دفين على شعب الجنوب العربي والإصرار على تجويعه    الشيخ الجفري: قيادتنا الحكيمة تحقق نجاحات اقتصادية ملموسة    طعم وبلعناه وسلامتكم.. الخديعة الكبرى.. حقيقة نزول الصرف    عمره 119 عاما.. عبد الحميد يدخل عالم «الدم والذهب»    يافع تثور ضد "جشع التجار".. احتجاجات غاضبة على انفلات الأسعار رغم تعافي العملة    نيرة تقود «تنفيذية» الأهلي المصري    لم يتغيّر منذ أكثر من أربعين عامًا    العنيد يعود من جديد لواجهة الإنتصارات عقب تخطي الرشيد بهدف نظيف    غزة في المحرقة.. من (تفاهة الشر) إلى وعي الإبادة    السعودي بندر باصريح مديرًا فنيًا لتضامن حضرموت في دوري أبطال الخليج    صحيفة امريكية: البنتاغون في حالة اضطراب    قادةٌ خذلوا الجنوبَ (1)    مشكلات هامة ندعو للفت الانتباه اليها في القطاع الصحي بعدن!!    تدشين فعاليات المولد النبوي بمديريات المربع الشمالي في الحديدة    من تاريخ "الجنوب العربي" القديم: دلائل على أن "حمير" امتدادا وجزء من التاريخ القتباني    من يومياتي في أمريكا.. استغاثة بصديق    من أين لك هذا المال؟!    كنز صانته النيران ووقف على حراسته كلب وفي!    دراسة تكشف الأصل الحقيقي للسعال المزمن    ما أقبحَ هذا الصمت…    تساؤلات............ هل مانعيشه من علامات الساعه؟ وماذا اعددناء لها؟    وداعاً زياد الرحباني    رسالة نجباء مدرسة حليف القرآن: لن نترك غزة تموت جوعًا وتُباد قتلًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حالة الهوس بالسرقة..داء بلا دواء
نشر في نبأ نيوز يوم 08 - 04 - 2007

الدراسة الأخيرة للباحثين من المركز الطبي لجامعة ستانفورد الأميركية لم تتمكن من إثبات تلك الجدوى المحتملة لأحد العقاقير في معالجة حالات جنون الاختلاس، وهوس السرقة ذات الدافع الذي لا يُقاوم، «كليبتومانيا» kleptomania، أو ما تُترجمه معاجم اللغة العربية بحالات الدغر. لكن نتائج الدراسة أبقت الأبواب مفتوحة لاحتمال أن يكون ثمة علاج دوائي مفيد لهذه الحالات من أنواع السرقة الشائعة بشكل متفاوت ونسبي في المجتمعات المختلفة في العالم.
وحالة كليبتومانيا في الإقدام على السرقة والممتزجة بالشعور بالذنب إزاء اقترافها، متجهة نحو سرقة أشياء غير ثمينة وغير لازمة لمن يسرقها ومما لا يُرجى من وراء الاستيلاء عليها أي منفعة مادية ببيعها أو استخدامها. وغالباً لا يلجأ المُصابون بهذه الحالة إلى طلب العون الطبي خوفاً من تبعات الاعتراف باقتراف تلك السرقات وتداعياتها القانونية. وهي حالة مختلفة عن حالات سرقة المعروضات في المحال التجارية shoplifting . وبالرغم من إشارة الموسوعة البريطانية وبعض المصادر الطبية إلي أن حالات كليبتومانيا غير شائعة، بل ونادرة، إلا أن باحثي جامعة ستافورد، ومصادر طبية أخرى، يُشيرون إلي أن أكثر من 2.1 مليون شخص يُعانون من هذه الحالة في الولايات المتحدة وحدها. والتتبع في البحث والاستقراء للدراسات الطبية، وحتى القانونية، لا يُعطينا أي تصور عن جانبين مهمين لها: الأول حجم تأثير هذه المشكلة النفسية الاجتماعية القانونية على منْ يُعانون منها، والثاني مدى انتشارها بين الناس في كافة