عرف اليمن منذ القدم بأنه مجتمع قبلي يحمل العديد من الصفات والاخلاق الحميدة والتي شكلت مرتكزا لتسيير الحياة اليومية وفقا لأعراف وقواعد قبليه أصيلة . وقد اكد القران الكريم على الجانب الايجابي من اعراف القبيلة بقوله (خذ العفو وامر بالعرف واعرض عن الجاهلين ) ورسم ايضا مفهوم القبيلة بتمتين العلاقات الاجتماعية بين الشعوب والمجتمعات (وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم ) وعلى هذا الاساس استندت القبيلة الى ارث تاريخي كبير نظرا لدورها الفعال والايجابي في المجتمع انذاك . ولعل المهتمين في دراسة تاريخ القبائل والعشائر يذكرون عدد من القواعد الناظمة لذلك والتي تصون الحقوق وتدافع عن المظلوم ولا تقبل الظلم ويذكر المؤرخون دور القبيلة في نشر راية الاسلام وبناء الدولة الاسلامية القوية . الا ان الواقع اليوم يبدو عكس ذلك حيث تلاشت تلك القواعد واندثرت القيم الاجتماعية لتتحول القبيلة الى عائق امام اي تقدم للمجتمع وعملت على عزل ابنائها عن العالم وعن المشاركة في الحياة المدنية وجردتهم من حقوقهم والبستهم لباس الطاعة العمياء دون تفريق بين الحق والباطل فعمقت الولاء للقبيلة على حساب الولاء للوطن لتتحول القبيلة الى غطاء للفرد يمارس تحت مظلتها الكثير من السلبيات التي تنعكس بالضرر على الوطن وممتلكاته العامة وما قطع التيار الكهربائي واختطاف الاجانب وتنمية الثأر وتبرير القتل والكثير من القصص التي تدمي قلوبنا الا نزر يسير مما تراتب على ذلك . وقد يتسأل المواطن اليمني عن اسباب هذا التراجع ؟ قد يكون من العبث ان نحمل القبيلة فقط مسؤولية هذا الاندثار في القيم ، لذلك اعتقد ان الدولة شريكة في ذلك وتتحمل المسؤولية نحو الواقع المعاش حيث عملت خلال عقود على شراء ولاءات المشايخ على حساب غياب مقومات التنمية في كثير من المناطق القبلية فحرم بذلك المجتمع من التعليم والتأهيل ووجهت الميزانية الى افراد شكلوا عائق امام اي تقدم للمجتمع او تطوره . وكان الاولى بالدولة ان تقوم بتأهيل المجتمع وتوعيته وتخصيص برامج تأهيل عليا تستطيع خلق مجتمع واعي ومثقف وتعزيز دور النقابات المهنية والزراعية كي يتمكن الجميع من المشاركة في بناء الوطن ايمانا منه بان الولاء لله والوطن والوحدة وان القبيلة لم تكن سوى موروث ثقافي اجتماعي لا اكثر . ولكي تقوم الدولة بدروها عليها اتخاذ خطوات حاسمة ملموسة ابتداء من فرض قوة القانون والغاء ميزانية شؤون القبائل وتحويلها الى مراكز البحث العلمي والمراكز التنموية او تحويلها لتمويل برامج تأهيل المجتمع وتشجيع المشاريع الصغيرة الحرفية في الريف اليمني وتخصيص مقاعد تعليمية جامعية للفتاة الريفية في الجامعات اليمنية وفقا لخطط مدروسة تتوائم مع الواقع لكل منطقة وخصائصها ومتطلباتها كي يشارك الجميع ايجابا في بناء هذا الوطن ورسم ملامح مستقبله المنشود . سما -خاص