عرفت مدينة عدن المسرح منذ العام 1904م حين عرضت فرقة هندية زائرة لعدن عملها المسرحي، وهي في طريقها إلى لندن لتقديم عروضها هناك. جذب العمل المشاهدين، مما حمس شباناً من عدن على تأليف عمل مسرحي محلي قدموه في 1910 م وعلى رغم مضي 110 أعوام على تعرّف عدن الى «أبي الفنون»، نراها اليوم تفتقد خشبة مسرح منذ أن قررت السلطات اليمنية عام 1997 إغلاق مبنى المسرح الوطني في التواهي بعدن الذي كان إحدى المنارات الثقافية على مستوى المدينةواليمن عامة. وبإغلاقه أسدل الستار نهائياً على النشاط الثقافي والمسرحي الذي شهدته عدن، وجاء القرار بحجة عودة المبنى إلى مالكيه الشرعيين، علماً أنه أُمم بعد الاستقلال الوطني واستفاد منه الناس. لكن منذ إغلاق المسرح الوطني أهمل المبنى وتدهور وبات مرتعاً للغربان والعناكب والفئران ولم يستفد منه مالكوه ولا أهل عدن ومثقفوها. السلطة لا تخدم المسرح من رواد الحركة المسرحية في عدنواليمن عميد المسرح اليمني فيصل بحصو، وهو ممثل ومخرج ومؤلف مسرحي رئيس جمعية «مسرح عدن». قال: «أنا ضد من يقول ليس لدينا مسرح ويتحسر ويبكي، ولنسأل أنفسنا هل المسرح هو الخشبة أو الكلمة التي نجدها بين الجماهير؟ وجمعيتنا تشارك سنوياً في مهرجانات عربية خارجية في أعمالنا المسرحية. وفي الخارج الجمهور يستمع إلى رسالتنا ولا يهتم بالتقنية، لذا يقع علينا جميعاً أن ننهض من جديد بمسرحنا ككتاب للمسرح وممثلين ومخرجين وفق إمكاناتنا لنصنع مسرحاً للجمهور وليس للإنتفاع. لنشد على أيدي بعضنا، لأن السلطة لدينا لا تخدم المسرح وإنما المسرح يخدم السلطة، فهو مسرح مناسباتي للتطبيل والتزمير. ولو كانت السلطة تخدم المسرح لرأينا النشاط المسرحي الحقيقي ورسالته التنويرية». انعكاسات الريح المسرحي المخضرم أحمد عبدالله حسين ممثل ومخرج ومؤلف مسرحي يقول: «ليتنا لم نكن نبحث عن خشبة مسرح، ونتمنى لو نفاخر بامتلاكنا قصراً للثقافة، فمن المعيب أن يكون هناك قصر للثقافة في محافظات أخرى ومدينة عدن تفتقر إليه، مع احترامي لإخواننا في تلك المحافظات» ويضيف: «علينا أن نعمل بجهود ذاتية لنواجه انعكاسات الريح التي تزيدنا عزيمة وإصراراً، لأن دولتنا لا تولي الإبداع حقه، من كونها لا تعي أن التنمية الإبداعية والثقافية تسير بخط متوازٍ مع التنمية الاقتصادية والاجتماعية لبناء مجتمع متطور ومزدهر». الكاتب المسرحي عبدالعزيز عباس أستاذ مادة التمثيل المسرحي في معهد جميل غانم للفنون الجميلة قال: «المسرح في عدن عليه السلام، وطلاب المعهد اتجهوا للعمل في وظائف أخرى بعيدة عن تخصصهم المسرحي، لغياب البيئة المهيئة للنشاط المسرحي وقطع المخصصات المالية وفي ظل الإهمال الذي يعيشه المبدعون عامة. ولكني كعاشق للمسرح وكاتب له رئتان تتنفسان وقلبي ينبض بالحياة أستمد الحياة من موقعي في المعهد مدرساً لمادة التمثيل... وعلى رغم قلة الطلاب فإن تفاعلهم مع المادة وعرض أعمالهم الفصلية مرتين في العام الدراسي يمنحاننا التفاؤل، وموهبتهم يجب صقلها وتوفير مناخ لذلك لينهض مسرحنا من جديد، وأملي كبير في هؤلاء الشباب مستقبلاً». إنعاش الحركة المسرحية عمرو جمال مؤلف ومخرج مسرحي شاب ومدير «فرقة خليج عدن» المسرحية التي أُسست في العام 2005 وتعرض أعمالها سنوياً أيام عيد الأضحى المبارك، وبنشاطها أعادت الروح إلى المسرح العدنيواليمني بإمكاناتها البسيطة ومواهبها المتعددة. يقول: «يأتي يوم المسرح ونأسف كل عام يحل علينا ونحن لسنا بخير في مدينة عدن. فرقتنا حاولت أن تساهم بالشيء البسيط في إنعاش الحركة المسرحية في المدينة. قدمنا عروضنا على خشبة مسرح سينما «هريكن» التي أعيد تجهيزها وبسقفها المفتوح. واجهتنا عقبات كثيرة لم نستسلم لها، منها كلفة الإيجار وعدم جاهزية الخشبة والقاعة، وبتعاون مالكها لطفي الهاشمي ومدير السينما عارف ناجي أوجدنا الحلول لاستمرار عروض أعمالنا المسرحية التي لاقت نجاحاً كبيراً. وعملنا المسرحية «معك نازل» المأخوذ عن العمل الألماني «الخط رقم1» نقل إلى العاصمة الالمانية برلين في 2010 بدعم من البيت الألماني». يضيف:« فرقتنا قصّرت في النشاط المسرحي بعد آخر عمل «كارت أحمر» قبل ثلاث سنوات، ويرجع ذلك إلى أسباب كثيرة أبرزها الفلتان الأمني الذي يسيطر على المشهد في اليمن عموماً وعدن خصوصاً، ما يجعل إقامة عرض مسرحي مباشر مخاطرة كبيرة، فاتجهت الفرقة إلى الدراما التلفزيونية الرمضانية لتقديم عمل يحترم جمهورنا. ولكني من هنا أعلن لجمهورنا المسرحي أن هناك مفاجأة جميلة سنعود معها إلى المسرح بإمكاناتنا المتواضعة أواخر العام الحالي». عن (الحياة) اللندني