أنحاء العالم. ولذا تكتسب حالة كليبتومانيا اهتماماً طبياً واجتماعياً وقانونياً نظراً لثلاثة عناصر. الأول هو اعتماد قوانين كثير من الدول معاقبة مقترفي السرقة المُصابين حقيقة بهذا الاضطراب في السيطرة على السلوك، أي أسوة بغيرهم من المجرمين. وهو أمر لا يزال من ناحية الطب النفسي محل نقاش من جانب مدى قدرة المُصاب على منع نفسه بذاته ودون أية معالجة من ارتكاب حماقة كهذه. وبالتالي فإن السؤال هو، تطبيق عقوبة اقتراف السرقة تحت سيطرة الإصابة بهذه الحالة هو على ماذا؟ بمعنى ما هو مبرر العقوبة من الناحية النفسية، وليس من ناحية الحق العام أو الخاص للآخرين، وما هي جدواها في تعديل سلوكيات المُصاب؟ وهو جدل سبق أن أُثير قبل بضع سنوات إبان اتهام النجمة السينمائية وينونا رايدر بالسرقة. وما طرحته أيضاً العديد من الكتب القصصية والأفلام الروائية، خصوصاً مع الأخذ في عين الاعتبار أن المصادر الطبية تُؤكد أن غالبية المُصابين الحقيقيين بهذه الحالة النفسية يخشون من مراجعة الأطباء أو التصريح بمعاناتهم منها لأسباب شتى، وتحديداً إذا نظرنا إلى الأغنياء والميسورين والمشهورين المُصابين بتلك الحالة. والثاني وضع أسس واضحة ومميزة لتعريف منْ من السارقين مُصاب بهذه الحالة، وهو ما يدل عليه أن العديد من المصادر الطبية لا تزال تقول بأن المصابين الحقيقيين بحالة كليبتومانيا هم في الواقع قليلون جداً ولا يُشكلون سوى نسبة ضئيلة بين جمهور السارقين. والثالث هو كيفية معالجة هذه الحالات.
دراسة وعقار وبحثت دراسة المركز الطبي بجامعة ستانفورد في جدوى تناول عقار إستالوبرام escitalopram، المعروف تجارياً باسم ليكسابرو Lexapro . وهو أحد الأدوية المنتمية إلي فئة مضادات الاكتئاب، التي تعمل عبر التثبيط الانتقائي لإعادة أخذ مركبات سيروتونين من قبل خلايا الدماغ.
وكانت دراسات سابقة قد أثبتت جدوى هذا العقار في بعض من حالات أنواع اضطراب السيطرة، كما أن دراسة سابقة أثبتت جدواه في معالجة حالات هوس السرقة. وهو ما بلغ نسبة النجاح فيه حوالي 78%. إلا أنها دراسة لم يُتبع في إجرائها معايير دقيقة، ما تطلب إعادتها وفق ضوابط بحثية أدق للتأكد من دقة النتائج كي يُمكن للأطباء الاستفادة منها في معرفة جدوى هذا العقار لتلك الغاية تحديداً. وهو ما تم بالفعل إجرائه على عدد صغير، لا يتجاوز 15 شخصا، من المصابين بهذه الحالة. وتبين بالمحصلة عدم جدوى ذلك وفق ما تم نشره في عدد مارس من مجلة علم الطب النفسي الإكلينيكي.
وقال البروفسور لورين كوران، الباحث الرئيسي في الدراسة وطبيب علوم النفسية والسلوك، انه يتم في البحث توزيع عشوائي بين ما يتناوله المشاركون في الدراسة، إما للعقار المراد دراسة تأثيره أو للعقار المزيف. وحينما يتبين أن نسبة الانتكاس والارتداد فيمن تحسنوا بعد تناول أي منهما هي نسبة واحدة، فإن ذلك معناه أن التحسن الذي ظهر لدى البعض عند تناول العقار الحقيقي في أول الأمر لا يختلف عن تأثير العقار المزيف.
وأضاف أن صغر عدد المشاركين في الدراسة لم يُتح الفرصة لمعرفة تأثير العقار، ما دفعه إلى القول بأن الحاجة تدعو إلي دراسة أوسع للتأكد من الفائدة أو عدمها.
