الاحتلال يواصل توغله برفح وجباليا والمقاومة تكبده خسائر فادحة    صعقة كهربائية تنهي حياة عامل وسط اليمن.. ووساطات تفضي للتنازل عن قضيته    في عيد ميلاده ال84.. فنانة مصرية تتذكر مشهدها المثير مع ''عادل إمام'' : كلت وشربت وحضنت وبوست!    انهيار جنوني للريال اليمني وارتفاع خيالي لأسعار الدولار والريال السعودي وعمولة الحوالات من عدن إلى صنعاء    حصانة القاضي عبد الوهاب قطران بين الانتهاك والتحليل    نادية يحيى تعتصم للمطالبة بحصتها من ورث والدها بعد ان اعيتها المطالبة والمتابعة    باستوري يستعيد ذكرياته مع روما الايطالي    فودين .. لدينا مباراة مهمة أمام وست هام يونايتد    انهيار وافلاس القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الحوثيين    "استحملت اللى مفيش جبل يستحمله".. نجمة مسلسل جعفر العمدة "جورى بكر" تعلن انفصالها    اكتشف قوة الذكر: سلاحك السري لتحقيق النجاح والسعادة    مدرب نادي رياضي بتعز يتعرض للاعتداء بعد مباراة    فضيحة تهز الحوثيين: قيادي يزوج أبنائه من أمريكيتين بينما يدعو الشباب للقتال في الجبهات    خلافات كبيرة تعصف بالمليشيات الحوثية...مقتل مشرف برصاص نجل قيادي كبير في صنعاء"    الدوري السعودي: النصر يفشل في الحاق الهزيمة الاولى بالهلال    في اليوم ال224 لحرب الإبادة على غزة.. 35303 شهيدا و79261 جريحا ومعارك ضارية في شمال وجنوب القطاع المحاصر    الطرق اليمنية تبتلع 143 ضحية خلال 15 يومًا فقط ... من يوقف نزيف الموت؟    الدكتور محمد قاسم الثور يعزي رئيس اللجنة المركزية برحيل شقيقه    الحوثيون يتكتمون على مصير عشرات الأطفال المصابين في مراكزهم الصيفية!    رسالة حاسمة من الحكومة الشرعية: توحيد المؤتمر الشعبي العام ضرورة وطنية ملحة    منظمة الشهيد جارالله عمر بصنعاء تنعي الرفيق المناضل رشاد ابوأصبع    بن مبارك يبحث مع المعهد الملكي البريطاني "تشاتم هاوس" التطورات المحلية والإقليمية    السعودية تؤكد مواصلة تقديم المساعدات والدعم الاقتصادي لليمن    الحوثيون يعلنون إسقاط طائرة أمريكية MQ9 في سماء مأرب    قيادي حوثي يسطو على منزل مواطن في محافظة إب    المطر الغزير يحول الفرحة إلى فاجعة: وفاة ثلاثة أفراد من أسرة واحدة في جنوب صنعاء    مسيرة حاشدة في تعز تندد بجرائم الاحتلال في رفح ومنع دخول المساعدات إلى غزة    رئيس مجلس القيادة يناقش مع المبعوث الخاص للرئيس الروسي مستجدات الوضع اليمني مميز    ميسي الأعلى أجرا في الدوري الأميركي الشمالي.. كم يبلغ راتبه في إنتر ميامي؟؟    تستضيفها باريس غداً بمشاركة 28 لاعباً ولاعبة من 15 دولة نجوم العالم يعلنون التحدي في أبوظبي إكستريم "4"    بيان هام من وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات من صنعاء فماذا قالت فيه ؟    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    تدشيين بازار تسويقي لمنتجات معيلات الأسر ضمن برنامج "استلحاق تعليم الفتاة"0    شاب يمني يساعد على دعم عملية السلام في السودان    أعظم صيغ الصلاة على النبي يوم الجمعة وليلتها.. كررها 500 مرة تكن من السعداء    الخليج يُقارع الاتحاد ويخطف نقطة ثمينة في الدوري السعودي!    مأرب تحدد مهلة 72 ساعة لإغلاق محطات الغاز غير القانونية    اختتام التدريب المشترك على مستوى المحافظة لأعضاء اللجان المجتمعية بالعاصمة عدن    يوفنتوس يتوج بكأس إيطاليا لكرة القدم للمرة ال15 في تاريخه    النقد الدولي: الذكاء الاصطناعي يضرب سوق العمل وسيؤثر على 60 % من الوظائف    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    600 ألف دولار تسرق يوميا من وقود كهرباء عدن تساوي = 220 مليون سنويا(وثائق)    وعود الهلآّس بن مبارك ستلحق بصيف بن دغر البارد إن لم يقرنها بالعمل الجاد    المملكة المتحدة تعلن عن تعزيز تمويل المساعدات الغذائية لليمن    وفاة طفل غرقا في إب بعد يومين من وفاة أربع فتيات بحادثة مماثلة    سرّ السعادة الأبدية: مفتاح الجنة بانتظارك في 30 ثانية فقط!    شاهد: مفاجأة من العصر الذهبي! رئيس يمني سابق كان ممثلا في المسرح وبدور إمراة    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    قصص مدهشة وخواطر عجيبة تسر الخاطر وتسعد الناظر    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    احذر.. هذه التغيرات في قدميك تدل على مشاكل بالكبد    دموع "صنعاء القديمة"    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الضربة الأميركية من زاوية عربية
