دعا المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصري اليوم الاثنين إلى سرعة تشكيل لجنة لتقصي الحقائق فيما يتعلق بالاشتباكات التي اندلعت أمس الأحد في منطقة ماسبيرو بالقاهرة بين محتجين والشرطة العسكرية والتي أسقطت 24 قتيلا على الأقل وإصابة العشرات. وأكد المجلس أيضا الذي أذاع التلفزيون المصري لقطات لاجتماعه اليوم على "استمراره في تحمل المسؤولية الوطنية والحفاظ على مقدرات الشعب ومكتسباته وتنفيذ خارطة الطريق التي التزم بها" لحين تسليم السلطة للرئيس الفائز في الانتخابات المقبلة. في غضون ذلك أعلنت وزارة الصحة المصرية ارتفاع عدد المصابين في أحداث ماسبيرو الى 311 شخصا موضحة أن المستشفيات استقبلت 292 مصابا فيما جرى اسعاف 19 في مكان الحادث الى جانب 24 حالة وفاة. وقالت الوزارة في بيان ان 104 مصابين ما زالوا تحت العلاج من بين 292 شخصا نقلوا الى المستشفيات بينما تقرر خروج 188 حالة بعد ان اطمأنت الفرق الطبية على استقرار وتحسن حالتهم. وأشارت الى أن 10 في المائة من الحالات المحتجزة بالمستشفيات حاليا حرجة لكن الباقي حالاتهم مستقرة. في هذه الأثناء نفت الولاياتالمتحدة اليوم تصريحات منسوبة لوزيرة الخارجية هيلاري كلينتون تحدثت عن عرض واشنطن إرسال قوات أميركية لحماية المنشآت الحيوية في مصر بعد مقتل 24 شخصا وإصابة العشرات في أحداث عنف بين قوات الجيش والشرطة وأقباط غاضبين وسط القاهرة. وقال مصدر أميركي مسؤول رفض الكشف عن هويته إن "الإدارة الأميركية لم تصدر أي موقف رسمي أو تصريح على لسان أي من مسؤوليها بشأن أحداث ماسبيرو" حتى الآن. وأضاف أن "ما تردد عن عرض واشنطن توفير الحماية والمساعدة بقوات أميركية لحماية دور العبادة الخاصة بالأقباط والمناطق الحيوية في مصر غير صحيح وعار تماما من الصحة". وكانت وسائل إعلام مصرية قد تداولت تصريحات منسوبة لوزيرة الخارجية هيلاري كلينتون قالت فيها إن الولاياتالمتحدة مستعدة لإرسال قوات للمساعدة في حماية دور العبادة والمناطق الحيوية في مصر. ومن ناحيته قال مستشار لجنة الكونغرس المكلفة بشؤون مكافحة الإرهاب وليد فارس ل"راديو سوا" إن "إجراء تحقيق مستقل في الأحداث التي تشهدها مصر من شأنه التوصل إلى كشف ملابسات ما جرى". وتوقع فارس أن "تبدأ اللجان المتخصصة في الكونغرس في الأيام القليلة المقبلة جمع المعلومات عن المواجهات بين القوات المصرية والمتظاهرين الأقباط والاستماع إلى تقارير عن حماية الأقليات الدينية في مصر". على صعيد متصل قال رئيس الوزراء المصري عصام شرف في كلمة وجهها عبر التليفزيون الرسمي للدولة إن "مصر في خطر" مؤكدا أن "الأحداث التي شهدتها القاهرة أمس الأحد ألقت بظلال من الخوف والذعر على مستقبل البلاد". وأضاف شرف أن ما شهدته العاصمة "أعاد البلاد إلى الوراء بدل المضي في بناء دولة عصرية على قواعد ديموقراطية سليمة". وقال إنه "بدلا من أن نتقدم للأمام لبناء دولة حديثة على أسس ديموقراطية، عدنا لنبحث عن الأمن والاستقرار والشك في وجود أصابع خفية خارجية وداخلية تريد أن تقف أمام إرادة الغالبية العظمى من