والذي يبدو أن الباحثين اعتقدوا أن النتائج السابقة المشجعة جداً هي حقيقية، ما جعلهم لا يتوسعون في عدد المشمولين في دراسة التأكيد للنتائج الثانية. والواقع أنه لا ضير طالما ان الأمر يظل ضمن التجارب والدراسة، وطالما أن الباحثين أنفسهم لم يبنوا نصائح غير سليمة على النتائج التي توصلوا إليها. وهذه الشفافية تُحسب كشيء إيجابي في ذكر النتائج الحقيقية من قبل الباحثين وأيضاً من قبل الشركة المنتجة لهذا العقار التي دعمت مالياً إجراء الدراسة. والواقع أن كثيراً من شركات إنتاج الأدوية لا تعتمد معايير الشفافية في ذكر حقائق النتائج والابتعاد عن سلوك لي أعناق نتائج الدراسات نحو فوائد غير واقعية وغير عملية. لذا تظل الرغبة العلمية قائمة في استمرار البحث عن حل علاجي لهذه المشكلة النفسية سواء بهذا العقار أو غيره. وهو ما أكده البروفسور كوران بالقول إن الناس المصابين بهذه الحالة يحتاجون بلا شك إلي معالجة، ما يعني بالمحصلة ثلاثة أمور مهمة: الأول أن حالات كليبتومنيا هي حالات حقيقية، أي ليست مما قد يدعي البعض وهم معاناته منها. والثاني اتجاه الوسط الطبي نحو ضرورة إيجاد علاج لها. والثالث أن يكون العلاج بالأدوية، أي ليكون أكثر فائدة من العلاج النفسي السلوكي أو العائلي، الذي لم يُفلح لدى جانب من المرضى. حالات كليبتومانيا وتُعرف المصادر الطبية حالة كليبتومينيا بأنها عدم القدرة على مقاومة اندفاع الرغبة في سرقة أشياء ليس بالضرورة أن يكون السارق بحاجة إلى استخدامها، ولا أن تتم سرقتها بهدف الحصول على الربح المالي. وبعضهم قد يُخفي ما سرقه، والبعض الآخر قد يُعيده إلى مكانه. وهناك من تمر عليه شهور أو سنوات دون اقترافها. وليس ثمة علاقة بين الشيء المسروق وأي اضطرابات في الرغبات الجنسية، أي أنها سرقة ليست بالضرورة لأشياء مما تختص باستخدام أو لبس الجنس الآخر.
ولا يُعرف السبب الباعث على إصابة البعض بهذه الحالة. وغالباً ما تحصل بمصاحبة بعض من الاضطرابات النفسية كالاكتئاب أو القلق أو الإدمان أو اضطرابات الأكل أو غيرها من اضطرابات السيطرة السلوكية. لكن الملاحظ أن النساء أكثر عرضة للإصابة من الرجال.
ومما لا شك فيه أن هذه الحالة تُصنف كاضطراب نفسي في قدرات السيطرة على السلوك. وتشمل أعراضها جملة من العناصر التي تميزها عن أنواع سلوكيات السرقة بشكل عام. وهي:
تكرار عدم القدرة على مقاومة الرغبة في الإقدام على السرقة، وسرقة أشياء لا حاجة للإنسان فيها، ولا قيمة شخصية لها لمن يسرقها، ولا يهدف السارق من وراء حيازتها أي منفعة مادية.
الشعور بالتوتر، والإحساس به بشكل متعاظم مباشرة قبل إتمام سرقة ذلك الشيء.
الشعور العارم باللذة والرضا والارتياح أثناء فعل عملية السرقة، بدلاً من الخوف. عدم وجود أي شعور بالغضب أو حب الانتقام من مالك الشيء المسروق أو من المجتمع أو غيره، قبل إقدام المُصاب بهذه الحالة على السرقة.
الإقدام على السرقة ليس تحت تأثير أي نوع من الهلوسة الذهنية أو معتقدات ضالة تدعوه إلى وجوب القيام بالسرقة.
ولأن سبب ظهور الحالة غير معروف، فإنه لا تُوجد إرشادات طبية واضحة حول وسائل الوقاية من الإصابة بها.