نشر في نشوان نيوز يوم 02 - 09 - 2013

هناك سبل كثيرة للنظر إلى الضربة الأميركية المتوقعة ضد النظام السوري على خلفية استخدامه السلاح الكيماوي ضد مواطنيه. هناك من هو مشغول بحجم هذه الضربة، وهناك من يتركز اهتمامه على توقيتها. وثالث يتساءل عن إمكان فبركة واشنطن والأمم المتحدة – وفي شكل عام الغرب – للدليل على استخدام الكيماوي من قبل النظام السوري. ورابع يرى ضرورة الاهتمام بتداعيات هذه الضربة، وهل ستؤدي إلى حرب إقليمية؟ وخامس يتمنى، وسادس يخشى أن تؤدي الضربة إلى سقوط النظام السوري. أنا أكتب ظهر أمس السبت، وبالتالي فربما أن الضربة حصلت قبيل ساعات من طباعة هذا المقال، وفي ظني أن الضربة لن تحصل قبل يوم غد الإثنين، ولا بعد الخميس المقبل.
كل ما سبق زوايا نظر مهمة لموضوع مهم، لكن هناك زاويا أخرى لا تقل أهمية، بل ربما أنها أكثر خطورة حتى من الضربة ذاتها. لهذه الزوايا ميزة تفرقها عن غيرها، وهي التي تضفي عليها أهمية وخطورة أكثر من غيرها، وهي أنها زوايا عربية قبل أي شيء آخر. أهم هذه الزوايا العربية تتمثل في السؤال الآتي: كيف ينبغي أن ننظر الى الضربة الأميركية؟ هل هي لخدمة المصالح الأميركية؟ أم لأجل تحقيق مصالح الشعب السوري؟ ماذا ينبغي أن يكون عليه موقفنا من هذه الضربة؟ هل نحن معها أم ضدها؟ أم ينبغي لنا أن نكون في موقف بين الموقفين؟ والغريب أن هذه الأسئلة – وللدقة هذه الارتباكات – تتجاور تماما مع شبه إجماع عربي رسمي وغير رسمي على دموية النظام السوري، وعلى أنه نظام قاتل، وأنه السبب الأول والأهم في كل المآسي التي مر ويمر بها الشعب السوري منذ ما قبل الثورة وبعدها، وبالتالي فإن سقوطه أو تغييره أو استبداله سيكون في مصلحة هذا الشعب. لكن بعد كل ذلك، ليس هناك اتفاق على أي شيء تقريبا. سيقال إن هذه الأسئلة وحال الخلاف والشقاق حولها تعبر عن عجز متمكن، وعن ارتباك متفش بين الجميع أمام حدث كبير غامض في مصادره وأهدافه ومآلاته، وأن مرد ذلك العجز والارتباك الى حال انقسام مزمن بين العرب على كل شيء، وعلى كل مستوى تقريبا. هذا صحيح، ولكن هناك ما هو أقرب الى الحقيقة، وأكثر تعبيرا عن هذا الواقع، وهو أن إشكال الضربة ينبع من حقيقة أنها ستأتي من الولايات المتحدة ومن خلفها الغرب ضد نظام عربي. هنا يبرز السؤال: هل كون النظام عربيا يجيز التغاضي عن جرائمه؟ سيقول الجميع من غير أتباع وأنصار النظام: لا. الجريمة تبقى كذلك مهما كانت هويتها، لكن أن يأتي عقاب جريمة طرف عربي من طرف غير عربي، ومن الغرب تحديدا يجعل منه أمرا محل شبهة يقتضي رفضه، أو على الأقل حرمانه من مشروعية الموافقة العربية عليه. الضربة الأميركية تهدف الى خدمة مصالح أميركية وهي غير معنية بمصالح الشعب السوري ولا بمصالح العرب. وهذا صحيح تماما، لكن مأزق هذا الرأي أنه يتوقف عند هذا الحد، حد الرفض ولا يتجاوزه، ويستند في جوهره إلى تبرير أخلاقي هش، بل وزائف أمام حال سياسية تفرض نفسها على الجميع. هل هناك فرق من الناحية الأخلاقية أو القانونية بين أن يقتل العربي بيد عربي آخر، وأن يقتل على يد طرف غير عربي؟ ينطوي السؤال على عنصرية باذخة. قتل الإنسان محرم لأنه إنسان قبل أي شيء آخر، فما بالك عندما يتم تدمير بلد بكامله لأجل أن يبقى الرئيس في سدة الحكم. سورية تدمر وشعبها يقتل في شكل يومي، ويتحول إلى لاجئين في المنافي في شكل يومي أيضا. والعرب عاجزون أو لا يريدون أن يفعلوا شيئا. من حقك أن ترفض التدخل الأجنبي في الأزمة، لكن ليس من حقك أن ترفضه من دون أن تقدم بديلا منه. أنت بهذا الموقف تمنح رخصة مجانية للنظام لمواصلة التدمير والقتل، أما الحديث عن المصلحة فهو نوع من اللغو. من الطبيعي أن يعمل الغرب لأجل مصالحه، وهذا يحسب له لا عليه. هل هناك من يعمل لمصالح غيره؟ لماذا لا يعمل العرب لأجل مصالحهم؟ هل الأتراك أو الإيرانيون أو غيرهم يعملون لمصالح العرب؟ هذا نوع من الهذيان. ثم إن السوريين من غير قيادة النظام وأتباعها هم أصحاب القول الفصل في تقرير الموقف من كل ما يتعلق بالمأزق الذي يعيشونه، ويدفعون ثمنه يوميا.
