*الاعتصامات في اليمن التي حاكت المثالين التونسي والمصري بدأت في أيامها الأولى سلمية، باستثناء الشعارات التي رفعت وكانت محفزة للعنف أو ممهدة له، وشيئاً فشيئاً جنحت نحو العنف في ظل معارضة كثير من التكتلات المدنية المطالبة بالتغيير السلمي وبطرق ديمقراطية حضارية. اليوم وباستثناء تكتلات محدودة متمسكة بمطلب الدولة المدنية لم تعد هناك سلمية ولم يعد للثورة الشبابية سوى اسمها ويطعن الجميع على ظهرها كما كان مجاذيب الشيخ ابن علوان يطعنون على شجرة "الخصال" الواقفة قرب حضرته. اللواء علي محسن الأحمر انشق عن الجيش مستقلاً بالفرقة الأولى مدرع باسم حماية المعتصمين أو حماية الثورة الشبابية السلمية، وقتل وضرب واعتقل شباب على أيدي الفرقة أكثر من الذين قتلوا أو ضربوا أثناء مظاهرات "الزحف". وأصبح الآن واضحاً للجميع بمن في ذلك بقايا المعتصمين أن الفرقة وقائدها اتخذوا من الشباب ذريعة للتمرد وصاروا يحتمون بهم أثناء التوسع داخل العاصمة. أولاد الشيخ الأحمر اتخذوا من الثورة الشبابية غطاء للتعبير عن رفضهم للدولة والتمرد على النظام، فحولوا الحصبة إلى ثكنة عسكرية وشنوا حرباً لا مبرر لها حتى أنهم تفاخروا بأنهم في يوم واحد دمروا واحتلوا تسع وزارات وهيئات حكومية وقالوا إنهم استولوا عليها بغرض تسليمها للثورة الشبابية.. وكله باسم الثورة الشبابية.. ولا يزالون إلى اليوم، مصرين على الاستمرار في العنف والتخريب. دمروا المنشآت العامة والخاصة والمنازل وشردوا آلاف الأسر المجاورة لمنزلهم الكبير، أما الأنفس البريئة التي أزهقت فقد عدت بالمئات في جولة العنف الأولى. وبعد هذا يأتي الشيخ صادق الأحمر إلى ساحة المعتصمين ويعلن أمامهم أنه وشيوخ قبائل اليمن (موالون للإصلاح واللواء محسن فقط) قرروا تشكيل تحالف للقبائل هدفه مناصرة الثورة وحمايتها.. بينما بدا الأمر للشباب المستقلين ودعاة الدولة المدنية إنه محاولة من القوى التقليدية للاستحكام النهائي بالساحة لتقوية موقفها في مواجهة النظام الذي تأكد لها أنه لا الشباب ولا الأحزاب في الساحة قدرت على إسقاطه، وبالتالي جاءت هذه القوى لتقوم بالمهمة باسم الثورة الشبابية ولكن المهمة مختلفة، وهي محاولة إسقاط النظام بالقوة وهذه القوى تعتقد أنها تمتلك هذه القوة.. وكله باسم الثورة الشبابية التي أنهتها هذه القوى نفسها، ولم تبق منها إلا ما يلزم. * بالقوة وآلة الحرب والمليشيات تحاول هذه الأطراف أو القوى الاستيلاء على معسكرات للحرس الجمهوري في أرحب ونهم والحيمة وغيرها، لكي تتوافر على كل الشروط اللازمة للاستيلاء على السلطة. وفي الظاهر أو عبر الإعلام تبرر ذلك بالقول إنها تعمل على ضم تلك المعسكرات للقوات الموالية للثورة. والمقصود بالقوات الموالية للثورة هو الفرقة الأولى مدرع ومليشيات حزب الإصلاح التي قتلت الثورة الشبابية وسفكت دماء كثيرة باسم الثورة وحمايتها. ومؤخراً مدت هذه القوى نشاطها إلى تعز وبنفس الأساليب والأدوات والمبررات أيضاً.. وكله باسم حماية الثورة الشبابية. الثورة الشبابية انتهت.. وحل العنف محل "السلمية".. وصار الجميع اليوم أمام مشهد واضح.. قوى تحالفت معاً لامتلاك مزيد من القوة لممارسة مزيد من العنف في سبيل الاستيلاء على السلطة بالقوة العسكرية والمليشيات القبلية والحزبية.