وعليه فإن الشخص المُصاب بهذا الاضطراب مُجبر على سرقة أشياء صغيرة، مما لا قيمة لها. مثل الأقلام أو الألعاب الصغيرة أو حتى مغلفات السكر من المطاعم أو الملاحات أو الملاعق أو غيرها. ولذا فإن المصادر الطبية لا تشير إلي أن ارتفاع قيمة المسروق سبب في الرغبة في حيازته، بل تقول إن بعضهم قد لا يُدرك أن ما فعله هو سرقة إلا بعد القيام بالاستيلاء على ذلك الشيء. وبالملاحظة فإن معظم المُصابين يُفضلون تكرار سرقة أشياء معينة، وذلك التكرار لسرقة نوع معين من الأشياء نفسها هو أيضاً بلا وعي منهم لذلك، مثل سرقة الريموت كنترول من غرف الفنادق كلما حل فيها.
كليبتومانيا وسرقات أخرى تمتاز حالات كليبتومانيا بأن القيام بالسرقة هو الغاية الأساسية، وليس الشيء المسروق نفسه. وبالرغم من ان المُصاب بكليبتومانيا يسرق دون قدرة له على منع نفسه من ذلك، إلا أن الأصل القانوني الجنائي في المحاكم في الولايات المتحدة وبريطانيا وكثير من دول العالم، إن لم كلها، لا تقبل الادعاء بالإصابة بهذه الحالة النفسية ضمن الحجج الإيجابية في مرافعات الدفاع ابتغاء الحصول على إعفاء من عقوبة السرقة. أي أن ثبوت الإصابة بها طبياً لا يُعفي من العقوبة حتى الآن.
وهنا علينا أن ننظر إلي حالتين من الأخذ والحيازة للأشياء من أجل المقارنة والفهم. الأولى هي حالات الاستيلاء على أشياء التي يُعاقب القانون على أخذها، والثانية حالات الاستيلاء على أشياء يُعاقب القانون على أخذها.
وقد لا يبدو للكثيرين بشكل واضح الفارق في الظاهر بين حالات كليبتوميانيا وبين حالات أخذ الإضافات المتاحة للاستخدام الفردي غير المكرر من قبل الغير، مثل هوس البعض بتجميع الشامبو والكريم والصابون وفرشاة الأسنان وغيرها مما تُزوده إدارات الفنادق غرف ودورات مياه نزلائها. والتي لا يُعتبر أخذها سرقة من ناحية التصنيف السلوكي النفسي والنظر العقلي المنطقي، لأن ثمة فوارق كبيرة وعديدة بين نوعي سلوك الأخذ والحيازة. لكن ومع هذا فإن مما هو ليس واضحاً ومعروفاً، من الناحية الطبية على الأقل، هل الإقدام على هذا الأخذ المسموح يُؤدي إلى الأخذ غير المسموح أم لا؟ بمعنى هل يُؤدي بإنسان ما إقدامه على تعود أخذ هذه الأشياء البسيطة من غرف الفنادق مثلاً إلى نشوء أو إلى فتح مجال ظهور أو إلى ضعف قدرة التحكم والسيطرة لديه على سلوك سرقة كليبتومانيا؟ سواء كانت أصول وجذور هذه المشكلة موجودة أو غير موجودة لدى إنسان ما، خاصة إذا علمنا أن غالب الناس لا يُمارس أخذ هذه الأشياء تحت مرأى العاملين في الفنادق وعلمهم المباشر بقيامه بذلك، بل الذي يغلب هو شعور بالحياء أو الخشية أو الحرج لو شاهده العاملون في الفنادق وهو يفعل ذلك، كما أن البعض لا يود أن يعلم الغير بإقدامه على ذلك الفعل. هذا من جانب، ومن جانب آخر فإن تأمل عناصر أعراض حالة كليبتومانيا، المتقدمة الذكر، تدلنا على أنها تختلف أيضاً كلياً عن حالات السرقة العادية المعروفة أو حالات سرقة معروضات المتاجر shoplifting التي يُقدم الأحداث عليها في الغالب. وذلك بالنظر إلي أن حالة كليبتومانيا تخلو من عنصرين أساسيين، مقارنة بالأنواع الأخرى من السرقات، الأول أن الشخص الذي يُقدم على هذا النوع الأخير من السرقة يفعل ذلك بعد تخطيط مسبق، أي ثمة عنصر التفكير والدراسة المسبقة قبل الإقدام على السرقة. والثاني أن ما يُحرك المُصاب للإقدام على السرقة هو دافع الحاجة إلى تملك تلك المسروقات لاستخدامها، أو لاقتنائها، أو للحصول على ثمنها المادي بعد تصريفها لدى من يُتاجرون بشراء المسروقات. أي أن الباعث عليها هو حيازة ما يُفيد أو له قيمة مالية. في حين أن الأمر لا علاقة له بهذين الأمرين في حالات كليبتومانيا، وإن كان عنصرا الجريمة متوفرين فيها وفي غيرها من السرقات، وهما الرغبة والفرصة. وكذلك أيضاً فإن العناصر الأخرى المذكورة في أعراض حالة كليبتومانيا قد تتوفر في كل من السرقات العادية وحالات كليبومانيا. لكن، ثمة فرق جوهري هو، باختصار شديد، أن السلوك الإجرامي في حالة كليبتومانيا معني أساساً بممارسة عملية السرقة نفسها كاحتياج نفسي، وليس معنياً بقيمة أو فائدة الشيء المسروق.
* سرقة المراهقين لمعروضات المحال التجارية.. علاقات نفسية معقدة تتسبب حالات سرقة المعروضات في المحال التجارية بخسائر باهظة في المجتمعات التي تتفشى فيها. وتقول إحصائيات الولايات المتحدة، وهي من الدول القلائل التي تم فيها بحث هذا الأمر وصدرت إحصائيات حوله، أن خسائر هذا السلوك تتجاوز 10 مليارات دولار سنوياً. وليس ثمة منْ يُقال عنه سارق مثالي للمعروضات، بل إن ذلك السلوك قد يصدر من كلا الجنسين، وفي أي عمر، ومن أي أصل عرقي، وبغض النظر عن المستوى التعليمي أو الدخل المادي، لكن المراهقين يُشكلون الشريحة الأوسع. ووفق ما ذكره المجلس القومي لمنع الجرائم في الولايات المتحدة فأن ربع سارقي معروضات المحال التجارية تتراوح أعمارهم بين 13 و17 سنة. و يُمكن تصنيف هؤلاء السارقين إلي نوعين، النوع الأول محترف يبحث عن سرقة أشياء ثمينة ابتغاء إعادة بيعها، ونسبة منهم هي من بين مدمني المخدرات الساعين إلي تحصيل ثمن ما هم مدمنون عليه. وهذه الفئة وإن بدأت الأمر بشكل غير محترف، إلا أن الاستمرار في الإدمان يُوجهها نحو احتراف السرقة والتطور في حماقاتها. والنوع الثاني يُمارسها بشكل عارض لأسباب شتى. لكن غالبيتهم هي من المراهقين الذين يسعون إلي الحصول على أشياء ليس بمقدورهم شرائها. وتشير المصادر النفسية أن 70% من هؤلاء يدخلون المتاجر ولا رغبة لديهم في الإقدام على السرقة بالأصل. بل ينشأ إغراء القيام بها أثناء التسوق. ومن بين سارقي معروضات المحال التجارية، لا يُشكل المُصابون الحقيقيون بحالات كليبتومانيا إلا نسبة ضئيلة منهم.
و السؤال هو لماذا يُقدم المراهقون على هذا النوع من السرقات؟ وقد حاول الخبراء في الرابطة القومية الأميركية لمنع سرقات معروضات المتاجر الإجابة على ذلك بالقول إن ثمة أسباب عدة تدفع المراهق إلي هذا السلوك، منها اعتقاده أن المتاجر قادرة على تعويض النقص، أو اعتقاده أنه لن يُكشف أمر سرقته، أو أنه لا يستطيع مقاومة إغراء فرصة وجود الشيء، الذي يود الحصول عليه، أمامه. أو محاولة تعويض أو تنفيس ضغط الشعور بالحرمان من ذلك الشيء وعدم القدرة على شرائه. أو عدم القدرة على التعامل مع الشعور النفسي بالاكتئاب أو الغضب أو التوتر أو عدم توفر الجاذبية فيه أو عدم تقبل الناس له لأسباب شتى.