الطرف الأول الذي فرض المأزق على الجميع هو النظام السوري، والدول العربية فرضت بعجزها عن فعل أي شيء في هذه الحال أيضا. هناك دول عربية تعلن رفضها للضربة بطريقة مرتبكة لا تجعل لرفضها مترتبات سياسية معينة، وتكتفي بأن تكون شاهد زور على ما سيحدث. نموذج ذلك مصر في عهد الانقلاب العسكري. الأردن نموذج آخر لدولة عربية لا تعلن رفضا ولا قبولا للضربة، ولكن تؤكد أنها لن تكون منطلقا لهذه الضربة. على الناحية الأخرى، هناك دول عربية تقبل ضمنا بالضربة لكنها تلوذ بالصمت ولا تعلن موقفا، وقائمة هذه الدول طويلة من الخليج العربي إلى المغرب العربي. لبنان الأكثر تأثرا بالحرب الأهلية السورية منقسم في موقفه من الضربة بين شعار «المقاومة» وشعار «النأي بالنفس»، أما العراق الذي يعاني حربا أهلية ونفوذا إيرانيا ترتفع أكلافه يوما بعد آخر، فيحذر من مخاطر الضربة ولكن من دون أن يعلن رفضا قاطعا لها. الجزء الحاكم من النظام العراقي منقسم بين ارتباط مع طهران على أساس مذهبي، وارتباط مع واشنطن على أساس سياسي، وانطلاقا من ذلك سيذهب رئيس الحكومة نوري المالكي إلى العاصمة الأميركية لتوقيع اتفاق دفاع مشترك مع أميركا صاحبة الضربة.
الدولتان الوحيدتان في المنطقة اللتان أعلنتا موقفا واضحا من الضربة هما تركيا وإيران. تركيا لا تؤيد الضربة وحسب، بل ومستعدة للمشاركة فيها. إيران ترفض الضربة وتطلق تصريحات رنانة، ولكنها مبهمة عن رد فعلها في حال حصلت. لن تفعل إيران شيئا بعد انسحاب روسيا، وإذا كانت الضربة محدودة وقصيرة الأمد. موقف هاتين الدولتين لافت لجهة أنه يؤكد المؤكد، وهو أن الدول العربية المعنية أكثر من غيرها بحرب أهلية في بلد عربي، والأكثر تأثرا بتداعياتها وتداعيات الضربة الأميركية المتوقعة، هي الوحيدة التي لا تملك موقفا سياسيا واضحا ومتماسكا. الأيديولوجيا العربية هي العائق الكبير أمام الدول العربية لإعلان موقف واضح من حدث يؤمن بعضها بضرورته، ويؤمن البعض الآخر بحتميته، وهذا ليس جديدا على أية حال. كنا في الموقع نفسه تقريبا في كل الأزمات التي عرفها العرب، أقله منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وعندما يكون الموقف العربي على هذا النحو، إما مرتبكا بصمت أو رافضا بصمت أو قابلا بصمت أيضا، فإنه يعبر عن ضعف سياسي وعجز عسكري، ومن ثم عن غياب للرؤية. والدولة من دون موقف متماسك ومعلن – وبخاصة في اللحظات الحرجة – ليست دولة تماما. في هذه الحال يعبر ارتباك الرأي العام العربي وتناقض مواقفه ما بين سذاجة أخلاقية أو انتهازية سياسية، عن طبيعة الدولة التي ينتمي إليها، والخطاب السياسي الذي تعتاش عليه من أزمة إلى أخرى، ومن مأزق إلى آخر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.