أنا الموظف في حجمي وفي كمّي صبرت لا طالب مدحي ولا ذمّي قالوا الرّويتب لا يكفي فقلت لهم مهلا سأصبر حتى ينبري عظمي إلى متى يسكن التقطير في فمنا إن التجرّع لا يشفي من السقمِ إلى متى و ظروف العيش تقهرنا والفقر يطردنا في ساحة الهمِّ شهر الموظف يحيى البطن أوله وفي أواخره يحيى على الصومِ يمرّ آخره بطئا على بطء و في أوّله إن مرّ كالسهمِ أعدّه كلّما أخلو بذاكرتي عند الصباح وعند النوم في حلمي أراقب الشهر لو يلفي بأوله جوعان لا نافع عذري ولا لومي قضيت وقتي مع الأيام أرقبها أشتمّ رائحة التفّاح واللحمِ وحينما صرتُ معتادا على طفري فقدتُ حاسّتيّ الذوق و الشّمِ وبعد شهر تراختْ معدتي وطوتْ وبعد شهرين قد أنسيتُ ما اسمي الليل يطردني و الصبح يفضحني والعين تشكو لجفني قلة النومِ لا الناس ترحم إنسانا بدائنة ولا الطبيب يداوي عاري اللحمِ و لا البيوت تراعي في حوائجها و لا الأحبة تعفيني و لا قومي هي اللوازم و الحاجات لو جمعت مات الرّويتب في صبحية اليومِ لكنّنا عبثا نلهي شهيتنا بالزيت والخبز والزيتون والثومِ نضاحك الناس فرحى في مكابرة و نحن في غاية الأحزان والشؤمِ نقلّب الصحف الصفراء والكتب وقد يأسنا من الطلاّب و العلمِ إنّي أقول و قولي في صراحته ليت اللسان طويل مطلق الحجمِ علّي أزيل غبار البؤس عن كبدي وأخرج الهمّ من فكري ومن جسمي