الإشكالية هي أن من السهل على الأحداث الوقوع في حالة من إدمان السرقة، خاصة مع إشارة المصادر النفسية إلي أن كثيرين منهم يقولون بأن شعوراً عارماً بارتفاع وعلو المزاج يغلب عليهم عند الإفلاح بالإفلات من رقابة المحال لكشف السرقات أو عقوبة السرقة.
أما غير الأحداث المراهقين، فإن ثمة من يُقدم على تلك السرقات برغم من امتلاء المحفظة بالمال وبالرغم من الغنى أو الشهرة، وبالرغم من معرفتهم أنهم سيُواجهون عقوبة السرقة لو انكشف أمرهم. والرغبة هذه لديهم بالرغم من كل ما سبق تُعتبر تنفيساً لآلام عاطفية نفسية كالتوتر أو الاكتئاب أو غيره.
* الأطفال قد يقترفون السرقة.. لكن كيف التعامل معهم ؟
الأطفال في أي عمر كانوا عرضة للقيام بالسرقة بمعناها الواسع، سواء داخل المنزل أو غيره، لأسباب شتى وعلى حسب عمرهم.
_ الأطفال الصغار جداً ربما يأخذون، من منازلهم أو منازل من يزورونهم أو من المحال التجارية، أشياء عدة دون إدراك منهم أن ما يقومون به سرقة، ودون إدراك لمعنى قيمة ذلك الشيء مادياً. بل دون علم منهم بأن ثمة ممتلكات للغير لا يجوز أخذها أو أن أخذ شيء من المحال التجارية يجب دفع ثمنه. وكثير منا يلحظ أن أبناءه الصغار يأخذون حلويات أو العابا أثناء التسوق في المحال التجارية الكبيرة، ويعترضون على وضعها في عربة التسوق أو عرضها على المحاسب لإضافة قيمتها إلى فاتورة التسوق. ويعتبرون أنها لهم بمجرد أخذهم لها! الأطفال في المراحل الابتدائية وما حولها ربما يأخذون أشياء بالرغم من علمهم أن ذلك خطأ، لكنهم يفقدون السيطرة على منع أنفسهم من ذلك.
المراهقون حين أخذ الأشياء يعلمون معنى السرقة وعقوبتها. لكنهم يفعلون ذلك لدوافع شتى كالحصول على ما لا يستطيعون الحصول عليه بالشراء أو تقليداً للطائشين في سلوكياتهم المنحرفة. والتقليد له أسباب عدة منها إظهار القدرة على الإفلات من الانكشاف أو العقوبة، ومنها إظهار النضج! ومنها إظهار هذا السلوك فيهم كي يحترمهم الطائشون، ولفت الأنظار إليهم وغير ذلك مما يتوجب فهمه من قبل الوالدين أو المربين أو المدرسين.
والسؤال هو، كيف على الوالدين التعامل مع سلوك الأطفال والمراهقين آنذاك؟
والمنطقي أن يكون تفاعل الوالدين بناء على إذا ما كان هذا السلوك يُرتكب من قبل الطفل أو المراهق للمرة الأولى أو أنه تكرر منه. الأطفال الصغار جداً يجب إفهامهم أساسيات معنى حيازة ممتلكات الغير، ومعنى الأخذ بالتبادل المالي للأشياء، أي عملية الشراء بالمال، وضرورة السؤال والطلب قبل أخذ الشيء. ومحاولة إصلاح ما تم بصحبة الطفل. بمعنى لو أن الطفل أخذ حلوى من المحل دون احتساب ثمنها فإن الوالدين يأخذان الطفل والحلوى للمحل لإعادتها أو دفع ثمنها. ولو أكلها الطفل، فإنه يُؤخذ للمحل لدفع ثمنها أمام مرأى الطفل والاعتذار عن ذلك الخطأ. وكذلك الحال لو اكتشفت الأم بعد زيارتها للأقارب أو الأصدقاء أن بحوزة طفلها ساعة أو سوار جلبه من ذلك البيت. أو ما هو أكثر شيوعاً من إقدام الطفل على أخذ مال من محفظة الأب أو الأم.
المهم هو أنه في أي عمر كان الطفل يجب إرجاع ما تم أخذه برفقة الطفل، وإبداء الاعتذار وإفهام الطفل معنى ما حصل منه وما يقوم والداه به لإصلاح ما تم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.