شعب مصر ورغبتهم في إقرار نظام ديموقراطي سليم". وأعرب شرف عن اعتقاده بأن أخطر ما يهدد الأمن في مصر هو "التلاعب بمسألة الوحدة الوطنية وزرع التفرقة بين المسيحيين والمسلمين وبين الشعب والجيش". وقال إن "ذلك يقدم مناخا يتيح الفرصة لأعداء الوطن كي يعبثوا بأمنه ويثيروا الفرقة والشتات، وذلك هو الهدف، ولكننا لن نستسلم لهذه المؤامرات الخبيثة، ولن نقبل بالعودة إلى الخلف فلا أحد من شعب مصر يقبل بهذا الخراب الذي شهدناه اليوم". وأضاف أنه "من الصعب أن نركن لفكرة أن ما حدث في مصر خلال الساعات الماضية هو فتنة طائفية، ولكن المؤكد أنه مشهد من مشاهد هذه المؤامرة". وأبدى شرف "ثقته في وطنية وإخلاص المواطنين وإيمانهم بالله والوطن"، ودعاهم إلى توخي الحذر من السقوط في الفتنة. وكان شرف قد دعا لعقد اجتماع عاجل للمجموعة الوزارية الخاصة بإدارة الأزمات في وقت متأخر أمس الأحد بهدف بحث أسباب وتداعيات أحداث العنف في العاصمة وسبل معالجتها. ومن المقرر أن تحيل اللجنة توصياتها ونتائج اجتماعها إلى رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة الحاكم المشير محمد حسين طنطاوي. يأتي ذلك فيما أكد قائد الشرطة العسكرية اللواء حمدي بدين عودة الهدوء إلى شوارع القاهرة بعد فرض حظر للتجول في المدينة بين الساعة الثانية والسابعة من صباح الاثنين بالتوقيت المحلي. وقد لقي 24 شخصا مصرعهم أمس الأحد في مواجهات رافقت تظاهرة للأقباط في القاهرة احتجاجا على إحراق كنيسة في الصعيد، وذلك في أكثر أعمال العنف دموية منذ استقالة الرئيس السابق حسني مبارك في فبراير الماضي. وبدأت المواجهات بعد وصول الآلاف من المتظاهرين الأقباط إلى منطقة ماسبيرو أمام مبنى الإذاعة والتلفزيون قادمين في مسيرة من حي شبرا احتجاجا على أعمال العنف الطائفية. وأفادت وكالة الصحافة الفرنسية بأن جثثا مشوهة نقلت إلى المستشفى القبطي في القاهرة، فيما عمت الفوضى المستشفى وسط صراخ وعويل أهالي القتلى. وأثارت مواجهات بين مسلمين حاملين عصي ومسيحيين قرب المستشفى القبطي حيث يتلقى غالبية الجرحى من المتظاهرين العلاج مخاوف من أعمال عنف على مستوى أكبر، إلا أن مسلمين ساروا باتجاه المستشفى ورددوا هتافات تنادي بالوحدة أنهت أعمال العنف قرب المستشفى بحسب الوكالة. وقد انتشرت بالقرب من المكان آليات مدرعة وناقلات جند وعدد من سيارات شرطة مكافحة الشغب. وذكرت وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية أن قوات الأمن المصرية ألقت القبض على العشرات من مثيري الشغب في أعقاب الاشتباكات الدامية ولم تذكر ما إذا كان المعتقلون من المسلمين أم من الأقباط. وفي هذا السياق أعرب الإتحاد الأوروبي عن قلقه إزاء الاشتباكات العنيفة التي اندلعت أمس الأحد في العاصمة المصرية القاهرة بين متظاهرين وعناصر من الجيش والأمن داعياً إلى الهدوء وضبط النفس والتحقيق لمعرفة المسئولين عن هذه الأحداث. وأكدت الممثلة العليا للأمن والسياسة الخارجية في الإتحاد الأوروبي كاثرين اشتون في بيان لها اليوم دعمها لدعوة رئيس الوزراء المصري للهدوء وضبط النفس.