ليس غريباً على ولي أمر البلاد أن يرفع كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ويطلب من علماء وفقهاء اليمن تحكيم كتاب الله وسنة نبيه في قضية وأزمة البلاد السياسية فهو رجل يمني وعربي وقومي ومسلم، وطبيعي أن يعود المسلم إلى شرع الله وقت الاختلاف والخلاف خاصة عندما تلم النوائب والمصائب والأزمات المستعصية على الحل، فحينها يرجع الناس إلى الله متضرعين ملتمسين منه العون والمساعدة لكي يفرج الكرب ويحل الأزمات. وطلب العودة إلى شرع الله والتماس الحل لأزمة البلاد والعباد ليس بدعة كما يرى مراجع الشيعة الذين يدعون العصمة من الخطأ ولا يضعون آلية تنفيذية لهذا (الحل) في مجال السياسة والاقتصاد وبقية المجالات الأخرى. ينبغي أن تكون العودة إلى شرع الله والدين الصحيح والقويم البعيد عن أخطاء وهفوات أسلافنا وعدم الوقوف أو التقوقع عند حدود مفاهيمهم الجامدة والمحصورة بحدود زمنهم وعصرهم وواقعهم القديم الذي تجاوزه الزمن إلى زمن جديد ومشاكل عصر جديد وهذا يتطلب تجديداً لفقه الشريعة والدين يتناسب مع مشاكل عصرنا وزمننا وقضايانا المستجدة حتى لايتهم ديننا في الألفية الثالثة بالجمود والعيش على رماد الموتى وأفكارهم العتيقة. إن العودة إلى شرع الله ليست دعوة بشرية بل هي دعوة هداية وخير من رب ومالك البشر الذي طلب منا أن نستعين به على أن يهدينا بهداية أسلافنا من النبيين والشهداء والصالحين وأن نهتدي بصراط الذين أنعم عليهم، غير هدى المغضوب عليهم من اليهود ولاهدى الضالين من النصارى لأنه لا يصلح أمر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها أضف إلى ذلك أن دين الدولة في بلادنا هو الإسلام وشريعة هذا الدين هي المرجعية الحاكمة والناظمة لحياة الناس، فالذي جعل الخليفة العادل عمر رضي الله عنه ينام تحت الشجرة قرير العين هانيها هو تطبيقه للشريعة الإسلامية السمحة العادلة ومراقبة الله في السر والعلن ونكران الذات والاهتمام بقضايا الناس وهمومهم والصدق مع النفس وقوة الإيمان واليقين وسعة وسماحة الصدر والصبر على المكاره وأذى الناس والحلم والأناة وهذه من علامات الإمارة وإمامة الناس خاصة في أمور السياسة. اعتقد جازماً ويشاطرني في هذا الاعتقاد كل مسلم صادق مع نفسه ومع الله بأنه لو التزم حكامنا بتطبيق الشريعة الإسلامية الصحيحة والسمحة لما شعر أحد أفراد المجتمع بالظلم والجور ولما فكر أحد بالإمارة والولاية على الناس لأنه سيشعر بالمسؤولية الملقاة على عاتقه وسيجد نفسه ملزماً بتحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة بين الناس وعندها لن تجد محسوبية ولافساداً ولا أكل مال حرام ولا نهباً لأموال الدولة فالالتزام بالشريعة وضوابطها الملزمة بمراقبة الله يحد من الأنانية والأثرة وأطماع النفس الأمارة بالسوء والابتعاد عن الانحراف والميل والهوى.. وللأسف فقد ابتلينا في اليمن ببعض أفراد محسوبين على طبقة علماء الدين مع أن الدين الإسلامي ليس فيه طبقة أكليروس أو سدنة معابد أو طبقة كهان أو قساوسة أو رهبان بل في الدين فقهاء يخطئون ويصيبون ووجه ابتلائنا ببعض هؤلاء العلماء الخارجين من عباءة (الإخوان المسلمين) أنهم يغيرون جلودهم وألوانهم بين الحين والآخر مرة معك ومرة عليك ( ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام).